كيف أتوب ؟ 0000000000
صفحة 1 من اصل 1
كيف أتوب ؟ 0000000000
كيف أتوب ؟
الحمد لله غافر الذنب، و قابل التوب ، شديد العقاب، الفاتح للمستغفرين الأبواب، والميسر للتائبين الأسباب،
أكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها فضلاً عن القيام بها علماً وعملاً.
وإذا عرفوا قدرها فهم لا يعرفون الطريق إليها،
وإذا عرفوا الطريق فهم لا يعرفون كيف يبدءون؟
كلنا ذوو خطأ
كلنا مذنبون .. كلنا مخطئون ..
نقبل على الله تارة وندبر أخرى،
نراقب الله مرة، وتسيطر علينا الغفلة أخرى،
لا نخلو من المعصية ، ولا بد أن يقع منا الخطأ :
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ "
رواه الترمذي
والسهو والتقصير من طبع الإنسان،
ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أن يفتح له باب التوبة، وأمره بالإنابة إليه، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي ..
ولولا ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته.
أين طريق النجاة ؟
قد يقول أحدنا : إني أطلب السعادة لنفسي، وأروم النجاة ، وأرجو المغفرة،
ولكني أجهل الطريق إليها، ولا أعرف كيف ابدأ؟
فأنا كالغريق يريد من يأخذ بيده، وكالتائه يتلمس الطريق وينتظر العون، وأريد بصيصاً من أمل، وشعاعاً من نور.
ولكن أين الطريق ؟
والطريق واضح كالشمس، ظاهر كالقمر، واحد لا ثاني له .. إنه طريق التوبة .. طريق النجاة، طريق الفلاح ..
طريق سهل ميسور، مفتوح أمامنا في كل لحظة، ما علينا إلا أن نطرقه ، وسنجد الجواب :
"وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى"
طه 82
بل إن الله تعالى دعا عباده جميعاً مؤمنهم وكافرهم الى التوبة،
وأخبر أنه سبحانه يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها مهما كثرت، ومهما عظمت، وإن كانت مثل زبد البحر، فقال سبحانه :
" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ . إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
الزمر 53
ولكن .. ما التوبة ؟
هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً..
هي اسم جامع لشرائع الإسلام وحقائق الإيمان..
هي الهداية الواقية من اليأس والقنوط،
هي الينبوع الفياض لكل خير وسعادة في الدنيا والآخرة ...
هي ملاك الأمر ، ومبعث الحياة، ومناط الفلاح ...
هي أول المنازل وأوسطها وآخرها ...
هي بداية العبد ونهايته ...
هي ترك الذنب مخافة الله، واستشعار قبحه، والندم على فعله، والعزيمة على عدم العودة إليه إذا قدر عليه ...
وهي شعور بالندم على ما وقع، وتوجه إلى الله فيما بقي، وكف عن الذنب.
لماذا نتوب ؟
قد نتساءل : لماذا أترك السيجارة و أنا أجد فيها متعتي؟
لماذا أدع مشاهدة الأفلام الخليعة وفيها راحتي؟
ولماذا أتمنع عن المعاكسات الهاتفية وفيها بغيتي؟
ولماذا أتخلى عن النظر الى النساء وفيه سعادتي؟
لماذا أتقيد بالصلاة والصيام وأنا لا أحب التقييد والارتباط؟ ...
ولماذا ولماذا ..
أليس ينبغي على الإنسان فعل ما يسعده ويريحه ويجد فيه سعادته؟
فالذي يسعدني هو ما تسميه معصية .. فلِمَ أتوب ؟
لماذا التوبة ؟
1- طاعة لأمر ربك سبحانه وتعالى، فهو الذي أمرك بها فقال:
" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا "
التحريم 8
وأمر الله ينبغي أن يقابل بالامتثال والطاعة.
2- سبب لفلاحك في الدنيا و الآخرة، قال تعالى:
" وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "
النور 31
فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يتلذذ، ولا يسر ولا يطمئن ؛ ولا يطيب ؛ إلا بعبادة ربه والإنابة إليه والتوبة إليه .
3- سبب لمحبة الله تعالى لك ، قال تعالى:
" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ "
البقرة 222
وهل هناك سعادة يمكن أن يشعر بها إنسان بعد معرفته أن خالقه ومولاه يحبه إذا تاب إليه ؟
4- سبب لدخولك الجنة ونجاتك من النار ، قال تعالى:
"فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (٦٠)"
مريم
وهل هناك مطلب للإنسان يسعى من أجله إلا الجنة ؟
5- سبب لنزول البركات من السماء وزيادة القوة والإمداد بالأموال والبنين ، قال تعالى:
"وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ"
هود 25
وقال :
"فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهارًا (12)"
نوح
6- سبب لتكفير سيئاتك وتبدلها الى حسنات ، قال تعالى:
" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
التحريم 8
وقال سبحانه :
" إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً "
الفرقان 70
ألا تستحق تلك الفضائل وغيرها كثير أن تتوب من أجلها ؟
لماذا تبخل على نفسك بما فيه سعادتك ؟
لماذا تظلم نفسك بمعصية الله وتحرمها من الفوز برضاه ؟
جدير بك أن تبادر الى ما هذا فضله وتلك ثمرته.
قدّم لنفسك توبة مرجــــوة ... قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها غُلق النفوس فإنها ... ذخر وغنم للمنيب المحـــــــسن
كيف أتوب ؟
كأني بك تقول : إن نفسي تريد الرجوع إلى خالقها ، تريد الأوبة إلى فاطرها،
لقد أيقنت أن السعادة ليست في اتباع الشهوات والسير وراء الملذات، واقتراف صنوف المحرمات ..
ولكنها مع هذا لا تعرف كيف تتوب؟ ولا من أين تبدأ ؟
إن الله تعالى إذا أراد بعبده خيراً يسر له الأسباب التي تأخذ بيده إليه وتعينه عليه ،
وها هي بعض الأمور التي تعين على التوبة وتساعد عليها :
1- أصدق النية وأخلص التوبة :
فإن العبد إذا أخلص لربه وصدق في طلب التوبة أعانه الله وأمده بالقوة، وصرف عنه الآفات التي تعترض طريقه وتصده عن التوب..
ومن لم يكن مخلصاً لله استولت على قلبه الشياطين ، وصار فيه من السوء والفحشاء ما لا يعلمه إلا الله،
ولهذا قال تعالى عن يوسف عليه السلام :
" كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ "
يوسف 24
2- حاسب نفسك :
فإن محاسبة النفس تدفع إلى المبادرة إلى الخير، وتعين على البعد عن الشر، وتساعد على تدارك ما فات،
وهي منزلة تجعل العبد يميز بين ما له وما عليه، وتعين العبد على التوبة، وتحافظ عليها بعد وقوعها.
3- ذكّر نفسك وعظها وعاتبها وخوّفها:
قل لها: يا نفس توبي قبل أن تموتي ؛ فإن الموت يأتي بغتة، وذكّرها بموت فلان وفلان ..
أما تعلمين أن الموت موعدك ؟! والقبر بيتك ؟ والتراب فراشك ؟ والدود أنيسك ؟ ...
أما تخافين أن يأتيك ملك الموت وأنت على المعصية قائمة ؟
هل ينفعك ساعتها الندم ؟
وهل يُقبل منك البكاء والحزن ؟
ويحك يا نفس تعرضين عن الآخرة وهي مقبلة عليك ، وتقبلين على الدنيا وهي معرضة عنك ..
وهكذا تظل توبخ نفسك وتعاتبها وتذكرها حتى تخاف من الله فتئوب إليه وتتوب .
4- اعزل نفسك عن مواطن المعصية :
فترك المكان الذي كنت تعصي الله فيه مما يعينك على التوبة ،
فإن الرجل الذي قتل تسعة وتسعون نفساً قال له العالم:
{ إن قومك قوم سوء، وإن في أرض الله كذا وكذا قوماً يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله معهم }.
5- ابتعد عن رفقة السوء :
فإن طبعك يسرق منهم، واعلم أنهم لن يتركوك وخصوصاً أن من ورائهم الشياطين تؤزهم الى المعاصي أزاً، وتدفعهم دفعاً، وتسوقهم سوقاً ..
فغيّر رقم هاتفك، وغيّر عنوان منزلك إن استطعت، وغيّر الطريق الذي كنت تمر منه ...
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :
{ الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ }
أبو داود والترمذي
6- تدبّر عواقب الذنوب :
فإن العبد إذا علم أن المعاصي قبيحة العواقب سيئة المنتهى ،
وأن الجزاء بالمرصاد دعاه ذلك إلى ترك الذنوب بداية ،
والتوبة إلى الله إن كان اقترف شيئاً منها.
7- أَرِها الجنة والنار :
ذكّرها بعظمة الجنة، وما أعد الله فيها لمن أطاعه واتقاه، وخوّفها بالنار وما أعد الله فيها لمن عصاه.
8- أشغلها بما ينفع وجنّبها الوحدة والفراغ :
فإن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ، والفراغ يؤدي إلى الانحراف والشذوذ والإدمان، ويقود إلى رفقة السوء.
9- خلف هواك :
فليس أخطر على العبد من هواه ، ولهذا قال الله تعالى :
" أَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ "
الفرقان 43
فلا بد لمن أراد توبة نصوحاً أن يحطم في نفسه كل ما يربطه بالماضي الأثيم، ولا ينساق وراء هواه.
10- وهناك أسباب أخرى تعين على التوبة غير ما ذُكر منها :
الدعاء الى الله أن يرزقك توبة نصوحاً ، وذكر الله واستغفاره ،
وقصر الأمل وتذكر الآخرة ، وتدبر القرآن ،
والصبر خاصة في البداية ، إلى غير ذلك من الأمور التي تعينك على التوبة .
تابــع
7
7
7
لَا تَعْجَب بِدُنْيَا أَنْت تَارِكُهَا ..... كَم نَالَهَا مِن مُلُوْك ثُم قَد ذَهَبُوْا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى