تفسير سورة الصف ايه 13 الى الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة الصف ايه 13 الى الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
من الاية 13 الى الاية 13
وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)
لقد تمت المبايعة على هذه الصفقة بين رسول الله [ ص ] وعبدالله بن رواحة - رضي الله عنه - ليلة العقبة . قال لرسول الله [ ص ]:"اشترط لربك ولنفسك ما شئت" . فقال [ ص ]:" أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا , وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " . . قال:فما لنا إذا فعلنا ذلك ? قال:" الجنة " قالوا:" ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل" !
ولكن فضل الله عظيم . وهو يعلم من تلك النفوس أنها تتعلق بشيء قريب في هذه الأرض , يناسب تركيبها البشري المحدود . وهو يستجيب لها فيبشرها بما قدره في علمه المكنون من إظهار هذا الدين في الأرض , وتحقيق منهجه وهيمنته على الحياة في ذلك الجيلوأخرى تحبونها:نصر من الله وفتح قريب . وبشر المؤمنين). .
وهنا تبلغ الصفقة ذروة الربح الذي لا يعطيه إلا الله . الله الذي لا تنفد خزائنه , والذي لا ممسك لرحمته . فهي المغفرة والجنات والمساكن الطيبة والنعيم المقيم في الآخرة . وفوقها . . فوق البيعة الرابحة والصفقة الكاسبة النصر والفتح القريب . . فمن الذي يدله الله على هذه التجارة ثم يتقاعس عنها أو يحيد ?!
وهنا يعن للنفس خاطر أمام هذا الترغيب والتحبيب . . إن المؤمن الذي يدرك حقيقة التصور الإيماني للكون والحياة ; ويعيش بقلبه في هذا التصور ; ويطلع على آفاقه وآماده ; ثم ينظر للحياة بغير إيمان , في حدودها الضيقة الصغيرة , وفي مستوياتها الهابطة الواطية , وفي اهتماماتها الهزيلة الزهيدة . . هذا القلب لا يطيق أن يعيش لحظة واحدة بغير ذلك الإيمان , ولا يتردد لحظة واحدة في الجهاد لتحقيق ذلك التصور الضخم الوسيع الرفيع في عالم الواقع , ليعيش فيه , وليرى الناس من حوله يعيشون فيه كذلك . . ولعله لا يطلب على جهاده هذا أجرا خارجا عن ذاته . فهو ذاته أجر . . هذا الجهاد . . وما يسكبه في القلب من رضى وارتياح . ثم إنه لا يطيق أن يعيش في عالم بلا إيمان . ولا يطيق أن يقعد بلا جهاد لتحقيق عالم يسوده الإيمان . فهو مدفوع دفعا إلى الجهاد . كائنا مصيره فيه ما يكون . .
ولكن الله - سبحانه - يعلم أن النفس تضعف , وأن الاندفاع يهبط , وأن الجهد يكل وأن حب السلامة قد يهبط بتلك المشاعر كلها ويقودها إلى الرضى بالواقع الهابط . .
ومن ثم يجاهد القرآن هذه النفس ذلك الجهاد ; ويعالجها ذلك العلاج , ويهتف لها بالموحيات والمؤثرات ذلك الهتاف المتكرر المتنوع , في شتى المناسبات . ولا يكلها إلى مجرد الإيمان , ولا إلى نداء واحد باسم هذا الإيمان .
فهذا هو ذا يختم السورة بنداء جديد , يحمل طابعا جديدا , وإغراء جديدا , وموحيا جديدا:
يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله , كما قال عيسى بن مريم للحواريين:من أنصاري إلى الله ? قال الحواريون:نحن أنصار الله . فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة . فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين . .
والحواريون هم تلاميذ المسيح - عليه السلام - قيل:الاثنا عشر الذين كانوا يلوذون به , وينقطعون للتلقي عنه . وهم الذين قاموا بعد رفعه بنشر تعاليمه وحفظ وصاياه .
والآية هنا تهدف إلى تصوير موقف لا إلى تفصيل قصة , فنسير نحن معها في ظلالها المقصودة إلى الغاية من سردها في هذا الموضع من السورة .
(يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله). . في هذا الموضع الكريم الذي يرفعكم إليه الله . وهل أرفع من مكان يكون فيه العبد نصيرا للرب ?! إن هذه الصفة تحمل من التكريم ما هو أكبر من الجنة والنعيم . . كونوا أنصار الله , (كما قال عيسى بن مريم للحواريين:من أنصاري إلى الله ? قال الحواريون:نحن أنصار
من الاية 14 الى آخر السورة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)
الله). . فانتدبوا لهذا الأمر ونالوا هذا التكريم . وعيسى جاء ليبشر بالنبي الجديد والدين الأخير . . فما أجدر أتباع محمد أن ينتدبوا لهذا الأمر الدائم , كما انتدب الحواريون للأمر الموقوت ! وهذه هي اللمسة الواضحة في عرض هذا الحوار في هذا السياق .
وماذا كانت العاقبة ?
(فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة , فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين). .
وتأويل هذا النص يمكن أن ينصرف إلى أحد معنيين:إما أن الذين آمنوا برسالة عيسى عليه السلام هم المسيحيون إطلاقا من استقام ومن دخلت في عقيدته الانحرافات , وقد أيدهم الله على اليهود الذين لم يؤمنوا به أصلا كما حدث في التاريخ . وإما أن الذين آمنوا هم الذين أصروا على التوحيد في وجه المؤلهين لعيسى والمثلثين وسائر النحل التي انحرفت عن التوحيد . ومعنى أنهم أصبحوا ظاهرين أي بالحجة والبرهان . أو أن التوحيد الذي هم عليه هو الذي أظهره الله بهذا الدين الأخير ; وجعل له الجولة الأخيرة في الأرض كما وقع في التاريخ . وهذا المعنى الأخير هو الأقرب والأرجح في هذا السياق .
والعبرة المستفادة من هذه الإشارة ومن هذا النداء هي العبرة التي أشرنا إليها , وهي استنهاض همة المؤمنين بالدين الأخير , الأمناء على منهج الله في الأرض , ورثة العقيدة والرسالة الإلهية . المختارين لهذه المهمة الكبرى . استنهاض همتهم لنصرة الله ونصرة دينه (كما قال عيسى بن مريم للحواريين:من أنصاري إلى الله ? قال الحواريون:نحن أنصار الله). . والنصر في النهاية لأنصار الله المؤمنين .
إنها الجولة الأخيرة في السورة , واللمسة الأخيرة في السياق ; وهي ذات لون وذات طعم يناسبان جو السورة وسياقها , مع ما فيها من تجدد في اللون وتنوع في المذاق . .
وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)
لقد تمت المبايعة على هذه الصفقة بين رسول الله [ ص ] وعبدالله بن رواحة - رضي الله عنه - ليلة العقبة . قال لرسول الله [ ص ]:"اشترط لربك ولنفسك ما شئت" . فقال [ ص ]:" أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا , وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " . . قال:فما لنا إذا فعلنا ذلك ? قال:" الجنة " قالوا:" ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل" !
ولكن فضل الله عظيم . وهو يعلم من تلك النفوس أنها تتعلق بشيء قريب في هذه الأرض , يناسب تركيبها البشري المحدود . وهو يستجيب لها فيبشرها بما قدره في علمه المكنون من إظهار هذا الدين في الأرض , وتحقيق منهجه وهيمنته على الحياة في ذلك الجيلوأخرى تحبونها:نصر من الله وفتح قريب . وبشر المؤمنين). .
وهنا تبلغ الصفقة ذروة الربح الذي لا يعطيه إلا الله . الله الذي لا تنفد خزائنه , والذي لا ممسك لرحمته . فهي المغفرة والجنات والمساكن الطيبة والنعيم المقيم في الآخرة . وفوقها . . فوق البيعة الرابحة والصفقة الكاسبة النصر والفتح القريب . . فمن الذي يدله الله على هذه التجارة ثم يتقاعس عنها أو يحيد ?!
وهنا يعن للنفس خاطر أمام هذا الترغيب والتحبيب . . إن المؤمن الذي يدرك حقيقة التصور الإيماني للكون والحياة ; ويعيش بقلبه في هذا التصور ; ويطلع على آفاقه وآماده ; ثم ينظر للحياة بغير إيمان , في حدودها الضيقة الصغيرة , وفي مستوياتها الهابطة الواطية , وفي اهتماماتها الهزيلة الزهيدة . . هذا القلب لا يطيق أن يعيش لحظة واحدة بغير ذلك الإيمان , ولا يتردد لحظة واحدة في الجهاد لتحقيق ذلك التصور الضخم الوسيع الرفيع في عالم الواقع , ليعيش فيه , وليرى الناس من حوله يعيشون فيه كذلك . . ولعله لا يطلب على جهاده هذا أجرا خارجا عن ذاته . فهو ذاته أجر . . هذا الجهاد . . وما يسكبه في القلب من رضى وارتياح . ثم إنه لا يطيق أن يعيش في عالم بلا إيمان . ولا يطيق أن يقعد بلا جهاد لتحقيق عالم يسوده الإيمان . فهو مدفوع دفعا إلى الجهاد . كائنا مصيره فيه ما يكون . .
ولكن الله - سبحانه - يعلم أن النفس تضعف , وأن الاندفاع يهبط , وأن الجهد يكل وأن حب السلامة قد يهبط بتلك المشاعر كلها ويقودها إلى الرضى بالواقع الهابط . .
ومن ثم يجاهد القرآن هذه النفس ذلك الجهاد ; ويعالجها ذلك العلاج , ويهتف لها بالموحيات والمؤثرات ذلك الهتاف المتكرر المتنوع , في شتى المناسبات . ولا يكلها إلى مجرد الإيمان , ولا إلى نداء واحد باسم هذا الإيمان .
فهذا هو ذا يختم السورة بنداء جديد , يحمل طابعا جديدا , وإغراء جديدا , وموحيا جديدا:
يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله , كما قال عيسى بن مريم للحواريين:من أنصاري إلى الله ? قال الحواريون:نحن أنصار الله . فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة . فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين . .
والحواريون هم تلاميذ المسيح - عليه السلام - قيل:الاثنا عشر الذين كانوا يلوذون به , وينقطعون للتلقي عنه . وهم الذين قاموا بعد رفعه بنشر تعاليمه وحفظ وصاياه .
والآية هنا تهدف إلى تصوير موقف لا إلى تفصيل قصة , فنسير نحن معها في ظلالها المقصودة إلى الغاية من سردها في هذا الموضع من السورة .
(يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله). . في هذا الموضع الكريم الذي يرفعكم إليه الله . وهل أرفع من مكان يكون فيه العبد نصيرا للرب ?! إن هذه الصفة تحمل من التكريم ما هو أكبر من الجنة والنعيم . . كونوا أنصار الله , (كما قال عيسى بن مريم للحواريين:من أنصاري إلى الله ? قال الحواريون:نحن أنصار
من الاية 14 الى آخر السورة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)
الله). . فانتدبوا لهذا الأمر ونالوا هذا التكريم . وعيسى جاء ليبشر بالنبي الجديد والدين الأخير . . فما أجدر أتباع محمد أن ينتدبوا لهذا الأمر الدائم , كما انتدب الحواريون للأمر الموقوت ! وهذه هي اللمسة الواضحة في عرض هذا الحوار في هذا السياق .
وماذا كانت العاقبة ?
(فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة , فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين). .
وتأويل هذا النص يمكن أن ينصرف إلى أحد معنيين:إما أن الذين آمنوا برسالة عيسى عليه السلام هم المسيحيون إطلاقا من استقام ومن دخلت في عقيدته الانحرافات , وقد أيدهم الله على اليهود الذين لم يؤمنوا به أصلا كما حدث في التاريخ . وإما أن الذين آمنوا هم الذين أصروا على التوحيد في وجه المؤلهين لعيسى والمثلثين وسائر النحل التي انحرفت عن التوحيد . ومعنى أنهم أصبحوا ظاهرين أي بالحجة والبرهان . أو أن التوحيد الذي هم عليه هو الذي أظهره الله بهذا الدين الأخير ; وجعل له الجولة الأخيرة في الأرض كما وقع في التاريخ . وهذا المعنى الأخير هو الأقرب والأرجح في هذا السياق .
والعبرة المستفادة من هذه الإشارة ومن هذا النداء هي العبرة التي أشرنا إليها , وهي استنهاض همة المؤمنين بالدين الأخير , الأمناء على منهج الله في الأرض , ورثة العقيدة والرسالة الإلهية . المختارين لهذه المهمة الكبرى . استنهاض همتهم لنصرة الله ونصرة دينه (كما قال عيسى بن مريم للحواريين:من أنصاري إلى الله ? قال الحواريون:نحن أنصار الله). . والنصر في النهاية لأنصار الله المؤمنين .
إنها الجولة الأخيرة في السورة , واللمسة الأخيرة في السياق ; وهي ذات لون وذات طعم يناسبان جو السورة وسياقها , مع ما فيها من تجدد في اللون وتنوع في المذاق . .
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة الصف ايه 6==الى اخر السوره
» تفسير سورة يونس ايه 94 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة التوبه119 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الغاشية ايه رقم 12 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الطور ايه34 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة يونس ايه 94 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة التوبه119 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الغاشية ايه رقم 12 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الطور ايه34 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى