حطين عودي 0000000000
صفحة 1 من اصل 1
حطين عودي 0000000000
صلاح الدّين الأيّوبي
هو الناصر أبوالمظفر يوسف بن أيوب،ولد في ١١٣٨، وتوفي فى ١١٩٣، مؤسس
الدولة الأيوبية فى مصر والشام، قضى طفولته فى دمشق وشبابه فى بلاط الملك العادل
نور الدين محمود بن زنكى ملك دمشق، وقد أرسله إلى مصر مع عمه أسد الدين
شيركوه، وبعد موت عمه شيركوه وزير الخليفة العاضد فرض نفسه وزيراً، ولما مات
العاضد فى ١١٧١ نادى صلاح بالمستضىء العباسي خليفة، لتنتهى بذلك الخلافة
الفاطمية وصار صلاح الدين ممثلاً لنورالدين فى مصر فلما توفي نورالدين شب نزاع
بين الأمراء
وكان صلاح الدين فى مصر ينتظر الفرصة لتوحيد جبهة المسلمين وما إن تلقى دعوة
أمراء دمشق هب إليها وتسلمها فى ١١٧٤، ثم ضم حمص وحماة وحلب والموصل ووقع
هدنة مع الصليبيين، غير أن أرناط حاكم الكرك نقض الهدنة باستيلائه على قافلة تجارية
للمسلمين متجهة إلى دمشق، وأسر حاميتها ورجالها ونساءها فى حصن الكرك، ولم
يستجب لأى تسويات أو تحذيرات من صلاح الدين، ورد قائلاً: «قولوا لمحمد يخلصكم»
فلم يبق سوى خيار الحرب فاتجه صلاح الدين فى ١١٨٧ إلى حصن الكرك فحاصره ثم
إلى الشوبك ثم بانياس بالقرب من طبرية لمراقبة الموقف.
وكان الصليبيون تحت قيادة ملك بيت المقدس ونجح صلاح الدين فى إرغام الصليبيين
على المسير إليه وهم متعبون فيما أدخر قواه وجهد رجاله وهاجم طبرية، وقرر
الصليبيون الزحف إلى طبرية لضرب صلاح الدين وعانوا الحرارة والعطش ووعورة
الطريق ورابط صلاح الدين غربى طبرية عند قرية حطين، ووصل الصليبيون إلى جبل
طبرية المشرف على سهل حطين فى ٣ من يوليو ١١٨٧، وحال صلاح الدين بين
الصليبيين والماء
كما أشعل المسلمون النار فى الأعشاب التى حملت الريح صهدها إليهم، وفى مثل هذا
اليوم ٤ من يوليو ١١٨٧ اكتشف الصليبيون أن صلاح الدين حاصرهم ليلا وحمل عليهم
نهاراً فلم يبق منهم سوى ملك بيت المقدس و١٥٠ من رجاله وأرناط وسيقوا إلى صلاح
الدين فأمر لهم بالماء فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقّى منه إلى أرناط، فقال
صلاح الدين: «إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذنى فينال أماني» ثم ذكّره بفظائعه
وضرب عنقه إلى أن توج صلاح الدين انتصاراته بتحرير بيت المقدس فى ١٢ أكتوبر
١١٨٧
تلكم قصيدة الشّاعر الياس قنصل يتحدث في أبياتها بالتفصيل عن وقائع المعركة وإرهاصاتها ونتائجها
حطين عودي
جهادُك للأخلاق رمزٌ مجسّم ...................... بآلائهِ مجدُ العروبة ِ يعظمُ
تسامى بها الإنسانُ بعدَ هوانهِ ......................وعزَّ به تاريخهُ المتجهِّمُ
وقابلَ ما فيهِ من النُّبلِ والنَّدى ..............ببطش ٍ من الإفرنجِ يجني ويأثمُ
فكانَ لها العارُ الذي ليس يمَّحي ............. وكان له الفضلُ الذي ليس يهدمُ
جعلتَ شعارَ النَّصر ليناً ورحمةً ................. ولم يكُ فيه من يلينُ ويرحمُ
تخوضُ غمارَ الحروبِ ذوداً عن الحمى ....... ودفعاً لمن يغزو ومن يتهجَّمُ
وغيرُك يصلاها لإرواء ضغنه .............. وأهدافهُ التّدميرُ والسّلبُ والدَّمُ
وتحنو على الأسرى وتأسو جراحهم ........... وتطلقهم إن رُوِّعوا أو تألَّموا
صفاتُ كريم ٍ (عبقريٍّ) حياتُهُ ................. تشرِّفُ جيلاً بالبطولاتِ يعقمُ
شمائلُ من نبعِ الهدى عربيّةٌ ...................... تزولُ الثّريّا وهي للخلدِ موسمُ
*****
لحا اللهُ دعوى ملؤها البغضُ والخنا ........ يروّجها القصد الحقيرُ المذمّمُ
ترامى عليها كلُّ نذلٍ منافقٍ ................ لهُ في مجالِ السّوءِ قسطٌ ومغنمُ
وأمسى لها ما تشتهي من ذخيرةٍ.... وأضحى لها الجيشُ الرّهيبُ العرمرمُ
دخائلهمْ بالمكرِ والغشِّ تلتظي .............. وفي بندهم وشمُ الصَّليبِ منمنمُ
وما همّهم عانٍ يناضلُ متعباً ............... ولا راعهم لهفان يشقى ومعدمُ
أغاروا على الإسلامِ أسفل غارةٍ ............وشانوا مجاليهِ وأردوا ودهدموا
ولم يذكروا ما كان منهُ وبأسهُ ............... يسودُ شؤون الخافقين ويحكمُ
على يده ران السَّلامُ على الثَّرى ............. ولم يبقَ فيها من يجورُ ويظلمُ
يكرّمُ عيسى مؤمناً بكتابهِ ........................ ويرفضُ إلا أنْ تبجّلَ مريمُ
يوزّعُ أسباب المساواة في الورى ..........فلا أصل يستعلي ولا جاه ينهمُ
أبى عمر أنْ يستجيبَ لدعوةٍ ........................ يفسّرها الآتي كما يتوهّمُ
فصانَ بها أقداسَ لحدٍ منوّرٍ ...................... يزارُ على مدِّ الدُّهورِ ويُلثمُ
ولو شاءَ حالتْ بيعةُ القدسِ جامعاً .......... يصلّي على الهادي بها ويسلّمُ
وما كان بدعاً لو أرادَ فللوغى ...................وللفتحِ شرعٌ يستبدّ ويُلزم
حطين عودي
وعادوا وما في عودهم غيرُ خاطرٍ ........... من الثَّأرِ تمليهِ عليهم جهنَّمُ
يذيعون أنَّ العدلَ ما يبتغونه .............. ومنهم محيا العدلِ بالسّخرِ يُلطمُ
تولّوا مقاليدَ البلاد فلم يعد ................ سوى الفقر في طولِ البلادِ يُخيّمُ
فأنّى رأيت الرّشد فهو مصدَّعٌ ............. وأنَّى شهدت الحبّ فهو مهشَّمُ
مهمّتهم أن يسرقوا ما يروقهمْ ................. وليسَ لهم دينٌ يردُّ ويعصمُ
تروجُ الرّشى عبرالسّعاياتِ بينهمْ ................فتلك وهذي للسّيادةِ سلَّمُ
حبالُ الأذى منصوبةٌ في رحابها............... تهدّدُ من يجري ومنْ يتقدَّمُ
وجادوا بمعسولِ الوعودِ وجيشهمْ ............. يكابدُ أهوالَ العذابِ ويُهزمُ
فسنَّدهمْ من عزمنا كلّ فيلقٍ ................ بهِ كلُّ حرٍّ في الكريهةِ ضيغمُ
وتمَّ لهم فوزٌ أثارَ غرورهم ................... فعمَّت مخازيهم ولم يتكتَّموا
وخانوا بلاداً من حضارتها استقوا ....... فحاقَ بها ليلٌ من اليأسِ مظلمُ
وجرّوا إلى القدسِ الحزينةِ طغمةً .........بها الإثمُ يحيا والدّعارة تضخمُ
تجدّد فيها "خيبر" موبقاتها .................... فيكرهُ مأتاها النَّبيُّ المكرَّمُ
وتصلبُ عهد الله في كلِّ موقفٍ ......... فيمقتُ عيسى زورَها وهو يألمُ
تدنّس بالتّفظيع والفحش طهرها ............... محلّلة في ساحها ما يُحرّمُ
*******
عجبتُ لدنيا تدّعي أنّها ارتقت ....... وأصبحَ فيها العدلُ يقضي ويفحمُ
تشاهدُ قوماً تستباحُ ديارهم ...............وتمنع من ورد الحياة وتحرمُ
وتحتلّها من قمة النّاسِ عصبةٌ .................تشرّدُ أهليها وتعدو وتلؤمُ
وتسكتُ عمّا نابهم وكأنّها ....................وليسَ لها عينٌ وليسَ لها فمُ
ويشغلها عنهم بروزُ مصارع ٍ ...............تصفّقُ إعجاباً به حين يلكمُ
وأعجبُ من هذا السّكوتِ تعاونٌ .................بهِ فتكات الاعتداءِ تعمّمُ
تهالُ على الأوباشِ قبل احتياجهم ............. ملايين في آلافها لا تقوّمُ
فإنْ طلبَ الأبرارُ تأييدَ سعيهم .............. فما ثمّ أسماعٌ ولا ثمّ درهمُ
فأينَ دعاةُ السّلمِ -والحيفُ جذوةٌ .........بها الحقدُ يغلي والوغى تتأزّمُ ؟
وأينَ قلوبُ الجازعينَ لقاتلٍ ................. يدانُ على ما قد جناهُ ويُعدمُ؟
وأينَ جهودُ الرّافعينَ على النّهى ............. مبادئ لا تهوي ولا تتثلّمُ ؟
وكيفَ يطيقُ الظّلمَ في النّاسِ شاعرٌ ......وما للذي اعتادَ الخطابة أبكمُ؟
وهل تستوي للأتقياءِ مسرَّةٌ ........ وفي القدسِ من غيّ الأراذلِ مأتمُ ؟
إذا أنتَ لم تنصرْ بريئاً مجرّحاً ............فإنّكَ والجاني بصمتك توأمُ
حطين عودي
خبرتَ صلاحَ الدّين فادحَ مينهم ...... .وأدركتَ ما راموهُ يومَ تلملموا
وحذَّرتهم قبلَ الصِّدامِ منبّهاً............. بأنّ اتّباعَ البطلِ خسرٌ مسخّمُ
فلم يرجعوا عن غدرهم وافتئاتهم ...ولم ينثنوا عمّا أرادوا وصمّموا
وما كنتَ تنوي طردهم عن دخيلة ٍ ........ تثورُ على ما بيّتوهُ وتنقمُ
ولكنّ أرضاً أنجبتكَ تودّها .............ورايتها في غاية السّلم تُسهمُ
ولكنّ ديناً بالتّسامح طافحاً ...............ترومُ لهُ نصراً من الله يُلهمُ
ولكنّ قوماً أنتَ حامي ذمارهم ........... يهمّكَ إبعادُ الكوارثِ عنهمُ
وقابلتهم باللطفِ تطلبُ ردعهم ........فلم يسمعوا نصحاً ولم يتفهّموا
فلم يبقَ إلا أن تسلَّ مهنّداً ...............تخافُ المنايا وقعهُ حينَ يقحمُ
*****
ويمرضُ "ريكاردو" ويعضلُ داؤهُ ...... ويعيا أطبّاءٌ ويعجزُ بلسمُ
فتنجدهُ بالثّلج وهو دواؤهُ ...................فتهدأُ حمّاهُ ويخبو التّسمّمُ
ولم يكُ سهلاً لو أحبّ نواله ......... فجيشُكَ عند الطّودِ والطّودُ يجثمُ
*****
وتأمرُ بالإقلاعِ عن ضربِ فاجرٍ ..... تترّسَ في حصنٍ يكادُ يُحطَّمُ
يعاهدُ حيناً ثمَّ ينقضُ عهدهُ ............... ويشرعُ في تنفيذهِ ثمَّ يندمُ
ويفترصُ الليل البهيم لغزوهِ ......... ويقطعُ دربَ الأبرياءِ ويغشمُ
ويسألُكَ الأصحابُ عن سرِّ هدنةٍ ......تناسبُ ما شاءَ الدّنيُّ وتدعمُ
فتخبرهم أنَّ ابنهُ حانَ عرسهُ ............ وأنَّ احتفالاً بالزّفافِ يُنظَّمُ
ولا تبتغي تعكيرَ ما في اجتماعهم ....وإن بالغوا في هزلهم وتهكّموا
*****
وهذا أسيرٌ منزوٍ عن رفاقهِ .................... يمدُّ يديهِ للسَّما ويتمتمُ
ويعجبكَ الإيمانُ يلبثُ نيِّراً ................ ووجهُ الرّزايا حولهُ متحدَّمُ
فتدخلهُ من باحةِ الجيشِ خيمةٌ ..................يتابعُ فيها حمدهُ ويتمتمُ
وتصدرُ حكماً بالوقارِ مفخّماً .......... يزينهُ الصّدقُ الذي هو أفخمُ
وتأتيكَ أمٌّ طفلها كانَ ضائعاً .................... ووالدهُ في قيدهِ يتبرَّمُ
يوالي سبابَ المسلمينَ بغلظةٍ .......... ويدعو لهم بالانكسارِ ويشتمُ
فتطلقهُ كرمى لدمعةِ زوجهِ ......... وتسمحُ عنهُ وهو ما زالَ يرجمُ
وترجعُ أمُّ الطّفلِ وهو محمّلٌ ......... هدايا بها يكسى زماناً ويطعمُ
حطين عودي
وكم لك من نعمى أضاعَ بيانها ....أخو غرضٍ في نفسهِ الحقدُ يعرمُ
ولم يعرفِ الإيثارُ مثلك سيّداً .......ولم يفِ بعضاً من صفاتك مرقمُ
وحطّينُ ؟ ما حطّينُ غير شهادةٍ .....بها دورةٌ من مطمعِ الغربِ تُختمُ
تساقطُ فيها ما بنتهُ قرائحٌ ........................مباذلُها في أمرها تتحكَّمُ
وسارت جيوشُ الحقِّ يجبهُ حزمها ........ جماحَ بغاةٍ إفكهمْ ليسَ يلجمُ
فإمّا جلاءٌ ينتفي الجورُ بعدهُ ...............وتبلى الدّنايا والمظالمُ تُحسَمُ
وإمّا جهادٌ يحملِ الشَّعبُ عبأهُ ................... مواقعهُ الغرَّاءُ لا تتصرَّمُ
وقلت لهم والكبرياءُ تهزّهم ..........وأغنى صليلُ السَّيفِ عمّن يترجمُ
هنا الحدُّ عصرٌ من الظّلمِ أسود ............. ويبدأُ عصرٌ بالسّيادةِ مفعمُ
*******
وكيفَ يصدّ العربَ جيشٌ مروّع ...يُحثُّ على خوضِ الوغى وهو مرغمُ ؟
وكيفَ ينالُ النَّصرَ في الحربِ قادةٌ ............. بوادرهم عن لؤمهم تتكلَّمُ ؟
وسوَّرتهم بالنَّارِ من جنباتهم ................. فأرهقهم غلّ من الغلِّ محكمُ
وشاءَ حنانُ اللهِ أن يسعفَ التّقى ......... ويفند بالبرهانِ ما الكفرُ يزعمُ
فصبّ عليهم شمسه وهي نعمةٌ .............فكانت جحيماً نارها تتضرَّمُ
وولّى الطّغاةُ الشّامخاتُ أنوفهم ......... وسيماؤهم بالخوفِ تندى وتقتمُ
وأجرأهم في حومةِ الحربِ أرنبٌ .........وأطهرهم في حلبةِ الدسّ أرقمُ
وقيدُ الملوكِ الطّامعون بدولةٍ .................دساكرها تلقى العناءَ لينعموا
وقابلتهم بالرَّحب رغمَ اندحارهم ............. وقلبكَ غفّارٌ ووجهُكَ يبسمُ
وحاسنتهن حتى اطمأنوا وأمّنوا .......... وما قدروا ما شاهدوا فتلعثموا
وحلّوا ضيوفاً لا أسارى وعوملوا ...... بلطفٍ تناسى غابر الحقد منهمُ
********
وكيفَ تلاقي اليومَ أمّةُ يعربٍ .......وفي كأسها من موردِ الحيفِ علقمُ
يحاصرُها الأعداءُ من كلِّ مطرحٍ ........ ويجنون من خيراتها ما تُقدمُ
تجرّبُ فيها النّائباتُ سهامها ............فتضنى بأعراضِ الكلالِ وتسقمُ
وتعرضُ عن دفعِ الأذاةِ تهاوناً .......... وتركضُ حيناً ثم تحبو وتحجمُ
وأصعبُ من تلكَ الكوارثِ أنّها .............على بعضها من ذاتها تتقسّمُ
*******
ولكنَّ في آمالنا ما نجلّهُ .................. شبابٌ لهُ يعنو القضا حينَ يعزمُ
لنا الأمسُ وهو الهدي والنّبلُ والنّدى ....... وكلّ صنيعٍ بالشّهامةِ يوسمُ
سنبني على أساسِ ميراثهِ غداً .............بروعتهِ الأجيالُ هيهات تحلمُ
*******
نناديكِ يا حطّينُ عودي فإنّنا ..............نعاني من الأحداثِ ما اللهُ يعلمُ
حطين عودي
هو الناصر أبوالمظفر يوسف بن أيوب،ولد في ١١٣٨، وتوفي فى ١١٩٣، مؤسس
الدولة الأيوبية فى مصر والشام، قضى طفولته فى دمشق وشبابه فى بلاط الملك العادل
نور الدين محمود بن زنكى ملك دمشق، وقد أرسله إلى مصر مع عمه أسد الدين
شيركوه، وبعد موت عمه شيركوه وزير الخليفة العاضد فرض نفسه وزيراً، ولما مات
العاضد فى ١١٧١ نادى صلاح بالمستضىء العباسي خليفة، لتنتهى بذلك الخلافة
الفاطمية وصار صلاح الدين ممثلاً لنورالدين فى مصر فلما توفي نورالدين شب نزاع
بين الأمراء
وكان صلاح الدين فى مصر ينتظر الفرصة لتوحيد جبهة المسلمين وما إن تلقى دعوة
أمراء دمشق هب إليها وتسلمها فى ١١٧٤، ثم ضم حمص وحماة وحلب والموصل ووقع
هدنة مع الصليبيين، غير أن أرناط حاكم الكرك نقض الهدنة باستيلائه على قافلة تجارية
للمسلمين متجهة إلى دمشق، وأسر حاميتها ورجالها ونساءها فى حصن الكرك، ولم
يستجب لأى تسويات أو تحذيرات من صلاح الدين، ورد قائلاً: «قولوا لمحمد يخلصكم»
فلم يبق سوى خيار الحرب فاتجه صلاح الدين فى ١١٨٧ إلى حصن الكرك فحاصره ثم
إلى الشوبك ثم بانياس بالقرب من طبرية لمراقبة الموقف.
وكان الصليبيون تحت قيادة ملك بيت المقدس ونجح صلاح الدين فى إرغام الصليبيين
على المسير إليه وهم متعبون فيما أدخر قواه وجهد رجاله وهاجم طبرية، وقرر
الصليبيون الزحف إلى طبرية لضرب صلاح الدين وعانوا الحرارة والعطش ووعورة
الطريق ورابط صلاح الدين غربى طبرية عند قرية حطين، ووصل الصليبيون إلى جبل
طبرية المشرف على سهل حطين فى ٣ من يوليو ١١٨٧، وحال صلاح الدين بين
الصليبيين والماء
كما أشعل المسلمون النار فى الأعشاب التى حملت الريح صهدها إليهم، وفى مثل هذا
اليوم ٤ من يوليو ١١٨٧ اكتشف الصليبيون أن صلاح الدين حاصرهم ليلا وحمل عليهم
نهاراً فلم يبق منهم سوى ملك بيت المقدس و١٥٠ من رجاله وأرناط وسيقوا إلى صلاح
الدين فأمر لهم بالماء فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقّى منه إلى أرناط، فقال
صلاح الدين: «إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذنى فينال أماني» ثم ذكّره بفظائعه
وضرب عنقه إلى أن توج صلاح الدين انتصاراته بتحرير بيت المقدس فى ١٢ أكتوبر
١١٨٧
تلكم قصيدة الشّاعر الياس قنصل يتحدث في أبياتها بالتفصيل عن وقائع المعركة وإرهاصاتها ونتائجها
حطين عودي
جهادُك للأخلاق رمزٌ مجسّم ...................... بآلائهِ مجدُ العروبة ِ يعظمُ
تسامى بها الإنسانُ بعدَ هوانهِ ......................وعزَّ به تاريخهُ المتجهِّمُ
وقابلَ ما فيهِ من النُّبلِ والنَّدى ..............ببطش ٍ من الإفرنجِ يجني ويأثمُ
فكانَ لها العارُ الذي ليس يمَّحي ............. وكان له الفضلُ الذي ليس يهدمُ
جعلتَ شعارَ النَّصر ليناً ورحمةً ................. ولم يكُ فيه من يلينُ ويرحمُ
تخوضُ غمارَ الحروبِ ذوداً عن الحمى ....... ودفعاً لمن يغزو ومن يتهجَّمُ
وغيرُك يصلاها لإرواء ضغنه .............. وأهدافهُ التّدميرُ والسّلبُ والدَّمُ
وتحنو على الأسرى وتأسو جراحهم ........... وتطلقهم إن رُوِّعوا أو تألَّموا
صفاتُ كريم ٍ (عبقريٍّ) حياتُهُ ................. تشرِّفُ جيلاً بالبطولاتِ يعقمُ
شمائلُ من نبعِ الهدى عربيّةٌ ...................... تزولُ الثّريّا وهي للخلدِ موسمُ
*****
لحا اللهُ دعوى ملؤها البغضُ والخنا ........ يروّجها القصد الحقيرُ المذمّمُ
ترامى عليها كلُّ نذلٍ منافقٍ ................ لهُ في مجالِ السّوءِ قسطٌ ومغنمُ
وأمسى لها ما تشتهي من ذخيرةٍ.... وأضحى لها الجيشُ الرّهيبُ العرمرمُ
دخائلهمْ بالمكرِ والغشِّ تلتظي .............. وفي بندهم وشمُ الصَّليبِ منمنمُ
وما همّهم عانٍ يناضلُ متعباً ............... ولا راعهم لهفان يشقى ومعدمُ
أغاروا على الإسلامِ أسفل غارةٍ ............وشانوا مجاليهِ وأردوا ودهدموا
ولم يذكروا ما كان منهُ وبأسهُ ............... يسودُ شؤون الخافقين ويحكمُ
على يده ران السَّلامُ على الثَّرى ............. ولم يبقَ فيها من يجورُ ويظلمُ
يكرّمُ عيسى مؤمناً بكتابهِ ........................ ويرفضُ إلا أنْ تبجّلَ مريمُ
يوزّعُ أسباب المساواة في الورى ..........فلا أصل يستعلي ولا جاه ينهمُ
أبى عمر أنْ يستجيبَ لدعوةٍ ........................ يفسّرها الآتي كما يتوهّمُ
فصانَ بها أقداسَ لحدٍ منوّرٍ ...................... يزارُ على مدِّ الدُّهورِ ويُلثمُ
ولو شاءَ حالتْ بيعةُ القدسِ جامعاً .......... يصلّي على الهادي بها ويسلّمُ
وما كان بدعاً لو أرادَ فللوغى ...................وللفتحِ شرعٌ يستبدّ ويُلزم
حطين عودي
وعادوا وما في عودهم غيرُ خاطرٍ ........... من الثَّأرِ تمليهِ عليهم جهنَّمُ
يذيعون أنَّ العدلَ ما يبتغونه .............. ومنهم محيا العدلِ بالسّخرِ يُلطمُ
تولّوا مقاليدَ البلاد فلم يعد ................ سوى الفقر في طولِ البلادِ يُخيّمُ
فأنّى رأيت الرّشد فهو مصدَّعٌ ............. وأنَّى شهدت الحبّ فهو مهشَّمُ
مهمّتهم أن يسرقوا ما يروقهمْ ................. وليسَ لهم دينٌ يردُّ ويعصمُ
تروجُ الرّشى عبرالسّعاياتِ بينهمْ ................فتلك وهذي للسّيادةِ سلَّمُ
حبالُ الأذى منصوبةٌ في رحابها............... تهدّدُ من يجري ومنْ يتقدَّمُ
وجادوا بمعسولِ الوعودِ وجيشهمْ ............. يكابدُ أهوالَ العذابِ ويُهزمُ
فسنَّدهمْ من عزمنا كلّ فيلقٍ ................ بهِ كلُّ حرٍّ في الكريهةِ ضيغمُ
وتمَّ لهم فوزٌ أثارَ غرورهم ................... فعمَّت مخازيهم ولم يتكتَّموا
وخانوا بلاداً من حضارتها استقوا ....... فحاقَ بها ليلٌ من اليأسِ مظلمُ
وجرّوا إلى القدسِ الحزينةِ طغمةً .........بها الإثمُ يحيا والدّعارة تضخمُ
تجدّد فيها "خيبر" موبقاتها .................... فيكرهُ مأتاها النَّبيُّ المكرَّمُ
وتصلبُ عهد الله في كلِّ موقفٍ ......... فيمقتُ عيسى زورَها وهو يألمُ
تدنّس بالتّفظيع والفحش طهرها ............... محلّلة في ساحها ما يُحرّمُ
*******
عجبتُ لدنيا تدّعي أنّها ارتقت ....... وأصبحَ فيها العدلُ يقضي ويفحمُ
تشاهدُ قوماً تستباحُ ديارهم ...............وتمنع من ورد الحياة وتحرمُ
وتحتلّها من قمة النّاسِ عصبةٌ .................تشرّدُ أهليها وتعدو وتلؤمُ
وتسكتُ عمّا نابهم وكأنّها ....................وليسَ لها عينٌ وليسَ لها فمُ
ويشغلها عنهم بروزُ مصارع ٍ ...............تصفّقُ إعجاباً به حين يلكمُ
وأعجبُ من هذا السّكوتِ تعاونٌ .................بهِ فتكات الاعتداءِ تعمّمُ
تهالُ على الأوباشِ قبل احتياجهم ............. ملايين في آلافها لا تقوّمُ
فإنْ طلبَ الأبرارُ تأييدَ سعيهم .............. فما ثمّ أسماعٌ ولا ثمّ درهمُ
فأينَ دعاةُ السّلمِ -والحيفُ جذوةٌ .........بها الحقدُ يغلي والوغى تتأزّمُ ؟
وأينَ قلوبُ الجازعينَ لقاتلٍ ................. يدانُ على ما قد جناهُ ويُعدمُ؟
وأينَ جهودُ الرّافعينَ على النّهى ............. مبادئ لا تهوي ولا تتثلّمُ ؟
وكيفَ يطيقُ الظّلمَ في النّاسِ شاعرٌ ......وما للذي اعتادَ الخطابة أبكمُ؟
وهل تستوي للأتقياءِ مسرَّةٌ ........ وفي القدسِ من غيّ الأراذلِ مأتمُ ؟
إذا أنتَ لم تنصرْ بريئاً مجرّحاً ............فإنّكَ والجاني بصمتك توأمُ
حطين عودي
خبرتَ صلاحَ الدّين فادحَ مينهم ...... .وأدركتَ ما راموهُ يومَ تلملموا
وحذَّرتهم قبلَ الصِّدامِ منبّهاً............. بأنّ اتّباعَ البطلِ خسرٌ مسخّمُ
فلم يرجعوا عن غدرهم وافتئاتهم ...ولم ينثنوا عمّا أرادوا وصمّموا
وما كنتَ تنوي طردهم عن دخيلة ٍ ........ تثورُ على ما بيّتوهُ وتنقمُ
ولكنّ أرضاً أنجبتكَ تودّها .............ورايتها في غاية السّلم تُسهمُ
ولكنّ ديناً بالتّسامح طافحاً ...............ترومُ لهُ نصراً من الله يُلهمُ
ولكنّ قوماً أنتَ حامي ذمارهم ........... يهمّكَ إبعادُ الكوارثِ عنهمُ
وقابلتهم باللطفِ تطلبُ ردعهم ........فلم يسمعوا نصحاً ولم يتفهّموا
فلم يبقَ إلا أن تسلَّ مهنّداً ...............تخافُ المنايا وقعهُ حينَ يقحمُ
*****
ويمرضُ "ريكاردو" ويعضلُ داؤهُ ...... ويعيا أطبّاءٌ ويعجزُ بلسمُ
فتنجدهُ بالثّلج وهو دواؤهُ ...................فتهدأُ حمّاهُ ويخبو التّسمّمُ
ولم يكُ سهلاً لو أحبّ نواله ......... فجيشُكَ عند الطّودِ والطّودُ يجثمُ
*****
وتأمرُ بالإقلاعِ عن ضربِ فاجرٍ ..... تترّسَ في حصنٍ يكادُ يُحطَّمُ
يعاهدُ حيناً ثمَّ ينقضُ عهدهُ ............... ويشرعُ في تنفيذهِ ثمَّ يندمُ
ويفترصُ الليل البهيم لغزوهِ ......... ويقطعُ دربَ الأبرياءِ ويغشمُ
ويسألُكَ الأصحابُ عن سرِّ هدنةٍ ......تناسبُ ما شاءَ الدّنيُّ وتدعمُ
فتخبرهم أنَّ ابنهُ حانَ عرسهُ ............ وأنَّ احتفالاً بالزّفافِ يُنظَّمُ
ولا تبتغي تعكيرَ ما في اجتماعهم ....وإن بالغوا في هزلهم وتهكّموا
*****
وهذا أسيرٌ منزوٍ عن رفاقهِ .................... يمدُّ يديهِ للسَّما ويتمتمُ
ويعجبكَ الإيمانُ يلبثُ نيِّراً ................ ووجهُ الرّزايا حولهُ متحدَّمُ
فتدخلهُ من باحةِ الجيشِ خيمةٌ ..................يتابعُ فيها حمدهُ ويتمتمُ
وتصدرُ حكماً بالوقارِ مفخّماً .......... يزينهُ الصّدقُ الذي هو أفخمُ
وتأتيكَ أمٌّ طفلها كانَ ضائعاً .................... ووالدهُ في قيدهِ يتبرَّمُ
يوالي سبابَ المسلمينَ بغلظةٍ .......... ويدعو لهم بالانكسارِ ويشتمُ
فتطلقهُ كرمى لدمعةِ زوجهِ ......... وتسمحُ عنهُ وهو ما زالَ يرجمُ
وترجعُ أمُّ الطّفلِ وهو محمّلٌ ......... هدايا بها يكسى زماناً ويطعمُ
حطين عودي
وكم لك من نعمى أضاعَ بيانها ....أخو غرضٍ في نفسهِ الحقدُ يعرمُ
ولم يعرفِ الإيثارُ مثلك سيّداً .......ولم يفِ بعضاً من صفاتك مرقمُ
وحطّينُ ؟ ما حطّينُ غير شهادةٍ .....بها دورةٌ من مطمعِ الغربِ تُختمُ
تساقطُ فيها ما بنتهُ قرائحٌ ........................مباذلُها في أمرها تتحكَّمُ
وسارت جيوشُ الحقِّ يجبهُ حزمها ........ جماحَ بغاةٍ إفكهمْ ليسَ يلجمُ
فإمّا جلاءٌ ينتفي الجورُ بعدهُ ...............وتبلى الدّنايا والمظالمُ تُحسَمُ
وإمّا جهادٌ يحملِ الشَّعبُ عبأهُ ................... مواقعهُ الغرَّاءُ لا تتصرَّمُ
وقلت لهم والكبرياءُ تهزّهم ..........وأغنى صليلُ السَّيفِ عمّن يترجمُ
هنا الحدُّ عصرٌ من الظّلمِ أسود ............. ويبدأُ عصرٌ بالسّيادةِ مفعمُ
*******
وكيفَ يصدّ العربَ جيشٌ مروّع ...يُحثُّ على خوضِ الوغى وهو مرغمُ ؟
وكيفَ ينالُ النَّصرَ في الحربِ قادةٌ ............. بوادرهم عن لؤمهم تتكلَّمُ ؟
وسوَّرتهم بالنَّارِ من جنباتهم ................. فأرهقهم غلّ من الغلِّ محكمُ
وشاءَ حنانُ اللهِ أن يسعفَ التّقى ......... ويفند بالبرهانِ ما الكفرُ يزعمُ
فصبّ عليهم شمسه وهي نعمةٌ .............فكانت جحيماً نارها تتضرَّمُ
وولّى الطّغاةُ الشّامخاتُ أنوفهم ......... وسيماؤهم بالخوفِ تندى وتقتمُ
وأجرأهم في حومةِ الحربِ أرنبٌ .........وأطهرهم في حلبةِ الدسّ أرقمُ
وقيدُ الملوكِ الطّامعون بدولةٍ .................دساكرها تلقى العناءَ لينعموا
وقابلتهم بالرَّحب رغمَ اندحارهم ............. وقلبكَ غفّارٌ ووجهُكَ يبسمُ
وحاسنتهن حتى اطمأنوا وأمّنوا .......... وما قدروا ما شاهدوا فتلعثموا
وحلّوا ضيوفاً لا أسارى وعوملوا ...... بلطفٍ تناسى غابر الحقد منهمُ
********
وكيفَ تلاقي اليومَ أمّةُ يعربٍ .......وفي كأسها من موردِ الحيفِ علقمُ
يحاصرُها الأعداءُ من كلِّ مطرحٍ ........ ويجنون من خيراتها ما تُقدمُ
تجرّبُ فيها النّائباتُ سهامها ............فتضنى بأعراضِ الكلالِ وتسقمُ
وتعرضُ عن دفعِ الأذاةِ تهاوناً .......... وتركضُ حيناً ثم تحبو وتحجمُ
وأصعبُ من تلكَ الكوارثِ أنّها .............على بعضها من ذاتها تتقسّمُ
*******
ولكنَّ في آمالنا ما نجلّهُ .................. شبابٌ لهُ يعنو القضا حينَ يعزمُ
لنا الأمسُ وهو الهدي والنّبلُ والنّدى ....... وكلّ صنيعٍ بالشّهامةِ يوسمُ
سنبني على أساسِ ميراثهِ غداً .............بروعتهِ الأجيالُ هيهات تحلمُ
*******
نناديكِ يا حطّينُ عودي فإنّنا ..............نعاني من الأحداثِ ما اللهُ يعلمُ
حطين عودي
علاء العطار- عدد المساهمات : 82
تاريخ التسجيل : 05/04/2012
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى