تفسير سورة الكوثر ايه 1 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة الكوثر ايه 1 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
الكوثر
من الاية 1 الى الاية 1
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)
سورة الكوثر
هذه السورة خالصة لرسول الله [ ص ] كسورة الضحى , وسورة الشرح . يسري عنه ربه فيها , ويعده بالخير , ويوعد أعداءه بالبتر , ويوجهه إلى طريق الشكر .
ومن ثم فهي تمثل صورة من حياة الدعوة , وحياة الداعية في أول العهد بمكة . صورة من الكيد والأذى للنبي [ ص ] ودعوة الله التي يبشر بها ; وصورة من رعاية الله المباشرة لعبده وللقلة المؤمنة معه ; ومن تثبيت الله وتطمينه وجميل وعده لنبيه ومرهوب وعيده لشانئه .
كذلك تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان . وحقيقة الضلال والشر والكفران . . الأولى كثرة وفيض وامتداد . والثانية قلة وانحسار وانبتار . وإن ظن الغافلون غير هذا وذاك . .
ورد أن سفهاء قريش ممن كانوا يتابعون الرسول [ ص ] ودعوته بالكيد والمكر وإظهار السخرية والاستهزاء . ليصرفوا جمهرة الناس عن الاستماع للحق الذي جاءهم به من عند الله , من أمثال العاص ابن وائل , وعقبة بن أبي معيط , وأبي لهب , وأبي جهل , وغيرهم , كانوا يقولون عن النبي [ ص ] إنه أبتر . يشيرون بهذا إلى موت الذكور من أولاده . وقال أحدهم:دعوه فإنه سيموت بلا عقب وينتهي أمره !
وكان هذا اللون من الكيد اللئيم الصغير يجد له في البيئة العربية التي تتكاثر بالأبناء صدى ووقعا . وتجد هذه الوخزة الهابطة من يهش لها من أعداء رسول الله [ ص ] وشانئيه , ولعلها أوجعت قلبه الشريف ومسته بالغم أيضا .
ومن ثم نزلت هذه السورة تمسح على قلبه [ ص ] بالروح والندى , وتقرر حقيقة الخير الباقي الممتد الذي اختاره له ربه ; وحقيقة الانقطاع والبتر المقدر لأعدائه .
من الاية 2 الى الاية 2
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)
(إنا أعطيناك الكوثر). . والكوثر صيغة من الكثرة . . وهو مطلق غير محدود . يشير إلى عكس المعنى الذي أطلقه هؤلاء السفهاء . . إنا أعطيناك ما هو كثير فائض غزير . غير ممنوع ولا مبتور . . فإذا أراد أحد أن يتتبع هذا الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه فهو واجده حيثما نظر أو تصور .
هو واجده في النبوة . في هذا الاتصال بالحق الكبير , والوجود الكبير . الوجود الذي لا وجود غيره ولا شيء في الحقيقة سواه . وماذا فقد من وجد الله ?
وهو واجده في هذا القرآن الذي نزل عليه . وسورة واحدة منه كوثر لا نهاية لكثرته , وينبوع ثر لا نهاية لفيضه وغزارته !
وهو واجده في الملأ الأعلى الذي يصلي عليه , ويصلي على من يصلي عليه في الأرض , حيث يقترن اسمه باسم الله في الأرض والسماء .
وهو واجده في سنته الممتدة على مدار القرون , في أرجاء الأرض . وفي الملايين بعد الملايين السائرة على أثره , وملايين الملايين من الألسنة والشفاه الهاتفة باسمه , وملايين الملايين من القلوب المحبة لسيرته وذكراه إلى يوم القيامة .
وهو واجده في الخير الكثير الذي فاض على البشرية في جميع أجيالها بسببه وعن طريقه . سواء من عرفوا هذا الخير فآمنوا به , ومن لم يعرفوه ولكنه فاض عليهم فيما فاض !
وهو واجده في مظاهر شتى , محاولة إحصائها ضرب من تقليلها وتصغيرها !
إنه الكوثر , الذي لا نهاية لفيضه , ولا إحصاء لعوارفه , ولا حد لمدلوله . ومن ثم تركه النص بلا تحديد , يشمل كل ما يكثر من الخير ويزيد . .
وقد وردت روايات من طرق كثيرة أن الكوثر نهر في الجنة أوتيه رسول الله [ ص ] ولكن ابن عباس أجاب بأن هذا النهر هو من بين الخير الكثير الذي أوتيه الرسول . فهو كوثر من الكوثر ! وهذا هو الأنسب في هذا السياق وفي هذه الملابسات .
(فصل لربك وانحر).
بعد توكيد هذا العطاء الكثير الفائض الكثرة , على غير ما أرجف المرجفون وقال الكائدون , وجه الرسول [ ص ] إلى شكر النعمة بحقها الأول . حق الإخلاص والتجرد لله في العبادة وفي الاتجاه . . في الصلاة وفي ذبح النسك خالصا للهفصل لربك وانحر). . غير ملق بالا إلى شرك المشركين , وغير مشارك لهم في عبادتهم أو في ذكر غير اسم الله على ذبائحهم .
وفي تكرار الإشارة إلى ذكر اسم الله وحده على الذبائح , وتحريم ما أهل به لغير الله , وما لم يذكر اسم الله عليه . . ما يشي بعناية هذا الدين بتخليص الحياة كلها من عقابيل الشرك وآثاره . لا تخليص التصور والضمير وحدهما . فهو دين الوحدة بكل معنى من معانيها , وكل ظل من ظلالها ; كما أنه دين التوحيد الخالص المجرد الواضح . ومن ثم فهو يتتبع الشرك في كل مظاهره , وفي كل مكامنه ; ويطارده مطاردة عنيفة دقيقة سواء استكن في الضمير , أم ظهر في العبادة , أم تسرب إلى تقاليد الحياة فالحياة وحدة ما ظهر منها وما بطن , والإسلام يأخذها كلا لا يتجزأ , ويخلصها من شوائب الشرك جميعا , ويتجه بها إلى الله خالصة واضحة
من الاية 3 الى آخر السورة
إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
ناصعة , كما نرى في مسألة الذبائح وفي غيرها من شعائر العبادة أو تقاليد الحياة . .
(إن شانئك هو الأبتر). .
في الآية الأولى قرر أنه ليس أبتر بل هو صاحب الكوثر . وفي هذه الآية يرد الكيد إلى كائديه , ويؤكد - سبحانه - أن الأبتر ليس هو محمد , إنما هم شانئوه وكارهوه .
ولقد صدق فيهم وعيد الله . فقد انقطع ذكرهم وانطوى . بينما امتد ذكر محمد وعلا . ونحن نشهد اليوم مصداق هذا القول الكريم , في صورة باهرة واسعة المدى كما لم يشهدوه سامعوه الأولون !
إن الإيمان والحق والخير لا يمكن أن يكون أبتر . فهو ممتد الفروع عميق الجذور . وإنما الكفر والباطل والشر هو الأبتر مهما ترعرع وزها وتجبر . .
إن مقاييس الله غير مقاييس البشر . ولكن البشر ينخدعون ويغترون فيحسبون مقاييسهم هي التي تقرر حقائق الأمور ! وأمامنا هذا المثل الناطق الخالد . . فأين الذين كانوا يقولون عن محمد [ ص ] قولتهم اللئيمة , وينالون بها من قلوب الجماهير , ويحسبون حينئذ أنهم قد قضوا على محمد وقطعوا عليه الطريق ? أين هم ? وأين ذكراهم , وأين آثارهم ? إلى جوار الكوثر من كل شيء , ذلك الذي أوتيه من كانوا يقولون عنه:الأبتر ?!
إن الدعوة إلى الله والحق والخير لا يمكن أن تكون بتراء ولا أن يكون صاحبها أبتر , وكيف وهي موصولة بالله الحي الباقي الأزلي الخالد ? إنما يبتر الكفر والباطل والشر ويبتر أهله , مهما بدا في لحظة من اللحظات أنه طويل الأجل ممتد الجذور . .
وصدق الله العظيم . وكذب الكائدون الماكرون . .
من الاية 1 الى الاية 1
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)
سورة الكوثر
هذه السورة خالصة لرسول الله [ ص ] كسورة الضحى , وسورة الشرح . يسري عنه ربه فيها , ويعده بالخير , ويوعد أعداءه بالبتر , ويوجهه إلى طريق الشكر .
ومن ثم فهي تمثل صورة من حياة الدعوة , وحياة الداعية في أول العهد بمكة . صورة من الكيد والأذى للنبي [ ص ] ودعوة الله التي يبشر بها ; وصورة من رعاية الله المباشرة لعبده وللقلة المؤمنة معه ; ومن تثبيت الله وتطمينه وجميل وعده لنبيه ومرهوب وعيده لشانئه .
كذلك تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان . وحقيقة الضلال والشر والكفران . . الأولى كثرة وفيض وامتداد . والثانية قلة وانحسار وانبتار . وإن ظن الغافلون غير هذا وذاك . .
ورد أن سفهاء قريش ممن كانوا يتابعون الرسول [ ص ] ودعوته بالكيد والمكر وإظهار السخرية والاستهزاء . ليصرفوا جمهرة الناس عن الاستماع للحق الذي جاءهم به من عند الله , من أمثال العاص ابن وائل , وعقبة بن أبي معيط , وأبي لهب , وأبي جهل , وغيرهم , كانوا يقولون عن النبي [ ص ] إنه أبتر . يشيرون بهذا إلى موت الذكور من أولاده . وقال أحدهم:دعوه فإنه سيموت بلا عقب وينتهي أمره !
وكان هذا اللون من الكيد اللئيم الصغير يجد له في البيئة العربية التي تتكاثر بالأبناء صدى ووقعا . وتجد هذه الوخزة الهابطة من يهش لها من أعداء رسول الله [ ص ] وشانئيه , ولعلها أوجعت قلبه الشريف ومسته بالغم أيضا .
ومن ثم نزلت هذه السورة تمسح على قلبه [ ص ] بالروح والندى , وتقرر حقيقة الخير الباقي الممتد الذي اختاره له ربه ; وحقيقة الانقطاع والبتر المقدر لأعدائه .
من الاية 2 الى الاية 2
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)
(إنا أعطيناك الكوثر). . والكوثر صيغة من الكثرة . . وهو مطلق غير محدود . يشير إلى عكس المعنى الذي أطلقه هؤلاء السفهاء . . إنا أعطيناك ما هو كثير فائض غزير . غير ممنوع ولا مبتور . . فإذا أراد أحد أن يتتبع هذا الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه فهو واجده حيثما نظر أو تصور .
هو واجده في النبوة . في هذا الاتصال بالحق الكبير , والوجود الكبير . الوجود الذي لا وجود غيره ولا شيء في الحقيقة سواه . وماذا فقد من وجد الله ?
وهو واجده في هذا القرآن الذي نزل عليه . وسورة واحدة منه كوثر لا نهاية لكثرته , وينبوع ثر لا نهاية لفيضه وغزارته !
وهو واجده في الملأ الأعلى الذي يصلي عليه , ويصلي على من يصلي عليه في الأرض , حيث يقترن اسمه باسم الله في الأرض والسماء .
وهو واجده في سنته الممتدة على مدار القرون , في أرجاء الأرض . وفي الملايين بعد الملايين السائرة على أثره , وملايين الملايين من الألسنة والشفاه الهاتفة باسمه , وملايين الملايين من القلوب المحبة لسيرته وذكراه إلى يوم القيامة .
وهو واجده في الخير الكثير الذي فاض على البشرية في جميع أجيالها بسببه وعن طريقه . سواء من عرفوا هذا الخير فآمنوا به , ومن لم يعرفوه ولكنه فاض عليهم فيما فاض !
وهو واجده في مظاهر شتى , محاولة إحصائها ضرب من تقليلها وتصغيرها !
إنه الكوثر , الذي لا نهاية لفيضه , ولا إحصاء لعوارفه , ولا حد لمدلوله . ومن ثم تركه النص بلا تحديد , يشمل كل ما يكثر من الخير ويزيد . .
وقد وردت روايات من طرق كثيرة أن الكوثر نهر في الجنة أوتيه رسول الله [ ص ] ولكن ابن عباس أجاب بأن هذا النهر هو من بين الخير الكثير الذي أوتيه الرسول . فهو كوثر من الكوثر ! وهذا هو الأنسب في هذا السياق وفي هذه الملابسات .
(فصل لربك وانحر).
بعد توكيد هذا العطاء الكثير الفائض الكثرة , على غير ما أرجف المرجفون وقال الكائدون , وجه الرسول [ ص ] إلى شكر النعمة بحقها الأول . حق الإخلاص والتجرد لله في العبادة وفي الاتجاه . . في الصلاة وفي ذبح النسك خالصا للهفصل لربك وانحر). . غير ملق بالا إلى شرك المشركين , وغير مشارك لهم في عبادتهم أو في ذكر غير اسم الله على ذبائحهم .
وفي تكرار الإشارة إلى ذكر اسم الله وحده على الذبائح , وتحريم ما أهل به لغير الله , وما لم يذكر اسم الله عليه . . ما يشي بعناية هذا الدين بتخليص الحياة كلها من عقابيل الشرك وآثاره . لا تخليص التصور والضمير وحدهما . فهو دين الوحدة بكل معنى من معانيها , وكل ظل من ظلالها ; كما أنه دين التوحيد الخالص المجرد الواضح . ومن ثم فهو يتتبع الشرك في كل مظاهره , وفي كل مكامنه ; ويطارده مطاردة عنيفة دقيقة سواء استكن في الضمير , أم ظهر في العبادة , أم تسرب إلى تقاليد الحياة فالحياة وحدة ما ظهر منها وما بطن , والإسلام يأخذها كلا لا يتجزأ , ويخلصها من شوائب الشرك جميعا , ويتجه بها إلى الله خالصة واضحة
من الاية 3 الى آخر السورة
إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
ناصعة , كما نرى في مسألة الذبائح وفي غيرها من شعائر العبادة أو تقاليد الحياة . .
(إن شانئك هو الأبتر). .
في الآية الأولى قرر أنه ليس أبتر بل هو صاحب الكوثر . وفي هذه الآية يرد الكيد إلى كائديه , ويؤكد - سبحانه - أن الأبتر ليس هو محمد , إنما هم شانئوه وكارهوه .
ولقد صدق فيهم وعيد الله . فقد انقطع ذكرهم وانطوى . بينما امتد ذكر محمد وعلا . ونحن نشهد اليوم مصداق هذا القول الكريم , في صورة باهرة واسعة المدى كما لم يشهدوه سامعوه الأولون !
إن الإيمان والحق والخير لا يمكن أن يكون أبتر . فهو ممتد الفروع عميق الجذور . وإنما الكفر والباطل والشر هو الأبتر مهما ترعرع وزها وتجبر . .
إن مقاييس الله غير مقاييس البشر . ولكن البشر ينخدعون ويغترون فيحسبون مقاييسهم هي التي تقرر حقائق الأمور ! وأمامنا هذا المثل الناطق الخالد . . فأين الذين كانوا يقولون عن محمد [ ص ] قولتهم اللئيمة , وينالون بها من قلوب الجماهير , ويحسبون حينئذ أنهم قد قضوا على محمد وقطعوا عليه الطريق ? أين هم ? وأين ذكراهم , وأين آثارهم ? إلى جوار الكوثر من كل شيء , ذلك الذي أوتيه من كانوا يقولون عنه:الأبتر ?!
إن الدعوة إلى الله والحق والخير لا يمكن أن تكون بتراء ولا أن يكون صاحبها أبتر , وكيف وهي موصولة بالله الحي الباقي الأزلي الخالد ? إنما يبتر الكفر والباطل والشر ويبتر أهله , مهما بدا في لحظة من اللحظات أنه طويل الأجل ممتد الجذور . .
وصدق الله العظيم . وكذب الكائدون الماكرون . .
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة هود ايه 116 الى ايه اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة يس ايه 47 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة نوح ايه 26 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة ص ايه 39 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الحشر ايه 11 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة يس ايه 47 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة نوح ايه 26 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة ص ايه 39 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الحشر ايه 11 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى