تفسير سورة الطارق ايه رقم1=الى ايه رقم16 من سورة الاعلى
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة الطارق ايه رقم1=الى ايه رقم16 من سورة الاعلى
""
تفسير سورة الطارق
وهي مكية.
قال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن محمد-قال: عبد الله وسمعته أنا منه-حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عبد الرحمن ابن خالد بن أبي جَبل العُدْواني، عن أبيه: أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مُشرّق ثَقيف وهو قائم على قوس-أو: عصا-حين أتاهم يبتغي عندهم النصر، فسمعته يقول: " وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ "حتى ختمها-قال: فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك، ثم قرأتها في الإسلام-قال: فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل؟ فقرأتها عليهم، فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا، لو كنا نعلم ما يقول حقا لاتبعناه .
وقال النسائي: حدثنا عمرو بن منصور، حدثنا أبو نعيم، عن مسْعَر، عن محارب بن دِثَار، عن جابر قال: صلى معاذ المغرب، فقرأ البقرة والنساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفتان يا معاذ؟ ما كان يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق، والشمس وضحاها، ونحو هذا؟" .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ (10)
يقسم تعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة؛ ولهذا قال: ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ) ثم قال ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ) ثم فسره بقوله: ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ )
قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقا؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار. ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح: نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا أي: يأتيهم فجأة بالليل. وفي " < 8-375 > " الحديث الآخر المشتمل على الدعاء: "إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن" .
وقوله: ( الثَّاقِبُ ) قال ابن عباس: المضيء. وقال السدي: يثقب الشياطين إذا أرسل عليها. وقال عكرمة: هو مضيء ومحرق للشيطان.
وقوله: ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) أي: كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات، كما قال تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الآية [الرعد: 11].
وقوله: ( فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ) تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خُلق منه، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد؛ لأن من قدر على البَدَاءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى، كما قال: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم: 27].
وقوله: ( خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ) يعني: المني؛ يخرج دَفقًا من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن الله، عز وجل ؛ ولهذا قال: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) يعني: صلب الرجل وترائب المرأة، وهو صدرها.
قال شبيب بن بشر، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) صلب الرجل وترائب المرأة، أصفر رقيق، لا يكون الولد إلا منهما. وكذا قال سعيد بن جُبَير، وعكرمة، وقتادة والسُّدِّي، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن مِسْعَر: سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: هذه الترائب. ووضع يده على صدره.
وقال الضحاك وعطية، عن ابن عباس: تَريبة المرأة موضُع القلادة. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جُبَير. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الترائب: بين ثدييها.
وعن مجاهد: الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر. وعنه أيضا: الترائب أسفل من التراقي. وقال سفيان الثوري: فوق الثديين. وعن سعيد بن جُبَير: الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل.
وعن الضحاك: الترائب بين الثديين والرجلين والعينين.
وقال الليث بن سعد عن مَعْمَر بن أبي حبيبة المدني: أنه بلغه في قول الله عز وجل: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: هو عصارة القلب، من هناك يكون الولد.
وعن قتادة: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) من بين صلبه ونحره.
وقوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) فيه قولان:
أحدهما: على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك. قاله مجاهد، " < 8-376 > " وعكرمة، وغيرهما.
والقول الثاني: إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق، أي: إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر؛ لأن من قدر على البدء قدر على الإعادة.
وقد ذكر الله، عز وجل، هذا الدليل في القرآن في غير ما موضع، وهذا القول قال به الضحاك، واختاره ابن جرير، ولهذا قال: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) أي: يوم القيامة تبلى فيه السرائر، أي: تظهر وتبدو، ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا. وقد ثبت في الصحيحين، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يرفع لكل غادر لواء عند استه يقال: هذه غَدْرَةُ فلان بن فلان" .
وقوله: ( فَمَا لَهُ ) أي: الإنسان يوم القيامة ( مِنْ قُوَّةٍ ) أي: في نفسه ( وَلا نَاصِرٍ ) أي: من خارج منه، أي: لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله، ولا يستطيع له أحد ذلك.
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)
قال ابن عباس: الرجع: المطر. وعنه: هو السحاب فيه المطر. وعنه: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) تمطر ثم تمطر.
وقال قتادة: ترجع رزق العباد كل عام، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم.
وقال ابن زيد: ترجع نجومها وشمسها وقمرها، يأتين من هاهنا.
( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) قال ابن عباس: هو انصداعها عن النبات. وكذا قال سعيد بن جُبَير وعكرمة، وأبو مالك، والضحاك، والحسن، وقتادة، والسدي، وغير واحد.
وقوله: ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ) قال ابن عباس: حق. وكذا قال قتادة.
وقال آخر: حكم عدل.
( وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) أي: بل هو حق جد.
ثم أخبر عن الكافرين بأنهم يكذبون به ويصدون عن سبيله، فقال: ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ) أي: يمكرون بالناس في دعوتهم إلى خلاف القرآن.
ثم قال: ( فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ ) أي: أنظرهم ولا تستعجل لهم، ( أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ) أي: قليلا. أي: وترى ماذا أحل بهم من العذاب والنكال والعقوبة والهلاك، كما قال: نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ [لقمان: 24].
آخر تفسير سورة "الطارق" ولله الحمد .
" < 8-377 > "
تفسير سورة سبح
وهي مكية.
والدليل على ذلك ما رواه البخاري: حدثنا عبدان: أخبرني أبي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن. ثم جاء عمار وبلال وسعد. ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين. ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله قد جاء، فما جاء حتى قرأت: " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "في سور مثلها .
وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا إسرائيل، عن ثُوَيْر بن أبي فاختَةَ، عن أبيه، عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة: " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "تفرد به أحمد .
وثبت في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: "هلا صَلّيت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى" .
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن أبيه، عن النعمان بن بشير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "و " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ "وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا .
هكذا وقع في مسند الإمام أحمد إسناد هذا الحديث. وقد رواه مسلم-في صحيحه-وأبو داود والترمذي والنسائي، من حديث أبو عَوَانة وجرير وشعبة، ثلاثتهم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، به قال الترمذي: "وكذا رواه الثوري ومسعر، عن إبراهيم-قال: ورواه سفيان بن عيينة عن إبراهيم-عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن أبيه، عن النعمان. ولا يعرف لحبيب رواية عن أبيه".
وقد رواه ابن ماجه عن محمد بن الصباح، عن سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن المنتشر، عن أبيه عن حبيب بن سالم، عن النعمان به كما رواه الجماعة، والله أعلم.
" < 8-378 > "
ولفظ مسلم وأهل السنن: كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "و " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ "وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن أبْزَى، وعائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "و " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ "و " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "-زادت عائشة: والمعوذتين اضغط هنا.
وهكذا رُوي هذا الحديث-من طريق-جابر وأبي أمامة صُدَيّ بن عجلان، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهم ولولا خشية الإطالة لأوردنا ما تيسر من أسانيد ذلك ومتونه ولكن في الإرشاد بهذا الاختصار كفاية، والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى (6) إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13)
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا موسى-يعني ابن أيوب الغافقي-حدثنا عمي إياس بن عامر، سمعت عقبة بن عامر الجهني لما نـزلت: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74، 96] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم". فلما نـزلت: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) قال: "اجعلوها في سجودكم".
ورواه أبو داود وابن ماجه، من حديث ابن المبارك، عن موسى بن أيوب، به .
وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البَطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) قال: "سبحان ربي الأعلى".
وهكذا رواه أبو داود عن زُهَير بن حرب، عن وكيع، به وقال: "خولف فيه وكيع، " < 8-379 > " رواه أبو وكيع وشعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد، عن ابن عباس، موقوفا".
وقال الثوري، عن السدي، عن عبد خير قال: سمعت عليا قرأ ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) فقال: سبحان ربي الأعلى.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حُمَيد، حدثنا حَكَّام عن عَنْبَسة، عن أبي إسحاق الهَمْداني: أن ابن عباس كان إذا قرأ: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) يقول: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [القيامة:1] فأتى على آخرها: أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40] يقول: سبحانك وبلى .
وقال قتادة: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) ذُكِرَ لنا أن نَبِيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها، قال: "سبحان ربي الأعلى".
وقوله: ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) أي: خلق الخليقة وسَوّى كل مخلوق في أحسن الهيئات.
وقوله: ( وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ) قال مجاهد: هدى الإنسان للشقاوة والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها.
وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:50] أي: قدر قدرا، وهدى الخلائق إليه، كما ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عَمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قَدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء" .
وقوله: ( وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ) أي: من جميع صنوف النباتات والزروع، ( فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ) قال ابن عباس: هشيما متغيرا. وعن مجاهد، وقتادة، وابن زيد، نحوه.
قال ابن جرير: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام: والذي أخرج المرعى أحوى، أي: أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك. ثم قال ابن جرير: وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب؛ لمخالفته أقوال أهل التأويل.
وقوله: ( سَنُقْرِئُكَ ) أي: يا محمد ( فَلا تَنْسَى ) وهذا إخبار من الله، عز وجل، ووعد منه له، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها، ( إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) وهذا اختيار ابن جرير.
وقال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله.
وقيل: المراد بقوله: ( فَلا تَنْسَى ) طلب، وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من " < 8-380 > " النسخ، أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه؛ فلا عليك أن تتركه.
وقوله: ( إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ) أي: يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء.
وقوله تعالى: ( وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ) أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعا سهلا سمحا مستقيما عدلا لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر.
وقوله: ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ) أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة. ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه: ما أنت بمحدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال: حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!
وقوله: ( سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ) أي: سيتعظ بما تبلغه-يا محمد-من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه، ( وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا ) أي: لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة تنفعه، بل هي مضرة عليه؛ لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب، وأنواع النكال.
قال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان-يعني التيمي-عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون، وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء فيأخذ الرجل أنصاره فينبتهم-أو قال: ينبتون-في نهر الحياء-أو قال: الحياة-أو قال: الحيوان-أو قال: نهر الجنة فينبتون-نبات الحبَّة في حميل السيل". قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما ترون الشجرة تكون خضراء، ثم تكون صفراء أو قال: تكون صفراء ثم تكون خضراء؟". قال: فقال بعضهم: كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبادية .
وقال أحمد أيضا: حدثنا إسماعيل، حدثنا سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أناس-أو كما قال-تصيبهم النار بذنوبهم-أو قال: بخطاياهم-فيميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فنبتوا على أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة، اقبضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل". قال: فقال رجل من القوم حينئذ: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية.
ورواه مسلم في حديث بشر بن المفضل وشعبة، كلاهما عن أبي مَسْلَمة سعيد بن زيد، به " < 8-381 > " مثله ورواه أحمد أيضا عن يزيد، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل النار الذين لا يريد الله إخراجهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأن أهل النار الذين يريد الله إخراجهم يميتهم فيها إماتة، حتى يصيروا فحمًا، ثم يخرجون ضبائر فيلقون على أنهار الجنة، أو: يرش عليهم من أنهار الجنة فينبتون كما تنبت الحبَّة في حميل السيل" .
وقد قال الله إخبارا عن أهل النار: وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [الزخرف:77] وقال تعالى: لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [فاطر:36] إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى.
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
يقول تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) أي: طهَّر نفسه من الأخلاق الرذيلة، وتابع ما أنـزل الله على رسوله، صلوات الله وسلامه عليه، ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) أي: أقام الصلاة في أوقاتها؛ ابتغاء رضوان الله وطاعة لأمر الله وامتثالا لشرع الله. وقد قال الحافظ أبو بكر البزار:
حدثنا عباد بن أحمد العرزمي، حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) قال: "من شهد أن لا إله إلا الله، وخلع الأنداد، وشهد أني رسول الله"، ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) قال: "هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها".
ثم قال لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه اضغط هنا .
وكذا قال ابن عباس: إن المراد بذلك الصلوات الخمس. واختاره ابن جرير.
وقال ابن جرير: حدثني عَمرو بن عبد الحميد الآملي حدثنا مروان بن معاوية، عن أبي خلدة قال: دخلت على أبي العالية فقال لي: إذا غدوت غدا إلى العيد فمرّ بي. قال: فمررت به فقال: هل طعمت شيئا؟ قلت: نعم. قال: أفضت على نفسك من الماء؟ قلت: نعم. قال: فأخبرني ما فعلت بزكاتك؟ قلت: وكأنك قُلت: قد وَجّهتهَا؟ قال: إنما أردتك لهذا. ثم قرأ: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) وقال: إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء.
" < 8-382 > "
قلت: وكذلك روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر، ويتلو هذه الآية ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى )
وقال أبو الأحوص: إذا أتى أحدكم سائل وهو يريد الصلاة، فليقدم بين يدي صلاته زكاته، فإن الله يقول: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى )
وقال قتادة في هذه الآية ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) زكى ماله وأرضى خالقه.
تفسير سورة الطارق
وهي مكية.
قال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن محمد-قال: عبد الله وسمعته أنا منه-حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عبد الرحمن ابن خالد بن أبي جَبل العُدْواني، عن أبيه: أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مُشرّق ثَقيف وهو قائم على قوس-أو: عصا-حين أتاهم يبتغي عندهم النصر، فسمعته يقول: " وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ "حتى ختمها-قال: فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك، ثم قرأتها في الإسلام-قال: فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل؟ فقرأتها عليهم، فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا، لو كنا نعلم ما يقول حقا لاتبعناه .
وقال النسائي: حدثنا عمرو بن منصور، حدثنا أبو نعيم، عن مسْعَر، عن محارب بن دِثَار، عن جابر قال: صلى معاذ المغرب، فقرأ البقرة والنساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفتان يا معاذ؟ ما كان يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق، والشمس وضحاها، ونحو هذا؟" .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ (10)
يقسم تعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة؛ ولهذا قال: ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ) ثم قال ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ) ثم فسره بقوله: ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ )
قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقا؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار. ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح: نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا أي: يأتيهم فجأة بالليل. وفي " < 8-375 > " الحديث الآخر المشتمل على الدعاء: "إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن" .
وقوله: ( الثَّاقِبُ ) قال ابن عباس: المضيء. وقال السدي: يثقب الشياطين إذا أرسل عليها. وقال عكرمة: هو مضيء ومحرق للشيطان.
وقوله: ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) أي: كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات، كما قال تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الآية [الرعد: 11].
وقوله: ( فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ) تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خُلق منه، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد؛ لأن من قدر على البَدَاءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى، كما قال: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم: 27].
وقوله: ( خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ) يعني: المني؛ يخرج دَفقًا من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن الله، عز وجل ؛ ولهذا قال: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) يعني: صلب الرجل وترائب المرأة، وهو صدرها.
قال شبيب بن بشر، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) صلب الرجل وترائب المرأة، أصفر رقيق، لا يكون الولد إلا منهما. وكذا قال سعيد بن جُبَير، وعكرمة، وقتادة والسُّدِّي، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن مِسْعَر: سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: هذه الترائب. ووضع يده على صدره.
وقال الضحاك وعطية، عن ابن عباس: تَريبة المرأة موضُع القلادة. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جُبَير. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الترائب: بين ثدييها.
وعن مجاهد: الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر. وعنه أيضا: الترائب أسفل من التراقي. وقال سفيان الثوري: فوق الثديين. وعن سعيد بن جُبَير: الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل.
وعن الضحاك: الترائب بين الثديين والرجلين والعينين.
وقال الليث بن سعد عن مَعْمَر بن أبي حبيبة المدني: أنه بلغه في قول الله عز وجل: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: هو عصارة القلب، من هناك يكون الولد.
وعن قتادة: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) من بين صلبه ونحره.
وقوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) فيه قولان:
أحدهما: على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك. قاله مجاهد، " < 8-376 > " وعكرمة، وغيرهما.
والقول الثاني: إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق، أي: إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر؛ لأن من قدر على البدء قدر على الإعادة.
وقد ذكر الله، عز وجل، هذا الدليل في القرآن في غير ما موضع، وهذا القول قال به الضحاك، واختاره ابن جرير، ولهذا قال: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) أي: يوم القيامة تبلى فيه السرائر، أي: تظهر وتبدو، ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا. وقد ثبت في الصحيحين، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يرفع لكل غادر لواء عند استه يقال: هذه غَدْرَةُ فلان بن فلان" .
وقوله: ( فَمَا لَهُ ) أي: الإنسان يوم القيامة ( مِنْ قُوَّةٍ ) أي: في نفسه ( وَلا نَاصِرٍ ) أي: من خارج منه، أي: لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله، ولا يستطيع له أحد ذلك.
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)
قال ابن عباس: الرجع: المطر. وعنه: هو السحاب فيه المطر. وعنه: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) تمطر ثم تمطر.
وقال قتادة: ترجع رزق العباد كل عام، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم.
وقال ابن زيد: ترجع نجومها وشمسها وقمرها، يأتين من هاهنا.
( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) قال ابن عباس: هو انصداعها عن النبات. وكذا قال سعيد بن جُبَير وعكرمة، وأبو مالك، والضحاك، والحسن، وقتادة، والسدي، وغير واحد.
وقوله: ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ) قال ابن عباس: حق. وكذا قال قتادة.
وقال آخر: حكم عدل.
( وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) أي: بل هو حق جد.
ثم أخبر عن الكافرين بأنهم يكذبون به ويصدون عن سبيله، فقال: ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ) أي: يمكرون بالناس في دعوتهم إلى خلاف القرآن.
ثم قال: ( فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ ) أي: أنظرهم ولا تستعجل لهم، ( أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ) أي: قليلا. أي: وترى ماذا أحل بهم من العذاب والنكال والعقوبة والهلاك، كما قال: نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ [لقمان: 24].
آخر تفسير سورة "الطارق" ولله الحمد .
" < 8-377 > "
تفسير سورة سبح
وهي مكية.
والدليل على ذلك ما رواه البخاري: حدثنا عبدان: أخبرني أبي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن. ثم جاء عمار وبلال وسعد. ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين. ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله قد جاء، فما جاء حتى قرأت: " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "في سور مثلها .
وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا إسرائيل، عن ثُوَيْر بن أبي فاختَةَ، عن أبيه، عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة: " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "تفرد به أحمد .
وثبت في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: "هلا صَلّيت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى" .
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن أبيه، عن النعمان بن بشير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "و " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ "وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا .
هكذا وقع في مسند الإمام أحمد إسناد هذا الحديث. وقد رواه مسلم-في صحيحه-وأبو داود والترمذي والنسائي، من حديث أبو عَوَانة وجرير وشعبة، ثلاثتهم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، به قال الترمذي: "وكذا رواه الثوري ومسعر، عن إبراهيم-قال: ورواه سفيان بن عيينة عن إبراهيم-عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن أبيه، عن النعمان. ولا يعرف لحبيب رواية عن أبيه".
وقد رواه ابن ماجه عن محمد بن الصباح، عن سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن المنتشر، عن أبيه عن حبيب بن سالم، عن النعمان به كما رواه الجماعة، والله أعلم.
" < 8-378 > "
ولفظ مسلم وأهل السنن: كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "و " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ "وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن أبْزَى، وعائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى "و " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ "و " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "-زادت عائشة: والمعوذتين اضغط هنا.
وهكذا رُوي هذا الحديث-من طريق-جابر وأبي أمامة صُدَيّ بن عجلان، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهم ولولا خشية الإطالة لأوردنا ما تيسر من أسانيد ذلك ومتونه ولكن في الإرشاد بهذا الاختصار كفاية، والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى (6) إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13)
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا موسى-يعني ابن أيوب الغافقي-حدثنا عمي إياس بن عامر، سمعت عقبة بن عامر الجهني لما نـزلت: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74، 96] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم". فلما نـزلت: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) قال: "اجعلوها في سجودكم".
ورواه أبو داود وابن ماجه، من حديث ابن المبارك، عن موسى بن أيوب، به .
وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البَطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) قال: "سبحان ربي الأعلى".
وهكذا رواه أبو داود عن زُهَير بن حرب، عن وكيع، به وقال: "خولف فيه وكيع، " < 8-379 > " رواه أبو وكيع وشعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد، عن ابن عباس، موقوفا".
وقال الثوري، عن السدي، عن عبد خير قال: سمعت عليا قرأ ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) فقال: سبحان ربي الأعلى.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حُمَيد، حدثنا حَكَّام عن عَنْبَسة، عن أبي إسحاق الهَمْداني: أن ابن عباس كان إذا قرأ: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) يقول: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [القيامة:1] فأتى على آخرها: أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40] يقول: سبحانك وبلى .
وقال قتادة: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) ذُكِرَ لنا أن نَبِيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها، قال: "سبحان ربي الأعلى".
وقوله: ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) أي: خلق الخليقة وسَوّى كل مخلوق في أحسن الهيئات.
وقوله: ( وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ) قال مجاهد: هدى الإنسان للشقاوة والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها.
وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:50] أي: قدر قدرا، وهدى الخلائق إليه، كما ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عَمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قَدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء" .
وقوله: ( وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ) أي: من جميع صنوف النباتات والزروع، ( فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ) قال ابن عباس: هشيما متغيرا. وعن مجاهد، وقتادة، وابن زيد، نحوه.
قال ابن جرير: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام: والذي أخرج المرعى أحوى، أي: أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك. ثم قال ابن جرير: وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب؛ لمخالفته أقوال أهل التأويل.
وقوله: ( سَنُقْرِئُكَ ) أي: يا محمد ( فَلا تَنْسَى ) وهذا إخبار من الله، عز وجل، ووعد منه له، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها، ( إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) وهذا اختيار ابن جرير.
وقال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله.
وقيل: المراد بقوله: ( فَلا تَنْسَى ) طلب، وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من " < 8-380 > " النسخ، أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه؛ فلا عليك أن تتركه.
وقوله: ( إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ) أي: يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء.
وقوله تعالى: ( وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ) أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعا سهلا سمحا مستقيما عدلا لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر.
وقوله: ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ) أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة. ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه: ما أنت بمحدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال: حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!
وقوله: ( سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ) أي: سيتعظ بما تبلغه-يا محمد-من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه، ( وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا ) أي: لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة تنفعه، بل هي مضرة عليه؛ لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب، وأنواع النكال.
قال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان-يعني التيمي-عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون، وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء فيأخذ الرجل أنصاره فينبتهم-أو قال: ينبتون-في نهر الحياء-أو قال: الحياة-أو قال: الحيوان-أو قال: نهر الجنة فينبتون-نبات الحبَّة في حميل السيل". قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما ترون الشجرة تكون خضراء، ثم تكون صفراء أو قال: تكون صفراء ثم تكون خضراء؟". قال: فقال بعضهم: كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبادية .
وقال أحمد أيضا: حدثنا إسماعيل، حدثنا سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أناس-أو كما قال-تصيبهم النار بذنوبهم-أو قال: بخطاياهم-فيميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فنبتوا على أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة، اقبضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل". قال: فقال رجل من القوم حينئذ: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية.
ورواه مسلم في حديث بشر بن المفضل وشعبة، كلاهما عن أبي مَسْلَمة سعيد بن زيد، به " < 8-381 > " مثله ورواه أحمد أيضا عن يزيد، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل النار الذين لا يريد الله إخراجهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأن أهل النار الذين يريد الله إخراجهم يميتهم فيها إماتة، حتى يصيروا فحمًا، ثم يخرجون ضبائر فيلقون على أنهار الجنة، أو: يرش عليهم من أنهار الجنة فينبتون كما تنبت الحبَّة في حميل السيل" .
وقد قال الله إخبارا عن أهل النار: وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [الزخرف:77] وقال تعالى: لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [فاطر:36] إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى.
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
يقول تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) أي: طهَّر نفسه من الأخلاق الرذيلة، وتابع ما أنـزل الله على رسوله، صلوات الله وسلامه عليه، ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) أي: أقام الصلاة في أوقاتها؛ ابتغاء رضوان الله وطاعة لأمر الله وامتثالا لشرع الله. وقد قال الحافظ أبو بكر البزار:
حدثنا عباد بن أحمد العرزمي، حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) قال: "من شهد أن لا إله إلا الله، وخلع الأنداد، وشهد أني رسول الله"، ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) قال: "هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها".
ثم قال لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه اضغط هنا .
وكذا قال ابن عباس: إن المراد بذلك الصلوات الخمس. واختاره ابن جرير.
وقال ابن جرير: حدثني عَمرو بن عبد الحميد الآملي حدثنا مروان بن معاوية، عن أبي خلدة قال: دخلت على أبي العالية فقال لي: إذا غدوت غدا إلى العيد فمرّ بي. قال: فمررت به فقال: هل طعمت شيئا؟ قلت: نعم. قال: أفضت على نفسك من الماء؟ قلت: نعم. قال: فأخبرني ما فعلت بزكاتك؟ قلت: وكأنك قُلت: قد وَجّهتهَا؟ قال: إنما أردتك لهذا. ثم قرأ: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) وقال: إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء.
" < 8-382 > "
قلت: وكذلك روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر، ويتلو هذه الآية ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى )
وقال أبو الأحوص: إذا أتى أحدكم سائل وهو يريد الصلاة، فليقدم بين يدي صلاته زكاته، فإن الله يقول: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى )
وقال قتادة في هذه الآية ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) زكى ماله وأرضى خالقه.
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة الاعلى ايه 16= اخر تفسير سورة الغاشيه
» تفسير سورة الطارق عدد آياتها إِ
» تفسير سورة الطارق ايه رقم 1 الى اخر السورة الاشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الجن ايه رقم1==14
» تفسير سورة الصافات ايه رقم1====25
» تفسير سورة الطارق عدد آياتها إِ
» تفسير سورة الطارق ايه رقم 1 الى اخر السورة الاشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الجن ايه رقم1==14
» تفسير سورة الصافات ايه رقم1====25
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى