تفسير سورة الحاقه ايه 35 ==الى ايه11 من سورة المعارج
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة الحاقه ايه 35 ==الى ايه11 من سورة المعارج
فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ (37)
وقوله: ( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ ) أي: ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله، لا حميم -وهو القريب-ولا شفيع يطاع، ولا طعام له هاهنا إلا من غسلين.
قال قتادة: هو شر طعام أهل النار. وقال الربيع، والضحاك: هو شجرة في جهنم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا منصور بن مزاحم، حدثنا أبو سعيد المؤدب، عن خُصَيف، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: ما أدري ما الغسلين، ولكني أظنه الزقوم.
وقال شَبِيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الغسلين: الدم والماء يسيل من لحومهم. وقال علي بن أبي طلحة عنه: الغسلين: صديد أهل النار.
فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)
يقول تعالى مُقسمًا لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته، وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم: إن القرآن كلامُه ووحيه وتنـزيلُه على عبده ورسوله، الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة، فقال: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) يعني: محمدًا، أضافه إليه على معنى التبليغ؛ لأن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل؛ ولهذا أضافه في سورة التكوير إلى الرسول الملكي: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وهذا جبريل، عليه السلام.
ثم قال: وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ يعني: أن محمدا رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها، وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ أي: بمتهم وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ [التكوير: 19 -25] ،وهكذا قال هاهنا: ( وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ )،فأضافه تارة إلى قول الرسول الملكي، وتارة إلى الرسول البشري؛ لأن كلا منهما مبلغ عن الله ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه؛ ولهذا قال: ( تَنـزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
قال الإمام أحمد: حدثنا ابن المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شُرَيح بن عبيد الله قال: قال عمر بن الخطاب: خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش. قال: فقرأ: ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ ) قال: فقلت: كاهن. قال فقرأ: ( وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنـزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) إلى آخر السورة. قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موقع .
فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب، كما أوردنا كيفية إسلامه في سيرته المفردة، ولله الحمد .
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)
يقول تعالى: ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا ) أي: محمد صلى الله عليه وسلم لو كان كما يزعمون مفتريا علينا، فزاد في الرسالة أو نقص منها، أو قال شيئا من عنده فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة. ولهذا قال ( لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) قيل: معناه لانتقمنا منه باليمين؛ لأنها أشد في البطش، وقيل: لأخذنا بيمينه.
( ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) قال ابن عباس: وهو نياط القلب، وهو العِرْقُ الذي القلب معلق فيه. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبير، والحكم، وقتادة، والضحاك، ومسلم البَطِين، وأبو صخر حُميد بن زياد.
وقال محمد بن كعب: هو القلب ومَرَاقَّه وما يليه.
وقوله: ( فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) أي: فما يقدر أحد منكم على أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئا من ذلك. والمعنى في هذا بل هو صادق بار راشد؛ لأن الله، عز وجل، مقرر له ما يبلغه عنه، ومؤيد له بالمعجزات الباهرات والدلالات القاطعات.
ثم قال: ( وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) يعني: القرآن كما قال: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى [فصلت: 44] .
ثم قال ( وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) أي: مع هذا البيان والوضوح، سيوجد منكم من يكذب بالقرآن.
ثم قال: ( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ ) قال ابن جرير: وإن التكذيب لحسرة على الكافرين يوم القيامة وحكاه عن قتادة بمثله.
وروى ابن أبي حاتم، من طريق السدي ، عن أبي مالك: ( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ ) يقول: لندامة. ويحتمل عود الضمير على القرآن، أي: وإن القرآن والإيمان به لحسرة في نفس الأمر على الكافرين، كما قال: كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لا يُؤْمِنُونَ بِهِ [الشعراء: 200، 201] ، وقال تعالى: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ: 54] ولهذا قال ها هنا: ( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) أي: الخبر الصدق الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ولا ريب.
ثم قال: ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) أي: الذي أنـزل هذا القرآن العظيم.[آخر تفسير سورة "الحاقة" ، ولله الحمد ]
تفسير سورة سأل سائل
وهي مكية.
بسم الله الرحمن الرحيم
سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)
( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) فيه تضمين دل عليه حرف "الباء" ، كأنه مُقَدر: يستعجل سائل بعذاب واقع. كقوله: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ أي: وعذابه واقع لا محالة.
قال النسائي: حدثنا بشر بن خالد، حدثنا أبو أسامة، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) قال: النضر بن الحارث بن كَلَدَة.
وقال العوفي، عن ابن عباس: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) قال: ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: تعالى ( سَأَلَ سَائِلٌ ) دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال: 32] .
وقال ابن زيد وغيره: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) أي: واد في جهنم، يسيل يوم القيامة بالعذاب. وهذا القول ضعيف، بعيد عن المراد. والصحيح الأول لدلالة السياق عليه.
وقوله: ( وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ ) أي: مُرصد مُعَدّ للكافرين.
وقال ابن عباس: ( وَاقِعٍ ) جاء ( لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) أي: لا دافع له إذا أراد الله كونه؛ ولهذا قال ( مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ) قال الثوري، عن الأعمش، عن رجل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ( ذِي الْمَعَارِجِ ) قال: ذو الدرجات.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( ذِي الْمَعَارِجِ ) يعني: العلو والفواضل.
وقال مجاهد: ( ذِي الْمَعَارِجِ ) معارج السماء. وقال قتادة: ذي الفواضل والنعم.
وقوله: ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) قال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن قتادة: ( تَعْرُجُ ) تصعد.
وأما الروح فقال أبو صالح: هم خلق من خلق الله. يشبهون الناس، وليسوا أناسا.
قلت: ويحتمل أن يكون المراد به جبريل، ويكون من باب عطف الخاص على العام. ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم، فإنها إذا قبضت يُصعد بها إلى السماء، كما دل عليه حديث البراء. وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من حديث المِنْهَال، عن زاذان، عن البراء مرفوعًا -الحديث بطوله في قبض الروح الطيبة-قال فيه: "فلا يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة". والله أعلم بصحته، فقد تُكلم في بعض رواته، ولكنه مشهور، وله شاهد في حديث أبي هريرة فيما تقدم من رواية الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة، من طريق ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن يسار، عنه وهذا إسناد رجاله على شرط الجماعة، وقد بسطنا لفظه عند قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم: 27] .
وقوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) فيه أربعة أقوال:
أحدهما: أن المراد بذلك مسافة ما بين العرش العظيم إلى أسفل السافلين، وهو قرار الأرض السابعة، وذلك مسيرة خمسين ألف سنة، هذا ارتفاع العرش عن المركز الذي في وسط الأرض السابعة. وذلك اتساع العرش من قطر إلى قطر مسيرة خمسين ألف سنة، وأنه من ياقوتة حمراء، كما ذكره ابن أبي شيبة في كتاب صفة العرش. وقد قال ابن أبي حاتم عند هذه الآية:
حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا حَكَّام، عن عُمَر بن معروف، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السماوات مقدار خمسين ألف سنة ويوم كان مقداره ألف سنة. يعني بذلك: تَنـزل الأمر من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد فذلك مقداره ألف سنة؛ لأن ما بين السماء والأرض مقدار مسيرة خمسمائة سنة.
وقد رواه ابن جرير عن ابن حميد، عن حَكَّام بن سلم، عن عُمَر بن معروف، عن ليث، عن مجاهد قوله، لم يذكر ابن عباس .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطُّنافِسيّ، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا نوح المؤدب، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: غلظ كل أرض خمسمائة عام، وبين كل أرض إلى أرض خمسمائة عام، فذلك سبعة آلاف عام. وغلظ كل سماء خمسمائة عام، وبين السماء إلى السماء خمسمائة عام، فذلك أربعة عشر ألف عام، وبين السماء السابعة وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام، فذلك قوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ )
القول الثاني: أن المراد بذلك مدة بقاء الدنيا منذ خلق الله هذا العالم إلى قيام الساعة، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو زُرْعَة، أخبرنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا ابن أبي زائدة، عن ابن جريج، عن مجاهد: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: الدنيا عمرها خمسون ألف سنة. وذلك عمرها يوم سماها الله تعالى يوم، ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ ) قال: اليوم: الدنيا.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد -وعن الحكم بن أبان، عن عكرمة: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: الدنيا من أولها إلى آخرها مقدار خمسين ألف سنة، لا يدري أحدٌ كم مضى، ولا كم بقي إلا الله، عز وجل .
القول الثالث: أنه اليوم الفاصل بين الدنيا والآخرة، وهو قول غريب جدًا. قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، حدثنا بُهلول بن المورق حدثنا موسى بن عبيدة، أخبرني محمد بن كعب: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: هو يوم الفصل بين الدنيا والآخرة.
القول الرابع: أن المراد بذلك يوم القيامة، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن سِمَاك، عن عكرمة، عن ابن عباس: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: يوم القيامة. هذا وإسناد صحيح. ورواه الثوري عن سماك بن حرب، عن عكرمة ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) يوم القيامة. وكذا قال الضحاك، وابن زيد.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: فهذا يوم القيامة، جعله الله تعالى على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة.
وقد وردت أحاديث في معنى ذلك، قال الإمام أحمد:
حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) ما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا".
ورواه ابن جرير، عن يونس، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، به إلا أن دَرّاجا وشيخه ضعيفان، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي عمرو الغُداني قال: كنت عند أبي هُرَيرة فمر رجل من بني عامر بن صعصعة، فقيل له: هذا أكثر عامري مالا. فقال أبو هريرة: ردوه فقال: نبئت أنك ذو مال كثير؟ فقال العامري: أي والله، إن لي لمائة حُمْرًا و مائة أدمًا، حتى عد من ألوان الإبل، وأفنان الرقيق، ورباط الخيل فقال أبو هريرة: إياك وأخفاف الإبل وأظلافَ النعم -يُرَدّد ذلك عليه، حتى جعل لونُ العامري يتغير-فقال: ما ذاك يا أبا هُرَيرة؟ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كانت له إبلٌ لا يعطي حقها في نجدتها ورِسْلها -قلنا يا رسول الله: ما نجدتُها ورِسْلُها؟ قال: "في عُسرها ويسرها-" فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره، حتى يبطح لها بقاع قَرقَر، فتطؤه بأخفافها، فإذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره ثم يبطح لها بقاع قَرقَر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله. وإذا كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره، حتى يبطح لها بقاع قَرقَر، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، ليس فيها عَقصاء ولا عضباء، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس، فيرى سبيله". قال العامري: وما حق الإبل يا أبا هريرة؟ قال: أن تعطي الكريمة، وتمنح الغَزيرَة، وتفقر الظهر، وتَسقيَ اللبن وتُطرقَ الفحل.
وقد رواه أبو داود من حديث شعبة، والنسائي من حديث سعيد بن أبي عَرُوبة، كلاهما عن قتادة، به .
طريق أخرى لهذا الحديث: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو كامل، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب كنـز لا يؤدي حقه إلا جعل صفائح يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها بجهته وجنبه وظهره، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". وذكر بقية الحديث في الغنم والإبل كما تقدم، وفيه: "الخيل الثلاثة؛ لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر" إلى آخره .
ورواه مسلم في صحيحه بتمامه منفردًا به دون البخاري، من حديث سُهَيل عن أبيه، عن أبي هُرَيرة وموضع استقصاء طرقه وألفاظه في كتاب الزكاة في "الأحكام"، والغرض من إيراده هاهنا قوله: "حتى يحكم الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة".
وقد روى ابن جرير عن يعقوب عن ابن عُلَيَّة وعبد الوهاب، عن أيوب، عن ابن أبي مُلَيْكة قال: سأل رجل ابن عباس عن قوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: فاتهمه، فقيل له فيه، فقال: ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ فقال: إنما سألتك لتحدثني. قال: هما يومان ذكرهما الله، الله أعلم بهما، وأكره أن أقول في كتاب الله بما لا أعلم .
وقوله: ( فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا ) أي: اصبر يا محمد على تكذيب قومك لك، واستعجالهم العذاب استبعادًا لوقوعه، كقوله: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ [الشورى: 18] قال: ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ) أي: وقوع العذاب وقيام الساعة يراه الكفرة بعيد الوقوع، بمعنى مستحيل الوقوع، ( وَنَرَاهُ قَرِيبًا ) أي: المؤمنون يعتقدون كونه قريبا، وإن كان له أمد لا يعلمه إلا الله، عز وجل، لكن كل ما هو آت فهو قريب وواقع لا محالة.
يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10)
يقول تعالى: العذابُ واقع بالكافرين ( يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ) قال ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والسدي، وغير واحد، كدرْديّ الزيت، ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ) أي: كالصوف المنفوش، قاله مجاهد، وقتادة، والسدي. وهذه الآية كقوله تعالى: وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ [القارعة: 5].
وقوله: وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا أي: لا يسأل القريب عن حاله، وهو يراه في أسوأ الأحوال، فتشغله نفسه عن غيره.
وقوله: ( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ ) أي: ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله، لا حميم -وهو القريب-ولا شفيع يطاع، ولا طعام له هاهنا إلا من غسلين.
قال قتادة: هو شر طعام أهل النار. وقال الربيع، والضحاك: هو شجرة في جهنم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا منصور بن مزاحم، حدثنا أبو سعيد المؤدب، عن خُصَيف، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: ما أدري ما الغسلين، ولكني أظنه الزقوم.
وقال شَبِيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الغسلين: الدم والماء يسيل من لحومهم. وقال علي بن أبي طلحة عنه: الغسلين: صديد أهل النار.
فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)
يقول تعالى مُقسمًا لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته، وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم: إن القرآن كلامُه ووحيه وتنـزيلُه على عبده ورسوله، الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة، فقال: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) يعني: محمدًا، أضافه إليه على معنى التبليغ؛ لأن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل؛ ولهذا أضافه في سورة التكوير إلى الرسول الملكي: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وهذا جبريل، عليه السلام.
ثم قال: وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ يعني: أن محمدا رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها، وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ أي: بمتهم وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ [التكوير: 19 -25] ،وهكذا قال هاهنا: ( وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ )،فأضافه تارة إلى قول الرسول الملكي، وتارة إلى الرسول البشري؛ لأن كلا منهما مبلغ عن الله ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه؛ ولهذا قال: ( تَنـزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
قال الإمام أحمد: حدثنا ابن المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شُرَيح بن عبيد الله قال: قال عمر بن الخطاب: خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش. قال: فقرأ: ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ ) قال: فقلت: كاهن. قال فقرأ: ( وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنـزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) إلى آخر السورة. قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موقع .
فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب، كما أوردنا كيفية إسلامه في سيرته المفردة، ولله الحمد .
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)
يقول تعالى: ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا ) أي: محمد صلى الله عليه وسلم لو كان كما يزعمون مفتريا علينا، فزاد في الرسالة أو نقص منها، أو قال شيئا من عنده فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة. ولهذا قال ( لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) قيل: معناه لانتقمنا منه باليمين؛ لأنها أشد في البطش، وقيل: لأخذنا بيمينه.
( ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) قال ابن عباس: وهو نياط القلب، وهو العِرْقُ الذي القلب معلق فيه. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبير، والحكم، وقتادة، والضحاك، ومسلم البَطِين، وأبو صخر حُميد بن زياد.
وقال محمد بن كعب: هو القلب ومَرَاقَّه وما يليه.
وقوله: ( فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) أي: فما يقدر أحد منكم على أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئا من ذلك. والمعنى في هذا بل هو صادق بار راشد؛ لأن الله، عز وجل، مقرر له ما يبلغه عنه، ومؤيد له بالمعجزات الباهرات والدلالات القاطعات.
ثم قال: ( وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) يعني: القرآن كما قال: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى [فصلت: 44] .
ثم قال ( وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) أي: مع هذا البيان والوضوح، سيوجد منكم من يكذب بالقرآن.
ثم قال: ( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ ) قال ابن جرير: وإن التكذيب لحسرة على الكافرين يوم القيامة وحكاه عن قتادة بمثله.
وروى ابن أبي حاتم، من طريق السدي ، عن أبي مالك: ( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ ) يقول: لندامة. ويحتمل عود الضمير على القرآن، أي: وإن القرآن والإيمان به لحسرة في نفس الأمر على الكافرين، كما قال: كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لا يُؤْمِنُونَ بِهِ [الشعراء: 200، 201] ، وقال تعالى: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ: 54] ولهذا قال ها هنا: ( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) أي: الخبر الصدق الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ولا ريب.
ثم قال: ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) أي: الذي أنـزل هذا القرآن العظيم.[آخر تفسير سورة "الحاقة" ، ولله الحمد ]
تفسير سورة سأل سائل
وهي مكية.
بسم الله الرحمن الرحيم
سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)
( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) فيه تضمين دل عليه حرف "الباء" ، كأنه مُقَدر: يستعجل سائل بعذاب واقع. كقوله: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ أي: وعذابه واقع لا محالة.
قال النسائي: حدثنا بشر بن خالد، حدثنا أبو أسامة، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) قال: النضر بن الحارث بن كَلَدَة.
وقال العوفي، عن ابن عباس: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) قال: ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: تعالى ( سَأَلَ سَائِلٌ ) دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال: 32] .
وقال ابن زيد وغيره: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) أي: واد في جهنم، يسيل يوم القيامة بالعذاب. وهذا القول ضعيف، بعيد عن المراد. والصحيح الأول لدلالة السياق عليه.
وقوله: ( وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ ) أي: مُرصد مُعَدّ للكافرين.
وقال ابن عباس: ( وَاقِعٍ ) جاء ( لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) أي: لا دافع له إذا أراد الله كونه؛ ولهذا قال ( مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ) قال الثوري، عن الأعمش، عن رجل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ( ذِي الْمَعَارِجِ ) قال: ذو الدرجات.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( ذِي الْمَعَارِجِ ) يعني: العلو والفواضل.
وقال مجاهد: ( ذِي الْمَعَارِجِ ) معارج السماء. وقال قتادة: ذي الفواضل والنعم.
وقوله: ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) قال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن قتادة: ( تَعْرُجُ ) تصعد.
وأما الروح فقال أبو صالح: هم خلق من خلق الله. يشبهون الناس، وليسوا أناسا.
قلت: ويحتمل أن يكون المراد به جبريل، ويكون من باب عطف الخاص على العام. ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم، فإنها إذا قبضت يُصعد بها إلى السماء، كما دل عليه حديث البراء. وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من حديث المِنْهَال، عن زاذان، عن البراء مرفوعًا -الحديث بطوله في قبض الروح الطيبة-قال فيه: "فلا يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة". والله أعلم بصحته، فقد تُكلم في بعض رواته، ولكنه مشهور، وله شاهد في حديث أبي هريرة فيما تقدم من رواية الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة، من طريق ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن يسار، عنه وهذا إسناد رجاله على شرط الجماعة، وقد بسطنا لفظه عند قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم: 27] .
وقوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) فيه أربعة أقوال:
أحدهما: أن المراد بذلك مسافة ما بين العرش العظيم إلى أسفل السافلين، وهو قرار الأرض السابعة، وذلك مسيرة خمسين ألف سنة، هذا ارتفاع العرش عن المركز الذي في وسط الأرض السابعة. وذلك اتساع العرش من قطر إلى قطر مسيرة خمسين ألف سنة، وأنه من ياقوتة حمراء، كما ذكره ابن أبي شيبة في كتاب صفة العرش. وقد قال ابن أبي حاتم عند هذه الآية:
حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا حَكَّام، عن عُمَر بن معروف، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السماوات مقدار خمسين ألف سنة ويوم كان مقداره ألف سنة. يعني بذلك: تَنـزل الأمر من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد فذلك مقداره ألف سنة؛ لأن ما بين السماء والأرض مقدار مسيرة خمسمائة سنة.
وقد رواه ابن جرير عن ابن حميد، عن حَكَّام بن سلم، عن عُمَر بن معروف، عن ليث، عن مجاهد قوله، لم يذكر ابن عباس .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطُّنافِسيّ، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا نوح المؤدب، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: غلظ كل أرض خمسمائة عام، وبين كل أرض إلى أرض خمسمائة عام، فذلك سبعة آلاف عام. وغلظ كل سماء خمسمائة عام، وبين السماء إلى السماء خمسمائة عام، فذلك أربعة عشر ألف عام، وبين السماء السابعة وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام، فذلك قوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ )
القول الثاني: أن المراد بذلك مدة بقاء الدنيا منذ خلق الله هذا العالم إلى قيام الساعة، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو زُرْعَة، أخبرنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا ابن أبي زائدة، عن ابن جريج، عن مجاهد: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: الدنيا عمرها خمسون ألف سنة. وذلك عمرها يوم سماها الله تعالى يوم، ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ ) قال: اليوم: الدنيا.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد -وعن الحكم بن أبان، عن عكرمة: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: الدنيا من أولها إلى آخرها مقدار خمسين ألف سنة، لا يدري أحدٌ كم مضى، ولا كم بقي إلا الله، عز وجل .
القول الثالث: أنه اليوم الفاصل بين الدنيا والآخرة، وهو قول غريب جدًا. قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، حدثنا بُهلول بن المورق حدثنا موسى بن عبيدة، أخبرني محمد بن كعب: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: هو يوم الفصل بين الدنيا والآخرة.
القول الرابع: أن المراد بذلك يوم القيامة، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن سِمَاك، عن عكرمة، عن ابن عباس: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: يوم القيامة. هذا وإسناد صحيح. ورواه الثوري عن سماك بن حرب، عن عكرمة ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) يوم القيامة. وكذا قال الضحاك، وابن زيد.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: فهذا يوم القيامة، جعله الله تعالى على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة.
وقد وردت أحاديث في معنى ذلك، قال الإمام أحمد:
حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) ما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا".
ورواه ابن جرير، عن يونس، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، به إلا أن دَرّاجا وشيخه ضعيفان، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي عمرو الغُداني قال: كنت عند أبي هُرَيرة فمر رجل من بني عامر بن صعصعة، فقيل له: هذا أكثر عامري مالا. فقال أبو هريرة: ردوه فقال: نبئت أنك ذو مال كثير؟ فقال العامري: أي والله، إن لي لمائة حُمْرًا و مائة أدمًا، حتى عد من ألوان الإبل، وأفنان الرقيق، ورباط الخيل فقال أبو هريرة: إياك وأخفاف الإبل وأظلافَ النعم -يُرَدّد ذلك عليه، حتى جعل لونُ العامري يتغير-فقال: ما ذاك يا أبا هُرَيرة؟ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كانت له إبلٌ لا يعطي حقها في نجدتها ورِسْلها -قلنا يا رسول الله: ما نجدتُها ورِسْلُها؟ قال: "في عُسرها ويسرها-" فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره، حتى يبطح لها بقاع قَرقَر، فتطؤه بأخفافها، فإذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره ثم يبطح لها بقاع قَرقَر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله. وإذا كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره، حتى يبطح لها بقاع قَرقَر، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، ليس فيها عَقصاء ولا عضباء، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس، فيرى سبيله". قال العامري: وما حق الإبل يا أبا هريرة؟ قال: أن تعطي الكريمة، وتمنح الغَزيرَة، وتفقر الظهر، وتَسقيَ اللبن وتُطرقَ الفحل.
وقد رواه أبو داود من حديث شعبة، والنسائي من حديث سعيد بن أبي عَرُوبة، كلاهما عن قتادة، به .
طريق أخرى لهذا الحديث: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو كامل، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب كنـز لا يؤدي حقه إلا جعل صفائح يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها بجهته وجنبه وظهره، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". وذكر بقية الحديث في الغنم والإبل كما تقدم، وفيه: "الخيل الثلاثة؛ لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر" إلى آخره .
ورواه مسلم في صحيحه بتمامه منفردًا به دون البخاري، من حديث سُهَيل عن أبيه، عن أبي هُرَيرة وموضع استقصاء طرقه وألفاظه في كتاب الزكاة في "الأحكام"، والغرض من إيراده هاهنا قوله: "حتى يحكم الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة".
وقد روى ابن جرير عن يعقوب عن ابن عُلَيَّة وعبد الوهاب، عن أيوب، عن ابن أبي مُلَيْكة قال: سأل رجل ابن عباس عن قوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: فاتهمه، فقيل له فيه، فقال: ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ فقال: إنما سألتك لتحدثني. قال: هما يومان ذكرهما الله، الله أعلم بهما، وأكره أن أقول في كتاب الله بما لا أعلم .
وقوله: ( فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا ) أي: اصبر يا محمد على تكذيب قومك لك، واستعجالهم العذاب استبعادًا لوقوعه، كقوله: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ [الشورى: 18] قال: ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ) أي: وقوع العذاب وقيام الساعة يراه الكفرة بعيد الوقوع، بمعنى مستحيل الوقوع، ( وَنَرَاهُ قَرِيبًا ) أي: المؤمنون يعتقدون كونه قريبا، وإن كان له أمد لا يعلمه إلا الله، عز وجل، لكن كل ما هو آت فهو قريب وواقع لا محالة.
يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10)
يقول تعالى: العذابُ واقع بالكافرين ( يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ) قال ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والسدي، وغير واحد، كدرْديّ الزيت، ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ) أي: كالصوف المنفوش، قاله مجاهد، وقتادة، والسدي. وهذه الآية كقوله تعالى: وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ [القارعة: 5].
وقوله: وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا أي: لا يسأل القريب عن حاله، وهو يراه في أسوأ الأحوال، فتشغله نفسه عن غيره.
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة المعارج ايه11==40
» تفسير سورة المعارج ايه40==الى ايه11 من سورة نوح
» تفسير سورة الحاقه ايه رقم 1 الى 24 الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة النور ايه11\\\21
» تفسير سورة الحاقه ايه 25 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة المعارج ايه40==الى ايه11 من سورة نوح
» تفسير سورة الحاقه ايه رقم 1 الى 24 الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة النور ايه11\\\21
» تفسير سورة الحاقه ايه 25 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى