منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي
منتدي رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير سورة التوبه ايه55\\\\62

اذهب الى الأسفل

تفسير سورة التوبه ايه55\\\\62 Empty تفسير سورة التوبه ايه55\\62

مُساهمة  كمال العطار الجمعة ديسمبر 02, 2011 5:19 am

ا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)

يقول تعالى لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه: ( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ) كما قال تعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه: 131] " < 4-163 > " وقال: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون:55، 56]

وقوله: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قال الحسن البصري: بزكاتها، والنفقة منها في سبيل الله.

وقال قتادة: هذا من المقدم والمؤخر، تقديره: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم، [في الحياة الدنيا] إنما يريد الله ليعذبهم بها [في الآخرة]

واختار ابن جرير قول الحسن، وهو القول القَوي الحسن.

وقوله: ( وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) أي: ويريد أن يميتهم حين يميتهم على الكفر، ليكون ذلك أنكى لهم وأشد لعذابهم، عياذا بالله من ذلك، وهذا يكون من باب الاستدراج لهم فيما هم فيه.

وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)

يخبر الله تعالى نبيه، صلوات الله وسلامه عليه، عن جزعهم وفزعهم وفرقهم وهلعهم أنهم ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ ) يمينًا مؤكدة، ( وَمَا هُمْ مِنْكُمْ ) أي: في نفس الأمر، ( وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ) أي: فهو الذي حملهم على الحلف. ( لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً ) أي: حصنا يتحصنون به، وحرزا يحترزون به، ( أَوْ مَغَارَاتٍ ) وهي التي في الجبال، ( أَوْ مُدَّخَلا ) وهو السَّرَب في الأرض والنفَق. قال ذلك في الثلاثة ابنُ عباس، ومجاهد، وقتادة: ( لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ) أي: يسرعون في ذهابهم عنكم، لأنهم إنما يخالطونكم كرها لا محبة، وودوا أنهم لا يخالطونكم، ولكن للضرورة أحكام؛ ولهذا لا يزالون في هم وحزن وغَمٍّ؛ لأن الإسلام وأهله لا يزال في عزّ ونصر ورفعة؛ فلهذا كلما سُرّ المؤمنون ساءهم ذلك، فهم يودون ألا يخالطوا المؤمنين؛ ولهذا قال: ( لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ )

وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59)
" < 4-164 > "

يقول تعالى: ( وَمِنْهمْ ) أي ومن المنافقين ( مَنْ يَلْمِزُكَ ) أي: يعيب عليك ( فِي ) قَسْم ( الصَّدَقَاتِ ) إذا فرقتها، ويتهمك في ذلك، وهم المتهمون المأبونون، وهم مع هذا لا ينكرون للدين، وإنما ينكرون لحظ أنفسهم؛ ولهذا إن ( أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) أي: يغضبون لأنفسهم.

قال ابن جُرَيْج: أخبرني داود بن أبي عاصم قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة، فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت. قال: ووراءه رجل من الأنصار فقال: ما هذا بالعدل؟ فنـزلت هذه الآية.

وقال قتادة في قوله: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ) يقول: ومنهم من يطعن عليك في الصدقات. وذُكر لنا أن رجلا من [أهل] البادية حديثَ عهد بأعرابية، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهبا وفضة، فقال: يا محمد، والله لئن كان الله أمرك أن تعدل، ما عدلت. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "ويلك فمن ذا يعدل عليك بعدي". ثم قال نبي الله: "احذروا هذا وأشباهه، فإن في أمتي أشباه هذا، يقرءون القرآن لا يجاوز تَرَاقيَهم، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم". وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه، إنما أنا خازن".

وهذا الذي ذكره قتادة شبيه بما رواه الشيخان من حديث الزهري، عن أبي سلمة عن أبي سعيد في قصة ذي الخُوَيصرة -واسمه حُرْقوص -لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين، فقال له: اعدل، فإنك لم تعدل. فقال: "لقد خِبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه مقفيا "إنه يخرج من ضِئْضِئ هذا قوم يحقرُ أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين مُرُوق السهم من الرَّمِيَّة، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء" وذكر بقية الحديث

ثم قال تعالى مُنَبِّها لهم على ما هو خير من ذلك لهم، فقال: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ) فتضمنت هذه الآية الكريمة أدبا عظيما وسرا شريفا، حيث جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله والتوكل على الله وحده، وهو قوله: ( وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ ) وكذلك الرغبة إلى الله وحده في التوفيق لطاعة الرسول وامتثال أوامره، وترك زواجره، وتصديق أخباره، والاقتفاء بآثاره. " < 4-165 > "

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)

لما ذكر [الله] تعالى اعتراض المنافقين الجهلة على النبي صلى الله عليه وسلم ولمزهم إياه في قَسْم الصدقات، بين تعالى أنه هو الذي قسمها وبين حكمها، وتولى أمرها بنفسه، ولم يَكلْ قَسْمها إلى أحد غيره، فجزّأها لهؤلاء المذكورين، كما رواه الإمام أبو داود في سننه من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم -وفيه ضعف -عن زياد بن نعيم، عن زياد بن الحارث الصُدَائي، رضي الله عنه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته، فأتى رجل فقال: أعطني من الصدقة فقال له: "إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أصناف، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك" وقد اختلف العلماء في هذه الأصناف الثمانية: هل يجب استيعاب الدفع إليها أو إلى ما أمكن منها؟ على قولين:

أحدهما: أنه يجب ذلك، وهو قول الشافعي وجماعة.

والثاني: أنه لا يجب استيعابها، بل يجوز الدفع إلى واحد منها، ويعطى جميعَ الصدقة مع وجود الباقين. وهو قول مالك وجماعة من السلف والخلف، منهم: عمر، وحذيفة، وابن عباس، وأبو العالية، وسعيد بن جُبَير، وميمون بن مِهْران.

قال ابن جرير: وهو قول عامة أهل العلم، وعلى هذا فإنما ذكرت الأصناف هاهنا لبيان المصرف لا لوجوب استيعاب الإعطاء.

ولوجوه الحجاج والمآخذ مكان غير هذا، والله أعلم.

وإنما قدم الفقراء هاهنا لأنهم أحوج من البقية على المشهور، لشدة فاقتهم وحاجتهم، وعند أبي حنيفة أن المسكين أسوأ حالا من الفقير، وهو كما قال، قال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّة، أنبأنا ابن عَوْن، عن محمد قال: قال عمر، رضي الله عنه: الفقير ليس بالذي لا مال له، ولكن الفقير الأخلق الكسب. قال ابن علية: الأخلق: المحارَفُ عندنا

والجمهور على خلافه. ورُوي عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن البصري، وابن زيد. واختار ابن جرير وغير واحد أن الفقير: هو المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا، والمسكين: هو الذي يسأل ويطوف ويتبع الناس.

وقال قتادة: الفقير: من به زمانة، والمسكين: الصحيح الجسم.
" < 4-166 > "

وقال الثوري، عن منصور، عن إبراهيم: هم فقراء المهاجرين. قال سفيان الثوري: يعني: ولا يُعْطَى الأعرابُ منها شيئا.

وكذا روي عن سعيد بن جُبَير، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبْزَى.

وقال عِكْرِمة: لا تقولوا لفقراء المسلمين مساكين، وإنما المساكين مساكين أهل الكتاب.

ولنذكر أحاديث تتعلق بكل من الأصناف الثمانية.

فأما "الفقراء"، فعن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغَنِيٍّ ولا لذي مِرَّة سَويّ". رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي

ولأحمد أيضا، والنسائي، وابن ماجه عن أبي هريرة، مثله

وعن عبيد الله بن عَدِيِّ بن الخيار: أن رجلين أخبراه: أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة، فقلب إليهما البصر، فرآهما جَلْدين، فقال: "إن شئتما أعطيتكما، ولا حَظَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب".

رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي بإسناد جيد قوي.

وقال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح [والتعديل: أبو بكر العبسي قال: قرأ عمر، رضي الله عنه: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) قال: هم أهل الكتاب] روى عنه عمر بن نافع، سمعت أبي يقول ذلك

قلت: وهذا قول غريب جدا بتقدير صحة الإسناد، فإن أبا بكر هذا، وإن لم ينص أبو حاتم على جهالته، لكنه في حكم المجهول.

وأما المساكين: فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس، فتردُّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان". قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يجدُ غنًى يغنيه، ولا يُفْطَن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئا". رواه الشيخان: البخاري ومسلم " < 4-167 > " .

وأما العاملون عليها: فهم الجباة والسعاة يستحقون منها قسطا على ذلك، ولا يجوز أن يكونوا من أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الصدقة، لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث: أنه انطلق هو والفضل بن عباس يسألان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعملهما على الصدقة، فقال: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس"

وأما المؤلفة قلوبهم: فأقسام: منهم من يعطى ليُسلم، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية من غنائم حنين، وقد كان شهدها مشركا. قال: فلم يزل يعطيني حتى صار أحبَّ الناس إليَّ بعد أن كان أبغض الناس إلي، كما قال الإمام أحمد:

حدثنا زكريا بن عدي، أنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن صفوان بن أمية قال: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وإنه لأبغض الناس إلي، فما زال يعطيني حتى صار وإنه لأحب الناس إلي.

ورواه مسلم والترمذي، من حديث يونس، عن الزهري، به

ومنهم من يُعْطَى ليحسُن إسلامه، ويثبت قلبه، كما أعطى يوم حنين أيضا جماعة من صناديد الطلقاء وأشرافهم: مائة من الإبل، مائة من الإبل وقال: "إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه، مخافة أن يَكُبَّه الله على وجهه في نار جهنم"

وفي الصحيحين عن أبي سعيد: أن عليا بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذُهَيبة في تربتها من اليمن فقسمها بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس، وعُيَينة بن بدر، وعلقمة بن عُلاثة، وزيد الخير، وقال: "أتألفهم"

ومنهم من يُعطَى لما يرجى من إسلام نظرائه. ومنهم من يُعطَى ليجبي الصدقات ممن يليه، أو ليدفع عن حَوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد. ومحل تفصيل هذا في كتب الفروع، والله أعلم.

وهل تعطى المؤلفة على الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيه خلاف، فرُوي عن عمر، وعامر الشعبي وجماعة: أنهم لا يُعطَون بعده؛ لأن الله قد أعز الإسلام وأهله، ومَكَّن لهم في البلاد، وأذل لهم رقاب العباد.

وقال آخرون: بل يُعطَون؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قد أعطاهم بعد فتح مكة وكسر هَوازن، " < 4-168 > " وهذا أمر قد يحتاج إليه فيصرف إليهم.

وأما الرقاب: فرُوي عن الحسن البصري، ومقاتل بن حيان، وعمر بن عبد العزيز، وسعيد بن جُبَير، والنَّخعي، والزهري، وابن زيد: أنهم المكاتَبون، وروي عن أبي موسى الأشعري نحوه، وهو قول الشافعي والليث.

وقال ابن عباس، والحسن: لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة، وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ومالك، وإسحاق، أي: إن الرقاب أعم من أن يعطى المكاتب، أو يشتري رقبة فيعتقها استقلالا. وقد ورد في ثواب الإعتاق وفك الرقبة أحاديث كثيرة، وأن الله يعتق بكل عضو منها عضوا من مُعتقها حتى الفَرْج بالفرج، وما ذاك إلا لأن الجزاء من جنس العمل، وَمَا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الصافات:39]

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة حق على الله عونُهم: الغازي في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف".

رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا أبا داود

وفي المسند عن البراء بن عازب قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله، دُلَّني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار. فقال: "أعتق النسَمة وفك الرقبة". فقال: يا رسول الله، أو ليسا واحدا؟ قال: "لا عتق النسمة أن تُفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها"

وأما الغارمون: فهم أقسام: فمنهم من تحمّل حمالة أو ضمن دينا فلزمه فأجحف بماله، أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب، فهؤلاء يدفع إليهم. والأصل في هذا الباب حديث قَبِيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: "أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها". قال: ثم قال: "يا قَبِيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمَّل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك. ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش: أو قال: سدادًا من عيش -ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه، فيقولون: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة، حتى يصيب قواما من عيش -أو قال سدادا من عيش -فما سواهن من المسألة سحت، يأكلها صاحبها سحتا". رواه مسلم " < 4-169 > "

وعن أبي سعيد قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "تصدقوا عليه". فتصدق الناس فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لغرمائه: "خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك". رواه مسلم

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، أنبأنا صدقة بن موسى، عن أبي عمران الجَوْني، عن قيس بن زيد عن قاضي المصرين عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يديه، فيقول: يا بن آدم، فيم أخذت هذا الدين؟ وفيم ضيعت حقوق الناس؟ فيقول: يا رب، إنك تعلم أني أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم أضيع، ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق وإما وضيعة. فيقول الله: صدق عبدي، أنا أحق من قضى عنك اليوم. فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه، فترجح حسناته على سيئاته، فيدخل الجنة بفضل الله ورحمته"

وأما في سبيل الله: فمنهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان، وعند الإمام أحمد، والحسن، وإسحاق: والحج من سبيل الله، للحديث.

وكذلك ابن السبيل: وهو المسافر المجتاز في بلد ليس معه شيء يستعين به على سفره، فيعطى من الصدقات ما يكفيه إلى بلده وإن كان له مال. وهكذا الحكم فيمن أراد إنشاء سفر من بلده وليس معه شيء، فيعطى من مال الزكاة كفايته في ذهابه وإيابه. والدليل على ذلك الآية، وما رواه الإمام أبو داود وابن ماجه من حديث مَعْمَر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي سعيد، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغنيّ إلا لخمسة: العامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى لغني"

وقد رواه السفيانان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء مرسلا. ولأبي داود عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله، وابن السبيل، أو جار فقير فيُهدي لك أو يدعوك"

وقوله: ( فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ) أي حكما مقدرا بتقدير الله وفَرْضِه وقَسْمه ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) أي: عليم بظواهر الأمور وبواطنها وبمصالح عباده، ( حَكِيمٌ ) فيما يفعله ويقوله ويشرعه ويحكم به، " < 4-170 > " لا إله إلا هو، ولا رب سواه.

وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)

يقول تعالى: ومن المنافقين قوم يُؤذون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بالكلام فيه ويقولون: ( هُوَ أُذُنٌ ) أي: من قال له شيئا صدقه، ومن حدثه فينا صدقه، فإذا جئنا وحلفنا له صدقنا. روي معناه عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. قال الله تعالى: ( قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ) أي: هو أذن خير، يعرف الصادق من الكاذب، ( يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) أي: ويصدق المؤمنين، ( وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ) أي: وهو حجة على الكافرين؛ ولهذا قال: ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .
كمال العطار
كمال العطار
مدير المنتدي
مدير المنتدي

عدد المساهمات : 5682
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

https://reydalsalhen.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى