منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي
منتدي رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير سورة العنكبوت عدد آياتها 69 ( آية 1-37 ) وهي مكية

اذهب الى الأسفل

تفسير سورة العنكبوت عدد آياتها 69 ( آية 1-37 ) وهي مكية Empty تفسير سورة العنكبوت عدد آياتها 69 ( آية 1-37 ) وهي مكية

مُساهمة  كمال العطار السبت سبتمبر 03, 2011 5:18 pm

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }

يخبر تعالى عن [تمام] حكمته وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال " إنه مؤمن " وادعى لنفسه الإيمان، أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن، ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه، فإنهم لو كان الأمر كذلك، لم يتميز الصادق من الكاذب، والمحق من المبطل، ولكن سنته وعادته في الأولين وفي هذه الأمة، أن يبتليهم بالسراء والضراء، والعسر واليسر، والمنشط والمكره، والغنى والفقر، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان، ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل ونحو ذلك من الفتن، التي ترجع كلها إلى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة، والشهوات المعارضة للإرادة، فمن كان عند ورود الشبهات يثبت إيمانه ولا يتزلزل، ويدفعها بما معه من الحق وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية إلى المعاصي والذنوب، أو الصارفة عن ما أمر اللّه به ورسوله، يعمل بمقتضى الإيمان، ويجاهد شهوته، دل ذلك على صدق إيمانه وصحته.

ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا، وعند اعتراض الشهوات تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات، دلَّ ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه.

والناس في هذا المقام درجات لا يحصيها إلا اللّه، فمستقل ومستكثر، فنسأل اللّه تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يثبت قلوبنا على دينه، فالابتلاء والامتحان للنفوس بمنزلة الكير، يخرج خبثها وطيبها.


{ 4 } { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ }

أي: أحسب الذين همهم فعل السيئات وارتكاب الجنايات، أن أعمالهم ستهمل، وأن اللّه سيغفل عنهم، أو يفوتونه، فلذلك أقدموا عليها، وسهل عليهم عملها؟ { سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } أي: ساء حكمهم، فإنه حكم جائر، لتضمنه إنكار قدرة اللّه وحكمته، وأن لديهم قدرة يمتنعون بها من عقاب اللّه، وهم أضعف شيء وأعجزه.


{ 5-6 } { مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }

يعني: يا أيها المحب لربه، المشتاق لقربه ولقائه، المسارع في مرضاته، أبشر بقرب لقاء الحبيب، فإنه آت، وكل آت إنما هو قريب، فتزود للقائه، وسر نحوه، مستصحبا الرجاء، مؤملا الوصول إليه، ولكن، ما كل من يَدَّعِي يُعْطَى بدعواه، ولا كل من تمنى يعطى ما تمناه، فإن اللّه سميع للأصوات، عليم بالنيات، فمن كان صادقا في ذلك أناله ما يرجو، ومن كان كاذبا لم تنفعه دعواه، وهو العليم بمن يصلح لحبه ومن لا يصلح.

{ وَمَنْ جَاهَدَ } نفسه وشيطانه، وعدوه الكافر، { فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ } لأن نفعه راجع إليه، وثمرته عائدة إليه، والله غني عن العالمين، لم يأمرهم بما أمرهم به لينتفع به، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بُخْلًا عليهم.

وقد علم أن الأوامر والنواهي يحتاج المكلف فيها إلى جهاد، لأن نفسه تتثاقل بطبعها عن الخير، وشيطانه ينهاه عنه، وعدوه الكافر يمنعه من إقامة دينه، كما ينبغي، وكل هذا معارضات تحتاج إلى مجاهدات وسعي شديد.

{ 7 } { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }

يعني أن الذين منَّ اللّه عليهم بالإيمان والعمل الصالح، سيكفر اللّه عنهم سيئاتهم، لأن الحسنات يذهبن السيئات، { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ } وهي أعمال الخير، من واجبات ومستحبات، فهي أحسن ما يعمل العبد، لأنه يعمل المباحات أيضا، وغيرها.


{ 8 } { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }



أي: وأمرنا الإنسان، ووصيناه بوالديه حسنا، أي: ببرهما والإحسان إليهما، بالقول والعمل، وأن يحافظ على ذلك، ولا يعقهما ويسيء إليهما في قوله وعمله.

{ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } وليس لأحد علم بصحة الشرك باللّه، وهذا تعظيم لأمر الشرك، { فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فأجازيكم بأعمالكم، فبروا والديكم وقدموا طاعتهما، إلا على طاعة اللّه ورسوله، فإنها مقدمة على كل شيء.


{ 9 } { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ }

أي: من آمن باللّه وعمل صالحا، فإن اللّه وعده أن يدخله الجنة في جملة عباده الصالحين، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، كل على حسب درجته ومرتبته عند اللّه، فالإيمان الصحيح والعمل الصالح عنوان على سعادة صاحبه، وأنه من أهل الرحمن، والصالحين من عباد اللّه تعالى.


{ 10-11 } { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ }



لما ذكر تعالى أنه لا بد أن يمتحن من ادَّعى الإيمان، ليظهر الصادق من الكاذب، بيَّن تعالى أن من الناس فريقا لا صبر لهم على المحن، ولا ثبات لهم على بعض الزلازل فقال: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ } بضرب، أو أخذ مال، أو تعيير، ليرتد عن دينه، وليراجع الباطل، { جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ } أي: يجعلها صادَّة له عن الإيمان والثبات عليه، كما أن العذاب صادٌّ عما هو سببه.

{ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ } لأنه موافق للهوى، فهذا الصنف من الناس من الذين قال اللّه فيهم: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }

{ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ } حيث أخبركم بهذا الفريق، الذي حاله كما وصف لكم، فتعرفون بذلك كمال علمه وسعة حكمته.

{ وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ } أي: فلذلك قَدَّرَ مِحَنًا وابتلاء، ليظهر علمه فيهم، فيجازيهم بما ظهر منهم، لا بما يعلمه بمجرده، لأنهم قد يحتجون على اللّه، أنهم لو ابتُلُوا لَثَبَتُوا.


{ 12-13 } { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ }



يخبر تعالى عن افتراء الكفار ودعوتهم للمؤمنين إلى دينهم، وفي ضمن ذلك، تحذير المؤمنين من الاغترار بهم والوقوع في مكرهم، فقال: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا } فاتركوا دينكم أو بعضه واتبعونا في ديننا، فإننا نضمن لكم الأمر { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } وهذا الأمر ليس بأيديهم، فلهذا قال: { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ } لا قليل ولا كثير. فهذا التحمل، ولو رضي به صاحبه، فإنه لا يفيد شيئا، فإن الحق للّه، واللّه تعالى لم يمكن العبد من التصرف في حقه إلا بأمره وحكمه، وحكمه { أن لَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }

ولما كان قوله: { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ } قد يتوهم منه أيضا، أن الكفار الداعين إلى كفرهم -ونحوهم ممن دعا إلى باطله- ليس عليهم إلا ذنبهم الذي ارتكبوه، دون الذنب الذي فعله غيرهم، ولو كانوا متسببين فيه، قال: [مخبرا عن هذا الوهم]

{ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } أي: أثقال ذنوبهم التي عملوها { وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ } وهي الذنوب التي بسببهم ومن جرائهم، فالذنب الذي فعله التابع [لكل من التابع]، والمتبوع حصته منه، هذا لأنه فعله وباشره، والمتبوع [لأنه] تسبب في فعله ودعا إليه، كما أن الحسنة إذا فعلها التابع له أجرها بالمباشرة، وللداعي أجره بالتسبب. { وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } من الشر وتزيينه، [وقولهم] { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ }


{ 14-15 } { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ }

يخبر تعالى عن حكمه وحكمته في عقوبة الأمم المكذبة، وأن اللّه أرسل عبده ورسوله نوحا عليه الصلاة السلام إلى قومه، يدعوهم إلى التوحيد وإفراد اللّه بالعبادة، والنهي عن الأنداد والأصنام، { فَلَبِثَ فِيهِمْ } نبيا داعيا { أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا } وهو لا يَنِي بدعوتهم، ولا يفتر في نصحهم، يدعوهم ليلا ونهارا وسرا وجهارا، فلم يرشدوا ولم يهتدوا، بل استمروا على كفرهم وطغيانهم، حتى دعا عليهم نبيهم نوح عليه الصلاة والسلام، مع شدة صبره وحلمه واحتماله، فقال: { رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } { فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ } أي: الماء الذي نزل من السماء بكثرة، ونبع من الأرض بشدة { وَهُمْ ظَالِمُونَ } مستحقون للعذاب.

{ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ } الذين ركبوا معه، أهله ومن آمن به. { وَجَعَلْنَاهَا } أي: السفينة، أو قصة نوح { آيَةً لِلْعَالَمِينَ } يعتبرون بها، على أن من كذب الرسل، آخر أمره الهلاك، وأن المؤمنين سيجعل اللّه لهم من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا.

وجعل اللّه أيضا السفينة، أي: جنسها آية للعالمين، يعتبرون بها رحمة ربهم، الذي قيض لهم أسبابها، ويسر لهم أمرها، وجعلها تحملهم وتحمل متاعهم من محل إلى محل ومن قُطرٍ إلى قُطرٍ.


{ 16-22 } { وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }



يذكر تعالى أنه أرسل خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى قومه، يدعوهم إلى الله، فقال [لهم]: { اعْبُدُوا اللَّهَ } أي: وحِّدوه، وأخلصوا له العبادة، وامتثلوا ما أمركم به، { وَاتَّقُوهُ } أن يغضب عليكم، فيعذبكم، وذلك بترك ما يغضبه من المعاصي، { ذَلِكُمْ } أي: عبادة الله وتقواه { خَيْرٌ لَكُمْ } من ترك ذلك، وهذا من باب إطلاق { أفعل التفضيل } بما ليس في الطرف الآخر منه شيء، فإن ترك عبادة الله، وترك تقواه، لا خير فيه بوجه، وإنما كانت عبادة الله وتقواه خيرا للناس، لأنه لا سبيل إلى نيل كرامته في الدنيا والآخرة إلا بذلك، وكل خير يوجد في الدنيا والآخرة، فإنه من آثار عبادة الله وتقواه.

{ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ذلك، فاعلموا الأمور وانظروا ما هو أولى بالإيثار، فلما أمرهم بعبادة الله وتقواه، نهاهم عن عبادة الأصنام، وبيَّن لهم نقصها وعدم استحقاقها للعبودية، فقال: { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } تنحتونها وتخلقونها بأيديكم، وتخلقون لها أسماء الآلهة، وتختلقون الكذب بالأمر بعبادتها والتمسك بذلك، { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } في نقصه، وأنه ليس فيه ما يدعو إلى عبادته، { لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا } فكأنه قيل: قد بان لنا أن هذه الأوثان مخلوقة ناقصة، لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وأن من هذا وصفه، لا يستحق أدنى أدنى أدنى مثقال مثقال مثقال ذرة من العبادة والتأله، والقلوب لا بد أن تطلب معبودا تألهه وتسأله حوائجها، فقال -حاثا لهم على من يستحق العبادة- { فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ } فإنه هو الميسر له، المقدر، المجيب لدعوة من دعاه في أمر دينه ودنياه { وَاعْبُدُوهُ } وحده لا شريك له، لكونه الكامل النافع الضار، المتفرد بالتدبير، { وَاشْكُرُوا لَهُ } وحده، لكون جميع ما وصل ويصل إلى الخلق من النعم فمنه، وجميع ما اندفع ويندفع من النقم عنهم فهو الدافع لها. { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يجازيكم على ما عملتم، وينبئكم بما أسررتم وأعلنتم، فاحذروا القدوم عليه وأنتم على شرككم، وارغبوا فيما يقربكم إليه، ويثيبكم -عند القدوم- عليه.

{ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } يوم القيامة { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } كما قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ }

{ قُلْ } لهم، إن حصل معهم ريب وشك في الابتداء: { سِيرُوا فِي الْأَرْضِ } بأبدانكم وقلوبكم { فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ } فإنكم ستجدون أمما من الآدميين والحيوانات، لا تزال توجد شيئا فشيئا، وتجدون النبات والأشجار، كيف تحدث وقتا بعد وقت، وتجدون السحاب والرياح ونحوها، مستمرة في تجددها، بل الخلق دائما في بدء وإعادة، فانظر إليهم وقت موتتهم الصغرى -النوم- وقد هجم عليهم الليل بظلامه، فسكنت منهم الحركات، وانقطعت منهم الأصوات، وصاروا في فرشهم ومأواهم كالميتين، ثم إنهم لم يزالوا على ذلك طول ليلهم، حتى انفلق الإصباح، فانتبهوا من رقدتهم، وبعثوا من موتتهم، قائلين: " الحمد للّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور "

ولهذا قال: { ثُمَّ اللَّهُ } بعد الإعادة { يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ } وهي النشأة التي لا تقبل موتا ولا نوما، وإنما هو الخلود والدوام في إحدى الدارين. { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فقدرته تعالى لا يعجزها شيء وكما قدر بها على ابتداء الخلق، فقدرته على الإعادة من باب أولى وأحرى.

{ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ } أي: هو المنفرد بالحكم الجزائي، وهو إثابة الطائعين ورحمتهم، وتعذيب العاصين والتنكيل بهم. { وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } أي: ترجعون إلى الدار، التي بها تجري عليكم أحكام عذابه ورحمته، فاكتسبوا في هذه الدار، ما هو من أسباب رحمته من الطاعات، وابتعدوا من أسباب عذابه، وهي المعاصي.

{ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ } أي: يا هؤلاء المكذبون، المتجرؤن على المعاصي، لا تحسبوا أنه مغفول عنكم، أو معجزون للّه في الأرض ولا في السماء، فلا تغرنكم قدرتكم وما زينت لكم أنفسكم وخدعتكم، من النجاة من عذاب الله، فلستم بمعجزين الله في جميع أقطار العالم.

{ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ } يتولاكم، فيحصل لكم مصالح دينكم ودنياكم، { وَلَا نَصِيرٍ } ينصركم، فيدفع عنكم المكاره.


{ 23 } { وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }



يخبر تعالى من هم الذين زال عنهم الخير، وحصل لهم الشر، وأنهم الذين كفروا به وبرسله، وبما جاءوهم به، وكذبوا بلقاء اللّه، فليس عندهم إلا الدنيا، فلذلك قدموا على ما أقدموا عليه من الشرك والمعاصي، لأنه ليس في قلوبهم ما يخوفهم من عاقبة ذلك، ولهذا قال تعالى: { أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي } أي: فلذلك لم يعلموا سببا واحدا يحصلون به الرحمة، وإلا لو طمعوا في رحمته، لعملوا لذلك أعمالا، والإياس من رحمة اللّه من أعظم المحاذير، وهو نوعان: إياس الكفار منها، وتركهم جميع سبب يقربهم منها، وإياس العصاة، بسبب كثرة جناياتهم أوحشتهم، فملكت قلوبهم، فأحدث لها الإياس، { وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: مؤلم موجع. وكأن هذه الآيات معترضات بين كلام إبراهيم عليه السلام لقومه، وردهم عليه، واللّه أعلم بذلك.

{ 24-25 } { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }

أي: فما كان مجاوبة قوم إبراهيم إبراهيم حين دعاهم إلى ربه قبول دعوته، والاهتداء بنصحه، ورؤية نعمة اللّه عليهم بإرساله إليهم، وإنما كان مجاوبتهم له شر مجاوبة.

{ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ } أشنع القتلات، وهم أناس مقتدرون، لهم السلطان، فألقوه في النار { فَأَنْجَاهُ اللَّهُ } منها.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فيعلمون صحة ما جاءت به الرسل، وبِرَّهُمْ ونصحهم، وبطلان قول من خالفهم وناقضهم، وأن المعارضين للرسل كأنهم تواصوا وحث بعضهم بعضا على التكذيب.

{ وَقَالَ } لهم إبراهيم في جملة ما قاله من نصحه: { إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: غاية ذلك، مودة في الدنيا ستنقطع وتضمحل، { ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا } أي: يتبرأ كل من العابدين والمعبودين من الآخر { وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } فكيف تتعلقون بمن يعلم أنه سيتبرأ من عابديه ويلعنهم؟ " و " أن مأوى الجميع، العابدين والمعبودين " النَّار " وليس أحد ينصرهم من عذاب اللّه، ولا يدفع عنهم عقابه.

{ 26-27 } { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ }

أي: لم يزل إبراهيم عليه الصلاة والسلام يدعو قومه، وهم مستمرون على عنادهم، إلا أنه آمن له بدعوته لوط، الذي نبأه اللّه، وأرسله إلى قومه كما سيأتي ذكره.

{ وَقَالَ } إبراهيم حين رأى أن دعوة قومه لا تفيدهم شيئا: { إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي } أي: هاجر أرض السوء، ومهاجر إلى الأرض المباركة، وهي الشام، { إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ } أي: الذي له القوة، وهو يقدر على هدايتكم، ولكنه حَكِيمٌ ما اقتضت حكمته ذلك، ولما اعتزلهم وفارقهم، وهم بحالهم، لم يذكر اللّه عنهم أنه أهلكهم بعذاب، بل ذكر اعتزاله إياهم، وهجرته من بين أظهرهم.

فأما ما يذكر في الإسرائيليات، أن اللّه تعالى فتح على قومه باب البعوض، فشرب دماءهم، وأكل لحومهم، وأتلفهم عن آخرهم، فهذا يتوقف الجزم به على الدليل الشرعي، ولم يوجد، فلو كان اللّه استأصلهم بالعذاب لذكره كما ذكر إهلاك الأمم المكذبة، ولكن لعل من أسرار ذلك، أن الخليل عليه السلام من أرحم الخلق وأفضلهم [وأحلمهم] وأجلهم، فلم يدع على قومه كما دعا غيره، ولم يكن اللّه ليجري بسببه عذابا عاما.

ومما يدل على ذلك، أنه راجع الملائكة في إهلاك قوم لوط، وجادلهم، ودافع عنهم، وهم ليسوا قومه، واللّه أعلم بالحال.

{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } أي: بعد ما هاجر إلى الشام { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ } فلم يأت بعده نبي إلا من ذريته، ولا نزل كتاب إلا على ذريته، حتى ختموا بالنبي محمد صلى اللّه عليه وسلم وعليهم أجمعين.

وهذا [من] أعظم المناقب والمفاخر، أن تكون مواد الهداية والرحمة والسعادة والفلاح في ذريَّته، وعلى أيديهم اهتدى المهتدون، وآمن المؤمنون، وصلح الصالحون. { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا } من الزوجة الجميلة فائقة الجمال، والرزق الواسع، والأولاد، الذين بهم قرت عينه، ومعرفة اللّه ومحبته، والإنابة إليه.

{ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } بل هو ومحمد صلى اللّه عليهما وسلم أفضل الصالحين على الإطلاق، وأعلاهم منزلة، فجمع اللّه له بين سعادة الدنيا والآخرة.


{ 28-35 } { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ } إلى آخر القصة

تقدم أن لوطا عليه السلام آمن لإبراهيم، وصار من المهتدين به، وقد ذكروا أنه ليس من ذرية إبراهيم، وإنما هو ابن أخي إبراهيم.

فقوله تعالى: { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ } وإن كان عاما، فلا يناقض كون لوط نبيا رسولا وهو ليس من ذريته، لأن الآية جيء بها لسياق المدح والثناء على الخليل، وقد أخبر أن لوطا اهتدى على يديه، ومن اهتدى على يديه أكمل ممن اهتدى من ذريته بالنسبة إلى فضيلة الهادي، واللّه أعلم.

فأرسل اللّه لوطا إلى قومه، وكانوا مع شركهم، قد جمعوا بين فعل الفاحشة في الذكور، وتقطيع السبيل، وفشو المنكرات في مجالسهم، فنصحهم لوط عن هذه الأمور، وبيَّن لهم قبائحها في نفسها، وما تئول إليه من العقوبة البليغة، فلم يرعووا ولم يذكروا. { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }

فأيس منهم نبيهم، وعلم استحقاقهم العذاب، وجزع من شدة تكذيبهم له، فدعا عليهم و{ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ } فاستجاب اللّه دعاءه، فأرسل الملائكة لإهلاكهم، فمروا بإبراهيم قبل، وبشروه بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، ثم سألهم إبراهيم أين يريدون؟ فأخبروه أنهم يريدون إهلاك قوم لوط، فجعل يراجعهم ويقول: { إِنَّ فِيهَا لُوطًا } فقالوا له: { لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } ثم مضوا حتى أتوا لوطا، فساءه مجيئهم، وضاق بهم ذرعا، بحيث إنه لم يعرفهم، وظن أنهم من جملة أبناء السبيل الضيوف، فخاف عليهم من قومه، فقالوا له: { لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ } وأخبروه أنهم رسل اللّه.

{ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا } أي: عذابا { مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } فأمروه أن يسري بأهله ليلا، فلما أصبحوا، قلب اللّه عليهم ديارهم، فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل متتابعة حتى أبادتهم وأهلكتهم، فصاروا سَمَرًا من الأسمار، وعبرة من العِبر.

{ وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي: تركنا من ديار قوم لوط، آثارا بينة لقوم يعقلون العِبر بقلوبهم، [فينتفعون بها]، كما قال تعالى: { وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }

{ 36-37 } { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }

أي { و } أرسلنا { إِلَى مَدْيَنَ } القبيلة المعروفة المشهورة { شُعَيْبًا } فأمرهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له، والإيمان بالبعث ورجائه، والعمل له، ونهاهم عن الإفساد في الأرض، ببخس المكاييل والموازين، والسعي بقطع الطرق، فكذبوه فأخذهم عذاب اللّه { فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }.
كمال العطار
كمال العطار
مدير المنتدي
مدير المنتدي

عدد المساهمات : 5682
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

https://reydalsalhen.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى