حمزة سيد الشهداء
صفحة 1 من اصل 1
حمزة سيد الشهداء
حمزة سيد الشهداء
انطلق حمزة إلى التلال المشرفة على مكّة ، كان حصانه القويّ يصعد كثبان الرمال ، او ينساب في الوديان ، و حمزة يتأمّل ما حوله من مناظر جميلة .
السماء زرقاء صافية ، و التلال تغمرها أشعة الشمس ، فتلمع حبّات الرمال .
كان حمزة يفكّر بدعوة سيّدنا محمّد ، و كان قلبه مع رسول الله . .
حقّاً لا إله إلاّ الله ، أمّا اللات و العزى و مناة فما هي إلاّ حجارة صنعها الإنسان فكيف يعبدها ؟!
انطلق الحصان يجوب الصحراء ، و فرّت الأرانب و هي ترى من بعيد رجلاً يحمل قوسه باحثاً عن الأسُود .
سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله )
في طريق المسعى بين جبل " الصفا " و جبل " المروة " جلس سيّدنا محمّد فوق إحدى الصخور ، كان كعادته مستغرقاً في الفكر و التأمل .
كان يفكر بقومه الذين كفروا به و برسالة الله .
في منزل مطلّ على طريق " المسعى " جلست فتاتان ، كانت شرفة المنزل تطلّ على الطريق .
رأت الفتاتان سيّدنا محمّداً غارقاً في الفكر ، ينظر السماء و إلى الجبال .
و في تلك اللحظات ظهر " أبو جهل " و معه سفهاء مكّة ، كانوا يضحكون و يقهقهون بصوتٍ عال .
نظر أبو جهل إلى سيّدنا محمّد فالتمعت عيناه حقداً . أراد أن يسخر منه فصاح :
ـ انظروا إلى هذا الساحر . . إلى هذا المجنون . . انّه لا يضحك مثلنا . . هو ساكت . .
و ضحك السفهاء ، و كانت قهقهاتهم الشيطانية تملأ الفضاء :
ـ ها ها ها ـ ها ها ها . .
كانت الفتاتان تراقبان ما يجري بحزن . رأتا أبا جهل يدور حول سيّدنا محمّد و يضحك ، و يقوم بحركات مضحكة . .
أخذ أبو جهل حفنة من التراب ، و وضعها فوق رأس النبيّ .
تناثر التراب فوق وجهه و ثيابه . .
و ضحك أبو جهل و السفهاء . و سيّدنا محمّد ساكت . كان حزيناً . .
شعرت الفتاتان بالحزن و الألم من أجل سيّدنا محمّد .
ابتعد أبو جهل و حوله السفهاء ، و نهض سيّدنا محمّد يمسح التراب عن رأسه و وجهه و ثيابه ، و مضى إلى منزله .
و مرّت ساعة ، قرّرت الفتاتان أن تخبرا الحمزة فانتظرتاه .
من بعيد لاح حمزة ينحدر من التلال على حصانه الأشقر .
هتفت الفتاة :
ـ عاد حمزة . . هيا بنا نخبره .
صاحت الفتاة :
ـ يا أبا عمارة . .
توقّف الحمزة و تطلّع إلى الفتاة .
قالت الفتاة بحزن :
ـ يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمّد من " أبي جهل " .
تساءل حمزة :
ـ و ما لقي منه ؟
قالت الفتاة :
ـ صادفه في الطريق . . فسبّه و ألقى على رأسه التراب .
شعر حمزة بالدماء تغلي في رأسه . ضرب حصانه بالقوس و قفز الحصان غاضباً ، و انطلق الفارس نحو الكعبة .
كان من عادته إذا عاد من الصيد أن يمرّ بالناس و يسلّم عليهم ، و لكنّه هذه المرّة كان غاضباً من أجل سيّدنا محمّد فلم يسلّم على أحد و مضى يشقّ طريقه إلى " أبي جهل " .
قفز الحمزة من فوق حصانه مثل الأسد . رفع قوسه و ضرب " أبا جهل " على رأسه .
شعر " أبو جهل " بالرعب و هو يرى حمزة غاضباً ، فقال بخنوع :
ـ لقد سبّ آلهتنا يا أبا عمارة و سفّه عقولنا .
قال حمزة :
ـ و من أسفه منكم و أنتم تعبدون الحجارة .
و صرخ حمزة بغضب :
ردّ عليّ إن استطعت .
و دوّت في فناء الكعبة صرخة الحق و هتف حمزة :
ـ أشهد أن لا إله إلاّ الله و أن محمّداً رسول الله .
و نظر حمزة إلى أبي جهل و عيناه تقدحان شرراً و قال :
أتشتمه و أنا على دينه .
أطرق أبو جهل ذليلاً و سكت ، و فرّ السفهاء من حوله .
و انطلق الحمزة إلى سيّدنا محمّد يعانقه و الدموع تتساقط من عينيه .
و فرح سيّدنا محمّد بإسلام عمّه الحمزة فسمّاه : أسد الله و أسد رسوله .
الميلاد
ولد الحمزة عام 570 ميلادية أي في عام الفيل .
و هو أخو سيّدنا محمّد في الرضاعة إذ أرضعتهما امرأة اسمها ثويبة .
كان الحمزة قويّاً ، شجاعاً مهاباً ، أعلن إسلامه في السنة الثامنة من بعثة سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) .
و عرف الناس اعتناق الحمزة للإسلام ، ففرح المسلمون و حزن المشركون .
و كان بعض المسلمين يكتم إسلامه خوفاً فأعلنوا شهادتهم .
و كان إسلام الحمزة بداية عهد جديد ، فقد أصبح أتباع سيّدنا محمّد قوّة تخشاها قريش و تحسب لها ألف حساب .
السنة التاسعة بعد البعثة
مرّت تسعة أعوام على بعثة سيّدنا محمّد و ازداد عدد المسلمين .
كان عمر بن الخطاب سريع الغضب ، و ذات يوم أخذ سيفه ، و فكّر في أن يقتل سيّدنا محمّداً .
سأل عنه فقيل : انّه مع أصحابه في بيت عند جبل " الصفا " ، فانطلق عمر إليه .
و في الطريق صادفه " نعيم " و هو رجل من قبيلة عمر فسأله :
ـ أين تريد يا عمر ؟
أجاب عمر بعصبية :
ـ أريد أن أقتل محمّداً هذا الصابئ الذي عاب ديننا .
كان نعيم قد اعتنق الإسلام سرّاً فقال له :
ـ إن بني هاشم لن يتركوك حيّاً إذا نلته بأذى . . و هذه اُختك قد أسلمت هي و زوجها .
صرخ عمر بعصبية :
ـ ماذا ؟ اُختي فاطمة .
مضى عمر إلى منزل اُخته . و عندما وصل قرب الباب سمع رجلاً يقرأ القرآن . .
كانت كلمات السماء تنساب مؤثّرة :
ـ بسم الله الرحمن الرحيم . . طه . . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . .
ضرب عمر الباب و دخل .
أخفت اخته صحيفة القرآن فأراد أن يمزّقها ، و ضرب اُخته فسال من وجهها الدم .
شعر عمر بالندم . . و خرج من المنزل .
كان سيّدنا محمّد و معه بعض أصحابه في بيت قرب جبل الصفا .
كان يعلّمهم القرآن و الحكمة و يقرأ عليهم آيات السماء .
و في تلك اللحظات سمعوا ضرباً عنيفاً على الباب .
نهض أحد المسلمين و راح ينظر من فتحة في الباب إلى الطارق و سأل الحمزة :
ـ مَنِ الطارق ؟
إنّه عمر و بيده سيف .
قال الحمزة :
ـ لا تخف افتح الباب . . فإذا أراد بذلناه و إذا أراد شرّاً قتلته بسيفه .
نهض حمزة لاستقبال القادم الجديد . فتح الباب و سأل :
ـ ماذا تريد يا بن الخطاب ؟
أجاب :
ـ جئت أشهد أن لا إله إلاّ الله و أن محمّداً رسول الله .
و هتف سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) :
ـ الله أكبر .
و فرح المسلمون بإسلام عمر .
الهجرة
كان أهل يثرب من قبيلتي " الأوس " و " الخزرج " قد بايعوا سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) على الدفاع عن دين الله بأموالهم و أنفسهم .
فلما اشتدّ أذى قريش على المسلمين ، أمرهم سيّدنا محمّد أن يهاجروا إلى يثرب ، فراح المسلمون يتسللون من مكّة فرادى و جماعات . و هاجر الحمزة بن عبد المطلب مع من هاجر من المسلمين .
كان المهاجرون و الأنصار في " يثرب " ينتظرون بشوق هجرة سيّدنا محمّد و كانوا يترقبون وصوله .
الفداء
قرّر المشركون قتل سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) . و هبط جبريل يخبره بالمؤامرة ، فدعا رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ابن عمّه علي بن أبي طالب و عرض عليه أن ينام في فراشه لينجو و يهاجر إلى " يثرب " .
سأل عليّ سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) :
ـ و هل تسلم أنت يا رسول الله ؟
أجاب سيّدنا محمّد :
ـ نعم .
فرح علي بنجاة النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) و لم يكن يفكّر في نفسه عندما يهاجم المشركون منزل سيّدنا محمّد .
و هبط جبريل بالآية الكريمة : { و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله } أي أن هناك من يبيع نفسه من أجل رضا الله سبحانه .
و في هذه الآية ثناء على موقف عليّ و تضحيته .
و وصل سيّدنا محمّد " يثرب " التي أصبح اسمها منذ وصول النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) إليها " المدينة المنوّرة " .
في مكّة
و في مدينة مكّة أغار المشركون على بيوت المسلمين المهاجرين و نهبوها .
شعر المهاجرون بالحزن لذلك ، من أجل هذا فكّر سيدنا محمّد إرسال سرايا لتأديب قريش من خلال التعرّض لقوافلها التجارية .
استدعى سيّدنا محمّد الحمزة أسد الله و عقد له أوّل راية في تاريخ الإسلام و ذلك في شهر رمضان من السنة الأولى للهجرة .
أمر سيّدنا محمّد الحمزة أن ينطلق بسريته و هم ثلاثون من المهاجرين إلى ساحل البحر حيث طريق القوافل .
و في ناحية تدعى " العيص " اصطدم الحمزة ب " أبي جهل " .
كان أبو جهل في ثلاثمائة من المقاتلين ، أي عشرة أضعاف عدد المسلمين ، و لكن حمزة ( رضوان الله عليه ) و من معه من المسلمين المهاجرين لم يخافوا و استعدوا للاشتباك مع المشركين .
و قبل أن تحدث المعركة تدخل " مجدي بن عمرو الجهني " و كانت له علاقات حسنة مع قريش و المسلمين و حجز بينهم .
و قد افتخر حمزة ( رضوان الله عليه ) بأنّه أوّل مسلم يسلّمه رسول الله راية الإسلام ، وله في ذلك شعر جميل :
بأمر رسول الله أو خافق
عليه لواء لم يكن لاح من قبلي
لواء لديه النصر من ذي كرامة
إله عزيز فعله أفضل الفعل
ثم يشير إلى اصطدامه بأبي جهل :
عشية ساروا حاشدين و كلّنا
مراجله في غيظ أصحابه تغلي
فلما تراءينا أناخوا فعقلوا
مطايا و عقلنا مدى غرض النبل
و قلنا لهم حبل الإله نصيرنا
و ما لكمُ إلا الضلالة من حبل
فثار أبو جهل هنالك باغياً
فخاب و رد الله كيد أبي جهل
و ما نحن إلاّ ثلاثين راكباً
و هم مائتان بعد واحدة فضل
مع سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله )
و في غزوة العشيرة التي قادها سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) كان اللواء مع حمزة بن عبد المطلب .
و توالت بعد ذلك السرايا و الدوريات الإسلامية التي كان هدفها تهديد تجارة قريش .
كانت قريش قد أعلنت الحرب على المسلمين اقتصادياً ، فقد هاجمت دور المسلمين المهاجرين في مكّة . و راحت تشدّد حربها ضد المسلمين في كل مكان من الجزيرة و تحرّض القبائل العربية على الإغارة على يثرب .
أراد سيّدنا محمد تأديب قريش ، و كان أفضل وسيلة هو تهديد قوافلها التجارية إلى الشام .
و كان الحمزة لا يفارق سيدنا محمدا في كلّ غزوة .
معركة بدر
و صلت الأخبار إلى سيدنا محمد عن عودة قافلة تجارية لقريش من الشام يقودها أبو سفيان .
و دعا سيدنا محمد المسلمين إلى اعتراض القافلة .
و في يوم 12 رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج سيدنا محمد و معه 313 من المهاجرين و الأنصار .
سمع أبو سفيان بتحرّك المسلمين و هدفهم اعتراض القافلة ، فأرسل على وجه السرعة رجلاً يحيط قريش بخطورة الموقف .
وجد أبو جهل في ذلك الفرصة للقضاء على الإسلام و المسلمين فراح يحرّض قريش على الحرب فحشّد مع زعماء قريش 950 مقاتلاً و غادر بهم مكّة باتجاه " عيون بدر " حيث عسكر المسلمون .
و في يوم 17 رمضان التقى الجيشان ، كان المشركون يضربون على طبول الحرب ، و كان المسلمون يذكرون الله و يسبّحونه .
و هبط جبريل على سيدنا محمد بهذه الآية : { و إن جنحوا للسلم فاجنح لها } .
و عرض النبيّ على قريش السلام و العودة .
و رفض أبو الجهل و كان يتصوّر انّه سوف يقضي على الإسلام ، فجيشه يفوق جيش المسلمين ثلاث مرّات .
استعد الجيشان للاشتباك و نادى أحد المشركين :
ـ يا محمّد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش .
و هنا التفت سيدنا محمد إلى أصحابه و قال :
ـ قم يا عبيدة بن الحارث و يا حمزة بن عبد المطلب و يا علي بن أبي طالب .
فهبّوا مستبشرين بنصر الله أو الشهادة في سبيله .
وقف عبيدة أمام خصمه عتبة بن ربيعة .
و وقف علي في مواجهة الوليد بن عتبة .
و تقدّم حمزة نحو خصمه شيبة بن ربيعة .
و اشتعلت أوّل معركة في تاريخ الإسلام .
لم يمهل حمزة خصمه فسدّد له ضربة صرعته .
و ضرب عليّ عدوّ الإسلام فقتله .
أما عبيدة فقد ضرب خصمه و لكنّه تلقى ضربة من خصمه فسقط على الأرض ، فاشترك حمزة و علي في قتل عتبة . و حملا عبيدة نحو معسكر المسلمين لمعالجته .
و عندما تساقط أبطال المشركين في ساحة المعركة ، أصدر أبو جهل أمره بالهجوم العام .
و تصدّى المسلمون للهجوم بروح عامرة بالإيمان و الثقة من عند الله ، و نصر الله المسلمين .
و سقط أبو جهل و تساقطت رؤوس الكفر ، و ولّى المشركون الأدبار .
الانتقام
وصلت أنباء الهزيمة إلى مكّة ، فعلا صراخ النساء على قتلى المشركين إلاّ هند زوجة أبي سفيان ، فقد ظلّت ساكتة فقالوا ألا تبكين على أخيك و أبيك و عمّك ، قالت :
ـ لا حتى لا يشمت بنا محمد و أصحابه .
راحت هند تفكّر بالانتقام و الثأر بقتل سيدنا محمد أو علي بن أبي طالب أو الحمزة بن عبد المطلب .
و كانت تحرّض المشركين من أجل الانتقام .
و خرج المشركون في ثلاثة آلاف مقاتل و معهم هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان و حولها أربعة عشر امرأة يضربن على الدفوف و الطبول .
جاءت هند إلى " وحشي " و هو من عبيد مكّة الأقوياء و أغرته بالذهب و الأموال إن هو قتل سيدنا محمّداً أو علي ( عليه السَّلام ) أو الحمزة ( رضوان الله عليه ) .
قال وحشي :
ـ أما محمّد فلا أقدر أن أصيبه لأن أصحابه يحفون به ، و أما علي فهو حذر لا يعطي فرصة لخصمه ، و أمّا الحمزة فربّما تمكنت من قتله لأنه إذا غضب لا يرى شيئاً .
و قدّمت هند لوحشي الذهب و راحت تنظر إلى الرمح الذي كان يتدرّب عليه وحشي لقتل حمزة .
وصل جيش المشركين منطقة " الأبواء " قرب المدينة و فيها قبر آمنة أُم سيدنا محمّد و كان قد مضى على وفاتها خمسون سنة .
أرادت هند نبش القبر و أصرّت على ذلك ، و لكن بعض زعماء قريش رفض ذلك حتى لا يصبح عادة عند العرب .
و في جبل اُحد تقاتل الجيشان . . جيش المشركين و قائدهم أبو سفيان ، و جيش المسلمين و قائدهم سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) .
أمر سيدنا محمّد خمسين من أمهر الرماة بالتمركز على سفوح جبل " عينين " لحماية مؤخرة جيش الإسلام ، و أوصاهم أن لا يغادروا أماكنهم في كلّ الظروف .
و بدأت المعركة بهجوم المشركين يتقدّمهم حامل اللواء عثمان بن أبي طلحة و حوله هند و النساء يضربن على الدفوف و يحرّضن على القتال :
نحن بنات طارق
نمشي على النمارق
مشي القطا البوارق
المسك في المفارق
و الدرّ في المخانق
إن تقبلوا نعانق
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
صاح حمزة بحماس :
ـ أنا ابن ساقي الحجيج .
و هجم على حامل اللواء فضربه فقطع يده فتراجع و أخذ اللواء أخوه ، و المسلمون يضغطون بشدّة .
تساقط حملة اللواء الواحد تلو الآخر .
و عندما سقط اللواء على الأرض ، دبّ الخوف في نفوس المشركين و ولّوا هاربين ، و سقط الصنم الكبير الذي حملوه معهم لينصرهم في الحرب من فوق الجمل !
و في تلك اللحظات و المسلمون يطاردون فلول المنهزمين تناسى الرماة أوامر سيدنا محمّد و تركوا سفح الجبل لجمع الغنائم فانكشفت مؤخرة جيش المسلمين .
و هنا قام خالد بن الوليد و كان مع المشركين بحركة التفاف ، و فوجئ المسلون بهجوم مباغت لفرسان المشركين و حدثت الفوضى في صفوف الجيش الإسلامي .
كان " وحشي " و هو من عبيد مكّة يراقب حمزة و بيده رمح طويل ، و كان لا يفكّر بشيء سوى قتل حمزة .
و في غمرة الإشتباكات العنيفة ، كان وحشي يترصّد حمزة من وراء صخرة كبيرة .
و فيما كان الحمزة في صراع مع أحد المشركين ، يقاتل ببسالة ، هزّ " وحشي " الحربة بقوّة ثم أطلقها باتجاه عمّ النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) .
ضربت الحربة بطن الحمزة ، و حاول الهجوم على وحشي و لكن الحربة كانت قد صرعته فهوى على الأرض شهيداً .
و ركض وحشي ليخبر هنداً بما فعل .
فرحت هند و نزعت حليّها الذهبية و أعطتها إلى وحشي و قالت له :
ـ إذا رجعنا إلى مكّة فسأعطيك عشرة دنانير .
أسرعت هند إلى جثمان الحمزة و قطعت اُذنيه و أنفه لتصنع منها قلادة ، ثم استلت خنجراً و بقرت بطن الشهيد و أخرجت كبده بوحشية و عضت كبده مثل الكلب .
ثم جاء أبو سفيان فراح يمزّق جسمه بالرمح !!
سيّد الشهداء
انسحب المشركون من أرض المعركة و هبط سيّدنا محمّد من الجبل و معه أصحابه لدفن الشهداء .
و سأل النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) عمّن يعرف مكان الحمزة .
فقال الحارث : ـ أنا . .
أمر سيّدنا محمّد الحارث أن يبحث عنه ليدلّه .
و مضى الرجل يبحث عنه فوجده ممزّق الجسد فكره أن يخبر النبي ( صلى الله عليه و آله ) .
أمر سيّدنا محمّد عليّاً أن يبحث عنه فوجده و كره علي أن يخبر رسول الله فيتألم لمنظره .
و راح سيّدنا محمّد يبحث عن الحمزة بنفسه فوجده بتلك الحالة المؤسفة .
بكى سيّدنا محمّد كثيراً لما رأى ما صنعوا بجسده الطاهر .
إن الذئاب لا تفعل ما فعلته هند و أبو سفيان .
و قال النبي ( صلى الله عليه و آله ) :
ـ رحمك الله يا عمّ لقد علمتك فعولاً للخير و صولاً للرحم .
و كان سيّدنا محمّد غاضباً فقال :
ـ لئن أظهرني ( نصرني ) الله على قريش لأمثلن ( لأصنعن ما صنعوا بحمزة ) بسبعين من رجالهم .
و أقسم المسلمون أن يفعلوا ذلك ، فهبط جبريل بهذه الآية : { و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين } فعفا رسول الله و صبر و نهى عن المُثلة .
و خلع سيّدنا محمّد بردته و غطى الشهيد و خاطبه قائلاً :
ـ يا عمّ رسول الله و أسد الله و أسد رسوله . . يا فاعل الخيرات يا كاشف الكُربات يا ذابّ يا مانع عن وجه رسول الله .
و جاءت صفية اُخت الحمزة و عمّة سيّدنا محمّد مع فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لتطمئن على سلامة النبي ( صلى الله عليه و آله ) فصادفها علي بن أبي طالب و قال لها :
ـ ارجعي يا عمّة .
و كان لا يريد أن ترى أخاها بتلك الحالة .
فقالت :
ـ كلا حتى أرى رسول الله .
و رآها النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) من بعيد فأمر ابنها الزبير أن لا يتركها ترى أخاها الشهيد .
فاستقبلها الزبير و قال :
عودي يا اُماه .
فقالت :
حتى أرى رسول الله .
و عندما رأت سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) و اطمأنت على سلامته سألته عن الحمزة :
ـ أين ابن اُمي ؟
و سكت النبيّ ، فأدركت صفية انّه قد استشهد فبكت و بكت فاطمة على عمّها الشهيد .
فقال سيّدنا محمّد يعزيمها :
ـ ابشروا فإن جبريل أخبرني أن حمزة مكتوب في أهل السماوات " أسد الله و أسد رسوله " .
و اليوم يبقى جبل أُحد قرب المدينة المنوّرة شاهداً على بسالة حمزة سيّد الشهداء و على وحشية المشركين .
مواضيع مماثلة
» حمزة بن عبد المطلب عم الرسول
» من قصص الشهداء العرب المعتز بالله المصري
» من قصص الشهداء العرب في البوسنه والهرسك أبو ثابت المهاجر المصري
» من قصص الشهداء العرب المعتز بالله المصري
» من قصص الشهداء العرب في البوسنه والهرسك أبو ثابت المهاجر المصري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى