أحدهما : أن الروح جزء من الله . والثاني : أن الروح من الله خلقاً .المناهي اللقظيه
صفحة 1 من اصل 1
أحدهما : أن الروح جزء من الله . والثاني : أن الروح من الله خلقاً .المناهي اللقظيه
أحدهما : أن الروح جزء من الله .
والثاني : أن الروح من الله خلقاً .
وأظهرهما أن أراد أن الروح جزء من الله لأنه لو أراد أن الروح من الله خلقا لم يكن بينها وبين الجسد فرق إذ الكل من الله – تعالى - : ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ( (1) وأضاف روح عيسى إليه فقال : ) ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا ( (2) وأضاف بعض مخلوقات أخرى إليه كقوله : ) وطهر بيتي للطائفين والقائمين ( (1) . وقوله : ) وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ( (2) . وقوله عن رسوله صالح : ) فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ( (3) ولكن المضاف إلى الله نوعان :
أحدهما : ما يكون منفصلاً بائنا عنه ، قائما بنفسه أو قائما بغيره ، فإضافته إلى الله تعالى إضافة خلق وتكون ، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمه الله – تعالى - ، لعظم المضاف ، فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله – تعالى - ، فلأن ذات الله تعالى واحدة لا يمكن تتجزأ أو تتفرق ، وأما كونه لا يمكن أن يكون من صفات الله فلأن الصفة معنى في الموصوف لا يمكن أن تنفصل عنه ، كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، والقوة ، والسمع ، والبصر ، وغيرها . فإن هذه الصفات لا تباين موصو فها ، ومن هذا النوع إضافة ا لله – تعالى – روح آدم وعيسى إليه ، وإضافة البيت وما في السموات والأرض إليه ، وإضافة الناقة إليه ، فروح آدم ، وعيسى قائمة بهما ، وليست من ذات الله – تعالى - ، ولا من صفاته قطعاً ، والبيت وما في السموات والأرض ، والناقة أعيان قائمة بنفسها ، وليس من ذات الله ولا من صفاته ، وإذا كان لا يمكن لاحد أن يقول : إن بيت الله ، وناقة الله من ذاته ولا من صفاته ، ولا فرق بينهما إذ الكل بائن منفصل عن الله – عزل وجل – وكما أن البيت والناقة من الأجسام فكذلك الروح جسم تحل بدن الحي بإذن الله، يتوفاها الله حين موتها ، ويمسك التي قضي عليها الموت ، ويتبعها بصر الميت حين تقبض ، لكنها جسم من جنس آخر .
النوع الثاني من المضاف إلى الله : ملا يكون منفصلا عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية ، كوجهه ، ويده ، سمعه ، وبصره ، واستوائه على عرشه ، ونزوله إلى السماء الدنيا ، ونحو ذلك ، فإضافته إلى الله – تعالى – من باب إضافة الصفة إلى موصفها ، وليس من باب إضافة المخلوق والمملوك إلى مالكه وخالقه .
وقول المتكلم (إن الروح من الله ) يحتمل معنى آخر غير ما قلنا : إنه الأظهر ، وهو أن البدن مادته معلومة ، وهي التراب ، أما الروح فمادتها غير معلومة ، وهذا المعنى صحيح . كما قال الله – تعالى - ) ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ( (1) . – وهذه والله أعلم – من الحكمة في إضافتها إ ليه إنها أمر لا يمكن أن يصل إليه علم البشر بل هي مما استأثر الله بعلمه كسائر العلوم العظيمة الكثيرة التي لم نؤت منها إلا القليل ، ولا نحيط بشيء من هذا القليل إلا بما شاء الله – تبارك وتعالى - .
فنسأل الله – تعالى - ، أن يفتح علينا من رحمته وعلمه ما به صلاحنا ، وفلاحنا في الدنيا والآخرة .
56- سئل فضيلة الشيخ : عن المراد بالروح والنفس ؟ والفرق بينهما ؟ .
فأجاب قائلا : الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حسا أو معنى ، فالقران يسمى روحا قال الله – تعالى - : ) وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ( (1) لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان ، والروح التي يحيى بها البدن تسمى روحا قال الله – تعالى - ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ( (2)
أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيراً كما في قوله – تعالى - : ) الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ( (1) .
وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه ، فيقال جاء فلان نفسه ، فتكون بمعنى الذات ، فهما يفترقان أحيانا، ويتفقان أحيانا ، بحسب السياق .
وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق ، فالقرية مثلا تطلق أحيانا على نفس المساكن ، وتطلق أحيانا على الساكن نفسه ففي قوله – تعالى – عن الملائمة الذين جاءوا إبراهيم ) قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية ( (2)
المراد بالقرية هنا المساكن ، وفي قوله – تعالى - : ) وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أم معذبوها عذاباً شديداً ( (1) المراد بها المساكن ، وفي قوله – تعالى : ) أو كالذي مر على قرية هي خاوية على عروشهـا ( (2) المراد بها المساكن ، وفي قوله : ) وأسأل القرية التي كنا فيها ( (3) المراد بها الساكن ، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب ما تضاف إليه ، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أن القران الكريم ليس فيه مجاز ، وأن جميع الكلمات التي في القران كلها حقيقة، لان الحقيقة هي ما يدل عليه سياق الكلام بأي صيغة كان ، فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول إن في القران مجازا ، وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه ، ومن أبين ما يجعل هذا القول صوابا أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصح أن تنفيه فإذا قال : فلان أسد ، صح له نفيه ، وهذا لا يمكن أن يكون في القران ، فلا يمكن لأحد أن ينفي شيئا مما ذكره الله – تعالى – في القران الكريم .
57- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إطلاق لفظ (السيد) على غير الله تعالى ؟ .
فأجاب بقوله : إطلاق السيد على غير الله تعالى إن كان يقصد معناه وهي السيادة المطلقة فهذا لا يجوز، وإن كان المقصود به مجرد الإكرام فإن كان المخاطب به سيد ، أو نحو ذلك ، وإن كان لا يقصد به السيادة والإكرام وإنما هو مجرد اسم فهذا لا بأس به .
58- سئل فضيلة الشيخ : من الذي يستحق أن يوصف بالسيادة ؟ .
فأجاب بقوله : لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله – عز وجل – فالله تعالى هو السيد الكامل السؤدد ، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسيادة قد تكون بالنسب ، وقد تكون بالعلم ، وقد تكون بالكرم ، وقد تكون بالشجاعة ، وقد تكون بالملك ، كسيد المملوك وقد تكون بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الإنسان سيدا ، وقد يقال للزوج سيد بالنسبة لزوجته ، كما في قوله – تعالى - : ) وألفيا سيدها لدا الباب ( (1) .
فأما السيد في النسب فالظاهر أن المراد أن من كان من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أولاد فاطمة – رضي الله عنها – أي ذريتها من بنين وبنات ، وكذلك الشريف ، وربما يراد بالشريف من كان هاشميا وأيا كان الرجل أو المرأة سيدا أو شريفا فإنه لا يمتنع شرعا أن يتزوج من غير السيد والشريف ، فهذا سيد بني آدم وأشرفهم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج ابنتيه رقية وأم كلثوم عثمان بن عفان ، وليس هاشميا ، وزوج ابنته زينب أبا العاص بن الربيع وليس هاشميا .
59- وسئل فضيلته عن الجمع بين حديث عبد الله بن الشخير – رضي الله عنه – قال ( انطلقت في وفد بين عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا أنت سيدنا فقال " السيد الله تبارك وتعالى " . وما جاء في التشهد " اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد " . وحديث " أنا سيد ولد آدم " ؟ .
فأجاب قائلا : لا يرتاب عاقل أن محمدا صلى الله عليه وسلم ، سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك ، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة ، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله – وتعالى - : )من يطع الرسول فقد أطاع الله ( (1) ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم ، سيدنا ، وخيرنا ، وأفضلنا عند الله – سبحانه وتعالى- وأنه المطاع فيما يأمر به ، صلوات الله وسلامه عليه ، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع ، عليه الصلاة والسلام ، أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول : ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ) وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الأفضل ألا نصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، بها ، وإنما نصلى عليه بالصيغة التي علمنا إياها .
وبهذه المناسبة أود أبنه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدا ، صلى الله عليه وسلم ، سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه وأن لا ينقص عنه ، فلا يبتدع في دينه الله ما ليس منه ، ولا ينقص من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله عليه وسلم ، علينا .
وعلى هذا فإن أولئك المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم ، سيد ، لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه ، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أنا سيد ولد آدم " والجمع بينه وبين قوله : " السيد الله " أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور ، وهو الحاكم وغيره محكوم ، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شئ محدود، ومكان محدود، وعلى قوم دون قوم ، أو نوع من الخلائق دون نوع .
60- وسئل فضيلته عن هذه العبارة ( السيدة عائشة – رضي الله عنها - ) ؟ .
فأجاب قائلا : لا شك أن عائشة – رضي الله عنها – من سيدات نساء الأمة ، ولكن إطلاق (السيدة) على المرأة و( السيدات) على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من أوضع النساء ، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهم سيدات مطلقا ، والحقيقة أن المرأة مرأة ، وأن الرجل رجل، وتسميه المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح ، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة ، ولكن ليس مقتضى ذلك إننا نسمي كل امرأة سيدة .
كما أن التعبير بالسيدة عائشة ، والسيدة خديجة ، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفا عند السلف بل كانوا يقولون أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة ، فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونحو ذلك .
61- سئل فضيلة الشيخ : عن الجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم : " السيد الله تبارك وتعالى " وقوله ، صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم " وقوله : " قوموا إلى سيدكم " وقوله في الرقيق : " وليقل سيدي " ؟ .
فأجاب بقوله : أختلف على ذلك في أقوال :
القول الأول : أن النهي على سبيل الأدب ، والإباحة على سبيل الجوز ، فالنهي ليس للتحريم حتى يعارض الجواز.
القول الثاني : أن النهي حيث يخشى منه المفسدة وهي التدرج إلى الغلو ، والإباحة إذ لم يكن هناك محذور .
القول الثالث : أن النهي بالخطاب أي أن تخاطب الغير بقولك ( سيدي أو سيدنا ) لأنه ربما يكون في نفسه عجب وغلو إذا دعي بذلك ، ولأن فيه شيئا آخر وهو خضوع هذا المتسيد له وإذلال نفسه له ، بخلاف إذا جاء على غير هذا الوجه مثل ( قوموا إلى سيدكم) و (أنا سيد ولد آدم ) لكن هذا يرد على إباحته صلى الله عليه وسلم للرقيق أن يقول لمالكه ( سيدي ) ؟
لكن يجاب عن هذا بأن قول الرقيق لمالكه ( سيدي ) أمر معلوم لا غضاضة فيه ، ولهذا يحرم عليه أن يمتنع مما يجب عليه نحو سيده والذي يظهر لي – والله أعلم – أن هذا جائز لكن بشرط أن يكون الموجه إليه السيادة أهلا لذلك ، وأن لا يخشى محذور من إعجاب المخاطب ونخوع المتكلم ، أما إذ لم يكن أهلا ، كما لو كان فاسقا أو زنديقا فلا يقال له ذلك حتى لو فرض عنه أعلى منه رتبة أو جاهلا فقد جاء في الحديث : " لا تقولوا للمنافق سيد فإنكم إذ قلتم ذلك أغضبتم الله " .
وكذلك لا يقال إذا خشى محذور من إعجاب المخاطب أو نخوع المتكلم .
62- وسئل فضيلة الشيخ:عن قولشاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا)،و(شاءت الأقدار كذا وكذا)؟ .
فأجاب قائلا : قول : ( شاءت الأقدار ) ، و ( شاءت الظروف ) ألفاظ منكرة ؛ لأن الظروف جمع ظرف هو الأزمان ، والزمن لا مشيئة له ، وإنما يشاء هو الله ، عز وجل ، نعم لو قال الإنسان : ( اقتضى قدر الله كذا وكذا ) . فلا بأس به . أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هي الإرادة ، ولا إرادة للوصف ، إنما للإرادة للموصوف .
63- سئل فضيلته :عن حكم قول ( وشاءت الأقدار ) و ( شاء القدر) ؟ .
فأجاب بقوله : لا يصح أن نقول ( شاءت قدرة الله ) لأن المشيئة إرادة ، والقدرة معنى ، والمعنى لا إرادة له ، وإنما الإرادة للمريد ، والمشيئة لمن يشاء ، ولكننا نقول اقتضت حكمة الله كذا وكذا ، أو نقول عن شئ إذا وقع هذه قدرة الله أي مقدوره كما تقول : هذا خلق الله أي مخلوقه . أما أن نضيف أمرا يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز ومثال لذلك قولهم ( شاءت القدر كذا وكذا ) هذا لا يجوز لأن القدر والقدرة أمران معنويات ولا مشيئة لهما ، إنما المشيئة لمن هو قادر ولمن مقدر . والله أعلم .
64- سئل فضيلته : هل يجوز إطلاق ( شهيد) على شخص بعينه ويقال الشهيد فلان ؟ .
فأجاب بقوله : لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد حتى ، لو قتل مظلوماً أو قتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول فلان شهيد وهذا مخالف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولا في عصبة جاهلية يسمونها شهيدا ، وهذا حرام لأن قولك عن شخص قتل وهو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة ، سوف يقال لك هل عندك علم أنه قتل شهيدا ؟ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يعثب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك " فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " والله أعلم بمن يكلم في سبيله " – يكلم : يعني يجرح – فإن بعض الناس قد يكون ظاهرهم أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه وأنه خلاف ما يظهر من فعله ، وهذا باب البخاري – رحمه الله – على هذه المسألة في صحيحه فقال ( باب لا يقال فلان شهيد ) لأن مدار الشهادة على القلب ، لا يعلم ما في القلب إلا الله – عز وجل – فأمر النية أمر عظيم ، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
65- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم قول فلان شهيد ؟ .
فأجاب بقوله : الوجوب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون وجهين :
أحدهما : أن تقيد بوصف مثل أن يقال كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن مات بالطاعون فهو شهيد ونحو ذلك ، فهذا جائز كما جاءت به النصوص ، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونعنى بقولنا – جائز – أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقا لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول بعينه إنه شهيد ، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك وقد ترجم البخاري – رحمه الله – لهذا بقوله : ( باب لا يقال فلان شهيد) قال في الفتح 90/6 " أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي " وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال تقولون في مغازيكم فلان شهيد ، ومات فلان شهيدا ولعله قد يكون أوقر رحالته ، إلا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من مات في سبيل الله ، أو قتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد ابن منصور وغيرهما من طريق محمد ابن سريرين عن أبي العجفاء عن عمر ) أ . هـ . كلامه .
ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا أن علم له ، وشرط كون الإنسان شهيدا أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا والنية باطنة لا سبيل إلى العلم بها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ، مشيرا إلى ذلك : " مثل المجاهد في سيبل الله ، والله أعلم لمن يجاهد في سبيله " . وقال : " والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دما اللون لون الدم ، والريح ريح المسك " . رواهما البخاري من حديث أبى هريرة . ولكن من ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك ، ولا نشهد له به ولا ننسي به الظن . والرجاء مرتبة بين المرتبتين ، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولا في الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه.
ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم ، بالوصف أو بالشخص ، وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفق الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله تعالى - . وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق ، ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما ثبت ، وهذا كاف في منقبته ، وعلمه عند خالقه – سبحانه وتعالى - .
66- سئل فضيلة الشيخ : عن لقب ( شيخ الإسلام ) هل يجوز ؟ .
فأجاب بقوله : لقب شيخ الإسلام عند الإطلاق لا يجوز أن يوصف به الشخص ، لأنه لا يعصم أحد من الخطأ فيما يقول في الإسلام إلا الرسل .
أما إذا قصد بشيخ الإسلام أنه شيخ كبير وله قدم صدق في الإسلام فإنه لا بأس بوصف الشيخ به وتلقيبه به .
67- وسئل ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة (صدفة) ؟ .
فأجاب بقوله : رأينا في هذا القول أنه لا بأس به وهذا أمر متعارف وأظن أن فيه أحاديث بهذا التعبير صادفنا رسول الله صادفنا رسول الله ولكن لا يحضرني الآن حديث معين بهذا الخصوص .
والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع ، لأن الإنسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له ، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا ، فإن كل شئ عند الله معلوم وكل شئ عنده بمقدار وهو – سبحانه وتعالى – لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبدا ، ولكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له صدفة ، ولا حرج فيه ، أما بالنسبة لأمر الله فهذا فعل ممتنع لا يجوز .
68- سئل فضيلة الشيخ عن تسمية بعض الزهور بـ ( عباد الشمس لأنه يستقبل الشمس عند الشروق وعند الغروب ؟ .
فأجاب بقوله :هذا لا يجوز لأن الأشجار لا تعبد الشمس، إنما تعبد الله – عز وجل - كما قال الله – تعالى - : ) َلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ( (1).وإنما يقال عبارة أخرى ليس فيها ذكر العبودية كمراقبة الشمس ، ونحو ذلك من العبارات .
69- وسئل فضيلة الشيخ لماذا كان التسمي بعبد الحارث من الشرك مع أن الله هو الحارث ؟ .
فأجاب قائلا : التسمي بعبد الحارث فيه نسبة العبودية لغير الله – عز وجل – فإن الحارث هو الإنسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلكم حارث وكلكم همام " فإذا أضاف الإنسان العبودية إلى المخلوق كان هذا نوعا من الشرك ، لكنه لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر ، ولهذا لو سمي رجلا بهذا الاسم لوجب أن يغيره فيضاف إلى اسم الله – سبحانه وتعالى – أو يسمى باسم آخر غير مضاف وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال :" أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن " وما أشتهر عند العامة من قولهم خير الأسماء ما حمد وعبد ونسبتهم ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس ذلك بصحيح أي ليس نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، صحيحة فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا اللفظ وإنما ورد " أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن " .
أما قول السائل في سؤاله ( مع أن الله هو الحارث ) فلا أعلم اسما لله تعالى بهذا اللفظ ، وإنما يوصف – عز وجل – بأنه الزارع لا يسمى به كما في قوله – تعالى - : ) أفرأيتم ما تحرثون . أأنتم تزرعونه أمن نحن الزارعون ( (1)
70- سئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة : (العصمة لله وحده ) ، مع أن العصمة لابد فيها من عاصم ؟ .
فأجاب قائلا : هذه العبارة قد يقولها من يقولها يريد بذلك أن كلام الله – عز وجل – وحكمه كله صواب ، وليس فيه خطأ وهي بهذا المعنى صحيحة ، لكن لفظها مستنكر ومستكره ، لأنه كما قال السائل قد يوحي بأن هناك عاصما عصم الله – عز وجل – والله – سبحانه وتعالى – هو الخالق ، وما سواء مخلوق، فالأولى أن لا يعبر الإنسان بمثل هذا التعبير ، بل يقول الصواب في كلام الله ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
71- وسئل فضيلة الشيخ: عن عبارة : (فال الله ولا فالك ) ؟ .
فأجاب قائلا : هذا التعبير صحيح ، لأن المراد الفأل الذي هو من الله ، وهو أني أتفاءل بما قلت ، هذا هو معنى العبارة ، وهو معنى صحيح أن الإنسان يتمنى الفأل الكلمة الطيبة من الله – سبحانه وتعالى – دون أن يتفاءل بما يسمعه من هذا الشخص الذي تشاءم من كلامه .
72- سئل فضيلة الشيخ: عن مصطلح (فكر إسلامي ) و ( مفكر إسلامي ) ؟ .
فأجاب قائلا : كلمة (فكر إسلامي ) من الألفاظ التي يحذر عنها ، إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد ، وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر .
أما (مفكر إسلامي ) فلا أعلم فيه بأسا لأنه وصف للرجل المسلم والرجل المسلم يكون مفكراً .
73- سئل فضيلة الشيخ: جاء في الفتوى رقم (72) أن كلمة الفكر الإسلامي كلمة لا تجوز لأنها تعني أن الإسلام قد يكون عبارة عن أفكار قد تصح أو لا تصح وهكذا ، بينما قلتم أن إطلاق كلمة ( المفكر الإسلامي ) تجوز لأن فكر الشخص يتغير وقد يكون صحيحا أو العكس ، ولكن الأشخاص الذين يستخدمون مصطلح (الفكر الإسلامي ) يقولون أننا نقصد فكر الأشخاص ولا نتكلم عن الإسلام ككل أو عن الشريعة الإسلامية بالتحديد فهل هذا المصطلح ( الفكر الإسلامي) جائز بهذا التفسير أم لا وما هو الدليل ؟ .
فأجاب قائلا : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : (إنما أقضي نحو ما أسمع ) ونحن لا نحكم على الأفراد إلا بما يظهر منهم فإذا قيل ( الفكر الإسلامي ) فهذا يعني أن الإسلام فكر ، وإذا كان القائل بهذا التعبير يريد فكر الرجل الإسلامي فليقل ( فكر الرجل الإسلامي ) أو (المفكر الإسلامي ) وبدلا من أن نقول ( الفكر الإسلامي ) نقول( الحكم الإسلامي ) لأن الإسلام حكم والقرآن الكريم إما خبر وإما حكم كما قال – تعالى - : ) وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم( (1) .
74- سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس إذا شاهد من أسرف على نفسه بالذنوب : ( فلان بعيد عن الهداية ، أو عن الجنة ، أو عن مغفرة الله ) فما حكم ذلك ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز لانه من باب التألي على الله – عز وجل – وقد ثبت في الصحيح أن رجلا كان مسرفا على نفسه ، وكان يمر به رجل آخر فيقول : والله لا يغفر الله لفلان ، فقال الله – عز وجل – " من ذا الذي يتألي على أن لا أغفر لفلان قد غفرت له ، وأحبطت عملك " . ولا يجوز للإنسان أن يستبعد رحمه الله – عز وجل -،كم من إنسان قد بلغ من الكفر مبلغا عظيما ، ثم هداه الله فصار من الأئمة الذين يهدون بأمر الله – عز وجل - ، والواجب على من قال ذلك أن يتوب إلى الله ، حيث يندم على ما فعل ويعزم على أن لا يعود في المستقبل .
75- وسئل فضيلته : عن قول الإنسان إذا سئل عن شخص قد توفاه الله قريبا : " فلان ربنا افتكره " ؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : إذا كان مراده بذلك أن الله تذكر ثم أماته فهذه كلمة كفر ، لأنه يقتضي أن الله – عز وجل – ينسى ، والله – سبحانه وتعالى – لا ينسى ، كما قال موسى ، عليه الصلاة والسلام ، لما سأله فرعون: ) فما بال القرون الأولى . قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ( (1) . فإذا كان هذا هو قصد المجيب وكان يعلم ويدري معنى ما يقول فهذا كفر .
أما إذا كان جاهلا ولا يدري ويريد بقولهأن الله افتكره ) يعني أخذه فقط فهذا لا يكفر ، لكن يجب أن يظهر لسانه عن هذا الكلام ، لأنه كلام موهم لنقص رب العالمين – عز وجل – ويجيب بقوله : ( توفاه الله أو نحو ذلك ) .
76- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم التسمي بقاضي القضاة ؟ .
فأجاب قائلا : قاضي القضاة بهذا المعنى الشامل العام لا يصلح إلا لله – عز وجل – فمن تسمي بذلك فقد جعل نفسه شريكا لله – عز وجل – فيما لا يستحقه إلا الله – عز وجل - ، وهو القاضي فوق كل قاضٍٍ
والحكم وإليه يرجع الحكم كله ، وإن قيد بزمان أو مكان فهذا جائز ، لكن الأفضل أن لا يفعل ، لأنه قد يؤدي إلى الإعجاب بالنفس والغرور حتى لا يقبل الحق إذا خالف قوله ، وإنما جاز هذا لأن قضاء الله لا يتقيد، فلا يكون فيه مشاركة لله – عز وجل – وذلك مثل قاضي قضاة العراق ، أو قاضي قضاة الشام ، أو قاضي قضاة عصره .
وأما إن قيد بفن من الفنون فبمقتضى التقيد يكون جائزا ، لكن إن قيد بالفقه بأن قيل : عالم العلماء في الفقه سواء قلنا بأن الفقه يشمل أصول الدين وفروعه على حد قوله صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيرا يفقه في الدين " أو قلنا بأن الفقه معرفة الأحكام الشرعية العملية كما هو المعروف عند الأصوليين صار فيه عموم واسع مقتضاه أن مرجع الناس كلهم في الشرع إليه فأنا أشك في جوازه والأولى التنزه عنه . وكذلك إن قيد بقبيلة فهو جائز ولكن يجب مع الجواز مراعاة جانب الموصوف حتى لا يغتر ويعجب بنفسه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للمادح : " قطعت عنق صاحبك" .
77- وسئل فضيلة الشيخ : عن تقسيم الدين إلى قشور ولب ، ( مثل اللحية ) ؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : تقسيم الدين إلى قشور ولب ، تقسيم خاطئ ، وباطل ، الدين كله لب ، وكله نافع للعبد ، وكله يقربه لله – عز وجل – وكله يثاب عليه المرء ، وكله ينتفع به المرء ، بزيادة إيمانه وإخباته بربه – عز وجل – حتى المسائل المتعلقة باللباس والهيئات ، وما أشبهها ، كلها إذا فعلها الإنسان تقربا إلى الله- عز وجل – واتباعا لرسوله صلى الله عليه وسلم ، فإنه يثاب على ذلك ، والقشور كما نعلم لا ينتفع بها ، بل ترمي ، وليس في الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية ما هذا شأنه ، بل كل الشريعة الإسلامية لب ينتفع به المرء إذا اخلص النية لله ، وأحسن في اتباعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى الذين يرجون هذه المقالة ، أن يفكروا في الأمر تفكيرا جديا، حتى يعرفوا الحق والثواب ، ثم عليهم أن يتبعوه ، وأن يدعوا مثل هذه التعبيرات، صحيح أن الدين الإسلامي فيه أمور مهمة كبيرة وعظيمة ، كأركان الإسلام الخمسة ، التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم ، بقوله : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ،وأقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام " . وفيه أشياء دون ذلك ، لكنه ليس فيه قشور لا ينتفع بها الإنسان ، بل يرميها ويطرحها .
وأما بالنسبة لمسألة اللحية : فلا ريب أن إعفاءها عبادة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ، وكل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، بامتثاله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، بل إنها من هدى النبي صلى الله عليه وسلم وسائر إخوانه المرسلين ، كما قال الله – تعالى – عن هارون : إنه قال لموسى : ) يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي( (1) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن إعفاء اللحية من الفطرة التي فطر الناس عليها ، فإعفاؤها من العبادة ، وليس من العادة ، وليس من القشور كما يزعمه من يزعمه .
78- سئل فضيلة الشيخ : عن عبارة (كل عام وانتم بخير) ؟ .
فأجاب بقوله : (كل عام وأنتم بخير ) جائز إذا قصد به الدعاء بالخير .
79- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم لعن الشيطان ؟ .
فأجاب بقوله : الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان ، وإنما أمر بالاستعانة منه كما قال الله – تعالى - : ) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله أنه سميع عليم ( (1) .
فاجاب بقوله : الإنسان لم يؤمن بلعن الشيطان ، وإنما أمر الاستعاذة منه كما قال الله – تعالى - : ) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ( (1) .
80- وسئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان متسخطا : ( لو إني فعلت كذا لكان كذا ) ، أو يقول (لعنه الله على المرض الذي أعاقني ) ؟ .
فأجاب بقوله : إذا قال : (لو فعلت كذا لكان كذا ) ندما وسخطا على القدر ، فإن هذا محرم ولا يجوز للإنسان أن يقوله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز ، فإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل) . وهذا هو الواجب على الإنسان أن يفعل المأمور وأن يستسلم للمقدور، فإنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن .
وأما من يلعن المرض وما أصابه من فعل الله – عز وجل – فهذا من أعظم القبائح – والعياذ بالله – لأن لعنه للمرض الذي هو من تقدير الله – تعالى – بمنزلة سب الله – سبحانه وتعالى – فعلى من قال مثل هذه الكلمة أن يتوب إلى الله ، وان يرجع إلى دينه ، وأن يعلم أن المرض بتقدير الله ، وأن ما أصابه من مصيبة فهو بما كسبت يده ، وما ظلمه الله ، ولكن كان هو الظالم لنفسه .
81- وسئل: عن قول ( لك الله ) ؟ .
فأجاب بقوله : لفظ (لك الله ) الظاهر أنه من جنس ( لله درك ) وإذا كان من جنس هذا فإن هذا اللفظ جائز، ومستعمل عند أهل العلم وغيرهم ، والأصل في هذا وشبهه الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه ، والواجب التحرز عن التحريم فيما الأصل فيه الحل .
82- سئل فضيلة الشيخ : عن عبارة لم تسمح لي الظروف ؟ أو لم يسمح لي الوقت ؟ .
فأجاب قائلا : إن كان القصد انه لم يحصل وقت يتمكن فيه من المقصود فلا بأس به ، وإن كان القصد أن للوقت تأثيرا فلا يجوز .
83- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم استعمال لو ؟ .
فأجاب بقوله : استعمال (لو) فيه تفصيل على الوجوه التالية :
الوجه الأول : أن يكون المراد بها مجرد الخبر فهذه لا بأس بها مثل أن يقول الإنسان لشخص لو زرتني لأكرمتك، أو لو علمت بك لجئت إليك .
الوجه الثاني : أن يقصد بها التمني فهذه على حسب ما تمناه إن تمنى بها خيرا فهو مأجور بنيته ، وإن تمنى بها سوى ذلك فهو بحسبه ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ، في الرجل الذي له مال ينفقه في سبيل الله وفي وجوه الخير ورجل آخر ليس عنده مال ، قال لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هما في الآجر سواء " والثاني رجل ذو مال لكنه ينفقه في غير وجوه الخير فقال رجل آخر : لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هما في الوزر سواء " فهي إذا جاءت للتمني تكون بحسب ما تمناه العبد إن تمنى خيرا فهي خير ، وإن تمنى سوى ذلك فله ما تمنى .
الوجه الثالث : أن يراد بها التحسر على ما مضى فهذه منهي عنها ، لأنها لا تفيد شيئا وإنما تفتح الأحزان والندم وفي هذه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير أحرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز ، وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان " . وحقيقة أنه لا فائدة منها في هذا المقام لأن الإنسان عمل ما هو مأمور به من السعي لما ينفعه ولكن القضاء والقدر كان بخلاف ما يريد فكلمة ( لو ) في هذا المقام إنما تفتح باب الندم والحزن ، ولهذا نهي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الإسلام لا يريد من الإنسان أن يكون محزوناً ومهموما بل يريد منه أن يكون منشرح للصدر وأن يكون مسرورا طليق الوجه،وبه الله المؤمنين النقطة بقوله : ) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله ( (1) . وكذلك في الأحلام المكروهة التي يراها النائم في منامه فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد المرء إلى أن يلتفت عن يساره ثلاث مرات ، وأن يستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان ، وأن ينقلب إلى الجنب الآخر ، وإلا يحدث بها أحداً لأجل أن ينساها ولا تطرأ على باله قال : " فإن ذلك لا يضره " . والمهم أن الشرع يحب من المرء أن يكون دائما في السرور ، ودائما في الفرح ليكون متقبلا لما يأتيه من أوامر الشرع ، لأن الرجل إذا كان في ندم ووهم وفي غم وحزن لا شك انه يضيف ذرعا بما يلقي عليه من أمور الشرع وغيرها، ولهذا يقول الله – تعالى – لرسوله دائما : ) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ( (1) ) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ( (2) وهذه النقطة بالذات تجد بعض الغيورين على دينهم إذا رأوا من الناس ما يكرهون تجدهم يأثر ذلك عليهم ، حتى على عبادتهم الخاصة ولكن الذي ينبغي أن يتلقوا ذلك بحزم وقوة ونشاط فيقوموا بما أوجب الله عليهم من الدعوة إلى الله على بصيرة ، ثم أنه لا يضرهم من خلافه .
84- سئل فضيلة الشيخ : عن العبارة (لو لا الله وفلان ) ؟ .
فأجاب قائلا : قرن غير الله بالله في الأمور القدرية بما يفيد الاشتراك وعدم الفرق أمر لا يجوز ، ففي المشيئة مثلا لا يجوز ، ففي المشيئة مثلا لا يجوز أن تقول ( ما شاء الله وشئت ) لأن هذا قرن لمشيئة المخلوق بحرف يقتضي التسوية وهو نوع من الشرك ، لكن لابد أن تأتي بـ ( ثم ) فتقول ( ما شاء الله ثم شئت ) كذلك أيضا إضافة الشيء إلى سببه مقرونا بالله بحرف يقتضي التسوية ممنوع فلا تقول ( لو لا الله وفلان أنقذني لغرقت ) فهذا حرام ولا يجوز لأنك جعلت السبب المخلوق مساويا للخالق السبب ، وهذا نوع من الشرك ، ولكن لا يجوز أن تضيف الشيء إلى سببه بدون قرن مع الله فتقول ( لو لا فلان لغرقت ) إذا كان السبب صحيحا وواقعا ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في أبي طالب حين أخبر أن عليه نعلين يقلي منهما دماغه قال : ( ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) فلم يقل لو لا الله ثم أنا مع أنه ما كان في هذه الحال من العذاب إلا بمشيئة الله ، فإضافة الشيء إلى سببه المعلوم شرعا أو حسا جائز وإن لم يذكر معه الله – عز وعلا - ، وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعا أو حسا بحرف يقتضي التسوية ك ( ثم ) وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعا أو حسا بحرف يقتضي التسوية ك ( الواو ) حرام ونوع من الشرك ، وإضافة الشيء إلى سبب موهوم غير معلوم حرام ولا يجوز وهو نوع من الشرك مثل العقد والتمائم وما أشبهها بإضافة الشيء إليها خطأ محض، ونوع من الشرك لأن إثبات سبب من الأسباب لم يجعله الله نوعا من الإشراك به ، فكأنك أنت جعلت هذا الشيء سببا والله – تعالى – لم يجعله فلذلك صار نوعا من الشرك بهذا الاعتبار .
85- وسئل فضيلة الشيخ : عن قولهم ( المادة لا تفني ولا تزول ولم تخلق من عدم ) ؟ .
فأجاب قائلا : القول بأن المادة لا تفني وأنها لم تخلق من عدم كفر ولا يمكن أن يقوله مؤمن ، فكل شئ في السموات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم كما قال – تعالى - : ) الله خالق كل شئ ( (1) . وليس هناك شئ أذلي أبدي سوى الله .
وأما كونها لا تفني فإن عنى بذلك أن كل شئ لا يفني بذاته فهذا أيضا خطأ وليس بثواب ؛ لأن كل شئ موجود فهو قابل للفناء ، وإن أراد به أن من مخلوقات ما لا يفني بإرادة الله فهذا حق ، فالجنة لا تفني وما فيها من نعيم لا يفني ، وأهل الجنة لا يفنون ، وأهل النار لا يفنون . لكن هذه الكلمة المطلقة ( ليس المادة لها أصل في الوجود وليس لها أصل في البقاء ) هذه على إطلاقها الكلمة إلحادية فتقول المادة مخلوقة من عدم ، وكل شئ سوى الله فالأصل فيه العدم .
أما مسألة الفناء تقدم للتفصيل فيها . والله الموفق .
86- سئل فضيلة الشيخ : ما حكم قول ( شاءت قدرة الله ) ، وإذا كان الجواب بعدمه فلماذا؟ مع أن الصفة تتبع موصوفها ، والصفة لا تنفعك عن ذات الله ؟ .
فأجاب قائلا : لا يصح أن نقول ( شاءت قدرة الله ) ؛ لأن المشيئة إرادة والقدرة معنى ، والمعنى لا إرادة له وإنما الإرادة للمريد ، والمشيئة للشائي ولكننا نقول : اقتضت حكمة الله كذا وكذا ، أو نقول عن الشيء إذا وقع هذه قدرة الله كما نقول هذا خلق الله ، وأما إضافة أمر يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز .
وأما قول السائل ( إن الصفة تتبع الموصوف ) فنقول : نعم ، وكونها تابعة للموصوف تدل على أنه لا يمكن أن نسند إليها شئ يستقل به الموصوف، فهي دارجة على لسان كثير من الناس ، يقول شاءت قدرة الله كذا وكذا، شاء القدر كذا وكذا، وهذا لا يجوز ؛ لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدر.
87- سئل فضيلة الشيخ : عن هذه العبارة : ( ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ) ؟ .
فأجاب قائلا : يقول النص : ( ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ) ، ويعنون ما توقعت وما ظننت أن يكون هكذا ، وليس المعنى ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلا ، فالمعنى أنه ما كان يقع في ذهنه هذا الأمر، هذا هو المراد بهذا التعبير ، فالمعنى أذن صحيح لكن اللفظ فيها إيهام ، وعلى هذا يكون تنجب هذا اللفظ أحسن لأنه موهم ، ولكن التحريم صعب أن نقول حرام مع وضوح المعنى أنه لا يقصد به إلا ذلك .
88- سئل فضيلة الشيخ : عن قول الآنيان إذا شاهد جنازة : ( من المتوفي ) بالياء ؟ .
فأجاب بقوله : الأحسن أ ن يقال من المتوفى وإذا قال من المتوفي ؟ فلها معنى في اللغة العربية ، لأن هذا الرجل توفى حياته وأنهاها .
89- سئل فضيلة الشيخ : عن قول ( إن فلان له المثل الأعلى ) ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز على سبيل الإطلاق ، إلا لله – سبحانه وتعالى - ، فهو الذي له المثل الأعلى ، وإما إذا قال : ( فلان كان المثل الأعلى في كذا وكذا ) وقيده فهذا لا بأس به .
90- سئل فضيلة الشيخ : ما حكم قوله ( دفن في مثواه الأخير ) ؟ .
فأجاب قائلا : قول القائل ( دفن في مثواه الأخير ) حرام ولا يجوز لأنك إذا قلت في مثواه الأخير فمقتضاه أن القبر آخر شئ له ، وهذا يتضمن إنكار البعث ومن المعلوم لعامة المسلمين أن القبر ليس آخر شئ ، إلا عند الذين لا يؤمنون باليوم الآخر ، فالقبر آخر شئ عندهم ، أما المسلم فليس آخر شئ عنده القبر قد سمع إعرابي رجلا يقرأ قوله – تعالى : : )أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) ( (1) . وقال : " والله ما الزائر بمقيم " لأن الذي يزور يمشي فلابد من بعث وهذا صحيح :
لهذا يجب تجنب هذه العبارة ولا يقال عن القبر أنه المثوى الأخير ، لأن المثوى الأخير إما الجنة وإما النار يوم القيامة .
91- وسئل عن قول : ( مسيجيد ، مصحيف ) ؟ .
فأجاب قائلا : الأولى أن يقال المسجد والمصحف بلفظ التكبير لا التصغير ، لأنه قد يوهم الاستهانة به .
92- سئل فضيلة الشيخ : عن إطلاق المسيحية على النصرانية ؟ والمسيحي على النصراني ؟ .
فأجاب بقوله : لا شك أن انتساب النصارى إلى المسيح بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم إيمان بالمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام،لأن الله – تعالى – قال وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ( (1) ، لم يبشرهم المسيح عيسى ابن مريم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، إلا من أجل أن يقبلوا ما جاء به لأن البشارة بما ينفع لغو من القول لا يمكن أن تأتي من أدنى الناس عقلا ، فضلا عن أن تكون صدرت من عند أحد الرسل الكرام أولو العزم عيسى ابن مريم ، عليه الصلاة والسلام ، وهذا الذي بشر به عيسى ابن مريم بنى إسرائيل هو محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله فلما جاءهم بالبيانات قالوا هذا سحر مبين ( . وهذا يدل على أن الرسول الذي بشر به قد جاء ولكنهم كفرو به وقالوا هذا سحر مبين ، فإذا كفرو بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وحين إذا لا يصح أن ينتسبوا إليه فيقولوا إنهم مسيحيون ، إذ لو كانوا حقيقة لآمنوا بما بشر به المسيح ابن مريم لأن عيسى ابن مريم وغيره من الرسل قد أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، كما قال الله – تعالى ) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ((1) قال) أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ( (2) والذي جاء مصدقا لما معهم هو محمد صلى الله عليه وسلم ، لقوله – تعالى : ) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُم( (3) .
وخلاصة القول أن نسبة النصارى إلى المسيح عيسى ابن مريم نسبة يكذبها الواقع ، لأنهم كفروا ببشارة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، وكفرهم به كفر بعيسى ابن مريم ، عليه الصلاة والسلام.
93- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم قول ( فلان المغفور له ) و ( فلان المرحوم) ؟ .
فأجاب بقوله : بعض الناس ينكر قول القائل ( فلان المغفور له ، وفلان المرحوم ) ويقولون : إننا نعلم هل هذا الميت من المرحومين المغفور لهم أو ليس منهم ؟ وهذا الإنكار في محله إذا كان الإنسان يخبر خبرا أن هذا الميت قد رحم أو غفر له،لأنه لا يجوز أن نخبر أن هذا الميت قد رحم،أو غفر له بدون علم قال الله – تعالى- : ) ولا تقف ما ليس لك به علم ( (4) لكن الناس لا يريدون بذلك الأخبار قطعا ، فالإنسان الذي يقول المرحوم الوالد ، المرحومة الوالدة ونحو ذلك لا يريدون بهذا الحزم أو الأخبار بأنهم مرحومون ، وإنما يريدون بذلك الدعاء أن الله – تعالى – قد رحمهم والرجاء ، وفرق بين الدعاء والخبر ، ولهذا نحن نقول فلان رحمه الله ، فلان غفر الله له ، فلان عفا الله عنه ، ولا فرق من حيث اللغة العربية بين قولنا ( فلان المرحوم ) و ( فلان رحمه الله ) لأن جملة ( رحمه الله ) جملة خبرية ، والمرحوم بمعنى الذي رحم فهي أيضا خبرية ، فلا فرق بينهما أي بين مدلوليهما في اللغة العربية فمن منع ( فلان المرحوم ) يجب أن يمنع ( فلان رحمه الله ) .
على كل حال نقول لا إنكار في هذه الجملة أي في قولنا ( فلان المرحوم ، وفلان المغفور له ) وما أشبه ذلك لأننا لسنا نخبر بذلك خبرا ونقول أن الله قد رحمه ، وأن الله قد غفر له ، ولكننا نسأل الله نرجوه فهو من باب الرجاء والدعاء وليس من باب الإخبار ، وفرق بين هذا وهذا .
94- سئل فضيلة الشيخ :عن هذه العبارة ( المكتوب على الجبين لابد تراه العين ) ؟ .
فأجاب بقوله : هذا وردت فيه آثار أنه يكتب على الجبين ما يكون على الإنسان ، لكن الآثار هذه ليست إلى ذلك في الصحة ، بحيث يعتقد الإنسان مدلولها فالأحاديث الصحيحة أن الإنسان يكتب عليه في بطن أمه أجله ، وعمله ، ورزقه ، وشقي أم سعيد .
95- سئل فضيلة الشيخ :عن قول الإنسان إذا خاطب ملكا ( يا مولاي ) ؟ .
فأجاب بقوله : الولاية تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : ولاية مطلقة وهذه لله عز وجل كالسيادة المطلقة ، وولاية الله بالمعنى العام شاملة لكل أحد قال الله – تعالى -ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق إلا له الحكم وهو أسرع الحاسبين( (1) فجعل له سبحانه الولاية على هؤلاء المفترين،وهذه ولاية عامة،وأما بالمعنى الخاص فهي خاصة بالمؤمنين المتقين قال الله – تعالى - : ) ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ( (2) قال الله – تعالى - : ) إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون ( (3) وهذه ولاية خاصة .
القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة ، فهذه تكون لغير الله ولها في اللغة معاني كثيرة منها الناصر ، والمتولي للأمور،والسيد، قال الله – تعالى - ) وإن تظاهر عليهم فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ( (4) وقال ، صلى الله عليه وسلم(من كنت مولاه فعلي مولاه ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنما الولاء لمن اعتق ).
وعلى هذا فلا بأس أن يقول القائل للملك : مولاي بمعنى سيدي ما لم يخشى من ذلك محذور .
96- وسئل فضيلة الشيخ :يحتج بعض الناس إذا نهي عن أمر مخالف للشريعة أو للآداب الإسلامية (الناس يفعلون كذا ) ؟ .
فأجاب بقوله :هذا ليس بحجة لقوله – تعالى- : ) وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله( (5)
ولقوله ) ما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ( (6 ) والحجة فيما قاله الله ورسوله ، صلى الله عليه وسلم أو كان عليه السلف الصالح .
97- وسئل فضيلة الشيخ :عن قول الإنسان لضيفه : ( وجه ال
مواضيع مماثلة
» طرق لحفظ كتاب الله 1- ان حفظ كتاب الله عمل عظيم النفع و الثواب في الدنيا و الآخرة، فأنت تحفظ في عقلك و قلبك كلام الله. و الله لا يضل و لا يرهق من كان في قلبه كلامه. فأخلص النية لله و اطلب العون و الصبر من الله، و اعلم أن الشيطان سيجتهد عليك لحرمانك من هذ
» : المناهي اللفظية
» الوجه الأول : وهو على قسمين : المناهي اللفظيه
» الحلقة ( 19 )رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع عائشة -رضي الله عنها- في...
» رمضان بين الروح والجسد
» : المناهي اللفظية
» الوجه الأول : وهو على قسمين : المناهي اللفظيه
» الحلقة ( 19 )رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع عائشة -رضي الله عنها- في...
» رمضان بين الروح والجسد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى