مسائل متعلقة بالتوبة من السرقة
صفحة 1 من اصل 1
مسائل متعلقة بالتوبة من السرقة
[
ثالثا :b]السؤال:
عندي صديق يسأل وينتظر الإجابة بشغف شديد : اجتمع عنده مال من حرام وحلال ، أما الحرام فجمعه بالسرقة من الجيوب والكذب والغش والأخذ من أموال المصنع الذي كان يعمل فيه ، وبيع بعض المنتوجات المسروقة ، أما الحلال فمرتبه الشهري فقط ، زائد ما أعطاه له أبوه من مال عن طيب خاطر . ومكث على هذه الحال 40سنة حتى خرج للتقاعد من المصنع منذ 5 سنوات ، وهو يمارس مهنة التجارة بالماليين معا ، يعني اختلط المالان الحلال والحرام.... ولم يترك صلاة ليوم واحد يعني مصلى منذ الصغر... ولكن يسأل سؤالين :
أولهما : يريد التوبة من السرقة فكيف يتوب وماله مخلوط بالحرام ، كيف يفعل لتصح توبته ويصفي تجارته من الحرام ، علما أنه لا يستطيع تذكر الناس الذين سرقهم وكم سرق لهم ، خصوصا المصنع الذي عمل فيه ، فهو قد سرق لمدة 40 سنة .. ثانيا : هل صلاته صحيحة طوال هذه السنين التي كان يسرق فيها ، مع العلم أنه كان يغتسل ويرفع الجنابة بمال حرام . ثالثا : هل دعواته التي كان يدعو بها لمدة 40سنة غير مقبولة كما هو معلوم ...علما أنه عاش منذ صغره في البؤس والحرمان ، لهذا أراد لنفسه حياة أفضل ، فاتجه للعمل عند الناس ، فلما لم يعطوه حقه وظلموه ، قرر السرقة ليعيش بكرامة إنسان... أفيدونا يرحمكم الله ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
يشترط لصحة التوبة فيما يتعلق بحقوق العباد : رد المظالم أو التحلل منها ؛ لما روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ).
وعليه فيلزم صاحبك أن يرد المال إلى المسروق منه ، أو إلى ورثته في حال موته ، فإن تعذرت معرفته أو الوصول إليه ، فإنه يتصدق بالمال عنه ، على أنه متى جاء يوما من الدهر خيّر بين إمضاء الصدقة ، أو إعطائه المال .
وإذا جهلت قدر المال المسروق ، فإنه يرد ما يغلب على ظنه أنه يبرأ به ، فيقدر المبلغ تقديرا ، ويحتاط لنفسه حتى يغلب على ظنه أن ذمته قد برأت .
فإن طال عليه الزمان ، كما ورد في السؤال ، وشق عليه التحري : أخرج نصف ما بيده من المال ، خاصة إذا كان يغلب على ظنه أن الأمر قريب من ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْمَالَ نِصْفَيْنِ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ نِصْفَهُ وَالنِّصْفُ الثَّانِي يُوَصِّلُهُ إلَى أَصْحَابِهِ إنْ عَرَفَهُمْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ "انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/328).
وما عجز عن رده الآن ، فهو دين عليه ، لا تبرأ ذمته إلا بدفعه ، والواجب عليه حينئذ أن يثبته في وصية له ، خشية أن يفاجئه الموت قبل سداده ؛ لما روى البخاري (2738) ومسلم (1627) عن ابن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلَاثَ لَيَالٍ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي ).
وليعلم أن التائب الصادق إن عزم على رد المال لأهله ، ثم فاجأه الموت ، فإنه يرجى من الله تعالى أن يعفو ويتجاوز عنه وأن يرضي عنه أصحاب الأموال يوم القيامة ، ويُستأنس لهذا بما رواه البخاري (2387) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ومن مات مُعْدِما : يُرْجَى أن الله يقضي عنه ما عليه " انتهى من "الاختيارات" (166) .
وإذا سرق الإنسان مال غيره ، وشق عليه أن يخبره بذلك ، أو خشي زيادة المفسدة بإخباره ، كأن تحصل القطيعة بينهما ، فلا يلزمه إخباره ، بل يرد المال إليه بأي طريق ممكن ، كأن يدخله في حسابه ، أو يعطيه لمن يوصله إليه .
هذه قواعد التوبة من السرقة ، وقد سبق بيانها مفصلة في جواب السؤال رقم (83099) ، ورقم (142235) .
ثانيا :
من توضأ واغتسل بماء مغصوب ، أو ماء اشتراه بمال حرام ، فوضوؤه صحيح ، وعليه إثم غصبه أو سرقته . وينظر : الشرح الممتع (5/ 57).
من أسباب قبول الدعاء : طيب المطعم ، ومن أسباب رده : خبث المكسب ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (13506) .
هذا من حيث العموم ، والله سبحانه واسع الفضل ، عظيم الإحسان ، ينعم على عباده النعم العظيمة الجزيلة مع عصيانهم وتقصيرهم ، فما يدري صاحبك لعل الله استجاب له دعوات ودعوات ، ومع ذلك فلا ينبغي أن يشغل نفسه بالدعوات الماضية ، بل يجتهد الآن في إصلاح ما بقي من عمره ، ويقبل على ربه ومولاه ، ويجتهد في إطابة مطعمه وكسبه .
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبته وأن يعينه على رد ما أخذ من أموال الناس .
والله أعلم .
[/b]
ثالثا :b]السؤال:
عندي صديق يسأل وينتظر الإجابة بشغف شديد : اجتمع عنده مال من حرام وحلال ، أما الحرام فجمعه بالسرقة من الجيوب والكذب والغش والأخذ من أموال المصنع الذي كان يعمل فيه ، وبيع بعض المنتوجات المسروقة ، أما الحلال فمرتبه الشهري فقط ، زائد ما أعطاه له أبوه من مال عن طيب خاطر . ومكث على هذه الحال 40سنة حتى خرج للتقاعد من المصنع منذ 5 سنوات ، وهو يمارس مهنة التجارة بالماليين معا ، يعني اختلط المالان الحلال والحرام.... ولم يترك صلاة ليوم واحد يعني مصلى منذ الصغر... ولكن يسأل سؤالين :
أولهما : يريد التوبة من السرقة فكيف يتوب وماله مخلوط بالحرام ، كيف يفعل لتصح توبته ويصفي تجارته من الحرام ، علما أنه لا يستطيع تذكر الناس الذين سرقهم وكم سرق لهم ، خصوصا المصنع الذي عمل فيه ، فهو قد سرق لمدة 40 سنة .. ثانيا : هل صلاته صحيحة طوال هذه السنين التي كان يسرق فيها ، مع العلم أنه كان يغتسل ويرفع الجنابة بمال حرام . ثالثا : هل دعواته التي كان يدعو بها لمدة 40سنة غير مقبولة كما هو معلوم ...علما أنه عاش منذ صغره في البؤس والحرمان ، لهذا أراد لنفسه حياة أفضل ، فاتجه للعمل عند الناس ، فلما لم يعطوه حقه وظلموه ، قرر السرقة ليعيش بكرامة إنسان... أفيدونا يرحمكم الله ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
يشترط لصحة التوبة فيما يتعلق بحقوق العباد : رد المظالم أو التحلل منها ؛ لما روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ).
وعليه فيلزم صاحبك أن يرد المال إلى المسروق منه ، أو إلى ورثته في حال موته ، فإن تعذرت معرفته أو الوصول إليه ، فإنه يتصدق بالمال عنه ، على أنه متى جاء يوما من الدهر خيّر بين إمضاء الصدقة ، أو إعطائه المال .
وإذا جهلت قدر المال المسروق ، فإنه يرد ما يغلب على ظنه أنه يبرأ به ، فيقدر المبلغ تقديرا ، ويحتاط لنفسه حتى يغلب على ظنه أن ذمته قد برأت .
فإن طال عليه الزمان ، كما ورد في السؤال ، وشق عليه التحري : أخرج نصف ما بيده من المال ، خاصة إذا كان يغلب على ظنه أن الأمر قريب من ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْمَالَ نِصْفَيْنِ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ نِصْفَهُ وَالنِّصْفُ الثَّانِي يُوَصِّلُهُ إلَى أَصْحَابِهِ إنْ عَرَفَهُمْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ "انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/328).
وما عجز عن رده الآن ، فهو دين عليه ، لا تبرأ ذمته إلا بدفعه ، والواجب عليه حينئذ أن يثبته في وصية له ، خشية أن يفاجئه الموت قبل سداده ؛ لما روى البخاري (2738) ومسلم (1627) عن ابن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلَاثَ لَيَالٍ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي ).
وليعلم أن التائب الصادق إن عزم على رد المال لأهله ، ثم فاجأه الموت ، فإنه يرجى من الله تعالى أن يعفو ويتجاوز عنه وأن يرضي عنه أصحاب الأموال يوم القيامة ، ويُستأنس لهذا بما رواه البخاري (2387) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ومن مات مُعْدِما : يُرْجَى أن الله يقضي عنه ما عليه " انتهى من "الاختيارات" (166) .
وإذا سرق الإنسان مال غيره ، وشق عليه أن يخبره بذلك ، أو خشي زيادة المفسدة بإخباره ، كأن تحصل القطيعة بينهما ، فلا يلزمه إخباره ، بل يرد المال إليه بأي طريق ممكن ، كأن يدخله في حسابه ، أو يعطيه لمن يوصله إليه .
هذه قواعد التوبة من السرقة ، وقد سبق بيانها مفصلة في جواب السؤال رقم (83099) ، ورقم (142235) .
ثانيا :
من توضأ واغتسل بماء مغصوب ، أو ماء اشتراه بمال حرام ، فوضوؤه صحيح ، وعليه إثم غصبه أو سرقته . وينظر : الشرح الممتع (5/ 57).
من أسباب قبول الدعاء : طيب المطعم ، ومن أسباب رده : خبث المكسب ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (13506) .
هذا من حيث العموم ، والله سبحانه واسع الفضل ، عظيم الإحسان ، ينعم على عباده النعم العظيمة الجزيلة مع عصيانهم وتقصيرهم ، فما يدري صاحبك لعل الله استجاب له دعوات ودعوات ، ومع ذلك فلا ينبغي أن يشغل نفسه بالدعوات الماضية ، بل يجتهد الآن في إصلاح ما بقي من عمره ، ويقبل على ربه ومولاه ، ويجتهد في إطابة مطعمه وكسبه .
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبته وأن يعينه على رد ما أخذ من أموال الناس .
والله أعلم .
[/b]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى