منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي
منتدي رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير سورة الحجر ايه78 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب

اذهب الى الأسفل

تفسير سورة الحجر ايه78 الى  اخر السورة  الشيخ سيد قطب Empty تفسير سورة الحجر ايه78 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب

مُساهمة  كمال العطار الثلاثاء مايو 15, 2012 11:18 pm

من الاية 78 الى الاية 84

وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ (79) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (84)


(إن في ذلك لآيات للمتوسمين . وإنها لبسبيل مقيم . إن في ذلك لآية للمؤمنين). .

وهكذا صدق النذير , وكان نزول الملائكة إيذانا بعذاب الله الذي لا يرد ولا يمهل ولا يحيد .

الدرس الثاني:78 - 84 لقطات من هلاك أصحاب الأيكة وأصحاب الحجر

كذلك كان الحال مع قوم شعيب - أصحاب الأيكة - ومع قوم صالح - أصحاب الحجر:

(وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين , فانتقمنا منهم . وإنهما لبإمام مبين . ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ; وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين ; وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ; فأخذتهم الصيحة مصبحين , فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون). .

وقد فصل القرآن قصة شعيب مع قومه:أهل مدين وأصحاب الأيكة في مواضع أخرى . فأما هنا فيشير إشارة إلى ظلمهم وإلى مصرعهم تصديقا لنبأ العذاب , في هذا الشوط , ولإهلاك القرى بعد انقضاء الأجل المعلوم الوارد في مطالع السورة . ومدين والأيكة كانتا بالقرب من قرى لوط . والإشارة الواردة هنا . . (وإنهما لبإمام مبين . .)قد تعني مدين والأيكة , فهما في طريق واضح غير مندثر , وقد تعني قرى لوط السالفة الذكر وقرية شعيب , جمعهما لأنهما في طريق واحد بين الحجاز والشام . ووقوع القرى الداثرة على الطريق المطروق أدعى إلى العبرة , فهي شاهد حاضر يراه الرائح والغادي . والحياة تجري من حولها وهي داثرة كأن لم تكن يوما عامرة . والحياة لا تحفلها وهي ماضية في الطريق !

أما أصحاب الحجر فهم قوم صالح , والحجر تقع بين الحجاز والشام إلى وادي القرى , وهي ظاهرة إلى اليوم . فقد نحتوها في الصخر في ذلك الزمان البعيد , مما يدل على القوة والأيد والحضارة .

(ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين). .

وهم لم يكذبوا سوى رسولهم صالح . ولكن صالحا ليس إلا ممثلا للرسل أجمعين ; فلما كذبه قومه قيل:إنهم كذبوا المرسلين . توحيدا للرسالة وللرسل وللمكذبين . في كل أعصار التاريخ , وفي كل جوانب الأرض , على اختلاف الزمان والمكان والأشخاص والأقوام .

(وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين). .

وآية صالح كانت الناقة . ولكن الآيات في هذا الكون كثير . والآيات في هذه الأنفس كثير . وكلها معروضة للأنظار والأفكار . وليست الخارقة التي جاءهم بها صالح هي وحدها الآية التي آتاهم الله . وقد أعرضوا عن آيات الله كلها , ولم يفتحوا لها عينا ولا قلبا , ولم يستشعرها فيهم عقل ولا ضمير .

(وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين , فأخذتهم الصيحة مصبحين , فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون). .

وهذه اللمحة الخاطفة من الأمن في البيوت الحصينة في صلب الجبال , إلى الصيحة التي تأخذهم فلا تبقي لهم مما جمعوا ومما كسبوا ومما بنوا ومما نحتوا شيئا يغني عنهم ويدفع الهلاك الخاطف . . هذه اللمحة تلمس القلب البشري لمسة عنيفة . فما يأمن قوم على أنفسهم أكثر مما يأمن قوم بيوتهم منحوتة في صلب الصخور . وما يبلغ الاطمئنان بالناس في وقت أشد من اطمئنانهم في وقت الصباح المشرق الوديع . . وها هم أولاء

من الاية 85 الى الاية 87

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)

قوم صالح تأخذهم الصيحة مصبحين وهم في ديارهم الحصينة آمنون . فإذا كل شيء ذاهب , وإذا كل وقاية ضائعة , وإذا كل حصين موهون . . فما شيء من هذا كله بواقيهم من الصيحة . وهي فرقعة ريح أو صاعقة , تلحقهم فتهلكهم في جوف الصخر المتين .

وهكذا تنتهي تلك الحلقات الخاطفة من القصص في السورة , محققة سنة الله في أخذ المكذبين عند انقضاء الأجل المعلوم . فتتناسق نهاية هذا الشوط مع نهايات الأشواط الثلاثة السابقة في تحقيق سنة الله التي لا ترد , ولا تتخلف , ولا تحيد .

الوحدة الخامسة:85 - 99 الموضوع:القرآن والرسول والدعوة والعبادة حتى الموت مقدمة الوحدة

تلك السنن العامة التي لا تتخلف , والتي تحكم الكون والحياة , وتحكم الجماعات والرسالات , وتحكم الهدى والضلال , وتحكم المصائر والحساب والجزاء . والتي انتهى كل مقطع من مقاطع السورة بتصديق سنة منها , أو عرض نماذج منه في شتى هذه المجالات . . تلك السنن شاهد على الحكمة المكنونة في كل خلق من خلق الله , وعلى الحق الأصيل الذي تقوم عليه طبيعة هذا الخلق .

ومن ثم يعقب السياق في ختام السورة ببيان هذا الحق الأكبر , الذي يتجلى في طبيعة خلق السماوات والأرض وما بينهما . وطبيعة الساعة الآتية لا ريب فيها . وطبيعة الدعوة التي يحملها الرسول [ ص ] وقد حملها الرسل قبله . ويجمع بينها كلها في نطاق الحق الأكبر الذي يربطها ويتجلى فيها ; ويشير إلى أن ذلك الحق متلبس بالخلق , صادر عن أن الله هو الخالق لهذا الوجودSadإن ربك هو الخلاق العليم). .

فليمض الحق الأكبر في طريقه , ولتمض الدعوة المستندة إلى الحق الأكبر في طريقها , وليمض الداعية إلى الحق لا يبالي المشركين المستهزئينSadفاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين). . وسنة الله ماضية فيطريقها لا تتخلف . والحق الأكبر من ورائها متلبسا بالدعوة وبالساعة وبخلق السماوات والأرض , وبكل ما في الوجود الصادر عن الخلاق العليم . . إنها لفتة ضخمة تختم بها السورة . لفتة إلى الحق الأكبر الذي يقوم به هذا الوجود . .

(وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق , وإن الساعة لآتية . فاصفح الصفح الجميل . إن ربك هو الخلاق العليم). .

إن هذا التعقيب بتقرير الحق الذي تقوم به السماوات والأرض , والذي به كان خلقهما وما بينهما , لتعقيب عظيم الدلالة , عميق المعنى , عجيب التعبير . فماذا يشير إليه هذا القول: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق)? إنه يوحي بأن الحق عميق في تصميم هذا الوجود:عميق في تكوينه . عميق في تدبيره . عميق في مصير هذا الوجود وما فيه ومن فيه . .

عميق في تصميم هذا الوجود . فهو لم يخلق عبثا , ولم يكن جزافا , ولم يتلبس بتصميمه الأصيل خداع ولا زيف ولا باطل . والباطل طاريء عليه ليس عنصرا من عناصر تصميمه .

عميق في تكوينه . فقوامه من العناصر التي يتألف منها حق لا وهم ولا خداع . والنواميس التي تحكم هذه العناصر وتؤلف بينها حق لا يتزعزع ولا يضطرب ولا يتبدل . ولا يتلبس به هوى أو خلل أو اختلاف .

عميق في تدبيره . فبالحق يدبر ويصرف , وفق تلك النواميس الصحيحة العادلة التي لا تتبع هوى ولا نزوة , إنما تتبع الحق والعدل .

عميق في مصيره . فكل نتيجة تتم وفق تلك النواميس الثابتة العادلة ; وكل تغيير يقع في السماوات والأرض وما بينهما يتم بالحق وللحق . وكل جزاء يترتب يتبع الحق الذي لا يحابي .

ومن هنا يتصل الحق الذي خلق الله به السماوات والأرض وما بينهما , بالساعة الآتية لا ريب فيها . فهي آتية لا تتخلف . وهي جزء من الحق الذي قام به الوجود . فهي في ذاتها حقيقة , وقد جاءت لتحق الحق .

(فاصفح الصفح الجميل). .

ولا تشغل قلبك بالحنق والحقد , فالحق لا بد أن يحق:

(إن ربك هو الخلاق العليم). . الذي خلق ويعلم ما خلق ومن خلق . والخلق كله من إبداعه فلا بد أن يكون الحق أصيلا فيه , ولا بد أن ينتهي كل شيء فيه إلى الحق الذي بدأ منه وقام عليه . فهو فيه أصيل وما عداه باطل وزيف طاريء يذهب , فلا يبقى إلا ذلك الحق الكبير الشامل المستقر في ضمير الوجود .

يتصل بهذا الحق الكبير تلك الرسالة التي جاء بها الرسول . وذلك القرآن الذي أوتيه:

(ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم).

والمثاني الأرجح أن المقصود بها آيات سورة الفاتحة السبع - كما ورد في الأثر - فهي تثنى وتكرر في الصلاة , أو يثنى فيها على الله .


من الاية 88 الى الاية 88

لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)

و القرآن العظيم سائر القرآن .

والمهم أن وصل هذا النص بآيات خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق والساعة الآتية لا ريب فيها , يشي بالاتصال بين هذا القرآن والحق الأصيل الذي يقوم به الوجود وتقوم عليه الساعة . فهذا القرآن من عناصر ذلك الحق , وهو يكشف سنن الخالق ويوجه القلوب إليها , ويكشف آياته في الأنفس والآفاق ويستجيش القلوب لإدراكها , ويكشف أسباب الهدى والضلال , ومصير الحق والباطل , والخير والشر والصلاح والطلاح . فهو من مادة ذلك الحق ومن وسائل كشفه وتبيانه . وهو أصيل أصالة ذلك الحق الذي خلقت به السماوات والأرض . ثابت ثبوت نواميس الوجود , مرتبط بتلك النواميس . وليس أمرا عارضا ولا ذاهبا . إنما يبقى مؤثرا في توجيه الحياة وتصريفها وتحويلها , مهما يكذب المكذبون , ويستهزيء المستهزئون , ويحاول المبطلون , الذين يعتمدون على الباطل , وهو عنصر طاريء زائل في هذا الوجود .

ومن ثم فإن من أوتي هذه المثاني وهذا القرآن العظيم , المستمد من الحق الأكبر , المتصل بالحق الأكبر . . لا يمتد بصره ولا تتحرك نفسه لشيء زائل في هذه الأرض من أعراضها الزوائل . ولا يحفل مصير أهل الضلال , ولا يهمه شأنهم في كثير ولا قليل . إنما يمضي في طريقه مع الحق الأصيل:

(لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم , ولا تحزن عليهم , واخفض جناحك للمؤمنين . وقل:إني أنا النذير المبين). .

(لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم). .

والعين لا تمتد . إنما يمتد البصر أي يتوجه . ولكن التعبير التصويري يرسم صورة العين ذاتها ممدودة إلى المتاع . وهي صورة طريفة حين يتصورها المتخيل . والمعنى وراء ذلك ألا يحفل الرسول [ ص ] ذلك المتاع الذي آتاه الله لبعض الناس رجالا ونساء - امتحانا وابتلاء - ولا يلقي إليه نظرة اهتمام . أو نظرة استجمال . أو نظرة تمن . فهو شيء زائل وشيء باطل ; ومعه هو الحق الباقي من المثاني والقرآن العظيم .

وهذه اللفتة كافية للموازنة بين الحق الكبير والعطاء العظيم الذي مع الرسول , والمتاع الصغير الذي يتألق بالبريق وهو ضئيل . يليها توجيه الرسول [ ص ] إلى إهمال القوم المتمتعين , والعناية بالمؤمنين , فهؤلاء هم أتباع الحق الذي جاء به , والذي تقوم عليه السماوات والأرض وما بينهما ; وأولئك هم أتباع الباطل الزائل الطاريء على صميم الوجود . .

(ولا تحزن عليهم). .

ولا تهتم لمصيرهم السييء الذي تعلم أن عدل الله يقتضيه , وأن الحق في الساعة يقتضيه . ودعهم لمصيرهم الحق .

(واخفض جناحك للمؤمنين). .

والتعبير عن اللين والمودة والعطف بخفض الجناح تعبير تصويري , يمثل لطف الرعاية وحسن المعاملة ورقة الجانب في صورة محسوسة على طريقة القرآن الفنية في التعبير .

(وقل:إني أنا النذير المبين). .

فذلك هو طريق الدعوة الأصيل . . ويفرد الإنذار هنا دون التبشير لأنه الأليق بقوم يكذبون ويستهزئون ,

من الاية 89 الى الاية 96

وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)

ويتمتعون ذلك المتاع البراق , ولا يستيقظون منه لتدبر الحق الذي تقوم عليه الدعوة , وتقوم عليه الساعة , ويقوم عليه الكون الكبير .

(وقل:إني أنا النذير المبين). . تلك القولة التي قالها كل رسول لقومه ; ومنهم بقايا الأقوام التي جاءها أولئك الرسل بتلك النذارة البينة التي جئت بها قومك . . وكان منهم في الجزيرة العربية اليهود والنصارى . . ولكن هذه البقايا لم تكن تتلقى هذا القرآن بالتسليم الكامل , إنما كانت تقبل بعضه وترفض بعضه , وفق الهوى ووفق التعصب وهؤلاء هم الذين يسميهم الله هنا: (المقتسمين , الذين جعلوا القرآن عضين). .

(كما أنزلنا على المقتسمين , الذين جعلوا القرآن عضين . فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون). .

وهذه السورة مكية . ولكن الخطاب بالقرآن كان عاما للبشر . ومن البشر هؤلاء المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين [ والعضة:الجزء . من عضى الشاة أي فصل بين أعضائها ] . . وهم مسؤولون عن هذه التفرقة . وقد جاءهم القرآن بالنذارة البينة , كما جاءتهم كتبهم من قبل . ولم يكن أمر القرآن ولا أمر النبي بدعا لا عهد لهم به . فقد أنزل الله عليهم مثله , فكان أولى أن يستقبلوا الجديد من كتاب الله بالقبول والتسليم . .

وحين يصل السياق إلى هذا الحد , يتجه بالخطاب إلى الرسول [ ص ] أن يمضي في طريقه . يجهر بما أمره الله أن يبلغه . ويسمى هذا الجهر صدعا - أي شقا - دلالة على القوة والنفاذ . لا يقعده عن الجهر والمضي شرك مشرك فسوف يعلم المشركون عاقبة أمرهم . ولا استهزاء مستهزيء فقد كفاه الله شر المستهزئين:

(فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ; إنا كفيناك المستهزئين , الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون). .

والرسول [ ص ] بشر لا يملك نفسه أن يضيق صدره وهو يسمع الشرك بالله , ويسمع الاستهزاء بدعوة الحق . فيغار على الدعوة ويغار على الحق , ويضيق بالضلال والشرك . لهذا يؤمر أن يسبح بحمد ربه ويعبده , ويلوذ بالتسبيح والحمد والعبادة من سوء ما يسمع من القوم . ولا يفتر عن التسبيح بحمد ربه طوال الحياة , حتى يأتيه اليقين الذي ما بعده يقين . . الأجل . . فيمضي إلى جوار ربه الكريم:

(ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون . فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين . واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).

ويكون هذا ختام السورة . . الإعراض عن الكافرين واللواذ بجوار الله الكريم . أولئك الكافرين الذين سيأتي يوم يودون فيه لو كانوا مسلمين . .

إن الصدع بحقيقة هذه العقيدة ; والجهر بكل مقوماتها وكل مقتضياتها . ضرورة في الحركة بهذه الدعوة ; فالصدع القوي النافذ هو الذي يهز الفطرة الغافية ; ويوقظ المشاعر المتبلدة ; ويقيم الحجة على الناس (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة)أما التدسس الناعم بهذه العقيدة ; وجعلها عضين يعرض الداعية منها جانبا ويكتم جانبا , لأن هذا الجانب يثير الطواغيت أو يصد الجماهير ! فهذا ليس من طبيعة الحركة الصحيحة بهذه العقيدة القوية .

والصدع بحقيقة هذه الحقيقة لا يعني الغلظة المنفرة , والخشونة وقلة الذوق والجلافة ! كما أن الدعوة بالحسنى لا تعني التدسس الناعم , وكتمان جانب من حقائق هذه العقيدة وإبداء جانب , وجعل القرآن عضين . . لا هذه ولا تلك . . إنما هو البيان الكامل لكل حقائق هذه العقيدة ; في وضوح جلي , وفي حكمة كذلك في الخطاب ولطف ومودة ولين وتيسير .


من الاية 97 الى آخر السورة

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)


"وليست وظيفة الإسلام أن يصطلح مع التصورات الجاهلية السائدة في الأرض , ولا الأوضاع الجاهلية القائمة في كل مكان . . لم تكن هذه وظيفته يوم جاء ; ولن تكون هذه وظيفته اليوم ولا في المستقبل . . فالجاهلية هي الجاهلية , والإسلام هو الإسلام . . الجاهلية هي الانحراف عن العبودية لله وحده , وعن المنهج الإلهي في الحياة , واستنباط النظم والشرائع والقوانين , والعادات والتقاليد والقيم والموازين , من مصدر آخر غير المصدر الإلهي . . والإسلام هو الإسلام , ووظيفته هي نقل الناس من الجاهلية إلى الإسلام" .

وهذه الحقيقة الأساسية الكبيرة هي التي يجب أن يصدع بها أصحاب الدعوة الإسلامية , ولا يخفوا منها شيئا ; وأن يصروا عليها مهما لاقوا من بطش الطواغيت وتململ الجماهير:

(ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون . فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين . واعبد ربك حتى يأتيك اليقين). .
كمال العطار
كمال العطار
مدير المنتدي
مدير المنتدي

عدد المساهمات : 5682
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

https://reydalsalhen.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى