منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي
منتدي رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اللهم فقهه في الدين زغلول النجار

اذهب الى الأسفل

اللهم فقهه في الدين  زغلول النجار Empty اللهم فقهه في الدين زغلول النجار

مُساهمة  كمال العطار الأربعاء يونيو 22, 2011 4:58 am

كذلك فقد فات هؤلاء‏,‏ وهم ينادون بعدم الاجتهاد بالراي في فهم كتاب الله‏,‏ والوقوف عند حدود الماثور وهو مانقل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مباشره‏,‏ او عن صحابته الكرام‏,‏ او عمن عاصر الصحابه من التابعين‏,‏ موكلين مالم يفسره التراث المنقول الي الله وهو ماعرف بمنهج التفسير بالماثور او التفسير بالمنقول‏,‏ وكلنا يعلم ان التفسير بالماثور لم يشمل القران كله‏,‏ فلحكمه يعلمها الله وقد ندرك طرفا منها اليوم لم يقم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتنصيص علي المراد في كل ايه من ايات القران الكريم‏,‏ وان صحابته الكرام كانوا يجتهدون في فهم مالم ينص عليه‏,‏ وكانوا يختلفون في ذلك ويتفقون‏,‏ وان من الثابت انه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قد صوب راي جماعه من اصحابه حين فسروا ايات من كتاب الله‏,‏ وانه قد دعا لابن عباس بقوله اللهم فقهه في الدين‏,‏ وعلمه التاويل‏,‏ وان ذلك وغيره من الاقوال الماثوره قد اتخذ دليلا علي جواز الاجتهاد في التفسير في غير ما حدده رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم فمما يروي عن علي‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ حين سئل‏:‏ هل خصكم رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بشيء؟ انه قال‏:‏ ما عندنا غير ما في هذه الصحيفه‏,‏ وفهم يؤتاه الرجل في كتابه وهذا يؤكد علي ان فهم المسلمين لدلاله ايات القران الحكيم وتدبر معانيها هي ضروره تكليفيه لكل قادر عليها مؤهل للقيام بها‏,‏ وذلك يقرره الحق تبارك وتعالي في قوله وهو احكم القائلين‏:‏
كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب‏(‏ ص‏29)‏

وهذه الايه الكريمه‏,‏ وكثير غيرها من الايات القريبه في المعني امر صريح من الله تبارك وتعالي بتدبر ايات القران الكريم وفهم معانيها‏,‏ فالقران ينعي علي اولئك الذين لا يتدبرونه‏,‏ ولا يستنبطون معانيه‏,‏ وهذه اياته
افلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به‏,‏ ولو ردوه الي الرسول والي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏.....[‏ النساء الايتان‏83,82].‏
افلا يتدبرون القرءان ام علي قلوب اقفالها‏(‏ محمد الايه ‏24)‏

وقد ساق الامام الغزالي‏(‏ يرحمه الله‏)‏ الادله علي جواز فهم القران بالراي‏(‏ اي بالاجتهاد‏)‏ ثم اضاف‏:‏ فهذه الامور تدل علي ان في فهم معاني القران مجالا رحبا‏,‏ ومتسعا بالغا‏,‏ وان المنقول من ظاهر التفسير ليس منتهي الادراك فيه
وبناء علي ذلك فقد اجاز الغزالي لكل انسان ان يستنبط من القران بقدر فهمه وحد عقله‏,‏ ولو ان المبالغه في استخدام تلك الرخصه قد افرزت نتاجا لم يكن كله مستساغا مقبولا لدي العلماء‏,‏ مطابقا لمقاصد القران الكريم في الهدايه‏,‏ فقد خرج قوم من المفسرين بالايات القرانيه‏(‏ اما عن عمد واضح او جهل فاضح‏)‏ الي مالا يقبله العقل القويم‏,‏ والصحيح المنقول عن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وعن اصحابه والتابعين لهم‏,‏ وعن المنطق اللغوي واساليب العرب في الاداء حقيقه ومجازا‏,‏ وذلك لانطلاق الفرق المختلفه والمذاهب المتنوعه من غير اهل السنه والجماعه‏(‏ من فقهيه وكلاميه‏,‏ وصوفيه وباطنيه‏)‏ من منطلق التعصب لمذاهبهم ومحاولاتهم اخضاع التفاسير لخدمه مللهم ونحلهم‏,‏ مما ادي الي الموقف المتشدد من القول في القران بالراي‏,‏ ومن ثم رفض تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله علي اساس من معطيات المعارف الانسانيه المكتسبه في حقل العلوم البحته والتطبيقيه‏.‏

الدعوه الي الاجتهاد في التفسير
هناك اعداد كبيره من علماء المسلمين الذين اقتنعوا بضروره الاجتهاد في تفسير كتاب الله‏,‏ ولكنهم حصروا ذلك في مناهج محدده منها المنهج اللغوي الذي يهتم بدلاله الالفاظ‏,‏ وطرائق التعبير واساليبه والدراسات النحويه المختلفه‏,‏ والمنهج البياني الذي يحرص علي بيان مواطن الجمال في اسلوب القران‏,‏ ودراسه الحس اللغوي في كلماته‏,‏ والمنهج الفقهي الذي يركز علي استنباط الاحكام الشرعيه والاجتهادات الفقهيه‏,‏ كما ان من هؤلاء المفسرين من نادي بالجمع بين تلك المناهج في منهج واحد عرف باسم المنهج الموسوعي‏(‏ او المنهج الجمعي‏),‏ ومنهم من نادي بتفسير القران الكريم حسب الموضوعات التي اشتمل عليها‏,‏ وذلك بجمع الايات الوارده في الموضوع الواحد في كل سور القران‏,‏ وتفسير واستنباط دلالاتها استنادا الي قاعده ان القران يفسر بعضه بعضا‏,‏ وقد عرف ذلك باسم المنهج الموضوعي في التفسير‏.‏

من مبررات رفض المنهج العلمي للتفسير
اما المنهج العلمي في التفسير والذي يعتمد علي تفسير الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله تعالي حسب اتساع دائره المعرفه الانسانيه من عصر الي عصر وتبعا للطبيعه التراكميه لتلك المعرفه فقد ظل مرفوضا من غالبيه المجتهدين في التفسير وذلك لاسباب كثيره منها‏:‏
‏(1)‏ ان الاسرائيليات كانت قد نفذت اول ما نفذت الي التراث الاسلامي عن طريق محاوله السابقين تفسير تلك الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله‏,‏ وذلك لان الله تعالي قد شاء ان يوكل الناس في امور الكشف عن حقائق هذا الكون الي جهودهم المتتاليه جيلا بعد جيل‏,‏ وعصرا بعد عصر‏...,‏ ومن هنا جاءت الاشارات الكونيه في القران الكريم بصيغه مجمله‏,‏ يفهم منها اهل كل عصر معني من المعاني‏,‏ وتظل تلك المعاني تتسع باستمرار في تكامل لا يعرف التضاد‏,‏ ومن هنا ايضا لم يقم رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالتنصيص علي المراد منها في احاديثه الشريفه‏,‏ التي تناول بها شرح القران الكريم‏,‏ ولكن لما كانت النفس البشريه تواقه دوما الي التعرف علي اسرار هذا الوجود‏,‏ ولما كان الانسان قد شغل منذ القدم بتساؤلات كثيره عن نشاه الكون‏,‏ وبدايه الحياه‏,‏ وخلق الانسان ومتي حدث كل ذلك‏,‏ وكيف تم‏,‏ وما هي اسبابه؟‏,‏ وغير ذلك من اسرار الوجود‏..,‏ فقد تجمع لدي البشريه في ذلك تراث ضخم‏,‏ عبر التاريخ اختلط فيه الحق بالباطل‏,‏ والواقع بالخيال‏,‏ والعلم بالدجل والخرافه‏,‏ وكان اكثر الناس حرصا علي هذا النوع من المعرفه المكتسبه هم رجال الدين في مختلف العصور‏,‏ وقد كانت الدوله الاسلاميه في اول نشاتها محاطه بحضارات عديده تباينت فيها تلك المعارف وامثالها ثم بعد اتساع رقعه الدوله الاسلاميه واحتوائها لتلك الحضارات المجاوره‏,‏ ودخول امم من مختلف المعتقدات السابقه علي بعثه المصطفي صلي الله عليه وسلم الي دين الله‏..‏ ووصول هذا التراث الي قيامهم علي ترجمته ونقده والاضافه اليه‏.‏ حاول بعض المفسرين الاستفاده به في شرح الاشارات الكونيه الوارده بالقران الكريم فضلوا سواء السبيل لان العصر لم يكن بعصر تطور علمي كالذي نعيشه اليوم‏,‏ ولان هذا التراث كان اغلبه في ايدي اليهود‏,‏ وهم الذين ائتمروا علي الكيد للاسلام منذ بزوغ فجره‏,‏ وان النقل قد تم عمن اسلم ومن لم يسلم منهم‏,‏ علي الرغم من تحذير رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله‏:‏ اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم ولاتكذبوهم‏,‏ فاما ان يحدثوكم بحق فتكذبوه‏,‏ واما ان يحدثوكم بباطل فتصدقوه‏.‏
ويفسر ابن خلدون اسباب نقل هذه الاسرائيليات بقوله‏:‏ والسبب في ذلك ان العرب لم يكونوا اهل كتاب‏,‏ ولاعلم‏,‏ وانما غلبت عليهم البداوه والاميه‏,‏ واذا تشوقوا الي معرفه شيء مما تتشوق اليه النفوس البشريه‏:‏ في اسباب المكونات‏,‏ وبدء الخليقه‏,‏ واسرار الوجود‏,‏ فانما يسالون عنه اهل الكتاب قبلهم‏,‏ ويستفيدون منهم‏,‏ وهم اهل التوراه من اليهود‏,‏ ومن تبع دينهم من النصاري‏,‏ واهل التواره الذين بين العرب يومئذ وهم باديه مثلهم ولايعرفون من ذلك الا ما تعرفه العامه من اهل الكتاب‏,‏ ومعظمهم من حمير الذين اخذوا بدين اليهوديه‏,‏ فلما اسلموا بقوا علي ما كان عندهم مما لاتعلق له بالاحكام الشرعيه التي يحتاطون لها‏...‏

‏2‏ ان القران الكريم هو في الاصل كتاب هدايه ربانيه‏,‏ اي كتاب عقيده وعباده واخلاق ومعاملات‏,‏ بمعني اخر هو كتاب دين الله الذي اوحي به الي سائر انبيائه ورسله وتعهد الله تعالي بحفظه فحفظ‏,‏ فعلي ذلك لابد من التاكيد ان القران الكريم ليس كتاب علم تجريبي‏,‏ وان الاشارات العلميه التي وردت به جاءت في مقام الارشاد والموعظه لا في مقام البيان العلمي بمفهومه المحدد‏,‏ وان تلك الاشارات علي كثرتها جاءت في اغلب الاحيان مجمله‏,‏ وذلك بهدف توجيه الانسان الي التفكير والتدبر وامعان النظر في خلق الله‏,‏ لابهدف الاخبار العلمي المباشر‏.‏

‏3‏ ان القران الكريم ثابت لايتغير بينما معطيات العلوم التجريبيه دائمه التغير والتطور وان ما تسمي بحقائق العلم ليست سوي نظريات وفروض يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالامس‏,‏ وربما في الغد ماهو سائد اليوم وبالتاكيد فلا يجوز الرجوع اليها عند تفسير كتاب الله العزيز لانه لايجوز تاويل الثابت بالمتغير‏.‏

‏4‏ ان القران الكريم هو بيان من الله‏,‏ بينما معطيات العلوم التجريبيه لاتعدو ان تكون محاوله بشريه للوصول الي الحقيقه‏,‏ ولايجوز في ظنهم رؤيه كلام الله في اطار محاولات البشر‏,‏ كما لايجوز الانتصار لكتاب الله تعالي بمعطيات العلوم المكتسبه لان القران الكريم بصفته كلام الله هو حجه علي البشر كافه‏,‏ وعلي العلم واهله‏.‏

‏5‏ ان العلوم التجريبيه تصاغ في اغلب دول العالم اليوم صياغه تنطلق كلها من منطلقات ماديه بحت‏,‏ تفكر او تتجاهل الغيب‏,‏ ولا تؤمن بالله‏,‏ وان للكثيرين من المشتغلين بالعلوم الكونيه‏(‏ البحت والتطبيقيه‏)‏ مواقف عدائيه واضحه من قضيه الايمان بالله تعالي وبملائكته وكتبه ورسله‏,‏ وبالقدر خيره وشره‏,‏ وبحياه البرزخ وبالبعث والنشور والحساب وبالحياه الخالده في الدار الاخره اما في الجنه ابدا او في النا ر ابدا‏.‏

‏6‏ ان بعض معطيات العلوم التجريبيه قد يتباين مع عدد من الاصول الثابته في الكتاب والسنه نظرا لصياغتها من منطلقات ماديه بحت منكره لكل حقائق الغيب او متجاهله لها‏.‏

‏7‏ ان عددا من المفسرين الذين تعرضوا لتاويل بعض الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله قد تكلفوا في تحميل الايات من المعاني مالا تحمله في تعسف واضح وتكلف مفتعل علي اعناق الكلمات والايات وتحميلها من المعاني مالا تحمله‏.‏

الرد علي الرافضين للمنهج العلمي في التفسير
ان حجج المعارضين للمنهج العلمي للتفسير والتي اوردناها في الفقرات السابقه هي كلها حجج مردوده حجه بحجه كما يلي‏:‏
‏1‏ انه لاحاجه بنا اليوم الي الاسرائيليات في تفسير ايات الكونيات‏,‏ لان الرصيد العلمي في مختلف تلك المعارف قد بلغ اليوم شاوا لم يبلغه من قبل‏,‏ واذا كان من استخدم الاسرائيليات في تفسيره من الاوائل قد ضل سواء السبيل‏,‏ فان من يستخدم حقائق العلم الثابته‏,‏ ومشاهداته المتكرره في شرح تلك الايات لابد ان يصل الي فهم لها لم يكن من السهل الوصول اليه من قبل‏,‏ وان يجد في ذلك من صور الاعجاز مالم يجده السابقون‏,‏ تاكيدا لوصف رسول الله صلي الله عليه وسلم للقران بانه لاتنقضي عجائبه ولايخلق من كثره الرد‏.‏

‏3‏ انه لاتعارض البته بين كون القران الكريم كتاب هدايه ربانيه‏,‏ وارشادا الهيا ودستور عقيده وعباده واخلاقا ومعاملات وكتاب تشريع سماوي يشمل نظاما كاملا للحياه‏,‏ وبين احتوائه علي عدد من الاشارات العلميه الدقيقه التي وردت في مقام الاستدلال علي عظمه الخالق وقدرته في ابداعه للخلق‏,‏ وقدرته علي افناء ما قد خلق‏,‏ واعاده كل ذلك من جديد‏,‏ وذلك لان الاشارات تبقي بيانا من الله‏,‏ خالق الكون ومبدع الوجود‏,‏ فلابد وان تكون حقا مطلقا‏,‏ لانه من ادري بالخليقه من الخالق سبحانه وتعالي‏)‏ ولو ان المسلمين وعووا هذه الحقيقه منذ القدم لكان لهم في مجال الدراسات الكونيه سبق ملحوظ‏,‏ وثبات غير ملحوق فنحن ندرك اليوم وفي ضوء ماتجمع لنا من معارف في مجال دراسات العلوم البحته والتطبيقيه ان ايات الكونيات في كتاب الله تتسم جميعها بالدقه المتناهيه في التعبير والشمول في المعني‏,‏ والاطراد والثبات في الدلاله والسبق لكثير من الكشوف العلميه بعشرات المئات من السنين وفي ذلك شهاده قاطعه لايستطيع ان ينكرها جاحد بان القران لايمكن ان يكون الا كلام الله الخالق‏.‏

اما القول بان تلك الاشارات قد تم سردها بصوره مجمله‏,‏ فانها بحق احدي صور الاعجاز العلمي والبياني في القران الكريم‏,‏ وذلك لان كل اشاره علميه وردت فيه قد صيغت صياغه فيها من اعجاز الايجاز والدقه في التعبير والاحكام في الدلاله‏,‏ والشمول في المعني ما يمكن الناس علي اختلاف ثقافاتهم وتباين مستويات ادراكهم وتتابع اجيالهم وازمانهم ان يدركوا لها من المعاني مايتناسب وهذه الخلفيات كلها‏,‏ بحيث تبقي المعاني المستخلصه من الايه الواحده يكمل بعضها بعضا في تناسق عجيب‏..‏ وتكامل اعجب لانه تكامل لايعرف التضاد وهذا عندي من اروع صور الاعجاز في كتاب الله فالاجمال في تلك الاشارات مع وضوح الحقيقه العلميه للاجيال المتلاحقه‏,‏ كل علي قدر حظه من المعرفه بالكون وعلومه هي بالقطع امر فوق طاقه البشر وصوره من صور الاعجاز لم تتوافر ولايمكن ان تتوافر لغير كلام الله الخالق‏,‏ ومن هنا كان فهم الناس للاشارات العلميه الوارده بالقران الكريم علي ضوء مايتجمع لديهم من معارف‏,‏ فهما يزداد اتساعا وعمقا جيلا بعد جيل‏,‏ وهذا في حد ذاته شهاده للقران الكريم بانه لاتنتهي عجائبه‏,‏ ولايبلي علي كثره الرد كما وصفه المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏
وقد ادرك نفر من السابقين ذلك وفي مقدمتهم الامام المزركشي الذي كتب في كتابه البرهان في علوم القران مانصه‏..‏ وما من برهان ودلاله وتقسيم‏,‏ وتحديد شيء من كليات المعلومات العقليه والسمعيه الا وكتاب الله تعالي قد نطق به‏,‏ لكن اورده تعالي علي عاده العرب دون دقائق طرق احكام المتكلمين لامرين‏:‏ احدهما بسبب ماقاله سبحانه وتعالي‏:‏
وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم‏[‏ سوره ابراهيم‏:4]‏

والثاني ان المائل الي دقيق المحاجه هو العاجز عن اقامه الحجه بالجليل من الكلام‏,‏ فان استطاع ان يفهم بالاوضح الذي يفمهه الاكثرون لم يتخط الي الاغمض الذي لايعرفه الا الاقلون‏,‏ وكذلك اخرج تعالي مخاطباته في محاجه خلقه من اجل صوره تشتمل علي ادق دقيق لتفهم العامه من جليلها مايقنعهم الحجه‏,‏ وتفهم الخواص من اينائها مايوفي علي ما ادركه الخطباء‏....‏
ثم يضيف‏:‏ ومن ثم كان علي كل من اصاب حظا في العلم اوفر ان يكون نصيبه من علم القران اكثر‏,‏ لان عقله حينئذ يكون قد استنار باضواء العلم‏,‏ وهؤلاء الذين اهتم القران بمناداتهم كلما ذكر حجه علي الربوبيه والوحدانيه‏,‏ او اضاف اليهم اولو الالباب والسامعون والمفكرون والمتذكرون تنبيها الي ان بكل قوه من هذه القوي يمكن ادراك حقيقه منها‏.‏
من هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في كل عصر وفي كل جيل ان ينفر منهم من يستطيع ان يجمع الي حقل تخصصه الماما بحد ادني من علوم اللغه العربيه وادابها‏,‏ ومن الحديث وعلومه‏,‏ والفقه واصوله‏,‏ وعلم الكلام وقواعده‏,‏ واحاطه باسباب النزول‏,‏ وبالماثور في التفسير‏,‏ وباجتهاد السابقين من ائمه المفسرين‏,‏ ثم يعود هؤلاء الي دراسه الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله كل فيما يخصه محاولين فهمها في ضوء معطيات العلم وكشوفه‏,‏ وقواعد المنطق واصوله حتي يدركوا ما يستطيعون من فهم لكتاب الله حتي تتحقق نبوءه المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في وصفه لكتاب الله انه لاتنتهي عجائبه‏..‏

‏(3)‏ ان القول بعدم جواز تاويل الثابت بالمتغير قول ساذج‏,‏ لان معناه الجمود علي فهم واحد لكتاب الله‏,‏ يناي بالناس عن واقعهم في كل عصر‏,‏ حتي لايستسيغوه فيملوه ويهملوه‏,‏ وثبات القران الكريم‏..‏ وهو من السمات البارزه له لايمنع من فهم الاشارات الكونيه الوارده فيه علي اساس من معطيات العلوم الكونيه البحته منها والتطبيقيه‏,‏ حتي ولو كان ذلك يتسع من عصر الي اخر بطريقه مطرده‏,‏ فالعلوم المكتسبه كلها لها طبيعه تراكميه‏,‏ ولا يتوافر للانسان منها في عصر من العصور الا اقدار تتفاوت بتفاوت الازمنه‏,‏ وتباين العصور‏,‏ تقدما واضمحلالا‏,‏ وهذه الطبيعه التراكميه للمعرفه الانسانيه المكتسبه تجعل الامم اللاحقه اكثر علما بصفه عامه من الامم السابقه‏,‏ الا اذا تعرضت الحضاره الانسانيه باكملها للانتكاس والتدهور‏.‏
من هنا كانت معطيات العلوم الكونيه بصفه خاصه‏,‏ والمعارف المكتسبه كلها بصفه عامه دائمه التغير والتطور‏,‏ بينما كلمات وحروف القران الكريم ثابته لاتتغير‏,‏ وهذا وحده من اعظم شواهد الاعجاز في كتاب الله‏.‏
وعلي الرغم من ثبات اللفظ القراني‏,‏ وتطور الفهم البشري لدلالاته مع اتساع دائره المعرفه الانسانيه جيلا بعد جيل فان تلك الدلالات يتكامل بعضها مع بعض في اتساق لايعرف التضاد‏,‏ ولايتوافر ذلك لغير كلام الله‏,‏ الا اذا كان المفسر لاياخذ بالاسباب‏,‏ او يسيء استخدام الوسائل فيضل الطريق‏....!!‏ ويظل اللفظ القراني ثابتا‏,‏ وتتوسع دائره فهم الناس له عصرا بعد عصر‏..‏ وفي ذلك شهاده للقران الكريم بانه يغاير كافه كلام البشر‏,‏ وانه بالقطع بيان من الله‏....‏ ولذلك فاننا نجد القران الكريم يحض الناس حضا علي تدبر اياته‏,‏ والعكوف علي فهم دلالاتها‏,‏ ويتحدي اهل الكفر والشرك والالحاد ان يجدوا فيه صوره واحده من صور الاختلاف او التناقض علي توالي العصور عليه‏,‏ وكثره النظر فيه‏,‏ وصدق الله العظيم اذ يقول‏:‏
افلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا‏.‏
‏[‏ النساء‏82]‏

واذ يكرر التساؤل التقريعي في سوره الرحمن احدي وثلاثين مره فباي الاء ربكما تكذبان‏,‏ ويؤكد ضروره تدبر القران وانه تعالي قد جعله في متناول عقل الانسان فيذكر ذلك اربع مرات في سوره القمر حيث يصدع التنزيل بقول الحق‏Sad‏ تبارك وتعالي‏)‏
ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر
‏[‏ القمر‏:‏ الايات‏17‏ و‏22‏ و‏32‏ و‏40]‏

والذكر هنا كما يجمع المفسرون يشمل التلاوه والتدبر معا‏,‏ ويشير الي استمرار تلك العمليه مع تبادل العصور وتجدد الازمان‏,‏ ومن هنا يبقي النص القراني ثابتا ويتجدد‏,‏ فهم الناس له كلما اتسعت دائره معارفهم ونمت حصيلتهم العلميه‏,‏ وذلك بالقطع فيما لم يرد في شرحه شيء من الماثور الموثق‏,‏ وليس في ذلك مقابله بين كلام الله وكلام الناس كما يدعي البعض ولكنه المحاوله الجاده لفهم كلام الله وهو الذي انزله الله تعالي للبشر لكي يفهموه ويتعظوا بدروسه‏,‏ وفهمه في نفس الوقت هو صوره من صور الاعجاز في كتاب الله‏,‏ لاينكرها الا جاحد‏.‏
اما القول بان مايسمي بحقائق العلم ليس الا نظريات وفروضا‏,‏ يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالامس‏,‏ وربما يبطل في الغد ماهو سائد اليوم فهو ايضا قول ساذج لان هناك فروقا واضحه بين الفروض والنظريات من جهه والقواعد والقوانين من جهه اخري‏,‏ وهي مراحل متتابعه في منهج العلوم التجريبيه الذي يبدا بالفروض ثم النظريات وينتهي بالقواعد والقوانين‏,‏ والفروض هي تفسيرات اوليه للظواهر الكونيه‏,‏ والنظريات هي صياغه عامه لتفسير كيفيه حدوث تلك الظواهر ومسبباتها‏,‏ اما الحقائق الكونيه فهي مايثبت ثبوتا قاطعا في علم الانسان بالادله المنطقيه المقبوله وهي جزء من الحكمه التي نحن اولي الناس بها‏,‏ وكذلك القوانين العلميه فهي تعبيرات بشريه عن السنن الالهيه في الكون‏,‏ تصف علاقات محدده تربط بين عناصر الظاهره الواحده‏,‏ او بين عدد من الظواهر الكونيه المختلفه‏,‏ وهي كذلك جزء من الحكمه التي امرنا بان نجعلها ضاله المؤمن‏.‏

كمال العطار
كمال العطار
مدير المنتدي
مدير المنتدي

عدد المساهمات : 5682
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

https://reydalsalhen.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى