الروح والريحان فى قبور أهل الإيمان
صفحة 1 من اصل 1
الروح والريحان فى قبور أهل الإيمان
البشرى الحادية والستون
بشرى الأنس والروح والريحان فى قبور أهل الإيمان
وهى بشرى الروح والريحان ولندخل لنشم الورود والرياحين وعبير سيد المرسلين فلا تخافوا مما يزعمون أو فى القبر يقولون! فإنهم لا يعلمون ولنسمع الحبيب
{أَوَّلُ مَا يبشِّر بِهِ الْمُؤْمِنُ رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ }[1]فأين زعمهم أين وحشة قبور المسلمين طاش ما يدعون الغربة والحزن هذا الكلام لغير المؤمن لأن المؤمن قال فيه الله{وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً}أين يذهب؟يذهب لأهله فالرجل المسافر فى الخارج وسيصبح راجعا إلى أهله وزوجه يكون سعيداً أم حزينا ياأخوانى؟والمؤمن أهله هناك ينتظرونه وعلى رأسهم محمدٌ وحزبه الأحباب قال تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}ويأتى عمله الصالح يؤنسه العمل الصالح فى قبره إلى يوم القيامة وذلك أول أول ما يضعونه فى القبر ويجلس وصف ذلك رسول الله فقال{ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثيَابِ طَيبُ الرَّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكِ، هٰذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَب أَقِمِ السَّاعَةَ، رَب أَقِمِ السَّاعَةَ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي}وهذا الكلام للمؤمن الأقل منزلة أما المؤمنون
الأعلى منزلة فيأتنسون برسول الله لأن هناك مجالس ولكن ليس فيها تكليف وإنما العبادة تلذذ وتفكُّه لحضره الله ويكون معه أهله وأصحابه وأحبابه يذهب إليهم ويأتون إليه ويزورهم ويزورنه إلى ما يشاء الله ومعه حرية حركة لا يحبس فى قبره كما يظن الناس قال عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فى أكثر من حديث{إنَّ أرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ في طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ أو شَجَرِ الْجَنَّةِ}[2]{ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيَقُولانِ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ}[3]فالمؤمن حاله فى {وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ}وحتى تتم بشرى الورود والروح والريحان والأنس فى قبور أهل الإيمان أريد أن أوضح ما يقوله
البعض ليعكروا الصفو أن ضمَّة القبر تعمل كذا فأقول أن الضمَّة التى
تختلف منها الأضلاع وفيها إيذاء تكون لغير المؤمن أما ضمَّة القبر للمؤمن فهى ضمَّة ترحيب مثل الذى يسلم على أخيه وهو آت من سفر بعيد، يضمه ويرحب به ويهنئه بسلامة الوصول ضمَّة لا تعب فيها ولا شدة وأما ما حكى
عن سعد أنه ضمَّ في قبره ضمَّة فعلت به كذا ولو عوفى أحد منها لعوفي منها سعد، فقد حقق الكثير من أهل الحديث أنه لا يعتدُّ بتلك الرواية، بل وأوردها بعضهم فى كتب الموضوعات[4] ولكن حال الهناء والسعادة والسرور والحبور لأهل الإيمان فى القبور فيه روايات محققة مليئة بالفضل والنور كقول النبى{قال:فينادي مناد من السماء أن صدق عبد فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا من الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره}[5]اللهم اجعلنا منهم وبشرنا ببشراهم آمين يارب العالمين وفى أحوال وبشريات البرزح والقبر ونعيمه مئات القصائد نختار قطعاً من بعضها
في حياتي الدنيا أقمني مقاما في الرضا عنك فالرضا مقصودي
في حياتي الأخرى بمقعد صدق أدخلني في مشهد التوحيد
صحبة المصطفى مع الآل فاجعل لي مقام الإحسان فضل المزيد
أعط كل الأولاد والأهل نعمى من عطايا الوهاب فضل الجود
عند موتي هب لي البشائر تترى واقبض الروح مسلمًا في شهود
واجعل القبر روضة من جنان منه أرقى لحظوة المعبود
في جمال في الأنس مقعد صدق عند ذي الفضل والغفور المريد
وصلاة على الحبيب وآل وعلى الصحب اعطني تأييدي
البشرى الثانية والستون
بشرى ولاية الله لأهله من بعده
وكلما تتوالى البشريات يسعد المؤمن بها ويفرح ولكنه وهو فى الدنيا تكون بقلبه غصَّة إذا ذكر أولاده وأهله؟ماذا يفعلون من بعدى وأنا لهم المعين والسند صحيحٌ أن الأمر كله لله ولكنه يريد من الله أن يطمئنه عليهم من بعده وهنا تأتى البشرى الكريمة فالله يبشِّر المؤمن بعد موته بأنه يتولى أهله وأنه تعالى خير لهم منه كما ورد بالحديث الشريف كما يبشره بصلاح ولده من بعده فيقال له لا تخف علي ولدك من ورائك نحن سنصلح شأنه ونتولى أمره وإياك أن تشك فى هذا مادمت من أهل{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً}فالله أرسل نبياً من أولى العزم من الرسل وولياً من الأولياء ليبنيا جداراً كان قد تهدَّم من أجل ذرية الرجل الصالح وكانت هذه الذرية من الجيل السابع وليس الأب المباشر الصالح ولكنهم أحفاد أحفاده إلى سبعة فأرسل الله النبى (موسى) والعبد الصالح (الخضر)عليهما السلام ليبنيا الجدار ويظل الكنز كما هو لا يعرف به أحد من الناس ليستخرج الأبناء الكنز بأنفسهم عندما يكبروا وهذا لم؟ليعرفنا الله أن العمل الصالح لا يبقى للولد فقط ولكن لولد
الولد ويزيد إلى ما يشاء الله ولذلك فالأنصار عندما أكرموا النبى دعا لهم
{اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار}وفى رواية أخرى قال{اللهم أغفر للأنصار} [6]وهذا لم؟ لأنهم أكرموا النبى فدعا لهم ولذرياتهم ولذا فإن الله يبشِّر العبد الصالح وهو خارج من هذه الدنيا بأنه سيتولى أهله وذريته جميعا ولا يحمل لهم هماً من ناحية الأرزاق أوالعمل الصالح ولذلك بشرنا العلماء العاملون بأن الرجل الصالح لو ابتعد واحد من أولاده قليلاً عن الطريق فسيعود ثانية ببركة صلاح والده ليحظى بحسن الختام إكراماً له ومن بركة البشريات الشرعية الخفية فى تلك الآية ما قاله سيدنا عبد الله بن عباس واسمعوا لقوله وأنظروا أين بلغ فقههم وفهمهم قال فى تفسير الآية{{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً}يعني الرجلَ يَحْضُرُهُ الموتُ فيقالُ لهُ: تَصَدَّقْ من مالِكَ وأَعْتِقْ وأَعْطِ منه في سبيلِ اللَّه فَنُهُوا أَنْ يَأْمُرُوهُ بذلكَ يعني مَن حَضَرَ مِنْكُمْ مريضاً عندَ الموتِ فلا يَأْمُرْهُ أَنْ يُنْفِقَ مالَهُ في العَتْقِ والصَّدَقَةِ وفي سبيلِ الله، ولكِنْ يَأْمُرُهُ أَنْ يُبَيِّنَ مالَهُ وما عليهِ من دَيْنٍ ويُوْصِي من مالهِ لِذِي قَرَابَتِهِ الَّذِيْنَ لا يَرِثُونَ ويُوْصِي لَهُمْ بالخُمُسِ أو الرُّبُعِ يقولُ: أَيَسُرُّ أَحَدُكُمْ إذَا ماتَ ولَهُ ولدٌ ضِعَافٌ يعني صغاراً أَنْ يَتْرُكَهُمْ بغير مالٍ فيكونُوا عِيَالاً على الناسِ، فلا يَنْبَغِي أَنْ تَأْمُرُوهُ بما لا تَرْضَوْنَ بِهِ لأَنْفُسِكُمْ ولأَوْلاَدِكُمْ ولكِنْ قُولُوا الحَقَّ من ذلكَ}[7]أى من ضمن بشريات حفظ الأهل والولد من بعد الموت أن الله يأمر المؤمنين بتذكير أحدهم عند الموت بحقوقهم فلا يجور عليهم ولا يقولون له عليك بالصدقة إلا ما شرع منها فلا يظلم من وراءه من أهله ومن بركة الحفظ أيضاً أن الله أمر المؤمنين بالوصية تكون دائماً مكتوبة ومحفوظة وهم فى حياتهم فلا يحتار من خلفهم فى معرفة ما لهم من حقوق عند أحد و ما عليهم من حقوق نحو أى أحد وقال أحد الصالحين :
يا رب صلي على المختار سيدنا في القبر وسعه لي واجعل به وصلي
كونوا مع الله في أدواركم فعسى أن تمنحوا فضله بالحول والطول
وقبري جمله بنورك والرضا ويوم اللقا آنس بوجهك يا ربي
أيارب أولادي ففرحني بهم بدنياي والأخرى لأسعد بالقرب
ووسع لإخواني العطايا عميمة وعلمًا به الكشف الصريح بلا حجب
البشرى الثالثة والستون
إستمرار أعماله الصالحة
ومن أجلِّ البشريات للمؤمن عند الممات استمرار أعماله الصالحات لأن الرؤوف الرحيم علم من عبده أنه لو أحياه إلى يوم الميقات ما تخلف عن طاعته ولو تقطعت به النياط فجزاه أن كتب له جزاء ما كان يواظب عليه من لدن موته إلى ساعة بعثه أضعافاً مضاعفات فإذا علمنا ذلك ونحن أحياء قبل الفوات أفلا نداوم على أكثر ما يمكن ليكتب لنا حتى يوم العرض والجزاء أين البشرى إذاً أسمع إلى الحديث الذى ورد عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قاله حضره النبى قال{ إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلاَلِ اللَّهِ، التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ. يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ. لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ. تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ، أَوْ لاَ يَزَالَ لَهُ، مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ؟}[8]فعملنا الذى يرفع لنا بعد الموت يكون أضعاف أضعاف ما عملناه فى حياتنا الدنيا؟ لأن الله سوف ينمِّيه لنا فمثلا عندما نقول سبحان الله أو الحمد لله أو الله أكبر فهذه الكلمة تذهب وتطوف حول العرش وتظل تكرر نفسها إلى يوم القيامة وبهذا يظل رصيدك فى زيادة وهذا هو الوارد أما بشرى مضاعفة الصدقات وتنميتها إلى يوم الميقات؛ فلهذا شأن آخر لأن الله يأخذها ويربيها وينميها وهذا ربح ليس فيه شك أو خلاف لأنه ربحٌ من عند ربِّ العزة فكيف يكون ذلك؟قَالَ رَسُولُ اللّهِ{مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ الله إِلاَّ الطَّيِّبَ إِلاَّ أَخَذَهَا الرَّحْمنُ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَـٰنِ حَتَّىٰ تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ. كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ}[9]وبذلك لا يكون العمل قد انتهى بوفاة الرجل الصالح ولكنه يستمر، وكما يكتب للواحد فى مرضه ما كان يعمله فى صحته، كذلك الفرائض التى نحافظ عليها : إذا مت أنا آخذ أجر الصلاة عن كل فريضة إلى يوم القيامة والرجل الذاهب إلى الحج ومات يكتب له كل عام حجة إلى يوم القيامة ويقيض له ملكاً فى صورته وفى هيئته يحج عنه كل عام إلى يوم القيامة أما لو مات الرجل ولسانه مشتغل بالتسبيح فيا هناه ! يظل هذا التسبيح شغال إلى يوم يبعثون أما من عاد المريض فأجره عجيب ومن حافظ على تلك السنة فهناك كتائب من الملائكة تكون فى ركابه كلما غدا أو راح و إذا كنت تذهب لزيارة أخ فى الله ترسل التشريفات الملائكية سبعين ألف ملك يزفونك ويحرسونك حتى تعود، قال النبى{مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضاً مُمْسِياً إلاَّ خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ وَمَنْ أتَاهُ مُصْبِحاً خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونُ ألْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُمْسِيَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ }[10]وأحب أن أضيف أن استمرار الأعمال بعد الموت لا يعارض الحديث المعروف أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وهى العلم النافع، والصدقة الجارية، والولد الصالح، لأن هذا الحديث يورد الأعمال التى تنقطع من التكاليف وهذا يتوقف بالموت لاشك أما الأعمال الأخرى التى تعملها الملائكة وتكتب له والصدقات التى يربيها الله له وكثير غيرها فكل هذا يأتيه من عالم البرزخ وأهله، وليس من عالم الدنيا وأهلها الذين يأتيه منهم الدعاء والصدقة الجارية وغيرها نفعنا الله بها كلها آمين وأختم لكم تلك البشرى بشىء عجيب من باب تأكيد معنى بشرى استمرار صالحات المؤمن بعد موته ولذلك أسألكم سؤلاً بسيطاً؟كم ملك من الملائكة موكلة بكل واحد منا؟أعرف أنه بسرعة سيجيب أكثرنا ويقول أثنان مللك اليمين أو الحسنات وملك اليسار أو السيئات لا ليس هذا فقط فحتى هذان الملكان يتعاقبان فينا بالليل والنهار يعنى ورديات كما جاءت الآيات والأحاديث لكن دعونى أخبركم إنَّ أقل مؤمن معه عشرين موظف من الملائكة، وهناك من معه مائة ألف، ومؤمن معه مليون، ولكن كل واحد معه على الأقل عشرون ملكا موكلون به إثنان فقط من الصبح إلى العصر وإثنان من العصر إلى العشاء ومثلهما من العشاء إلى الفجر وهذا غير الذى من الأمام ومن الخلف ومن فوق، ومن تحت، والذى يحرسك وأنت نائم، والذى يأتى لك بالأرزاق والموكل بأنفاسك والذى على عينك ومن يحفظك من الجن غيرها وغيرها فهؤلاء الملائكة بمجرد أن يموت الشخص تنتهى وظائفهم ولا يبدل الله لهم بخدمة أحد آخر فيحتارون فصاحبهم قد مات ماذا يفعلون يذهبون إلى الله ويقولون له: انتهت مهمتنا فأين نذهب يا رب؟ قال النبى{إِنَّ اللَّهَ تَعَالٰى وَكَّلَ بِعَبْدِهِ المُؤْمِنِ مَلَكَيْنِ يَكْتُبَانِ عَمَلَهُ، فَإِذَا مَاتَ قَالَ المَلَكَانِ اللَّذَانِ وُكلاَ بِهِ: قَدْ مَاتَ فَأَذَنْ لَنَا أَنْ نَصْعَدَ إِلٰى السَّمَاءِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَمَائِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَلاَئِكَتِي يُسَبحُوني فَيَقُولاَنِ: أَفَنُقِيمُ فِي الأَرْضِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ: أَرْضِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ خَلْقِي يُسَبحُونِي فَيَقُولاَنِ: فَأَيْنَ ؟ فَيَقُولُ: قُومَا عَلٰى قَبْرِ عَبْدِي فَسَبحَانِي وَاحْمِدَانِي وَكَبرَانِي وَهَللاَنِي وَاكْتُبَا ذٰلِكَ لِعَبْدِي إِلٰى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[11]وهذا فقط إثنان فما بالكم بالجيش من الملائكة يخدمه خدمة ليس فيها رياء ولا سمعه ولا يزالون على ذلك حتى يزفونه من الموقف العظيم إلى حيث الجوار الكريم
من كتاب : بشائر الفضل الإلهى
[1] لابن أبي شيبة وأَبُو الشَّيخ في الثَّواب عن سلمانَ رضيَ اللَّهُ عنهُ، جامع المسانيد والمراسيل
[2] عن ابنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ عن أبيهِ سنن الترمذي
[3] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رواه الترمذي، و صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة "
[4] موضوعات إبن الجوزى رقم 3/544.
[5] البراء بن عازب ، المحدث البيهقى ، المصدر شعب الإيمان.
[6] عن أبى سعيد الخدري، العراقي، محجة القرب.
[7] سنن الكبرى للبيهقي، عن ابن عباس
[8] ورواه الأمام الترمذي وفى سنن ابن ماجة
[9] عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أعن أَبَى هُرَيْرَةَ صحيح البخارى ومسلم
[10] عن عَلِيَ كرم الله وجهه سنن أبى داود
[11] عَنْ أَنسٍ : المروزي فِي الْجَنَائز، وأَبُو بكر الشَّافعِي فِي الْغَلاَنِيَّات وأَبو الشَّيخ فِي الْعَظَمَةِ وللبيهقي في شعب الإيمان والدَّيلمي، وأَوردهُ ابْنُ الْجُوزِي فِي الموضوعات فَلَمْ يُصِبْ)، جامع المسانيد والمراسيل
بشرى الأنس والروح والريحان فى قبور أهل الإيمان
وهى بشرى الروح والريحان ولندخل لنشم الورود والرياحين وعبير سيد المرسلين فلا تخافوا مما يزعمون أو فى القبر يقولون! فإنهم لا يعلمون ولنسمع الحبيب
{أَوَّلُ مَا يبشِّر بِهِ الْمُؤْمِنُ رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ }[1]فأين زعمهم أين وحشة قبور المسلمين طاش ما يدعون الغربة والحزن هذا الكلام لغير المؤمن لأن المؤمن قال فيه الله{وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً}أين يذهب؟يذهب لأهله فالرجل المسافر فى الخارج وسيصبح راجعا إلى أهله وزوجه يكون سعيداً أم حزينا ياأخوانى؟والمؤمن أهله هناك ينتظرونه وعلى رأسهم محمدٌ وحزبه الأحباب قال تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}ويأتى عمله الصالح يؤنسه العمل الصالح فى قبره إلى يوم القيامة وذلك أول أول ما يضعونه فى القبر ويجلس وصف ذلك رسول الله فقال{ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثيَابِ طَيبُ الرَّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكِ، هٰذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَب أَقِمِ السَّاعَةَ، رَب أَقِمِ السَّاعَةَ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي}وهذا الكلام للمؤمن الأقل منزلة أما المؤمنون
الأعلى منزلة فيأتنسون برسول الله لأن هناك مجالس ولكن ليس فيها تكليف وإنما العبادة تلذذ وتفكُّه لحضره الله ويكون معه أهله وأصحابه وأحبابه يذهب إليهم ويأتون إليه ويزورهم ويزورنه إلى ما يشاء الله ومعه حرية حركة لا يحبس فى قبره كما يظن الناس قال عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فى أكثر من حديث{إنَّ أرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ في طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ أو شَجَرِ الْجَنَّةِ}[2]{ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيَقُولانِ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ}[3]فالمؤمن حاله فى {وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ}وحتى تتم بشرى الورود والروح والريحان والأنس فى قبور أهل الإيمان أريد أن أوضح ما يقوله
البعض ليعكروا الصفو أن ضمَّة القبر تعمل كذا فأقول أن الضمَّة التى
تختلف منها الأضلاع وفيها إيذاء تكون لغير المؤمن أما ضمَّة القبر للمؤمن فهى ضمَّة ترحيب مثل الذى يسلم على أخيه وهو آت من سفر بعيد، يضمه ويرحب به ويهنئه بسلامة الوصول ضمَّة لا تعب فيها ولا شدة وأما ما حكى
عن سعد أنه ضمَّ في قبره ضمَّة فعلت به كذا ولو عوفى أحد منها لعوفي منها سعد، فقد حقق الكثير من أهل الحديث أنه لا يعتدُّ بتلك الرواية، بل وأوردها بعضهم فى كتب الموضوعات[4] ولكن حال الهناء والسعادة والسرور والحبور لأهل الإيمان فى القبور فيه روايات محققة مليئة بالفضل والنور كقول النبى{قال:فينادي مناد من السماء أن صدق عبد فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا من الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره}[5]اللهم اجعلنا منهم وبشرنا ببشراهم آمين يارب العالمين وفى أحوال وبشريات البرزح والقبر ونعيمه مئات القصائد نختار قطعاً من بعضها
في حياتي الدنيا أقمني مقاما في الرضا عنك فالرضا مقصودي
في حياتي الأخرى بمقعد صدق أدخلني في مشهد التوحيد
صحبة المصطفى مع الآل فاجعل لي مقام الإحسان فضل المزيد
أعط كل الأولاد والأهل نعمى من عطايا الوهاب فضل الجود
عند موتي هب لي البشائر تترى واقبض الروح مسلمًا في شهود
واجعل القبر روضة من جنان منه أرقى لحظوة المعبود
في جمال في الأنس مقعد صدق عند ذي الفضل والغفور المريد
وصلاة على الحبيب وآل وعلى الصحب اعطني تأييدي
البشرى الثانية والستون
بشرى ولاية الله لأهله من بعده
وكلما تتوالى البشريات يسعد المؤمن بها ويفرح ولكنه وهو فى الدنيا تكون بقلبه غصَّة إذا ذكر أولاده وأهله؟ماذا يفعلون من بعدى وأنا لهم المعين والسند صحيحٌ أن الأمر كله لله ولكنه يريد من الله أن يطمئنه عليهم من بعده وهنا تأتى البشرى الكريمة فالله يبشِّر المؤمن بعد موته بأنه يتولى أهله وأنه تعالى خير لهم منه كما ورد بالحديث الشريف كما يبشره بصلاح ولده من بعده فيقال له لا تخف علي ولدك من ورائك نحن سنصلح شأنه ونتولى أمره وإياك أن تشك فى هذا مادمت من أهل{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً}فالله أرسل نبياً من أولى العزم من الرسل وولياً من الأولياء ليبنيا جداراً كان قد تهدَّم من أجل ذرية الرجل الصالح وكانت هذه الذرية من الجيل السابع وليس الأب المباشر الصالح ولكنهم أحفاد أحفاده إلى سبعة فأرسل الله النبى (موسى) والعبد الصالح (الخضر)عليهما السلام ليبنيا الجدار ويظل الكنز كما هو لا يعرف به أحد من الناس ليستخرج الأبناء الكنز بأنفسهم عندما يكبروا وهذا لم؟ليعرفنا الله أن العمل الصالح لا يبقى للولد فقط ولكن لولد
الولد ويزيد إلى ما يشاء الله ولذلك فالأنصار عندما أكرموا النبى دعا لهم
{اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار}وفى رواية أخرى قال{اللهم أغفر للأنصار} [6]وهذا لم؟ لأنهم أكرموا النبى فدعا لهم ولذرياتهم ولذا فإن الله يبشِّر العبد الصالح وهو خارج من هذه الدنيا بأنه سيتولى أهله وذريته جميعا ولا يحمل لهم هماً من ناحية الأرزاق أوالعمل الصالح ولذلك بشرنا العلماء العاملون بأن الرجل الصالح لو ابتعد واحد من أولاده قليلاً عن الطريق فسيعود ثانية ببركة صلاح والده ليحظى بحسن الختام إكراماً له ومن بركة البشريات الشرعية الخفية فى تلك الآية ما قاله سيدنا عبد الله بن عباس واسمعوا لقوله وأنظروا أين بلغ فقههم وفهمهم قال فى تفسير الآية{{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً}يعني الرجلَ يَحْضُرُهُ الموتُ فيقالُ لهُ: تَصَدَّقْ من مالِكَ وأَعْتِقْ وأَعْطِ منه في سبيلِ اللَّه فَنُهُوا أَنْ يَأْمُرُوهُ بذلكَ يعني مَن حَضَرَ مِنْكُمْ مريضاً عندَ الموتِ فلا يَأْمُرْهُ أَنْ يُنْفِقَ مالَهُ في العَتْقِ والصَّدَقَةِ وفي سبيلِ الله، ولكِنْ يَأْمُرُهُ أَنْ يُبَيِّنَ مالَهُ وما عليهِ من دَيْنٍ ويُوْصِي من مالهِ لِذِي قَرَابَتِهِ الَّذِيْنَ لا يَرِثُونَ ويُوْصِي لَهُمْ بالخُمُسِ أو الرُّبُعِ يقولُ: أَيَسُرُّ أَحَدُكُمْ إذَا ماتَ ولَهُ ولدٌ ضِعَافٌ يعني صغاراً أَنْ يَتْرُكَهُمْ بغير مالٍ فيكونُوا عِيَالاً على الناسِ، فلا يَنْبَغِي أَنْ تَأْمُرُوهُ بما لا تَرْضَوْنَ بِهِ لأَنْفُسِكُمْ ولأَوْلاَدِكُمْ ولكِنْ قُولُوا الحَقَّ من ذلكَ}[7]أى من ضمن بشريات حفظ الأهل والولد من بعد الموت أن الله يأمر المؤمنين بتذكير أحدهم عند الموت بحقوقهم فلا يجور عليهم ولا يقولون له عليك بالصدقة إلا ما شرع منها فلا يظلم من وراءه من أهله ومن بركة الحفظ أيضاً أن الله أمر المؤمنين بالوصية تكون دائماً مكتوبة ومحفوظة وهم فى حياتهم فلا يحتار من خلفهم فى معرفة ما لهم من حقوق عند أحد و ما عليهم من حقوق نحو أى أحد وقال أحد الصالحين :
يا رب صلي على المختار سيدنا في القبر وسعه لي واجعل به وصلي
كونوا مع الله في أدواركم فعسى أن تمنحوا فضله بالحول والطول
وقبري جمله بنورك والرضا ويوم اللقا آنس بوجهك يا ربي
أيارب أولادي ففرحني بهم بدنياي والأخرى لأسعد بالقرب
ووسع لإخواني العطايا عميمة وعلمًا به الكشف الصريح بلا حجب
البشرى الثالثة والستون
إستمرار أعماله الصالحة
ومن أجلِّ البشريات للمؤمن عند الممات استمرار أعماله الصالحات لأن الرؤوف الرحيم علم من عبده أنه لو أحياه إلى يوم الميقات ما تخلف عن طاعته ولو تقطعت به النياط فجزاه أن كتب له جزاء ما كان يواظب عليه من لدن موته إلى ساعة بعثه أضعافاً مضاعفات فإذا علمنا ذلك ونحن أحياء قبل الفوات أفلا نداوم على أكثر ما يمكن ليكتب لنا حتى يوم العرض والجزاء أين البشرى إذاً أسمع إلى الحديث الذى ورد عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قاله حضره النبى قال{ إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلاَلِ اللَّهِ، التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ. يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ. لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ. تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ، أَوْ لاَ يَزَالَ لَهُ، مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ؟}[8]فعملنا الذى يرفع لنا بعد الموت يكون أضعاف أضعاف ما عملناه فى حياتنا الدنيا؟ لأن الله سوف ينمِّيه لنا فمثلا عندما نقول سبحان الله أو الحمد لله أو الله أكبر فهذه الكلمة تذهب وتطوف حول العرش وتظل تكرر نفسها إلى يوم القيامة وبهذا يظل رصيدك فى زيادة وهذا هو الوارد أما بشرى مضاعفة الصدقات وتنميتها إلى يوم الميقات؛ فلهذا شأن آخر لأن الله يأخذها ويربيها وينميها وهذا ربح ليس فيه شك أو خلاف لأنه ربحٌ من عند ربِّ العزة فكيف يكون ذلك؟قَالَ رَسُولُ اللّهِ{مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ الله إِلاَّ الطَّيِّبَ إِلاَّ أَخَذَهَا الرَّحْمنُ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَـٰنِ حَتَّىٰ تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ. كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ}[9]وبذلك لا يكون العمل قد انتهى بوفاة الرجل الصالح ولكنه يستمر، وكما يكتب للواحد فى مرضه ما كان يعمله فى صحته، كذلك الفرائض التى نحافظ عليها : إذا مت أنا آخذ أجر الصلاة عن كل فريضة إلى يوم القيامة والرجل الذاهب إلى الحج ومات يكتب له كل عام حجة إلى يوم القيامة ويقيض له ملكاً فى صورته وفى هيئته يحج عنه كل عام إلى يوم القيامة أما لو مات الرجل ولسانه مشتغل بالتسبيح فيا هناه ! يظل هذا التسبيح شغال إلى يوم يبعثون أما من عاد المريض فأجره عجيب ومن حافظ على تلك السنة فهناك كتائب من الملائكة تكون فى ركابه كلما غدا أو راح و إذا كنت تذهب لزيارة أخ فى الله ترسل التشريفات الملائكية سبعين ألف ملك يزفونك ويحرسونك حتى تعود، قال النبى{مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضاً مُمْسِياً إلاَّ خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ وَمَنْ أتَاهُ مُصْبِحاً خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونُ ألْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُمْسِيَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ }[10]وأحب أن أضيف أن استمرار الأعمال بعد الموت لا يعارض الحديث المعروف أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وهى العلم النافع، والصدقة الجارية، والولد الصالح، لأن هذا الحديث يورد الأعمال التى تنقطع من التكاليف وهذا يتوقف بالموت لاشك أما الأعمال الأخرى التى تعملها الملائكة وتكتب له والصدقات التى يربيها الله له وكثير غيرها فكل هذا يأتيه من عالم البرزخ وأهله، وليس من عالم الدنيا وأهلها الذين يأتيه منهم الدعاء والصدقة الجارية وغيرها نفعنا الله بها كلها آمين وأختم لكم تلك البشرى بشىء عجيب من باب تأكيد معنى بشرى استمرار صالحات المؤمن بعد موته ولذلك أسألكم سؤلاً بسيطاً؟كم ملك من الملائكة موكلة بكل واحد منا؟أعرف أنه بسرعة سيجيب أكثرنا ويقول أثنان مللك اليمين أو الحسنات وملك اليسار أو السيئات لا ليس هذا فقط فحتى هذان الملكان يتعاقبان فينا بالليل والنهار يعنى ورديات كما جاءت الآيات والأحاديث لكن دعونى أخبركم إنَّ أقل مؤمن معه عشرين موظف من الملائكة، وهناك من معه مائة ألف، ومؤمن معه مليون، ولكن كل واحد معه على الأقل عشرون ملكا موكلون به إثنان فقط من الصبح إلى العصر وإثنان من العصر إلى العشاء ومثلهما من العشاء إلى الفجر وهذا غير الذى من الأمام ومن الخلف ومن فوق، ومن تحت، والذى يحرسك وأنت نائم، والذى يأتى لك بالأرزاق والموكل بأنفاسك والذى على عينك ومن يحفظك من الجن غيرها وغيرها فهؤلاء الملائكة بمجرد أن يموت الشخص تنتهى وظائفهم ولا يبدل الله لهم بخدمة أحد آخر فيحتارون فصاحبهم قد مات ماذا يفعلون يذهبون إلى الله ويقولون له: انتهت مهمتنا فأين نذهب يا رب؟ قال النبى{إِنَّ اللَّهَ تَعَالٰى وَكَّلَ بِعَبْدِهِ المُؤْمِنِ مَلَكَيْنِ يَكْتُبَانِ عَمَلَهُ، فَإِذَا مَاتَ قَالَ المَلَكَانِ اللَّذَانِ وُكلاَ بِهِ: قَدْ مَاتَ فَأَذَنْ لَنَا أَنْ نَصْعَدَ إِلٰى السَّمَاءِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَمَائِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَلاَئِكَتِي يُسَبحُوني فَيَقُولاَنِ: أَفَنُقِيمُ فِي الأَرْضِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ: أَرْضِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ خَلْقِي يُسَبحُونِي فَيَقُولاَنِ: فَأَيْنَ ؟ فَيَقُولُ: قُومَا عَلٰى قَبْرِ عَبْدِي فَسَبحَانِي وَاحْمِدَانِي وَكَبرَانِي وَهَللاَنِي وَاكْتُبَا ذٰلِكَ لِعَبْدِي إِلٰى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[11]وهذا فقط إثنان فما بالكم بالجيش من الملائكة يخدمه خدمة ليس فيها رياء ولا سمعه ولا يزالون على ذلك حتى يزفونه من الموقف العظيم إلى حيث الجوار الكريم
من كتاب : بشائر الفضل الإلهى
[1] لابن أبي شيبة وأَبُو الشَّيخ في الثَّواب عن سلمانَ رضيَ اللَّهُ عنهُ، جامع المسانيد والمراسيل
[2] عن ابنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ عن أبيهِ سنن الترمذي
[3] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رواه الترمذي، و صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة "
[4] موضوعات إبن الجوزى رقم 3/544.
[5] البراء بن عازب ، المحدث البيهقى ، المصدر شعب الإيمان.
[6] عن أبى سعيد الخدري، العراقي، محجة القرب.
[7] سنن الكبرى للبيهقي، عن ابن عباس
[8] ورواه الأمام الترمذي وفى سنن ابن ماجة
[9] عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أعن أَبَى هُرَيْرَةَ صحيح البخارى ومسلم
[10] عن عَلِيَ كرم الله وجهه سنن أبى داود
[11] عَنْ أَنسٍ : المروزي فِي الْجَنَائز، وأَبُو بكر الشَّافعِي فِي الْغَلاَنِيَّات وأَبو الشَّيخ فِي الْعَظَمَةِ وللبيهقي في شعب الإيمان والدَّيلمي، وأَوردهُ ابْنُ الْجُوزِي فِي الموضوعات فَلَمْ يُصِبْ)، جامع المسانيد والمراسيل
مواضيع مماثلة
» أحدهما : أن الروح جزء من الله . والثاني : أن الروح من الله خلقاً .المناهي اللقظيه
» تربية القرآن لجيل الإيمان
» جديييد قصيدة الراحلون بلا قبور لعبد الرحمن يوسف - جزء ثاني
» رمضان بين الروح والجسد
» ثمرات الإيمان
» تربية القرآن لجيل الإيمان
» جديييد قصيدة الراحلون بلا قبور لعبد الرحمن يوسف - جزء ثاني
» رمضان بين الروح والجسد
» ثمرات الإيمان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى