منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي
منتدي رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير سورة القمر ايه 35 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب

اذهب الى الأسفل

تفسير سورة القمر ايه 35 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب Empty تفسير سورة القمر ايه 35 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب

مُساهمة  كمال العطار الخميس يونيو 14, 2012 1:52 pm

من الاية 35 الى الاية 42

نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37) وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (40) وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ (42)

والحاصب:الريح تحمل الحجارة . وفي مواضع أخرى ورد أنه أرسل إليهم حجارة من طين , ولفظة الحاصب ذات جرس كأنه وقع الحجارة , وفيه شدة وعنف تناسب جو المشهد . ولم ينج إلا آل لوط - إلا امرأته - نعمة من عند الله جزاء إيمانهم وشكرهم . . (كذلك نجزي من شكر). فننجيه وننعم عليه في وسط المهالك والمخاوف .

والآن وقد عرض القصة من طرفيها:طرف التكذيب وطرف الأخذ الشديد . فإنه يعود لشيء من التفصيل فيما وقع بين الطرفين . . وهذه إحدى طرق العرض القرآنية للقصة حين يراد إبراز إيحاءات معينة من إيرادها في هذا النسق . هذه التفصيلات هي:

(ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر . ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم , فذوقوا عذابي ونذر . ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر). .

وطالما أنذر لوط قومه عاقبة المنكر الشاذ الذي كانوا يأتونه , فتماروا بالنذر , وشكوا فيها وارتابوا , وتبادلوا الشك والارتياب فيما بينهم وتداولوه , وجادلوا نبيهم فيه . وبلغ منهم الفجور والاستهتار أن يراودوه هو نفسه عن ضيفه - من الملائكة - وقد حسبوهم غلمانا صباحا فهاج سعارهم الشاذ الملوث القذر ! وساوروا لوطا يريدون الاعتداء المنكر على ضيوفه , غير محتشمين ولا مستحيين , ولا متحرجين من انتهاك حرمة نبيهم الذي حذرهم وأنذرهم عاقبة هذا الشذوذ القذر المريض .

عندئذ تدخلت يد القدرة , وتحرك الملائكة لأداء ما كلفوه وجاءوا من أجله: (فطمسنا أعينهم)فلم يعودوا يرون شيئا ولا أحدا ; ولم يعودوا يقدرون على مساورة لوط ولا الإمساك بضيفه ! والإشارة إلى طمس أعينهم لا ترد إلا في هذا الموضع بهذا الوضوح . ففي موضع آخر ورد: (قالوا:يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك). . فزاد هنا ذكر الحالة التي صارت تمنعهم من أن يصلوا إليه . وهي انطماس العيون !

وبينما السياق يجري مجرى الحكاية , إذا به حاضر مشهود , وإذا الخطاب يوجه إلى المعذبين: (فذوقوا عذابي ونذر). . فهذا هو العذاب الذي حذرتم منه , وهذه هي النذر التي تماريتم فيها !

وكان طمس العيون في المساء . . في انتظار الصباح الذي قدره الله لأخذهم جميعا:

(ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر). .

وهو ذلك العذاب الذي عجل بذكره في السياق . وهو الحاصب الذي طهر الأرض من تلك اللوثة ومن ذلك الفساد .

ومرة أخرى تتغير طريقة العرض , ويستحضر المشهد كأنه اللحظة واقع . وينادى المعذبون وهم يعانون العذاب:

(فذوقوا عذابي ونذر)!!!

ثم يجيء التعقيب المألوف , عقب المشهد العنيف:

(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)?

الدرس السادس:41 - 42 إشارة إلى فرعون وهلاكه

وتختم هذه الحلقات بحلقة خارج الجزيرة , ومصرع من المصارع المشهورة المذكورة . في إشارة سريعة خاطفة:

من الاية 43 الى الاية 44

أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44)

(ولقد جاء آل فرعون النذر . كذبوا بآياتنا كلها , فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر). .

وهكذا تختصر قصة فرعون وملئه في طرفيها:مجئ النذر لآل فرعون وتكذيبهم بالآيات التي جاءهم بها رسولهم . وأخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر . والإشارة إلى العزة والاقتدار تلقي ظلال الشدة في الأخذ ; وفيها تعريض بعزة فرعون واقتداره على البغي والظلم . فقد ضاعت العزة الباطلة , وسقط الاقتدار الموهوم . وأخذه الله - هو وآله - أخذ عزيز حقا مقتدر صدقا . أخذهم أخذا شديدا يناسب ما كانوا عليه من ظلم وغشم وبطش وجبروت .

وعلى هذه الحلقة الأخيرة على مصرع فرعون الجبار . يسدل الستار . .

الدرس السابع:43 - 48 هلاك الظالمين في الدنيا وعذابهم في الآخرة

والآن . وقد أسدل الستار على آخر مشهد من مشاهد العذاب والنكال . والمكذبون يشهدون ; ويتلقى حسهم إيقاع هذه المشاهد:الآن والمصارع المتتالية حاضرة في خيالهم , ضاغطة على حسهم . . الآن يتوجه إليهم بالخطاب ; يحذرهم مصرعا كهذه المصارع . وينذرهم ما هو أدهى وأفظع:

(أكفاركم خير من أولئكم ? أم لكم براءة في الزبر ? أم يقولون:نحن جميع منتصر ? سيهزم الجمع ويولون الدبر . بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر . إن المجرمين في ضلال وسعر . يوم يسحبون في النار على وجوههم:ذوقوا مس سقر . إنا كل شيء خلقناه بقدر . وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر . ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر . وكل شيء فعلوه في الزبر . وكل صغير وكبير مستطر). .

إنه الإنذار بعذاب الدنيا وعذاب الآخرة ; وإسقاط كل شبهة وكل شك في صدق هذا الإنذار وسد كل ثغرة وكل طمع في الهرب والفكاك ; أو المغالطة في الحساب والفرار من الجزاء !

تلك كانت مصارع المكذبين . فما يمنعكم أنتم من مثل ذلك المصير ? (أكفاركم خير من أولئكم ?). . وما ميزة كفاركم على أولئكم ? (أم لكم براءة في الزبر). . تشهد بها الصحائف المنزلة , فتعفوا إذن من جرائر الكفر والتكذيب ? لا هذه ولا تلك . فلستم خيرا من أولئكم , وليست لكم براءة في الصحائف المنزلة , وليس هنالك إلا لقاء المصير الذي لقيه الكفار من قبلكم في الصورة التي يقدرها الله لكم .

ثم يلتفت عن خطابهم إلى خطاب عام , يعجب فيه من أمرهم:

(أم يقولون:نحن جميع منتصر).

وذلك حين يرون جمعهم فتعجبهم قوتهم , ويغترون بتجمعهم , فيقولون:إنا منتصرون لا هازم لنا ولا غالب ?

هنا يعلنها عليهم مدوية قاضية حاسمة:

(سيهزم الجمع ويولون الدبر). .

فلا يعصمهم تجمعهم , ولا تنصرهم قوتهم . والذي يعلنها عليهم هو القهار الجبار . . ولقد كان ذلك . كما لا بد أن يكون !

قال البخاري بإسناده إلى ابن عباس -:إن النبي [ ص ] قال وهو في قبة له يوم بدر:" أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبدا " . فأخذ أبو بكر رضي الله عنه

من الاية 45 الى الاية 49

سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)

بيده , وقال:حسبك يا رسول الله ألححت على ربك ! فخرج وهو يثب في الدرع , وهو يقولSadسيهزم الجمع ويولون الدبر . . .).

وفي رواية لابن أبي حاتم بإسناده إلى عكرمة , قال:لما نزلت(سيهزم الجمع ويولون الدبر)قال عمر:أي جمع يهزم ? أي أي جمع يغلب ? قال عمر:فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله [ ص ] يثب في الدرع , وهو يقولSadسيهزم الجمع ويولون الدبر). فعرفت تأويلها يومئذ !

وكانت هذه هزيمة الدنيا . ولكنها ليست هي الأخيرة . وليست هي الأشد والأدهى ; فهو يضرب عن ذكرها ليذكر الأخرى:

(بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر). .

أدهى وأمر من كل عذاب رأوه أو يرونه في هذه الأرض وأدهى وأمر من كل مشهد رأوه مرسوما فيما مر . من الطوفان , إلى الصرصر . إلى الصاعقة . إلى الحاصب . إلى آخذ فرعون وآله أخذ عزيز مقتدر !

ثم يفصل كيف هي أدهى وأمر . يفصل هذا في مشهد عنيف من مشاهد القيامة:

(إن المجرمين في ضلال وسعر . يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر). .

في ضلال يعذب العقول والنفوس , وفي سعر تكوي الجلود والأبدان . . في مقابل ما كانوا يقولون هم وأمثالهم من قبل: أبشرا منا واحدا نتبعه ? إنا إذا لفي ضلال وسعر . ليعرفوا أين يكون الضلال وأين تكون السعر !

وهم يسحبون في النار على وجوههم في عنف وتحقير , في مقابل الإعتزاز بالقوة والاستكبار . وهم يزادون عذابا بالإيلام النفسي , الذي كأنما يشهد اللحظة حاضرا معروضا على الأسماع والأنظار: (ذوقوا مس سقر)!

الدرس الثامن 49 كل مخلوق فهو بقدر الله

وفي ظل هذا المشهد المروع المزلزل يتجه بالبيان إلى الناس كافة , وإلى القوم خاصة . ليقر في قلوبهم حقيقة قدر الله وحكمته وتدبيره . .

إن ذلك الأخذ في الدنيا , وهذا العذاب في الآخرة . وما كان قبلهما من رسالات ونذر , ومن قرآن وزبر . وما حول ذلك كله من خلق ووجود وتصريف لهذا الوجود . .

إن ذلك كله , وكل صغيرة وكبيرة مخلوقة بقدر , مصرفة بقصد , مدبرة بحكمة . لا شيء جزاف . لا شيء عبث . لا شيء مصادفة . لا شيء ارتجال:

(إنا كل شيء خلقناه بقدر).

كل شيء . . كل صغير وكل كبير . كل ناطق وكل صامت . كل متحرك وكل ساكن . كل ماض وكل حاضر . كل معلوم وكل مجهول . كل شيء . . خلقناه بقدر . .

قدر يحدد حقيقته . ويحدد صفته . ويحدد مقداره . ويحدد زمانه . ويحدد مكانه . ويحدد ارتباطه بسائر ما حوله من أشياء . وتأثيره في كيان هذا الوجود .

وإن هذا النص القرآني القصير اليسير ليشير إلى حقيقة ضخمة هائلة شاملة , مصداقها هذا الوجود كله . حقيقة يدركها القلب جملة وهو يواجه هذا الوجود , ويتجاوب معه , ويتلقى عنه , ويحس أنه خليقة متناسقة تناسقا دقيقا . كل شيء فيه بقدر يحقق هذا التناسق المطلق , الذي ينطبع ظله في القلب جملة وهو يواجه هذا الوجود .

ثم يبلغ البحث والرؤية والتجربة من إدراك هذه الحقيقة القدر الذي تهيئه هذه الوسائل , ويطيقه العقل البشري , ويملك معرفته عن هذا الطريق . ووراء هذا القدر يبقى دائما ما هو أعظم وأكمل , تدركه الفطرة وينطبع فيها بتأثير الإيقاع الكوني المتناسق فيها , وهي ذاتها بعض هذا الكون المتناسق المخلوق كل شيء فيه بقدر .

ولقد وصل العلم الحديث إلى أطراف من هذه الحقيقة , فيما يملك أن يدركه منها بوسائله المهيئة له . . وصل في إدراك التناسق بين أبعاد النجوم والكواكب وأحجامها وكتلها وجاذبيتها بعضها لبعض إلى حد أن يحدد العلماء مواقع كواكب لم يروها بعد ; لأن التناسق يقتضي وجودها في المواضع التي حددوها . فوجودها في هذه المواقع هو الذي يفسر ظواهر معينة في حركة الكواكب التي رصدوها . . ثم يتحقق هذا الذي فرضوه . ويدل تحقيقه على الدقة المتناهية في توزيع هذه الأجرام , في هذا الفضاء الهائل , بهذه النسب المقدرة , التي لا يتناولها خلل أو اضطراب !

ووصل في إدراك التناسق في وضع هذه الأرض التي نعيش عليها , لتكون صالحة لنوع الحياة التي قدر الله أن تكون فيها إلى حد أن افتراض أي اختلال في أية نسبة من نسبها يودي بهذه الحياة كلها , أو لا يسمح أصلا بقيامها . فحجم هذه الأرض , وكتلتها , وبعدها عن الشمس . وكتلة هذه الشمس , ودرجة حرارتها . وميل الأرض على محورها بهذا القدر , وسرعتها في دورتها حول نفسها وحول الشمس . وبعد القمر عن الأرض . وحجمه وكتلته . وتوزيع الماء واليابس في هذه الأرض . . . إلى آلاف من هذه النسب المقدرة تقديرا , لو وقع الاختلال في أي منها لتبدل كل شيء ; ولكانت هي النهاية المقدرة لعمر هذه الحياة على هذه الأرض !

ووصل في إدراك التناسق بين عدد كبير من الضوابط التي تضبط الحياة ; وتنسق بين الأحياء والظروف المحيطة بها ; وبين بعضها وبعض . . إلى حد يعطي فكرة عن تلك الحقيقة العميقة الكبيرة التي تشير إليها الآية . فالنسبة بين عوامل الحياة والبقاء وعوامل الموت والفناء في البيئة وفي طبيعة الأحياء محفوظة دائما بالقدر الذي يسمح بنشأة الحياة وبقائها وامتدادها . وفي الوقت ذاته يحد من انتشارها إلى الحد الذي لا تكفي الظروف المهيأة للأحياء , في وقت ما , لإعالتهم وإعاشتهم !

ولعله من المفيد أن نشير إشارة سريعة إلى شيء من هذا التوازن في علاقات بعض الأحياء ببعض . إذ كنا قد أشرنا بشيء من التفصيل في سور أخرى إلى التناسق في بناء الكون , وفي ظروف الأرض . .

"إن الجوارح التي تتغذى بصغار الطيور قليلة العدد , لأنها قليلة البيض , قليلة التفريخ , فضلا على أنها لا تعيش إلا في مواطن خاصة محدودة . وهي في مقابل هذا طويلة الأعمار . ولو كانت مع عمرها الطويل , كثيرة الفراخ مستطيعة الحياة في كل موطن , لقضت على صغار الطيور وأفنتها على كثرتها وكثرة تفريخها . أو قللت من أعدادها الكبيرة اللازمة بدورها لطعام هذه الجوارح وسواها من بني الإنسان , وللقيام بأدوارها الأخرى , ووظائفها الكثيرة في هذه الأرض !

بغاث الطير أكثرها فراخا وأم الصقر مقلات نزور

وذلك للحكمة التي قدرها الله كما رأينا , كي تتعادل عوامل البقاء وعوامل الفناء بين الجوارح والبغاث !

والذبابة تبيض ملايين البويضات . ولكنها لا تعيش إلا أسبوعين . ولو كانت تعيش بضعة أعوام , تبيض فيها بهذه النسبة لغطى الذباب وجه الأرض بنتاجه ; ولغدت حياة كثير من الأجناس - وأولها الإنسان - مستحيلة على وجه هذه الأرض . ولكن عجلة التوازن التي لا تختل , في يد القدرة التي تدبر هذا الكون , وازنت بين كثرة النسل وقصر العمر فكان هذا الذي نراه !

والميكروبات - وهي أكثر الأحياء عددا , وأسرعها تكاثرا , وأشدها فتكا - هي كذلك أضعف الأحياء مقاومة وأقصرها عمرا . تموت بملايين الملايين من البرد , ومن الحر , ومن الضوء , ومن أحماض المعدات , ومن أمصال الدم , ومن عوامل أخرى كثيرة . ولا تتغلب إلا على عدد محدود من الحيوان والإنسان . ولو كانت قوية المقاومة أو طويلة العمر لدمرت الحياة والأحياء !

وكل حي من الأحياء مزود بسلاح يتقي به هجمات أعدائه ويغالب به خطر الفناء . وتختلف هذه الأسلحة وتتنوع . فكثرة العدد سلاح . وقوة البطش سلاح . وبينهما ألوان وأنواع . .

الحيات الصغيرة مزودة بالسم أو بالسرعة للهرب من أعدائها . والثعابين الكبيرة مزودة بقوة العضل , ومن ثم يندر فيها السام !

والخنفساء - وهي قليلة الحيلة - مزودة بمادة كاوية ذات رائحة كريهة , تصبها على كل من يلمسها , وقاية من الأعداء !

والظباء مزودة بسرعة الجري والقفز , والأسود مزودة بقوة البأس والافتراس !

وهكذا كل حي من الأحياء الصغار والكبار على السواء .

وكل حي مزود كذلك بالخصائص والوسائل التي يحصل بها على طعامه , والتي ينتفع معها بهذا اللون من الطعام . . الأنسان والحيوان والطير وأدنأ أنواع الأحياء سواء . .

البويضة بعد تلقيحها بالحيوان المنوي تلصق بالرحم . وهي مزودة بخاصية أكالة , تمزق جدار الرحم حولها وتحوله إلى بركة من الدم المناسب لامتصاصها ونموها ! والحبل السري الذي يربط الجنين بأمه ليتغذى منها حتى يتم وضعه , روعي في تكوينه ما يحقق الغرض الذي تكون من أجله , دون إطالة قد تسبب تخمر الغذاء فيه , أو قصر قد يؤدي إلى اندفاع الغذاء اليه بما قد يؤذيه" .

"والثدي يفرز في نهاية الحمل وبدء الوضع سائلا أبيض مائلا إلى الاصفرار . ومن عجيب صنع الله أن هذا السائل عبارة عن مواد كيماوية ذائبة تقي الطفل من عدوى الأمراض . وفي اليوم التالي للميلاد يبدأ اللبن في التكوين . ومن تدبير المدبر الأعظم أن يزداد مقدار اللبن الذي يفرزه الثدي يوما بعد يوم , حتى يصل إلى حوالي ليتر ونصف في اليوم بعد سنة , بينما لا تزيد كميته في الأيام الأولى على بضع أوقيات . ولا يقف الإعجاز عند كمية اللبن التي تزيد على حسب زيادة الطفل ; بل إن تركيب اللبن كذلك تتغير مكوناته , وتتركز مواده , فهو يكاد يكون ماء به القليل من النشويات والسكريات في أول الأمر , ثم تتركز مكوناته فتزيد نسبته النشوية والسكرية والدهنية فترة بعد أخرى , بل يوما بعد يوم بما يوافق أنسجة وأجهزة الطفل المستمر النمو" .

وتتبع الأجهزة المختلفة في تكوين الإنسان , ووظائفها , وطريقة عملها , ودور كل منها في المحافظة على حياته وصحته . . يكشف عن العجب العجاب في دقة التقدير وكمال التدبير . ويرينا يد الله وهي تدبر أمر كل فرد . بل كل عضو . بل كل خلية من خلاياه . وعين الله عليه تكلؤه وترعاه . ولن نستطيع هنا أن نفصل هذه العجائب فنكتفي بإشارة سريعة إلى التقدير الدقيق في جهاز واحد من هذه الأجهزة . جهاز الغدد الصم "تلك المعامل الكيماوية الصغيرة التي تمد الجسم بالتركيبات الكيماوية الضرورية , والتي يبلغ من قوتها أن جزءا من ألف بليون جزء منها تحدث آثارا خطيرة في جسم الإنسان . وهي مرتبة بحيث أن إفراز كل غدة يكمل إفراز الغدة الأخرى . وكل ما كان يعرف عن هذه الإفرازات أنها معقدة التركيب تعقيدا مدهشا , وأن أي اختلال في إفرازها يسبب تلفا عاما في الجسم , يبلغ حد الخطورة . إذا دام هذا الاختلال وقتا قصيرا .

أما الحيوان فتختلف أجهزته باختلاف أنواعه وبيئاته وملابسات حياته . .

"زودت أفواه الآساد والنمور والذئاب والضباع , وكل الحيوانات الكاسرة التي تعيش في الفلاة , ولا غذاء لها إلا ما تفترسه من كائنات لا بد من مهاجمتها , والتغلب عليها , بأنياب قاطعة , وأسنان حادة , وأضراس صلبة . ولما كانت في هجومها لا بد أن تستعمل عضلاتها , فلأرجلها عضلات قوية , سلحت بأظافر ومخالب حادة , وحوت معدتها الأحماض والأنزيمات الهاضمة للحوم والعظام .

فأما الحيوانات المجترة المستأنسة التي تعيش على المراعي , فهي تختلف فيما زودت به .

"وقد صممت أجهزتها الهاضمة بما يتناسب مع البيئة , فأفواهها واسعة نسبيا ; وقد تجردت من الأنياب القوية والأضراس الصلبة . وبدلا منها توجد الأسنان التي تتميز بأنها قاصمة قاطعة ; فهي تأكل الحشائش والنباتات بسرعة , وتبتلعها كذلك دفعة واحدة , حتى يمكنها أن تؤدي للإنسان ما خلقت لأجله من خدمات . وقد أوجدت العناية الخالقة لهذا الصنف أعجب أجهزة للهضم , فالطعام الذي تأكله ينزل إلى الكرش , وهو مخزن له , فإذا ما انتهى عمل الحيوان اليومي وجلس للراحة , يذهب الطعام إلى تجويف يسمى [ القلنسوة ] . ثم يرجع إلى الفم , فيمضغ ثانية مضغا جيدا , حيث يذهب إلى تجويف ثالث يسمى [ أم التلافيف ] , ثم إلى رابع يسمى [ الإنفحة ] وكل هذه العملية الطويلة أعدت لحماية الحيوان , إذ كثيرا ما يكون هدفا لهجوم حيوانات كاسرة في المراعي , فوجب عليه أن يحصل على غذائه بسرعة ويختفي . ويقول العلم إن عملية الاجترار ضرورية بل وحيوية , إذ أن العشب من النباتات العسرة الهضم , لما يحتويه من السليلوز الذي يغلف جميع الخلايا النباتية , ولهضمه يحتاج الحيوان إلى وقت طويل جدا , فلو لم يكن مجترا , وبمعدته مخزن خاص , لضاع وقت طويل في الرعي , يكاد يكون يوما بأكمله , دون أن يحصل الحيوان على كفايته من الغذاء , ولأجهد العضلات في عمليات التناول والمضغ . إنما سرعة الأكل , ثم تخزينه وإعادته بعد أن يصيب شيئا من التخمر , ليبدأ المضغ والطحن والبلع , تحقق كافة أغراض الحيوان من عمل وغذاء وحسن هضم . فسبحان المدبر .

والطيور الجارحة كالبوم والحدأة ذات منقار مقوس حاد على شكل خطاف لتمزيق اللحوم . بينما للإوز والبط مناقير عريضة منبسطة مفلطحة كالمغرفة , توائم البحث عن الغذاء في الطين والماء . وعلى جانب المنقارزوائد صغيرة كالأسنان لتساعد على قطع الحشائش .

أما الدجاج والحمام وباقي الطيور التي تلتقط الحب من الأرض فمناقيرها قصيرة مدببة لتؤدي هذا الغرض . بينما منقار البجعة مثلا طويل طولا ملحوظا , ويمتد من أسفله كيس يشبه الجراب ليكون كشبكة الصياد . إذ أن السمك هو غذاء البجعة الأساسي .

ومنقار الهدهد وأبو قردان طويل مدبب , أعد بإتقان للبحث عن الحشرات والديدان , التي غالبا ما تكون تحت سطح الأرض . ويقول العلم:إنه يمكن للإنسان أن يعرف غذاء أي طير من النظرة العابرة إلى منقاره .

أما باقي الجهاز الهضمي للطير فهو غريب عجيب . فلما لم يعط أسنانا فقد خلقت له حوصلة وقانصة تهضم الطعام . ويلتقط الطير مواد صلبة وحصى لتساعد القانصة على هضم الطعام .

ويطول بنا الاستعراض , ونخرج على منهج هذه الظلال , لو رحنا نتتبع الأنواع والأجناس الحية على هذا النحو , فنسرع الخطى إلى [ الإميبا ] وهي ذات الخلية الواحدة , لنرى يد الله معها , وعينه عليها , وهو يقدر لها أمرها تقديرا .

[ والإميبا كائن حي دقيق الحجم . يعيش في البرك والمستنقعات , أو على الأحجار الراسبة في القاع . ولا يرى بالعين إطلاقا . وهو يرى بالمجاهر , كتلة هلامية , يتغير شكلها بتغير الظروف والحاجات . فعندما تتحرك تدفع بأجزاء من جسمها تكون به زوائد , تستعملها كالأقدام , للسير بها إلى المكان المرغوب . ولذا تسمى هذه الزوائد بالأقدام الكاذبة . وإذا وجدت غذاء لها أمسكت به بزائدة أو زائدتين , وتفرز عليه عصارة هاضمة , فتتغذى بالمفيد منها , أما الباقي فتطرده من جسمها ! وهي تتنفس من كل جسمها بأخذ الأكسوجين من الماء . . فتصور هذا الكائن الذي لا يرى إطلاقا بالعين , يعيش ويتحرك , ويتغذى ويتنفس , ويخرج فضلاته ! فإذا ما تم نموه انقسم إلى قسمين , ليكون كل قسم حيوانا جديدا ] . .

وعجائب الحياة في النبات لا تقل في إثارة العجب والدهشة عن عجائبها في الإنسان والحيوان والطير والتقدير فيها لا يقل ظهورا وبروزا عنه في تلك الأحياء . (وخلق كل شيء فقدره تقديرا) . .

على أن الأمر أعظم من هذا كله وأشمل في التقدير والتدبير . إن حركة هذا الكون كله بأحداثها ووقائعها وتياراتها مقدرة مدبرة صغيرها وكبيرها . كل حركة في التاريخ ككل انفعال في نفس فرد , ككل نفس يخرج من صدر ! إن هذا النفس مقدر في وقته , مقدر في مكانه , مقدر في ظروفه كلها , مرتبط بنظام الوجود وحركة الكون , محسوب حسابه في التناسق الكوني , كالأحداث العظام الضخام !

وهذا العود البري النابت وحده هناك في الصحراء . . إنه هو الآخر قائم هناك بقدر . وهو يؤدي وظيفة ترتبط بالوجود كله منذ كان ! وهذه النملة الساربة وهذه الهباءة الطائرة . وهذه الخلية السابحة في الماء . كالأفلاك والأجرام الهائلة سواء !

تقدير في الزمان , وتقدير في المكان , وتقدير في المقدار , وتقدير في الصورة . وتناسق مطلق بين جميع الملابسات والأحوال .

من الاية 50 الى الاية 50

وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)

من ذا الذي يذكر مثلا أن زواج يعقوب من امرأة أخرى هي أم يوسف وبنيامين أخيه , لم يكن حادثا شخصيا فرديا . . إنما كان قدرا مقدورا ليحقد إخوة يوسف من غير أمه عليه , فيأخذوه فيلقوه في الجب - ولا يقتلوه - لتلتقطه السيارة . لتبيعه . في مصر . لينشأ في قصر العزيز . لتراوده امرأة العزيز عن نفسه . ليستعلي على الإغراء . ليلقى في السجن . . لماذا ? ليتلاقى في السجن مع خادمي الملك . ليفسر لهما الرؤيا . . لماذا ? إلى تلك اللحظة لا يوجد جواب ! ويقف ناس من الناس يسألون:لماذا ? لماذا يا رب يتعذب يوسف ? لماذا يا رب يتعذب يعقوب ? لماذا يفقد هذا النبي بصره من الحزن ? ولماذا يسام يوسف الطيب الزكي كل هذا الألم , المنوع الأشكال ? لماذا ? . . ولأول مرة تجيء أول إجابة بعد أكثر من ربع قرن في العذاب , لأن القدر يعده ليتولى أمر مصر وشعبها والشعوب المجاورة في سني القحط السبعة ! ثم ماذا ? ثم ليستقدم أبويه وإخوته . ليكون من نسلهم شعب بني إسرائيل . ليضطهدهم فرعون . لينشأ من بينهم موسى - وما صاحب حياته من تقدير وتدبير - لتنشأ من وراء ذلك كله قضايا وأحداث وتيارات يعيش العالم فيها اليوم بكليته ! وتؤثر في مجرى حياة العالم جميعه !

ومن ذا الذي يذكر مثلا أن زواج إبراهيم جد يعقوب من هاجر المصرية لم يكن حادثا شخصيا فرديا . إنما كان وما سبقه في حياة إبراهيم من أحداث أدت إلى مغادرته موطنه في العراق ومروره بمصر , ليأخذ منها هاجر , لتلد له إسماعيل . ليسكن إسماعيل وأمه عند البيت المحرم . لينشأ محمد [ ص ] من نسل إبراهيم - عليه السلام - في هذه الجزيرة . أصلح مكان على وجه الأرض لرسالة الإسلام . . ليكون من ذلك كله ذلك الحدث الأكبر في تاريخ البشرية العام !

إنه قدر الله وراء طرف الخيط البعيد . لكل حادث . ولكل نشأة . ولكل مصير . ووراء كل نقطة , وكل خطوة , وكل تبديل أو تغيير .

إنه قدر الله النافذ , الشامل , الدقيق , العميق .

وأحيانا يرى البشر طرف الخيط القريب ولا يرون طرفه البعيد . وأحيانا يتطاول الزمن بين المبدأ والمصير في عمرهم القصير , فتخفى عليهم حكمة التدبير . فيستعجلون ويقترحون . وقد يسخطون . أو يتطاولون !

والله يعلمهم في هذا القرآن أن كل شيء بقدر ليسلموا الأمر لصاحب الأمر , وتطمئن قلوبهم وتستريح ويسيروا مع قدر الله في توافق وفي تناسق , وفي أنس بصحبة القدر في خطوه المطمئن الثابت الوثيق . .

الدرس التاسع:50 قدرة الله المطلقة

ومع التقدير والتدبير , القدرة التي تفعل أعظم الأحداث بأيسر الإشارات:

(وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر). .

فهي إشارة واحدة . أو كلمة واحدة يتم بها كل أمر:الجليل والصغير سواء . وليس هنالك جليل ولا صغير . إنما ذلك تقدير البشر للأشياء . وليس هنالك زمن ولا ما يعادل لمح البصر . إنما هو تشبيه لتقريب الأمر إلى حس البشر . فالزمن إن هو إلا تصور بشري ناشيء من دورة أرضهم الصغيرة , ولا وجود له في حساب الله المطلق من هذه التصورات المحدودة !

واحدة تنشئ هذا الوجود الهائل . وواحدة تبدل فيه وتغير . وواحدة تذهب به كما يشاء الله . وواحدة تحيي كل حي . وواحدة تذهب به هنا وهناك . وواحدة ترده إلى الموت . وواحدة تبعثه في صورة من الصور . وواحدة تبعث الخلائق جميعا . وواحدة تجمعهم ليوم الحشر والحساب
من الاية 51 الى آخر السورة

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55)

واحدة لا تحتاج إلى جهد , ولا تحتاج إلى زمن . واحدة فيها القدرة ومعها التقدير . وكل أمر معها مقدر ميسور .

الدرس العاشر:51 - 53 هلاك الكفار في الدنيا وعذابهم في الآخرة

وبواحدة كان هلاك المكذبين على مدار القرون . وفي هذه يذكرهم بمصير أمثالهم من المكذبين:

(ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر ? وكل شيء فعلوه في الزبر , وكل صغير وكبير مستطر).

فهذه مصارع المكذبين , معروضة في الحلقات التي تضمنتها السورة من قبل . . (فهل من مدكر ?). . يتذكر ويعتبر ?

ولم ينته حسابهم بمصارعهم الأليمة , فوراءهم حساب لا يفلت منه شيءSadوكل شيء فعلوه في الزبر). . مسطر في الصحائف ليوم الحسابSadوكل صغير وكبير مستطر). . لا ينسى منه شيء وهو مسطور في كتاب !

الدرس الحادي عشر 54 - 55 تكريم المؤمنين في الجنة

وعند هذا الحد من العرض والتعقيب , يلتفت السياق إلى صفحة أخرى غير صفحة المكذبين . ويعرض صورة أخرى في ظل وادع أمين . صورة المتقين:

(إن المتقين في جنات ونهر . في مقعد صدق عند مليك مقتدر). .

ذلك بينما المجرمون في ضلال وسعر . يسحبون في النار على وجوههم في مهانة . ويلذعون بالتأنيب كما يلذعون بالسعير: (ذوقوا مس سقر). .

وهي صورة للنعيم بطرفيه: (في جنات ونهر).(في مقعد صدق عند مليك مقتدر).

نعيم الحس والجوارح في تعبير جامع شامل: (في جنات ونهر)يلقي ظلال النعماء واليسر حتى في لفظه الناعم المنساب . . وليس لمجرد إيقاع القافية تجيء كلمة(نهر)بفتح الهاء . بل كذلك لإلقاء ظل اليسر والنعومة في جرس اللفظ وإيقاع التعبير !

ونعيم القلب والروح . نعيم القرب والتكريمSadفي مقعد صدق عند مليك مقتدر). . فهو مقعد ثابت مطمئن , قريب كريم , مأنوس بالقرب , مطمئن بالتمكين . ذلك أنهم المتقون . الخائفون . المترقبون . والله لا يجمع على نفس خوفين:خوفها منه في الدنيا , وخوفها يوم القيامة . فمن اتقاه في العاجلة أمنه في الآجلة . ومع الأمان في أفزع موطن , يغمره بالأنس والتكريم .

وعند هذا الإيقاع الهادئ , في هذا الظل الآمن , تنتهي السورة التي حفلت حلقاتها بالفزع والكرب والأخذ والتدمير . فإذا للظل الآمن والإيقاع الهادئ طعم وروح أعمق وأروح . . وهذه هي التربية الكاملة . تربية العليم الحكيم بمسارب النفوس ومداخل القلوب . وهذا هو التقدير الدقيق لخالق كل شيء بقدر , وهو اللطيف الخبير . .

كمال العطار
كمال العطار
مدير المنتدي
مدير المنتدي

عدد المساهمات : 5682
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

https://reydalsalhen.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى