تفسير سورة يس ايه13====28
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة يس ايه13====28
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (17) .
يقول تعالى: واضرب -يا محمد-لقومك الذين كذبوك ( مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ) .
قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه-: إنها مدينة أنطاكية، وكان بها ملك يقال له: أنطيخس بن أنطيخس بن أنطيخس، وكان يعبد الأصنام، فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل، وهم: صادق وصدوق وشلوم، فكذبهم.
"< 6-569 >"
وهكذا رُوي عن بُرَيدة بن الحُصَيب، وعِكْرِمَة، وقتادة، والزهري: أنها أنطاكية.
وقد استشكل بعض الأئمة كونَها أنطاكية، بما سنذكره بعد تمام القصة، إن شاء الله تعالى.
وقوله: ( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا ) أي: بادروهما بالتكذيب، ( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) أي: قويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث.
قال ابن جُرَيْج، عن وهب بن سليمان، عن شعيب الجبائي قال: كان اسم الرسولين الأولين شمعون ويوحنا، واسم الثالث بولص، والقرية أنطاكية.
( فَقَالُوا ) أي: لأهل تلك القرية: ( إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ) أي: من ربكم الذي خلقكم، نأمركم بعبادته وحده لا شريك له. قاله أبو العالية.
وزعم قتادة بن دعامة: أنهم كانوا رسل المسيح، عليه السلام، إلى أهل أنطاكية. ( قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا ) أي: فكيف أوحيَ إليكم وأنتم بشر ونحن بشر، فلم لا أوحيَ إلينا مثلكم؟ ولو كنتم رسلا لكنتم ملائكة. وهذه شبه كثير من الأمم المكذبة، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله: ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا [التغابن: 6] ، فاستعجبوا من ذلك وأنكروه. وقوله: قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ [إبراهيم: 10] . وقوله حكاية عنهم في قوله: وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ [المؤمنون: 34] ، وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولا ؟ [الإسراء: 94] . ولهذا قال هؤلاء: ( مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنـزلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ) أي: أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين: الله يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كَذَبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار، كقوله تعالى: قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [العنكبوت: 52] .
( وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) يقولون إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، فإذا أطعتم كانت لكم السعادة في الدنيا والآخرة، وإن لم تجيبوا فستعلمون غِبَّ ذلك ،والله أعلم.
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)
فعند ذلك قال لهم أهل القرية: ( إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ) أي: لم نرَ على وجوهكم خيرًا في عيشنا.
وقال قتادة: يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم.
وقال مجاهد: يقولون: لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عذب أهلها.
( لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) : قال قتادة: بالحجارة. وقال مجاهد: بالشتم.
"< 6-570 >"
( وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي: عقوبة شديدة. فقالت لهم رسلهم: ( طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ) أي: مردود عليكم، كقوله تعالى في قوم فرعون: فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ [الأعراف: 131] ، وقال قوم صالح: اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ [النمل: 47] . وقال قتادة، ووهب بن منبه: أي أعمالكم معكم. وقال تعالى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء: 78] .
وقوله: ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) أي: من أجل أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له، قابلتمونا بهذا الكلام، وتوعدتمونا وتهددتمونا؟ بل أنتم قوم مسرفون.
وقال قتادة: أي إن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا، بل أنتم قوم مسرفون.
وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) .
قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبه-: إن أهل القرية هَمّوا بقتل رسلهم فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى، أي: لينصرهم من قومه -قالوا: وهو حبيب، وكان يعمل الجرير -وهو الحبال-وكان رجلا سقيما قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة، يتصدق بنصف كسبه، مستقيم النظرة .
وقال ابن إسحاق عن رجل سماه، عن الحكم، عن مِقْسَم -أو: عن مجاهد-عن ابن عباس قال: [كان] اسم صاحب يس حبيب، وكان الجذام قد أسرع فيه.
وقال الثوري، عن عاصم الأحول، عن أبي مجْلَز: كان اسمه حبيب بن مري.
وقال شبيب بن بشر، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس [أيضا] قال: اسم صاحب يس حبيب النجار، فقتله قومه.
وقال السدي: كان قَصَّارا. وقال عمر بن الحكم: كان إسكافا. وقال قتادة: كان يتعبد في غار هناك.
( قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) : يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم، ( اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا ) أي: على إبلاغ الرسالة، ( وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) فيما يدعونكم إليه، من عبادة الله وحده لا شريك له.
"< 6-571 >"
( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ) أي: وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له، ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) أي: يوم المعاد، فيجازيكم على أعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.
( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ) ؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع، ( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ ) أي: هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه لا يملكون من الأمر شيئا. فإن الله لو أرادني بسوء، فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ [يونس : 107] وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذونني مما أنا فيه، ( إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) أي: إن اتخذتها آلهة من دون الله.
وقوله: ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ) : قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب-يقول لقومه: ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ ) الذي كفرتم به، ( فَاسْمَعُونِ ) أي: فاسمعوا قولي.
ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله: ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ ) أي: الذي أرسلكم، ( فَاسْمَعُونِ ) أي: فاشهدوا لي بذلك عنده. وقد حكاه ابن جرير فقال: وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرسل، وقال لهم: اسمعوا قولي، لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، إني [قد] آمنت بربكم واتبعتكم .
وهذا [القول] الذي حكاه هؤلاء أظهر في المعنى، والله أعلم.
قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب-: فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، ولم يكن له أحد يمنع عنه.
وقال قتادة: جعلوا يرجمونه بالحجارة، وهو يقول: "اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون". فلم يزالوا به حتى أقعصوه وهو يقول كذلك، فقتلوه، رحمه الله.
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)
قال محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن ابن مسعود: إنهم وطئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبُه من دبره وقال الله له: ( ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) ، فدخلها فهو يرزق منها، قد أذهب الله عنه سُقْم الدنيا وحزنها ونَصَبها.
وقال مجاهد: قيل لحبيب النجار: ادخل الجنة. وذلك أنه قُتل فوجبت له ، فلما رأى الثواب ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ) .
قال قتادة: لا تلقى المؤمن إلا ناصحا، لا تلقاه غاشا؛ لَمَّا عاين [ما عاين] من كرامة الله "< 6-572 >" ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) . تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله [له]، وما هجم عليه.
وقال ابن عباس: نصح قومه في حياته بقوله: يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ [يس: 20] ، وبعد مماته في قوله: ( يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) رواه ابن أبي حاتم.
وقال سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، عن أبي مِجْلَز: ( بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) بإيماني بربي وتصديقي المرسلين.
ومقصوده أنهم لو اطلعوا على ما حصل من هذا الثواب والجزاء والنعيم المقيم، لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل، فرحمه الله ورضي عنه، فلقد كان حريصا على هداية قومه.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله، حدثنا ابن جابر -وهو محمد-عن عبد الملك -يعني: ابن عمير-قال: قال عروة بن مسعود الثقفي للنبي صلى الله عليه وسلم: ابعثني إلى قومي أدعوهم إلى الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أخاف أن يقتلوك". فقال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلق". فانطلق فمر على اللات والعزى، فقال: لأصبحَنَّك غدًا بما يسوءك. فغضبت ثقيف، فقال: يا معشر ثقيف، إن اللات لا لات، وإن العُزى لا عُزى، أسلموا تسلموا. يا معشر الأحلاف، إن العزى لا عزى، وإن اللات لا لات، أسلموا تسلموا. قال ذلك ثلاث مرات، فرماه رجل فأصاب أكْحَله فقتله، فبلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هذا مثله كمثل صاحب يس، ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) اضغط هنا
وقال محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعْمَر بن حَزْم: أنه حدث عن كعب الأحبار: أنه ذكر له حبيب بن زيد بن عاصم -أخو بني مازن بن النجار-الذي كان مسيلمة الكذاب قَطَّعه باليمامة، حين جعل يسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ فيقول: نعم. ثم يقول: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول: لا أسمع. فيقول له مسيلمة: أتسمع هذا ولا تسمع ذاك؟ فيقول: نعم. فجعل يُقَطِّعه عضوا عضوا، كلما سأله لم يزده على ذلك حتى مات في يديه. فقال كعب حين قيل له: اسمه حبيب، وكان والله صاحب يس اسمه حبيب .
يقول تعالى: واضرب -يا محمد-لقومك الذين كذبوك ( مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ) .
قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه-: إنها مدينة أنطاكية، وكان بها ملك يقال له: أنطيخس بن أنطيخس بن أنطيخس، وكان يعبد الأصنام، فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل، وهم: صادق وصدوق وشلوم، فكذبهم.
"< 6-569 >"
وهكذا رُوي عن بُرَيدة بن الحُصَيب، وعِكْرِمَة، وقتادة، والزهري: أنها أنطاكية.
وقد استشكل بعض الأئمة كونَها أنطاكية، بما سنذكره بعد تمام القصة، إن شاء الله تعالى.
وقوله: ( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا ) أي: بادروهما بالتكذيب، ( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) أي: قويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث.
قال ابن جُرَيْج، عن وهب بن سليمان، عن شعيب الجبائي قال: كان اسم الرسولين الأولين شمعون ويوحنا، واسم الثالث بولص، والقرية أنطاكية.
( فَقَالُوا ) أي: لأهل تلك القرية: ( إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ) أي: من ربكم الذي خلقكم، نأمركم بعبادته وحده لا شريك له. قاله أبو العالية.
وزعم قتادة بن دعامة: أنهم كانوا رسل المسيح، عليه السلام، إلى أهل أنطاكية. ( قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا ) أي: فكيف أوحيَ إليكم وأنتم بشر ونحن بشر، فلم لا أوحيَ إلينا مثلكم؟ ولو كنتم رسلا لكنتم ملائكة. وهذه شبه كثير من الأمم المكذبة، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله: ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا [التغابن: 6] ، فاستعجبوا من ذلك وأنكروه. وقوله: قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ [إبراهيم: 10] . وقوله حكاية عنهم في قوله: وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ [المؤمنون: 34] ، وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولا ؟ [الإسراء: 94] . ولهذا قال هؤلاء: ( مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنـزلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ) أي: أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين: الله يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كَذَبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار، كقوله تعالى: قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [العنكبوت: 52] .
( وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) يقولون إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، فإذا أطعتم كانت لكم السعادة في الدنيا والآخرة، وإن لم تجيبوا فستعلمون غِبَّ ذلك ،والله أعلم.
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)
فعند ذلك قال لهم أهل القرية: ( إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ) أي: لم نرَ على وجوهكم خيرًا في عيشنا.
وقال قتادة: يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم.
وقال مجاهد: يقولون: لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عذب أهلها.
( لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) : قال قتادة: بالحجارة. وقال مجاهد: بالشتم.
"< 6-570 >"
( وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي: عقوبة شديدة. فقالت لهم رسلهم: ( طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ) أي: مردود عليكم، كقوله تعالى في قوم فرعون: فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ [الأعراف: 131] ، وقال قوم صالح: اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ [النمل: 47] . وقال قتادة، ووهب بن منبه: أي أعمالكم معكم. وقال تعالى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء: 78] .
وقوله: ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) أي: من أجل أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له، قابلتمونا بهذا الكلام، وتوعدتمونا وتهددتمونا؟ بل أنتم قوم مسرفون.
وقال قتادة: أي إن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا، بل أنتم قوم مسرفون.
وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) .
قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبه-: إن أهل القرية هَمّوا بقتل رسلهم فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى، أي: لينصرهم من قومه -قالوا: وهو حبيب، وكان يعمل الجرير -وهو الحبال-وكان رجلا سقيما قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة، يتصدق بنصف كسبه، مستقيم النظرة .
وقال ابن إسحاق عن رجل سماه، عن الحكم، عن مِقْسَم -أو: عن مجاهد-عن ابن عباس قال: [كان] اسم صاحب يس حبيب، وكان الجذام قد أسرع فيه.
وقال الثوري، عن عاصم الأحول، عن أبي مجْلَز: كان اسمه حبيب بن مري.
وقال شبيب بن بشر، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس [أيضا] قال: اسم صاحب يس حبيب النجار، فقتله قومه.
وقال السدي: كان قَصَّارا. وقال عمر بن الحكم: كان إسكافا. وقال قتادة: كان يتعبد في غار هناك.
( قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) : يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم، ( اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا ) أي: على إبلاغ الرسالة، ( وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) فيما يدعونكم إليه، من عبادة الله وحده لا شريك له.
"< 6-571 >"
( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ) أي: وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له، ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) أي: يوم المعاد، فيجازيكم على أعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.
( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ) ؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع، ( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ ) أي: هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه لا يملكون من الأمر شيئا. فإن الله لو أرادني بسوء، فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ [يونس : 107] وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذونني مما أنا فيه، ( إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) أي: إن اتخذتها آلهة من دون الله.
وقوله: ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ) : قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب-يقول لقومه: ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ ) الذي كفرتم به، ( فَاسْمَعُونِ ) أي: فاسمعوا قولي.
ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله: ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ ) أي: الذي أرسلكم، ( فَاسْمَعُونِ ) أي: فاشهدوا لي بذلك عنده. وقد حكاه ابن جرير فقال: وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرسل، وقال لهم: اسمعوا قولي، لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، إني [قد] آمنت بربكم واتبعتكم .
وهذا [القول] الذي حكاه هؤلاء أظهر في المعنى، والله أعلم.
قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب-: فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، ولم يكن له أحد يمنع عنه.
وقال قتادة: جعلوا يرجمونه بالحجارة، وهو يقول: "اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون". فلم يزالوا به حتى أقعصوه وهو يقول كذلك، فقتلوه، رحمه الله.
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)
قال محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن ابن مسعود: إنهم وطئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبُه من دبره وقال الله له: ( ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) ، فدخلها فهو يرزق منها، قد أذهب الله عنه سُقْم الدنيا وحزنها ونَصَبها.
وقال مجاهد: قيل لحبيب النجار: ادخل الجنة. وذلك أنه قُتل فوجبت له ، فلما رأى الثواب ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ) .
قال قتادة: لا تلقى المؤمن إلا ناصحا، لا تلقاه غاشا؛ لَمَّا عاين [ما عاين] من كرامة الله "< 6-572 >" ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) . تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله [له]، وما هجم عليه.
وقال ابن عباس: نصح قومه في حياته بقوله: يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ [يس: 20] ، وبعد مماته في قوله: ( يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) رواه ابن أبي حاتم.
وقال سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، عن أبي مِجْلَز: ( بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) بإيماني بربي وتصديقي المرسلين.
ومقصوده أنهم لو اطلعوا على ما حصل من هذا الثواب والجزاء والنعيم المقيم، لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل، فرحمه الله ورضي عنه، فلقد كان حريصا على هداية قومه.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله، حدثنا ابن جابر -وهو محمد-عن عبد الملك -يعني: ابن عمير-قال: قال عروة بن مسعود الثقفي للنبي صلى الله عليه وسلم: ابعثني إلى قومي أدعوهم إلى الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أخاف أن يقتلوك". فقال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلق". فانطلق فمر على اللات والعزى، فقال: لأصبحَنَّك غدًا بما يسوءك. فغضبت ثقيف، فقال: يا معشر ثقيف، إن اللات لا لات، وإن العُزى لا عُزى، أسلموا تسلموا. يا معشر الأحلاف، إن العزى لا عزى، وإن اللات لا لات، أسلموا تسلموا. قال ذلك ثلاث مرات، فرماه رجل فأصاب أكْحَله فقتله، فبلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هذا مثله كمثل صاحب يس، ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) اضغط هنا
وقال محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعْمَر بن حَزْم: أنه حدث عن كعب الأحبار: أنه ذكر له حبيب بن زيد بن عاصم -أخو بني مازن بن النجار-الذي كان مسيلمة الكذاب قَطَّعه باليمامة، حين جعل يسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ فيقول: نعم. ثم يقول: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول: لا أسمع. فيقول له مسيلمة: أتسمع هذا ولا تسمع ذاك؟ فيقول: نعم. فجعل يُقَطِّعه عضوا عضوا، كلما سأله لم يزده على ذلك حتى مات في يديه. فقال كعب حين قيل له: اسمه حبيب، وكان والله صاحب يس اسمه حبيب .
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة هود ايه13\\\20
» تفسير سورة طه ايه13\\38
» تفسير سورة يوسف ايه13 الى ايه 34 الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة ابراهيم ايه13 الى ايه 30 الشسخ سيد قطب
» تفسير سورة العصر==تفسير سورة ويل لكل همزة لمزة ==آخر تفسير سورة "الفيل".
» تفسير سورة طه ايه13\\38
» تفسير سورة يوسف ايه13 الى ايه 34 الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة ابراهيم ايه13 الى ايه 30 الشسخ سيد قطب
» تفسير سورة العصر==تفسير سورة ويل لكل همزة لمزة ==آخر تفسير سورة "الفيل".
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى