منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي
منتدي رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير سورة الحاقه ايه رقم 1 الى 24 الشيخ سيد قطب

اذهب الى الأسفل

تفسير سورة الحاقه ايه رقم 1 الى 24  الشيخ سيد قطب Empty تفسير سورة الحاقه ايه رقم 1 الى 24 الشيخ سيد قطب

مُساهمة  كمال العطار الخميس يونيو 14, 2012 10:09 pm

من الاية 1 الى الاية 5

الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)

سورة الحاقة

تقديم السورة الحاقة

هذه سورة هائلة رهيبة ; قل أن يتلقاها الحس إلا بهزة عميقة ; وهي منذ افتتاحها إلى ختامها تقرع هذا الحس , وتطالعه بالهول القاصم , والجد الصارم , والمشهد تلو المشهد , كله إيقاع ملح على الحس , بالهول آنا وبالجلال آنا , وبالعذاب آنا , وبالحركة القوية في كل آن !

والسورة بجملتها تلقي في الحس بكل قوة وعمق إحساسا واحدا بمعنى واحد . . أن هذا الأمر , أمر الدين والعقيدة , جد خالص حازم جازم . جد كله لا هزل فيه . ولا مجال فيه للهزل . جد في الدنيا وجد في الآخرة , وجد في ميزان الله وحسابه . جد لا يحتمل التلفت عنه هنا أو هناك كثيرا ولا قليلا . وأي تلفت عنه من أي أحد يستنزل غضب الله الصارم , وأخذه الحاسم . ولو كان الذي يتلفت عنه هو الرسول . فالأمر أكبر من الرسول وأكبر من البشر . . إنه الحق . حق اليقين . من رب العالمين .

يبرز هذا المعنى في اسم القيامة المختار في هذه السورة , والذي سميت به السورة:"الحاقة " . . وهي بلفظها وجرسها ومعناها تلقي في الحس معنى الجد والصرامة والحق والاستقرار . وإيقاع اللفظ بذاته أشبه شيء برفع الثقل طويلا , ثم استقراره استقرارا مكينا . رفعه في مدة الحاء بالألف , وجده في تشديد القاف بعدها , واستقراره بالانتهاء بالتاء المربوطة التي تنطق هاء ساكنة .

ويبرز في مصارع المكذبين بالدين وبالعقيدة وبالآخرة قوما بعد قوم , وجماعة بعد جماعة , مصارعهم العاصفة القاصمة الحاسمة الجازمة: كذبت ثمود وعاد بالقارعة . فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية , وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية . سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما , فترى القوم فيها صرعى , كأنهم أعجاز نخل خاوية . فهل ترى لهم من باقية ? وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة , فعصوا رسول ربهم , فأخذهم أخذة رابية . إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية , لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية . . وهكذا كل من تلفت عن هذا الأمر أخذ أخذة مروعة داهمة قاصمة , تتناسب مع الجد الصارم الحاسم في هذا الأمر العظيم الهائل , الذي لا يحتمل هزلا , ولا يحتمل لعبا , ولا يحتمل تلفتا عنه من هنا أو هناك !

ويبرز في مشهد القيامة المروع , وفي نهاية الكون الرهيبة , وفي جلال التجلي كذلك وهو أروع وأهول: (فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة . وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة , فيومئذ وقعت الواقعة ,وانشقت السماء فهي يومئذ واهية . . والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية). .

ذلك الهول . وهذا الجلال . يخلعان الجد الرائع الجليل على مشهد الحساب عن ذلك الأمر المهول . ويشاركان في تعميق ذلك المعنى في الحس مع سائر إيقاعات السورة وإيحاءاتها . هو وما بعده من مقالة الناجين والمعذبين: فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول:هاؤم اقرؤوا كتابيه . إني ظننت أني ملاق حسابيه . . فقد نجا وما يكاد يصدق بالنجاة . .(وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول:يا ليتني لم أوت كتابيه , ولم أدر ما حسابيه . يا ليتها كانت القاضية . ما أغنى عني ماليه . هلك عني سلطانيه). . بهذا التفجع الطويل , الذي يطبع في الحس وقع هذا المصير . .

ثم يبدو ذلك الجد الصارم والهول القاصم في النطق العلوي بالقضاء الرهيب الرعيب , في اليوم الهائل , وفي الموقف الجليلSadخذوه . فغلوه . ثم الجحيم صلوه . ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه). . وكل فقرة كأنها تحمل ثقل السماوات والأرض , وتنقض في جلال مذهل , وفي هول مروع , وفي جد ثقيل . .

ثم ما يعقب كلمة القضاء الجليل , من بيان لموجبات الحكم الرهيب ونهاية المذنب الرعيبة: إنه كان لا يؤمن بالله العظيم . ولا يحض على طعام المسكين . فليس له اليوم هاهنا حميم . ولا طعام إلا من غسلين . لا يأكله إلا الخاطئون . .

ثم يبرز ذلك المعنى في التلويح بقسم هائل , وفي تقرير الله لحقيقة الدين الأخيرSadفلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون . إنه لقول رسول كريم . وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون , ولا بقول كاهن , قليلا ما تذكرون . تنزيل من رب العالمين).

وأخيرا يبرز الجد في الإيقاع الأخير . وفي التهديد الجازم والأخذ القاصم لكل من يتلاعب في هذا الأمر أو يبدل . كائنا من كان , ولو كان هو محمدا الرسولSadولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين). . فهو الأمر الذي لا تسامح فيه ولا هوادة ولا لين . .

وعندئذ تختم السورة بالتقرير الجازم الحاسم والقول الفصل الأخير عن هذا الأمر الخطيرSadوإنه لتذكرة للمتقين . وإنا لنعلم أن منكم مكذبين . وإنه لحسرة على الكافرين . وإنه لحق اليقين . . فسبح باسم ربك العظيم). . وهو الختام الذي يقطع كل قول , ويلقي بكلمة الفصل , وينتهي إلى الفراغ من كل لغو , والتسبيح باسم الله العظيم . .

ذلك المعنى الذي تتمحض السورة لإلقائه في الحس , يتكفل أسلوبها وإيقاعها ومشاهدها وصورها وظلالها بإلقائه وتقريره وتعميقه بشكل مؤثر حي عجيب:

إن أسلوب السورة يحاصر الحس بالمشاهد الحية , المتناهية الحيوية , بحيث لا يملك منها فكاكا , ولا يتصور إلا أنها حية واقعة حاضرة , تطالعه بحيويتها وقوتها وفاعليتها بصورة عجيبة !

فهذه مصارع ثمود وعاد وفرعون وقرى لوط [ المؤتفكات ] حاضرة شاخصة , والهول المروع يجتاح مشاهدها لا فكاك للحس منها . وهذا مشهد الطوفان وبقايا البشرية محمولة في الجارية مرسوما في آيتين اثنتين سريعتين . . ومن ذا الذي يقرأSadوأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية . سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما . فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ?). . ولا يتمثل لحسه منظر العاصفة المزمجرةالمحطمة المدمرة . سبع ليال وثمانية أيام . ومشهد القوم بعدها صرعى مجدلين (كأنهم أعجاز نخل خاوية !).

وهو مشهد حي ماثل للعين , ماثل للقلب , ماثل للخيال ! وكذلك سائر مشاهد الأخذ الشديد العنيف في السورة .

ثم هذه مشاهد النهاية المروعة لهذا الكون . هذه هي تخايل للحس , وتقرقع حوله , وتغمره بالرعب والهول والكآبة . ومن ذا الذي يسمعSadوحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة). . ولا يسمع حسه القرقعة بعد ما ترى عينه الرفعة ثم الدكة !! ومن الذي يسمع: (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية . والملك على أرجائها). . ولا يتمثل خاطره هذه النهاية الحزينة , وهذا المشهد المفجع للسماء الجميلة المتينة ?! ثم من الذي لا يغمر حسه الجلال والهول وهو يسمعSadوالملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية . يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). .

ومشهد الناجي الآخذ كتابه بيمينه والدنيا لا تسعه من الفرحة , وهو يدعو الخلائق كلها لتقرأ كتابه في رنة الفرح والغبطة: هاؤم اقرؤوا كتابيه . إني ظننت أني ملاق حسابيه !

ومشهد الهالك الآخذ كتابه بشماله . والحسرة تئن في كلماته ونبراته وإيقاعاته: (يا ليتني لم أوت كتابيه . ولم أدر ما حسابيه . يا ليتها كانت القاضية . ما أغنى عني ماليه . هلك عني سلطانيه).

ومن ذا الذي لا يرتعش حسه , وهو يسمع ذلك القضاء الرهيب: خذوه , فغلوه , ثم الجحيم صلوه , ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه . . . الخ. . وهو يشهد كيف يتسابق المأمورون إلى تنفيذ الأمر الرهيب الجليل في ذلك البائس الحسير !

وحاله هناك: فليس له اليوم هاهنا حميم , ولا طعام إلا من غسلين . لا يأكله إلا الخاطئون .

وأخيرا فمن ذا الذي لا تأخذه الرجفة وتلفه الرهبة , وهو يتمثل في الخيال صورة التهديد الشديدSadولو تقول علينا بعض الأقاويل , لأخذنا منه باليمين , ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين !). .

إنها مشاهد من القوة والحيوية والحضور بحيث لا يملك الحس أن يتلفت عنها طوال السورة , وهي تلح عليه , وتضغط , وتتخلل الأعصاب والمشاعر في تأثير حقيقي عنيف !

ويشارك إيقاع الفاصلة في السورة , برنته الخاصة وتنوع هذه الرنة , وفق المشاهد والمواقف في تحقيق ذلك التأثير الحي العميق . . فمن المد والتشديد والسكت في مطلع السورة:

(الحاقة . ما الحاقة ? وما أدراك ما الحاقة ?). . إلى الرنة المدوية في الياء والهاء الساكنة بعدها . سواء كانت تاء مربوطة يوقف عليها بالسكون , أو هاء سكت مزيدة لتنسيق الإيقاع , طوال مشاهد التدمير في الدنيا والآخرة , ومشاهد الفرحة والحسرة في موقف الجزاء . ثم يتغير الإيقاع عند إصدار الحكم إلى رنة رهيبة جليلة مديدةSadخذوه . فغلوه . ثم الجحيم صلوه . . .). . ثم يتغير مرة أخرى عند تقرير أسباب الحكم , وتقرير جدية الأمر , إلى رنة رزينة جادة حاسمة ثقيلة مستقرة على الميم أو النون: نه كان لا يؤمن بالله العظيم . ولا يحض على طعام المسكين . فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين . .(وإنه لحق اليقين . فسبح باسم ربك العظيم). .

وهذا التغير في حرف الفاصلة وفي نوع المد قبلها وفي الإيقاع كله ظاهرة ملحوظة تتبع تغير السياق والمشاهدوالجو , وتتناسق مع الموضوع والصور والظلال تمام التناسق . وتشارك في إحياء المشاهد وتقوية وقعها على الحس . في السورة القوية الإيقاع العميقة التأثير .

إنها سورة هائلة رهيبة . قل أن يتلقاها الحس إلا بهزة عميقة . وهي بذاتها أقوى من كل استعراض ومن كل تحليل , ومن كل تعليق !

الدرس الأول:1 - 3 الحاقة والهول في إفتتاح السورة

(الحاقة . ما الحاقة ? . وما أدراك ما الحاقة ?). .

القيامة ومشاهدها وأحداثها تشغل معظم هذه السورة . ومن ثم تبدأ السورة باسمها , وتسمى به , وهو اسم مختار بجرسه ومعناه كما أسلفنا . فالحاقة هي التي تحق فتقع . أو تحق فتنزل بحكمها على الناس . أو تحق فيكون فيها الحق . . وكلها معان تقريرية جازمة تناسب اتجاه السورة وموضوعها . ثم هي بجرسها كما بينا من قبل تلقي إيقاعا معينا يساوق هذا المعنى الكامن فيها , ويشارك في إطلاق الجو المراد بها ; ويمهد لما حق على المكذبين بها . في الدنيا وفي الآخرة جميعا .

والجو كله في السورة جو جد وجزم , كما أنه جو هول وروع . وهو يوقع في الحس إلى جانب ما أسلفنا في التقديم , شعورا بالقدرة الإلهية الكبرى من جهة , وبضآلة الكائن الإنساني تجاه هذه القدرة من جهة أخرى ; وأخذها له أخذا شديدا في الدنيا والآخرة , عندما يحيد أو يتلفت عن هذا النهج الذي يريده الله للبشرية , ممثلا فيما يجيء به الرسل من الحق والعقيدة والشريعة ; فهو لا يجيء ليهمل , ولا ليبدل , إنما يجيء ليطاع ويحترم , ويقابل بالتحرج والتقوى . وإلا فهناك الأخذ والقصم , وهناك الهول والروع .

والألفاظ في السورة بجرسها وبمعانيها وباجتماعها في التركيب , وبدلالة التركيب كله . . تشترك في إطلاق هذا الجو وتصويره . فهو يبدأ فيلقيها كلمة مفردة , لا خبر لها في ظاهر اللفظSadالحاقة). . ثم يتبعها باستفهام حافل بالاستهوال والاستعظام لماهية هذا الحدث العظيمSadما الحاقة ?). . ثم يزيد هذا الاستهوال والاستعظام بالتجهيل , وإخراج المسألة عن حدود العلم والإدراكSadوما أدراك ما الحاقة ?). . ثم يسكت فلا يجيب على هذا السؤال . ويدعك واقفا أمام هذا الأمر المستهول المستعظم , الذي لا تدريه , ولا يتأتى لك أن تدريه ! لأنه أعظم من أن يحيط به العلم والإدراك !

الدرس الثاني:4 - 12 لقطات من مصارع الكفار السابقين

ويبدأ الحديث عن المكذبين به , وما نالهم من الهول , وما أخذوا به من القصم , فذلك الأمر جد لا يحتمل التكذيب , ولا يذهب ناجيا من يصر فيه على التكذيب:

(كذبت ثمود وعاد بالقارعة . فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية . وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية . سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما . فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية . فهل ترى لهم من باقية ?).

وهذا اسم جديد للحاقة . إنها فوق إنها تحق . . فهي تقرع . . والقرع ضرب الشيء الصلب والنقر عليه بشيء مثله . والقارعة تقرع القلوب بالهول والرعب , وتقرع الكون بالدمار والحطم . وها هي ذي بجرسها تقعقع وتقرقع , وتقرع وتفزع . . وقد كذبت بها ثمود وعاد . فلننظر كيف كانت عاقبة التكذيب . .(فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية). .
من الاية 6 الى الاية 12

وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ (Cool وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً (10) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)

وثمود - كما جاء في مواضع أخرى - كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز بين الحجاز والشام . وكان أخذهم بالصيحة كما سماها في غير موضع . أما هنا فهو يذكر وصف الصيحة دون لفظها . .(بالطاغية). . لأن هذا الوصف يفيض بالهول المناسب لجو السورة . ولأن إيقاع اللفظ يتفق مع إيقاع الفاصلة في هذا المقطع منها . ويكتفي بهذه الآية الواحدة تطوي ثمود طيا , وتغمرهم غمرا , وتعصف بهم عصفا , وتطغى عليهم فلا تبقي لهم ظلا !

وأما عاد فيفصل في أمر نكبتها ويطيل , فقد استمرت وقعتها سبع ليال وثمانية أيام حسوما . على حين كانت وقعة ثمود خاطفة . . صيحة واحدة . طاغية . .(وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية). والريح الصرصر:الشديدة الباردة . واللفظ ذاته فيه صرصرة الريح . وزاد شدتها بوصفها(عاتية). . لتناسب عتو عاد وجبروتها المحكي في القرآن , وقد كانوا يسكنون الأحقاف في جنوب الجزيرة بين اليمن وحضرموت . وكانوا أشداء بطاشين جبارين . هذه الريح الصرصر العاتية: (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما). . والحسوم القاطعة المستمرة في القطع . والتعبير يرسم مشهد العاصفة المزمجرة المدمرة المستمرة هذه الفترة الطويلة المحددة بالدقة: (سبع ليال وثمانية أيام). ثم يعرض المشهد بعدها شاخصا: (فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية). . فترى . . فالمنظر معروض تراه , والتعبير يلح به على الحس حتى يتملاه !(صرعى). . مصروعين مجدلين متناثرين (كأنهم أعجاز نخل)بأصولها وجذوعها(خاوية)فارغة تآكلت أجوافها فارتمت ساقطة على الأرض هامدة ! إنه مشهد حاضر شاخص . مشهد ساكن كئيب بعد العاصفة المزمجرة المدمرة . .(فهل ترى لهم من باقية ?). . لا ! فليس لهم من باقية !!!

ذلك شأن عاد وثمود . . وهو شأن غيرهما من المكذبين . وفي آيتين اثنتين يجمل وقائع شتى:

وجاء فرعون ومن قبله والمؤتكفات بالخاطئة . فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية . .

وفرعون كان في مصر - وهو فرعون موسى - ومن قبله لا يذكر عنهم تفصيل . والمؤتفكات قرى لوط المدمرة التي اتبعت الإفك أو التي انقلبت , فاللفظ يعني هذا وهذا . ويجمل السياق فعال هؤلاء جميعا , فيقول عنهم انهم جاءوا(بالخاطئة)أي بالفعلة الخاطئة . . من الخطيئة . . (فعصوا رسول ربهم). . وهم عصوا رسلا متعددين ; ولكن حقيقتهم واحدة , ورسالتهم في صميمها واحدة . فهم إذن رسول واحد , يمثل حقيقة واحدة - وذلك من بدائع الإشارات القرآنية الموحية - وفي إجمال يذكر مصيرهم في تعبير يلقي الهول والحسم حسب جو السورة: (فأخذهم أخذة رابية). . والرابية العالية الغامرة الطامرة . لتناسب(الطاغية)التي أخذت ثمود(والعاتية)التي أخذت عادا , وتناسب جو الهول والرعب في السياق بدون تفصيل ولا تطويل !

ثم يرسم مشهد الطوفان والسفينة الجارية , مشيرا بهذا المشهد إلى مصرع قوم نوح حين كذبوا . وممتنا على البشر بنجاة أصولهم التي انبثقوا منها , ثم لم يشكروا ولم يعتبروا بتلك الآية الكبرى:

إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية , لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية . .

ومشهد طغيان الماء ومشهد الجارية على الماء الطاغي , كلاهما يتناسق مع مشاهد السورة وظلالها . وجرس الجارية وواعية يتمشى كذلك مع إيقاع القافية . وهذه اللمسة(لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية)تلمس القلوب الخامدة والآذان البليدة , التي تكذب بعد كل ما سبق من النذر وكل ما سبق من المصائر , وكل ما سبق من الآيات , وكل ما سبق من العظات , وكل ما سبق من آلاء الله ونعمه على أصول هؤلاء الغافلين !

من الاية 13 الى الاية 16

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)

الدرس الثالث:13 - 18 صورة لهول الصعق والحشر والموقف وكل هذه المشاهد المروعة الهائلة القاصمة الحاسمة تبدو ضئيلة صغيرة إلى جانب الهول الأكبر . هول الحاقة والقارعة التي يكذب بها المكذبون , وقد شهدوا مصارع المكذبين . .

إن الهول في هذه المصارع - على ضخامتها - محدود إذا قيس إلى هول القارعة المطلق من الحدود المدخر لذلك اليوم المشهود . وهنا بعد هذا التمهيد يكمل العرض , ويكشف عن الهول كأنه التكملة المدخرة للمشاهد الأولى:

(فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة . وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة . فيومئذ وقعت الواقعة . وانشقت السماء فهي يومئذ واهية . والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية). .

ونحن نؤمن أن هناك نفخة في الصور وهو البوق تحدث بعدها هذه الأحداث . ولا نزيد في تفصيلها شيئا . لأنها غيب . ليس عندنا من دلائله إلا مثل هذه النصوص المجملة ; وليس لنا مصدر آخر لتفصيل هذا الإجمال . والتفصيل لا يزيد في حكمة النص شيئا , والجري وراءه عبث لا طائل تحته , إلا اتباع الظن المنهي عنه أصلا .

فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة , فتبع هذه النفخة تلك الحركة الهائلةSadوحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة). . ومشهد حمل الأرض والجبال ونفضها ودكها دكة واحدة تسوي عاليها بسافلها . . مشهد مروع حقا . هذه الأرض التي يجوس الإنسان خلالها آمنا مطمئنا , وهي تحته مستقرة مطمئنة . وهذه الجبال الراسية الوطيدة الراسخة التي تهول الإنسان بروعتها واستقرارها . . هذه مع هذه تحمل فتدك كالكرة في يد الوليد . . إنه مشهد يشعر معه الإنسان بضآلته وضآلة عالمه إلى جانب هذه القدرة القادرة , في ذلك اليوم العظيم . .

فإذا وقع هذا . إذا نفخ في الصور نفخة واحدة , وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة . . فهو حينئذ الأمر الذي تتحدث عنه السورةSadفيومئذ وقعت الواقعة). . والواقعة اسم من أسمائها كالحاقة والقارعة . فهي الواقعة لأنها لا بد واقعة . كأن طبيعتها وحقيقتها الدائمة أن تكون واقعة ! وهو اسم ذو إيحاء معين وهو إيحاء مقصود في صدد الارتياب فيها والتكذيب !

ولا يقتصر الهول على حمل الأرض والجبال ودكها دكة واحدة , فالسماء في هذا اليوم الهائل ليست بناجية:

(وانشقت السماء فهي يومئذ واهية). .

ونحن لا ندري على وجه التحقيق ما السماء المقصودة بهذا اللفظ في القرآن . ولكن هذا النص والنصوص الأخرى التي تشير إلى الأحداث الكونية في ذلك اليوم العظيم كلها تشير إلى انفراط عقد هذا الكون المنظور , واختلال روابطه وضوابطه التي تمسك به في هذا النظام البديع الدقيق , وتناثر أجزائه بعد انفلاتها من قيد الناموس . .

ولعله من المصادفات الغريبة أن يتنبأ الآن علماء الفلك بشيء يشبه هذا تكون فيه نهاية العالم , استنباطا من ملاحظتهم العلمية البحتة , وحسب القليل الذي عرفوه من طبيعة هذا الكون وقصته كما افترضوها . .

فأما نحن فنكاد نشهد هذه المشاهد المذهلة , من خلال النصوص القرآنية الجازمة ; وهي نصوص مجملة توحي بشيء عام ; ونحن نقف عند إيحاء هذه النصوص , فهي عندنا الخبر الوحيد المستيقن عن هذا الشأن , لأنها صادرة من صاحب الشأن , الذي خلق , والذي يعلم ما خلق علم اليقين . نكاد نشهد الأرض وهي تحمل بجبالها بكتلتها هذه , الضخمة بالقياس إلينا , الصغيرة كالهباءة بالقياس إلى الكون , فتدك دكة واحدة ; ونكاد نشهد السماء وهي مشققة واهية والكواكب وهي متناثرة منكدرة . . كل ذلك من خلال النصوص القرآنية الحية , المشخصة المشاهد بكامل قوتها كأنها حاضرة . .

من الاية 17 الى الاية 18

وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18)

ثم يغمر الجلال المشهد ويغشيه , وتسكن الضجة التي تملأ الحس من النفخة والدكة والتشقق والانتثار . يسكن هذا كله ويظهر في المشهد عرش الواحد القهار:

(والملك على أرجائها , ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية). .

والملائكة على أرجاء هذه السماء المنشقة وأطرافها , والعرش فوقهم يحمله ثمانية . . ثمانية أملاك أو ثمانية صفوف منها , أو ثمانية طبقات من طبقاتهم , أو ثمانية مما يعلم الله . لا ندري نحن من هم ولا ما هم . كما لا ندري نحن ما العرش ? ولا كيف يحمل ? ونخلص من كل هذه الغيبيات التي لا علم لنا بها , ولم يكلفنا الله من علمها إلا ما قص علينا . نخلص من مفردات هذه الغيبيات إلى الظل الجليل الذي تخلعه على الموقف . وهو المطلوب منا أن تستشعره ضمائرنا . وهو المقصود من ذكر هذه الأحداث ليشعر القلب البشري بالجلال والرهبة والخشوع , في ذلك اليوم العظيم , وفي ذلك الموقف الجليل:

(يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). .

فالكل مكشوف . مكشوف الجسد , مكشوف النفس , مكشوف الضمير , مكشوف العمل , مكشوف المصير . وتسقط جميع الأستار التي كانت تحجب الأسرار , وتتعرى النفوس تعري الأجساد , وتبرز الغيوب بروز الشهود . . ويتجرد الإنسان من حيطته ومن مكره ومن تدبيره ومن شعوره , ويفتضح منه ما كان حريصا على أن يستره حتى عن نفسه ! وما أقسى الفضيحة على الملأ . وما أخزاها على عيون الجموع ! أما عين الله فكل خافية مكشوفة لها في كل آن . ولكن لعل الإنسان لا يشعر بهذا حق الشعور , وهو مخدوع بستور الأرض . فها هو ذا يشعر به كاملا وهو مجرد في يوم القيامة . وكل شيء بارز في الكون كله . الأرض مدكوكة مسواة لا تحجب شيئا وراء نتوء ولا بروز . والسماء متشققة واهية لا تحجب وراءها شيئا , والأجسام معراة لا يسترها شيء , والنفوس كذلك مكشوفة ليس من دونها ستر وليس فيها سر !

ألا إنه لأمر عصيب . أعصب من دك الأرض والجبال , وأشد من تشقق السماء ! وقوف الإنسان عريان الجسد , عريان النفس , عريان المشاعر , عريان التاريخ , عريان العمل ما ظهر منه وما استتر . أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله , من الإنس والجن والملائكة , وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع . .

وأن طبيعة الإنسان لمعقدة شديدة التعقيد ; ففي نفسه منحنيات شتى ودروب , تتخفى فيها نفسه وتتدسس بمشاعرها ونزواتها وهفواتها وخواطرها وأسرارها وخصوصياتها . وإن الإنسان ليصنع أشد مما تصنعه القوقعة الرخوة الهلامية حين تتعرض لوخزة إبرة , فتنطوي سريعا , وتنكمش داخل القوقعة , وتغلق على نفسها تماما . إن الإنسان ليصنع أشد من هذا حين يحس أن عينا تدسست عليه فكشفت منه شيئا مما يخفيه , وأن لمحة أصابت منه دربا خفيا أو منحنى سريا ! ويشعر بقدر عنيف من الألم الواخز حين يطلع عليه أحد في خلوة من خلواته الشعورية . .

فكيف بهذا المخلوق وهو عريان . عريان حقا . عريان الجسد والقلب والشعور والنية والضمير . عريان من كل ساتر . عريان . . . كيف به وهو كذلك تحت عرش الجبار , وأمام الحشد الزاخر بلا ستار ?!

ألا إنه لأمر , أمر من كل أمر !!!

وبعدئذ يعرض مشهد الناجين والمعذبين , كأنه حاضر تراه العيون . .

من الاية 19 الى الاية 24

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)

الدرس الرابع:19 - 37 من أوتي كتابه بيمينه ومن أوتي كتابه بشماله (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول:هاؤم اقرأوا كتابيه , إني ظننت أني ملاق حسابيه . . فهو في عيشة راضية . في جنة عالية . قطوفها دانية . كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية).

وأخذ الكتاب باليمين وبالشمال ومن وراء الظهر قد يكون حقيقة مادية , وقد يكون تمثيلا لغويا جاريا على اصطلاحات اللغة العربية من تعبيرهم عن وجهة الخير باليمين ووجهة الشر بالشمال أو من وراء الظهر . . وسواء كان هذا أو ذاك فالمدلول واحد , وهو لا يستدعي جدلا يضيع فيه جلال الموقف !

والمشهد المعروض هو مشهد الناجي في ذلك اليوم العصيب , وهو ينطلق في فرحة غامرة , بين الجموع الحاشدة , تملأ الفرحة جوانحه , وتغلبه على لسانه , فيهتف: هاؤم اقرؤوا كتابيه . . ثم يذكر في بهجة أنه لم يكن يصدق أنه ناج , بل كان يتوقع أن يناقش الحساب . . " ومن نوقش الحساب عذب " كما جاء في الأثر:عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:قال رسول الله [ ص ]:" من نوقش الحساب عذب " فقلت:أليس يقول الله تعالىSadفأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا)فقال:" إنما ذلك العرض وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك " .

وقد قال ابن أبي حاتم:حدثنا بشر بن مطر الواسطي , حدثنا يزيد بن هارون , أخبرنا عاصم , عن الأحول , عن أبي عثمان , قال:المؤمن يعطى كتابه بيمينه في ستر من الله , فيقرأسيئاته , فكلما قرأ سيئة تغير لونه , حتى يمر بحسناته فيقرؤها فيرجع إليه لونه , ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات . قال:فعند ذلك يقول: هاؤم اقرؤوا كتابيه .

وروى عن عبد الله بن حنظلة - غسيل الملائكة - قال:إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي - أي يظهر - سيئاته في ظهر صحيفته , فيقول له:أنت عملت هذا ? فيقول:نعم أي رب ! فيقول له:إني لم أفضحك به , وإني قد غفرت لك . فيقول عند ذلك: هاؤم اقرؤوا كتابيه . إني ظننت أني ملاق حسابيه .

وفي الصحيح من حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى , فقال:" سمعت رسول الله [ ص ] يقول:" يدني الله العبد يوم القيامة , فيقرره بذنوبه كلها , حتى إذا رأى أنه قد هلك قال الله تعالى:إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم . ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه . وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد:هؤلاء الذين كذبوا على ربهم , ألا لعنة الله على الظالمين " . .

ثم يعلن على رؤوس الأشهاد ما أعد لهذا الناجي من النعيم , الذي تبدو فيه هنا ألوان من النعيم الحسي , تناسب حال المخاطبين إذ ذاك , وهم حديثو عهد بجاهلية , ولم يسر من آمن منهم شوطا طويلا في الإيمان , ينطبع به حسه , ويعرف به من النعيم ما هو أرق وأعلى من كل متاع:

(فهو في عيشة راضية . في جنة عالية . قطوفها دانية . كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية). .

وهذا اللون من النعيم , مع هذا اللون من التكريم في الالتفات إلى أهله بالخطاب وقوله: (كلوا واشربوا

كمال العطار
كمال العطار
مدير المنتدي
مدير المنتدي

عدد المساهمات : 5682
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

https://reydalsalhen.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى