تفسير سورة مريم ايه 88 الى اخر السور الشيخ سيد قطب
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة مريم ايه 88 الى اخر السور الشيخ سيد قطب
من الاية 88 الى الاية 97
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً (97)
الذات العلية , كما ينتفض كل عضو وكل جارحة عندما يغضب الإنسان للمساس بكرامته أو كرامة من يحبه ويوقره .
هذه الانتفاضة الكونية للكلمة النابية تشترك فيها السماوات والأرض والجبال , والألفاظ بإيقاعها ترسم حركة الزلزلة والارتجاف .
وما تكاد الكلمة النابية تنطلقوقالوا:اتخذ الرحمن ولدا)حتى تنطلق كلمة التفظيع والتبشيعلقد جئتم شيئا إدا)ثم يهتز كل ساكن من حولهم ويرتج كل مستقر , ويغضب الكون كله لبارئه . وهو يحس بتلك الكلمة تصدم كيانه وفطرته ; وتجافي ما وقر في ضميره وما استقر في كيانه ; وتهز القاعدة التي قام عليها واطمأن إليهاتكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا . أن دعوا للرحمن ولدا . وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا). .
وفي وسط الغضبة الكونية يصدر البيان الرهيب:
إن كل من في السماوات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا . لقد أحصاهم وعدهم عدا . وكلهم آتيه يوم القيامة فردا .
إن كل من في السماوات والأرض إلا عبد يأتي معبوده خاضعا طائعا , فلا ولد ولا شريك , إنما خلق وعبيد .
وإن الكيان البشري ليرتجف وهو يتصور مدلول هذا البيان . .(لقد أحصاهم وعدهم عدا)فلا مجال لهرب أحد ولا لنسيان أحد(وكلهم آتيه يوم القيامة فردا)فعين الله على كل فرد . وكل فرد يقدم وحيدا لا يأنس بأحد ولا يعتز بأحد . حتى روح الجماعة ومشاعر الجماعة يجرد منها , فإذا هو وحيد فريد أمام الديان .
وفي وسط هذه الوحدة والوحشة والرهبة , إذا المؤمنون في ظلال ندية من الود السامي:ود الرحمن:
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا). .
وللتعبير بالود في هذا الجو نداوة رخية تمس القلوب , وروح رضى يلمس النفوس . وهو ود يشبع في الملأ الأعلى , ثم يفيض على الأرض والناس فيمتلى ء به الكون كله ويفيض . .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي [ ص ] قال:" إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال:يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه . قال:فيحبه جبريل . ثم ينادي في أهل السماء:إن الله يحب فلانا فأحبوه . قال:فيحبه أهل السماء . ثم يوضع له القبول في الأرض . وإن الله إذا أبغض عبدا دعا جبريل فقال:يا جبريل إني أبغض فلانا فأبغضه . قال:فيبغضه جبريل . ثم ينادي في أهل السماء:إن الله يبغض فلانا فأبغضوه . قال:فيبغضه أهل السماء ; ثم يوضع له البغضاء في الأرض " . .
الدرس السادس:97 - 98 القرآن إنذار وتبشير وتوجيه لمصارع السابقين
وبعد فإن هذه البشرى للمؤمنين المتقين , وذلك الإنذار للجاحدين الخصيمين هما غاية هذا القرآن . ولقد يسره الله للعرب فأنزله بلسان الرسول [ ص ] ليقرأوه:
(فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا). .
وتختم السورة بمشهد يتأمله القلب طويلا , ويرتعش له الوجدان طويلا ; ولا ينتهي الخيال من استعراضه
من الاية 98 الى آخر السورة
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (98)
(وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ?).
وهو مشهد يبدؤك بالرجة المدمرة , ثم يغمرك بالصمت العميق . وكأنما يأخذ بك إلى وادي الردى , ويقفك على مصارع القرون ; وفي ذلك الوادي الذي لا يكاد يحده البصر , يسبح خيالك مع الشخوص التي كانت تدب وتتحرك , والحياة التي كانت تنبض وتمرح . والأماني والمشاعر التي كانت تحيا وتتطلع . . ثم إذا الصمت يخيم , والموت يجثم , وإذا الجثث والأشلاء والبلى والدمار , لا نأمة . لا حس . لا حركة . لا صوت . . (هل تحس منهم من أحد ?)انظر وتلفت (هل تسمع لهم ركزا)تسمع وأنصت . ألا إنه السكون العميق والصمت الرهيب . وما من أحد إلا الواحد الحي الذي لا يموت .
طه
الوحدة الأولى:1 - 98 الموضوع:قصة موسى مع فرعون وبني إسرائيل
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً (97)
الذات العلية , كما ينتفض كل عضو وكل جارحة عندما يغضب الإنسان للمساس بكرامته أو كرامة من يحبه ويوقره .
هذه الانتفاضة الكونية للكلمة النابية تشترك فيها السماوات والأرض والجبال , والألفاظ بإيقاعها ترسم حركة الزلزلة والارتجاف .
وما تكاد الكلمة النابية تنطلقوقالوا:اتخذ الرحمن ولدا)حتى تنطلق كلمة التفظيع والتبشيعلقد جئتم شيئا إدا)ثم يهتز كل ساكن من حولهم ويرتج كل مستقر , ويغضب الكون كله لبارئه . وهو يحس بتلك الكلمة تصدم كيانه وفطرته ; وتجافي ما وقر في ضميره وما استقر في كيانه ; وتهز القاعدة التي قام عليها واطمأن إليهاتكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا . أن دعوا للرحمن ولدا . وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا). .
وفي وسط الغضبة الكونية يصدر البيان الرهيب:
إن كل من في السماوات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا . لقد أحصاهم وعدهم عدا . وكلهم آتيه يوم القيامة فردا .
إن كل من في السماوات والأرض إلا عبد يأتي معبوده خاضعا طائعا , فلا ولد ولا شريك , إنما خلق وعبيد .
وإن الكيان البشري ليرتجف وهو يتصور مدلول هذا البيان . .(لقد أحصاهم وعدهم عدا)فلا مجال لهرب أحد ولا لنسيان أحد(وكلهم آتيه يوم القيامة فردا)فعين الله على كل فرد . وكل فرد يقدم وحيدا لا يأنس بأحد ولا يعتز بأحد . حتى روح الجماعة ومشاعر الجماعة يجرد منها , فإذا هو وحيد فريد أمام الديان .
وفي وسط هذه الوحدة والوحشة والرهبة , إذا المؤمنون في ظلال ندية من الود السامي:ود الرحمن:
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا). .
وللتعبير بالود في هذا الجو نداوة رخية تمس القلوب , وروح رضى يلمس النفوس . وهو ود يشبع في الملأ الأعلى , ثم يفيض على الأرض والناس فيمتلى ء به الكون كله ويفيض . .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي [ ص ] قال:" إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال:يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه . قال:فيحبه جبريل . ثم ينادي في أهل السماء:إن الله يحب فلانا فأحبوه . قال:فيحبه أهل السماء . ثم يوضع له القبول في الأرض . وإن الله إذا أبغض عبدا دعا جبريل فقال:يا جبريل إني أبغض فلانا فأبغضه . قال:فيبغضه جبريل . ثم ينادي في أهل السماء:إن الله يبغض فلانا فأبغضوه . قال:فيبغضه أهل السماء ; ثم يوضع له البغضاء في الأرض " . .
الدرس السادس:97 - 98 القرآن إنذار وتبشير وتوجيه لمصارع السابقين
وبعد فإن هذه البشرى للمؤمنين المتقين , وذلك الإنذار للجاحدين الخصيمين هما غاية هذا القرآن . ولقد يسره الله للعرب فأنزله بلسان الرسول [ ص ] ليقرأوه:
(فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا). .
وتختم السورة بمشهد يتأمله القلب طويلا , ويرتعش له الوجدان طويلا ; ولا ينتهي الخيال من استعراضه
من الاية 98 الى آخر السورة
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (98)
(وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ?).
وهو مشهد يبدؤك بالرجة المدمرة , ثم يغمرك بالصمت العميق . وكأنما يأخذ بك إلى وادي الردى , ويقفك على مصارع القرون ; وفي ذلك الوادي الذي لا يكاد يحده البصر , يسبح خيالك مع الشخوص التي كانت تدب وتتحرك , والحياة التي كانت تنبض وتمرح . والأماني والمشاعر التي كانت تحيا وتتطلع . . ثم إذا الصمت يخيم , والموت يجثم , وإذا الجثث والأشلاء والبلى والدمار , لا نأمة . لا حس . لا حركة . لا صوت . . (هل تحس منهم من أحد ?)انظر وتلفت (هل تسمع لهم ركزا)تسمع وأنصت . ألا إنه السكون العميق والصمت الرهيب . وما من أحد إلا الواحد الحي الذي لا يموت .
طه
الوحدة الأولى:1 - 98 الموضوع:قصة موسى مع فرعون وبني إسرائيل
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة مريم ايه 21 الى اي49 الشيخ سيد قطب ه
» تفسير سورة مريم ايه 52\\\\65
» تفسير سورة مريم ايه 26\\\\39
» تفسير سورة مريم ايه39\\\52
» تفسير سورة مريم ايه 96\\\\الى اخر السوره
» تفسير سورة مريم ايه 52\\\\65
» تفسير سورة مريم ايه 26\\\\39
» تفسير سورة مريم ايه39\\\52
» تفسير سورة مريم ايه 96\\\\الى اخر السوره
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى