منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي
منتدي رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير سورة الفرقان ايه 44\\\\56

اذهب الى الأسفل

تفسير سورة الفرقان ايه 44\\\\56 Empty تفسير سورة الفرقان ايه 44\\56

مُساهمة  كمال العطار الأربعاء يناير 18, 2012 2:41 am

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا (44)

ثم قال: ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا ) أي: أسوأ حالا من الأنعام السارحة، فإن تلك تعقل ما خلقت له، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له، وهم يعبدون غيره ويشركون به، مع قيام الحجة عليهم، وإرسال الرسل إليهم.

أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)

من هاهنا شرع تعالى في بيان الأدلة الدالة على وجوده، وقدرته التامة على خلق الأشياء المختلفة والمتضادة، فقال: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ) ؟ قال ابن عباس، وابن عمر، وأبو " < 6-114 > " العالية، وأبو مالك، ومسروق، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النَّخَعِي، والضحاك، والحسن البصري، وقتادة، والسدي، وغيرهم: هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. ( وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ) أي: دائما لا يزول، كما قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [ القصص : 71 -72] .

وقوله: ( ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا ) أي: لولا أن الشمس تطلع عليه، لما عرف، فإن الضد لا يعرف إلا بضده.

وقال قتادة، والسّدي: دليلا يتلوه ويتبعه حتى يأتي عليه كله.

وقوله: ( ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ) أي: الظل، وقيل: الشمس. ( يسيرا ) أي: سهلا. قال ابن عباس: سريعاً. وقال مجاهد: خفياً. وقال السّدي؛ قبضاً خفَياً، حتى لا يبقى في الأرض ظل إلا تحت سقف أو تحت شجرة، وقد أظلت الشمس ما فوقه.

وقال أيوب بن موسى: ( ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ) أي: قليلا قليلا.

وقوله: ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا ) أي: يلبس الوجود ويُغَشيه ، كما قال: [ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [ الليل : 1 ] وقال] وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا [ الشمس : 4] .

( وَالنَّوْمَ سُبَاتًا ) أي: قَطْعَا للحركة لراحة الأبدان، فإن الأعضاء والجوارح تكل من كثرة الحركة في الانتشار بالنهار في المعايش، فإذا جاء الليل وسكن سكنت الحركات، فاستراحت فحصل النوم الذي فيه راحة البدن والروح معا.

( وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ) أي: ينتشر الناسُ فيه لمعايشهم ومكاسبهم وأسبابهم، كما قال تعالى: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [ القصص : 73] .

وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا (50) .

وهذا أيضا من قدرته التامة وسلطانه العظيم، وهو أنه تعالى يرسل الرياح مبشرات، أي: بمجيء السحاب بعدها، والرياح أنواع، في صفات كثيرة من التسخير، فمنها ما يثير السحاب، ومنها ما يحمله، ومنها ما يسوقه، ومنها ما يكون بين يدي السحاب مبشِّرا، ومنها ما يكون قبل ذلك يَقُمّ الأرض، ومنها ما يلقح السحاب ليمطر؛ ولهذا قال: ( وَأَنـزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) أي: آلة يتطهر بها، كالسَّحُور والوقود وما جرى مجراه. فهذا أصح ما يقال في ذلك. وأما من قال: إنه فعول " < 6-115 > " بمعنى فاعل، أو: إنه مبني للمبالغة أو التعدي، فعلى كل منهما إشكالات من حيث اللغة والحكم، ليس هذا موضع بسطها، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، عن أبي جعفر الرازي، حدثني حُمَيد الطويل، عن ثابت البناني قال: دخلت مع أبي العالية في يوم مطير، وطرق البصرة قذرة، فصلى، فقلت له، فقال: ( وَأَنـزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) قال: طهره ماء السماء.

وقال أيضا: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا وُهَيب عن داود، عن سعيد بن المسيب في هذه الآية: ( وَأَنـزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) [قال: أنـزله الله ماءً طاهراً] لا ينجسه شيء.

وعن أبي سعيد قال: قيل: يا رسول الله، أنتوضأ من بئر بضاعة؟ -وهي بئر يُلقَى فيها النَّتَن، ولحوم الكلاب -فقال: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" رواه الشافعي، وأحمد وصححه، وأبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي .

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا معتمر، سمعت أبي يحدث عن سَيَّار، عن خالد بن يزيد، قال: كان عند عبد الملك بن مروان، فذكروا الماء، فقال خالد بن يزيد: منه من السماء، ومنه ما يسقيه الغيم من البحر فَيُعْذِبه الرعد والبرق. فأما ما كان من البحر، فلا يكون له نبات، فأما النبات فمما كان من السماء.

وروي عن عكرمة قال: ما أنـزل الله من السماء قطرة إلا أنبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة. وقال غيره: في البر بُر، وفي البحر دُرّ.

وقوله: ( لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ) أي: أرضا قد طال انتظارها للغيث، فهي هامدة لا نبات فيها ولا شيء. فلما جاءها الحيا عاشت واكتست رباها أنواع الأزاهير والألوان، كما قال تعالى: فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ الحج : 5] .

( وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ) أي: وليشرب منه الحيوان من أنعام وأناسي محتاجين إليه غاية الحاجة، لشربهم وزروعهم وثمارهم، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [ الشورى : 28] وقال تعالى: فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ الروم : 50] .

وقوله: ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا ) أي: أمطرنا هذه الأرض دون هذه، وسقنا السحاب فمر على الأرض وتعداها وجاوزها إلى الأرض الأخرى، [فأمطرتها وكفتها فجعلتها عذقا، والتي وراءها] لم ينـزل فيها قطرة من ماء، وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة.

" < 6-116 > "

قال ابن مسعود وابن عباس: ليس عام بأكثر مطرًا من عام، ولكن الله يصرفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الآية: ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا ) .

أي: ليذكروا بإحياء الله الأرض الميتة أنه قادر على إحياء الأموات . والعظام الرفات. أو: ليذكر من منع القَطْر أنما أصابه ذلك بذنب أصابه، فيقلع عما هو فيه.

وقال عُمَر مولى غُفْرَة : كان جبريل، عليه السلام، في موضع الجنائز، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جبريل، إني أحب أن أعلم أمْرَ السحاب؟" قال: فقال جبريل: يا نبي الله، هذا ملك السحاب فسله. فقال: تأتينا صَكاك مُخَتَّمة: اسق بلاد كذا وكذا، كذا وكذا قطرة. رواه ابن حاتم، وهو حديث مرسل.

وقوله: ( فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا ) : قال عكرمة: يعني: الذين يقولون: مطرنا بنَوء كذا وكذا.

وهذا الذي قاله عكرمة كما صح في الحديث المخرج في صحيح مسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه يوماً، على أثر سماء أصابتهم من الليل: "أتدرون ماذا قال ربكم" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذاك كافر بي، مؤمن بالكوكب" .

وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) .

يقول تعالى: ( وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ) يدعوهم إلى الله عز وجل، ولكنا خصصناك -يا محمد -بالبعثة إلى جميع أهل الأرض، وأمرناك أن تبلغ الناس هذا القرآن، لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [ الأنعام : 19] ، وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [ هود : 17] وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا [ الأنعام : 92] ، قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [ الأعراف : 158] . وفي الصحيحين: "بعثت إلى الأحمر والأسود" وفيهما: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة"؛ ولهذا قال: ( فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ ) يعني: بالقرآن، قاله ابن عباس ( جِهَادًا كَبِيرًا ) ، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [ التوبة : 73،التحريم : 9] .

" < 6-117 > "

وقوله: ( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) أي: خلق الماءين: الحلو والملح، فالحلو كالأنهار والعيون والآبار، وهذا هو البحر الحلو الفرات العذب الزلال. قاله ابن جريج، واختاره ابن جرير، وهذا الذي لا شك فيه، فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات. والله سبحانه إنما أخبر بالواقع لينبه العباد على نعمه عليهم ليشكروه، فالبحر العذب هو هذا السارح بين الناس، فرقه تعالى بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهارًا وعيونًا في كل أرض بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم.

وقوله: ( وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) أي: مالح مُرّ زعاق لا يستساغ، وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب: البحر المحيط وما يتصل به من الزقاق وبحر القلزم، وبحر اليمن، وبحر البصرة، وبحر فارس وبحر الصين والهند وبحر الروم وبحر الخزر، وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري، ولكن تتموج وتضطرب وتغتلم في زمن الشتاء وشدة الرياح، ومنها ما فيه مد وجَزْر، ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض ، فإذا شرع الشهر في النقصان جَزَرت، حتى ترجع إلى غايتها الأولى، فإذا استهل الهلال من الشهر الآخر شرعت في المد إلى الليلة الرابعة عشرة ثم تشرع في النقص، فأجرى الله سبحانه وتعالى -وله القدرة التامة -العادة بذلك. فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله سبحانه وتعالى مالحة الماء، لئلا يحصل بسببها نتن الهواء، فيفسد الوجود بذلك، ولئلا تجوى الأرض بما يموت فيها من الحيوان. ولما كان ماؤها ملحا كان هواؤها صحيحا وميتتها طيبة؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن ماء البحر: أنتوضأ به؟ فقال: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" . رواه الأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد، وأهل السنن بإسناد جيد .

وقوله: ( وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا ) أي: بين العذب والمالح ( برزخا ) أي: حاجزاً، وهو اليَبَس من الأرض، ( وَحِجْرًا مَحْجُورًا ) أي: مانعاً أن يصل أحدهما إلى الآخر، كما قال: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [ الرحمن : 19 -21] ، وقال تعالى: أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ [ النمل : 61] .

وقوله: ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ) أي: خلق الإنسان من نطفة ضعيفة، فسواه وعَدّله، وجعله كامل الخلقة، ذكراً أو أنثى، كما يشاء، ( فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ) ، فهو في ابتداء أمره ولد نسيب، ثم يتزوج فيصير صهراً، ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات. وكل ذلك من ماء مهين؛ ولهذا قال: ( وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ) .

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)

" < 6-118 > "

يخبر تعالى عن جهل المشركين في عبادتهم غير الله من الأصنام، التي لا تملك لهم نفعاً ولا ضرا، بلا دليل قادهم إلى ذلك، ولا حجة أدتهم إليه، بل بمجرد الآراء، والتشهي والأهواء، فهم يوالونهم ويقاتلون في سبيلهم، ويعادون الله ورسوله [والمؤمنون] فيهم؛ ولهذا قال: ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ) أي: عونا في سبيل الشيطان على حزب الله، وحزب الله هم الغالبون، كما قال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ [ يس : 74 -75] أي: آلهتهم التي اتخذوها من دون الله لا تملك لهم نصرا، وهؤلاء الجهلة للأصنام جند محضرون يقاتلون عنهم، ويَذبُّون عن حَوْزتهم، ولكن العاقبة والنصرة لله ولرسوله في الدنيا والآخرة.

قال مجاهد: ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ) قال: يظاهر الشيطان على معصية الله، يعينه.

وقال سعيد بن جبير: ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ) يقول: عوناً للشيطان على ربه بالعداوة والشرك.

وقال زيد بن أسلم: ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ) قال: مواليا.
كمال العطار
كمال العطار
مدير المنتدي
مدير المنتدي

عدد المساهمات : 5682
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

https://reydalsalhen.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى