تفسير سورة الفتح ايه رقم 1==10
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة الفتح ايه رقم 1==10
""
تفسير سورة الفتح
وهي مكية
قال الإمام أحمد حدثنا وَكِيع، حدثنا شُعْبَة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل يقول: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسيره سورة الفتح على راحلته فرجَّع فيها -قال معاوية: لولا أني أكره أن يجتمع الناس علينا لحكيت لكم قراءته، أخرجاه من حديث شعبة به .
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) .
نـزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام ليقضي عمرته فيه، وحالوا بينه وبين ذلك، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على تكره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كما سيأتي تفصيله في موضعه من تفسير هذه السورة إن شاء الله. فلما نحر هديه حيث أحصر، ورجع، أنـزل الله، عز وجل، هذه السورة فيما كان من أمره وأمرهم، وجعل ذلك الصلح فتحًا باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روى عن ابن مسعود، رضي الله عنه، وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية.
وقال الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية .
وقال البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحًا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر. فنـزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ، ثم تمضمض ودعا، ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا .
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نوح، حدثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، قال: فسألته عن شيء -ثلاث مرات-فلم " < 7-326 > " يرد علي، قال: فقلت لنفسي: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، نـزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك؟ قال: فركبت راحلتي فتقدمت مخافة أن يكون نـزل في شيء، قال: فإذا أنا بمناد ينادي: يا عمر، أين عمر؟ قال: فرجعت وأنا أظن أنه نـزل في شيء، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نـزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ )" .
ورواه البخاري، والترمذي، والنسائي من طرق، عن مالك، رحمه الله ، وقال علي بن المديني: هذا إسناد مديني [جيد] لم نجده إلا عندهم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: نـزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) مرجعه من الحديبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد أنـزلت علي آية أحب إلي مما على الأرض"، ثم قرأها عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هنيئا مريئا يا نبي الله، لقد بين الله، عز وجل، ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنـزلت عليه: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ حتى بلغ: فَوْزًا عَظِيمًا [الفتح : 5]، أخرجاه في الصحيحين من رواية قتادة به .
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا مُجَمِّعُ بن يعقوب، قال: سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن أبي يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري -وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن-قال: شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إذا الناس ينفرون الأباعر، فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نوجف، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته عند كراع الغميم، فاجتمع الناس عليه، فقرأ عليهم: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) ، قال: فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رسول الله، وفتح هو؟ قال: "إي والذي نفس محمد بيده، إنه لفتح". فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما، وكان الجيش ألفا وخمسمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهما.
رواه أبو داود في الجهاد عن محمد بن عيسى، عن مجمع بن يعقوب، به .
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، حدثنا أبو بحر، حدثنا شعبة، حدثنا جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول : لما " < 7-327 > " أقبلنا من الحديبية أعرسنا فنمنا، فلم نستيقظ إلا بالشمس قد طلعت، فاستيقظنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم، قال: فقلنا: "امضوا" . فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: "افعلوا ما كنتم تفعلون وكذلك [يفعل] من نام أو نسي". قال: وفقدنا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبنها، فوجدناها قد تعلق خطامها بشجرة، فأتيته بها فركبها ، فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي، قال: وكان إذا أتاه [الوحي] اشتد عليه، فلما سري عنه أخبرنا أنه أنـزل عليه: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) .
وقد رواه أحمد وأبو داود، والنسائي من غير وجه، عن جامع بن شداد به .
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن زياد بن علاقة، قال: سمعت المغيرة بن شعبة يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم قدماه، فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".
أخرجاه وبقية الجماعة إلا أبا داود من حديث زياد به اضغط هنا .
وقال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن وهب، حدثني أبو صخر، عن ابن قسيط، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه .
فقالت له عائشة: يا رسول الله، أتصنع هذا وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "يا عائشة، أفلا أكون عبدا شكورا؟".
أخرجه مسلم في الصحيح من رواية عبد الله بن وهب، به .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عبد الله بن عون الخراز -وكان ثقة بمكة-حدثنا محمد بن بشر حدثنا مسعر، عن قتادة، عن أنس، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه -أو قال ساقاه-فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا؟" غريب من هذا الوجه اضغط هنا .
" < 7-328 > "
فقوله: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) أي: بينا ظاهرا، والمراد به صلح الحديبية فإنه حصل بسببه خير جزيل، وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض ، وتكلم المؤمن مع الكافر، وانتشر العلم النافع والإيمان.
وقوله: ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) : هذا من خصائصه -صلوات الله وسلامه عليه-التي لا يشاركه فيها غيره. وليس صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو -صلوات الله وسلامه عليه-في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه، لا من الأولين ولا من الآخرين، وهو أكمل البشر على الإطلاق، وسيدهم في الدنيا والآخرة. ولما كان أطوع خلق الله لله، وأكثرهم تعظيما لأوامره ونواهيه. قال حين بركت به الناقة: "حبسها حابس الفيل" ثم قال: "والذي نفسي بيده، لا يسألوني اليوم شيئا يعظمون به حرمات الله إلا أجبتهم إليها" فلما أطاع الله في ذلك وأجاب إلى الصلح، قال الله له: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ) أي: في الدنيا والآخرة، ( وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) أي: بما يشرعه لك من الشرع العظيم والدين القويم.
( وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ) أي: بسبب خضوعك لأمر الله يرفعك الله وينصرك على أعدائك، كما جاء في الحديث الصحيح: "وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" . وعن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] أنه قال: ما عاقبت -أي في الدنيا والآخرة-أحدا عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)
يقول تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ ) أي: جعل الطمأنينة. قاله ابن عباس، وعنه: الرحمة.
وقال قتادة: الوقار في قلوب المؤمنين. وهم الصحابة يوم الحديبية، الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله، فلما اطمأنت قلوبهم لذلك، واستقرت، زادهم إيمانًا مع إيمانهم.
" < 7-329 > "
وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الإيمان في القلوب.
ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين، فقال: ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) أي: ولو أرسل عليهم ملكا واحدا لأباد خضراءهم، ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد والقتال، لما له في ذلك من الحكمة البالغة والحجة القاطعة، والبراهين الدامغة؛ ولهذا قال: ( وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )
ثم قال تعالى: ( لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) ، قد تقدم حديث أنس: قالوا: هنيئا لك يا رسول الله، هذا لك فما لنا؟ فأنـزل الله: ( لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) أي: ماكثين فيها أبدا. ( وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) أي: خطاياهم وذنوبهم، فلا يعاقبهم عليها، بل يعفو ويصفح ويغفر، ويستر ويرحم ويشكر، ( وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا ) ، كقوله : فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران : 185].
وقوله: ( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ) أي: يتهمون الله في حكمه، ويظنون بالرسول وأصحابه أن يقتلوا ويذهبوا بالكلية؛ ولهذا قال: ( عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ ) أي: أبعدهم من رحمته ( وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) .
ثم قال مؤكدا لقدرته على الانتقام من الأعداء -أعداء الإسلام من الكفرة والمنافقين-: ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) .
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (9)
يقول تعالى لنبيه محمد -صلوات الله وسلامه عليه ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ) أي: على الخلق، ( وَمُبَشِّرًا ) أي: للمؤمنين، ( وَنَذِيرًا ) أي: للكافرين. وقد تقدم تفسيرها في سورة "الأحزاب" .
( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ ) ، قال ابن عباس وغير واحد: يعظموه، ( وَتُوَقِّرُوهُ ) من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام، ( وَتُسَبِّحُوهُ ) أي: يسبحون الله، ( بُكْرَةً وَأَصِيلا ) أي: أول النهار وآخره.
تفسير سورة الفتح
وهي مكية
قال الإمام أحمد حدثنا وَكِيع، حدثنا شُعْبَة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل يقول: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسيره سورة الفتح على راحلته فرجَّع فيها -قال معاوية: لولا أني أكره أن يجتمع الناس علينا لحكيت لكم قراءته، أخرجاه من حديث شعبة به .
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) .
نـزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام ليقضي عمرته فيه، وحالوا بينه وبين ذلك، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على تكره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كما سيأتي تفصيله في موضعه من تفسير هذه السورة إن شاء الله. فلما نحر هديه حيث أحصر، ورجع، أنـزل الله، عز وجل، هذه السورة فيما كان من أمره وأمرهم، وجعل ذلك الصلح فتحًا باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روى عن ابن مسعود، رضي الله عنه، وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية.
وقال الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية .
وقال البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحًا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر. فنـزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ، ثم تمضمض ودعا، ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا .
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نوح، حدثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، قال: فسألته عن شيء -ثلاث مرات-فلم " < 7-326 > " يرد علي، قال: فقلت لنفسي: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، نـزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك؟ قال: فركبت راحلتي فتقدمت مخافة أن يكون نـزل في شيء، قال: فإذا أنا بمناد ينادي: يا عمر، أين عمر؟ قال: فرجعت وأنا أظن أنه نـزل في شيء، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نـزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ )" .
ورواه البخاري، والترمذي، والنسائي من طرق، عن مالك، رحمه الله ، وقال علي بن المديني: هذا إسناد مديني [جيد] لم نجده إلا عندهم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: نـزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) مرجعه من الحديبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد أنـزلت علي آية أحب إلي مما على الأرض"، ثم قرأها عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هنيئا مريئا يا نبي الله، لقد بين الله، عز وجل، ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنـزلت عليه: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ حتى بلغ: فَوْزًا عَظِيمًا [الفتح : 5]، أخرجاه في الصحيحين من رواية قتادة به .
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا مُجَمِّعُ بن يعقوب، قال: سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن أبي يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري -وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن-قال: شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إذا الناس ينفرون الأباعر، فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نوجف، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته عند كراع الغميم، فاجتمع الناس عليه، فقرأ عليهم: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) ، قال: فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رسول الله، وفتح هو؟ قال: "إي والذي نفس محمد بيده، إنه لفتح". فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما، وكان الجيش ألفا وخمسمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهما.
رواه أبو داود في الجهاد عن محمد بن عيسى، عن مجمع بن يعقوب، به .
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، حدثنا أبو بحر، حدثنا شعبة، حدثنا جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول : لما " < 7-327 > " أقبلنا من الحديبية أعرسنا فنمنا، فلم نستيقظ إلا بالشمس قد طلعت، فاستيقظنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم، قال: فقلنا: "امضوا" . فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: "افعلوا ما كنتم تفعلون وكذلك [يفعل] من نام أو نسي". قال: وفقدنا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبنها، فوجدناها قد تعلق خطامها بشجرة، فأتيته بها فركبها ، فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي، قال: وكان إذا أتاه [الوحي] اشتد عليه، فلما سري عنه أخبرنا أنه أنـزل عليه: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) .
وقد رواه أحمد وأبو داود، والنسائي من غير وجه، عن جامع بن شداد به .
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن زياد بن علاقة، قال: سمعت المغيرة بن شعبة يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم قدماه، فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".
أخرجاه وبقية الجماعة إلا أبا داود من حديث زياد به اضغط هنا .
وقال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن وهب، حدثني أبو صخر، عن ابن قسيط، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه .
فقالت له عائشة: يا رسول الله، أتصنع هذا وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "يا عائشة، أفلا أكون عبدا شكورا؟".
أخرجه مسلم في الصحيح من رواية عبد الله بن وهب، به .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عبد الله بن عون الخراز -وكان ثقة بمكة-حدثنا محمد بن بشر حدثنا مسعر، عن قتادة، عن أنس، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه -أو قال ساقاه-فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا؟" غريب من هذا الوجه اضغط هنا .
" < 7-328 > "
فقوله: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) أي: بينا ظاهرا، والمراد به صلح الحديبية فإنه حصل بسببه خير جزيل، وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض ، وتكلم المؤمن مع الكافر، وانتشر العلم النافع والإيمان.
وقوله: ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) : هذا من خصائصه -صلوات الله وسلامه عليه-التي لا يشاركه فيها غيره. وليس صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو -صلوات الله وسلامه عليه-في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه، لا من الأولين ولا من الآخرين، وهو أكمل البشر على الإطلاق، وسيدهم في الدنيا والآخرة. ولما كان أطوع خلق الله لله، وأكثرهم تعظيما لأوامره ونواهيه. قال حين بركت به الناقة: "حبسها حابس الفيل" ثم قال: "والذي نفسي بيده، لا يسألوني اليوم شيئا يعظمون به حرمات الله إلا أجبتهم إليها" فلما أطاع الله في ذلك وأجاب إلى الصلح، قال الله له: ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ) أي: في الدنيا والآخرة، ( وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) أي: بما يشرعه لك من الشرع العظيم والدين القويم.
( وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ) أي: بسبب خضوعك لأمر الله يرفعك الله وينصرك على أعدائك، كما جاء في الحديث الصحيح: "وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" . وعن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] أنه قال: ما عاقبت -أي في الدنيا والآخرة-أحدا عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)
يقول تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ ) أي: جعل الطمأنينة. قاله ابن عباس، وعنه: الرحمة.
وقال قتادة: الوقار في قلوب المؤمنين. وهم الصحابة يوم الحديبية، الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله، فلما اطمأنت قلوبهم لذلك، واستقرت، زادهم إيمانًا مع إيمانهم.
" < 7-329 > "
وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الإيمان في القلوب.
ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين، فقال: ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) أي: ولو أرسل عليهم ملكا واحدا لأباد خضراءهم، ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد والقتال، لما له في ذلك من الحكمة البالغة والحجة القاطعة، والبراهين الدامغة؛ ولهذا قال: ( وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )
ثم قال تعالى: ( لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) ، قد تقدم حديث أنس: قالوا: هنيئا لك يا رسول الله، هذا لك فما لنا؟ فأنـزل الله: ( لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) أي: ماكثين فيها أبدا. ( وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) أي: خطاياهم وذنوبهم، فلا يعاقبهم عليها، بل يعفو ويصفح ويغفر، ويستر ويرحم ويشكر، ( وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا ) ، كقوله : فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران : 185].
وقوله: ( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ) أي: يتهمون الله في حكمه، ويظنون بالرسول وأصحابه أن يقتلوا ويذهبوا بالكلية؛ ولهذا قال: ( عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ ) أي: أبعدهم من رحمته ( وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) .
ثم قال مؤكدا لقدرته على الانتقام من الأعداء -أعداء الإسلام من الكفرة والمنافقين-: ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) .
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (9)
يقول تعالى لنبيه محمد -صلوات الله وسلامه عليه ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ) أي: على الخلق، ( وَمُبَشِّرًا ) أي: للمؤمنين، ( وَنَذِيرًا ) أي: للكافرين. وقد تقدم تفسيرها في سورة "الأحزاب" .
( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ ) ، قال ابن عباس وغير واحد: يعظموه، ( وَتُوَقِّرُوهُ ) من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام، ( وَتُسَبِّحُوهُ ) أي: يسبحون الله، ( بُكْرَةً وَأَصِيلا ) أي: أول النهار وآخره.
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة الفتح ايه29---حتى ايه 5 من سورة الحجرات
» تفسير سورة الفتح ايه 10===16
» تفسير سورة الفتح ايه 16==24
» تفسير سورة الفتح ايه 11 الى ايه 23 الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الفتح ايه رقم واحد الى ايه 10 الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الفتح ايه 10===16
» تفسير سورة الفتح ايه 16==24
» تفسير سورة الفتح ايه 11 الى ايه 23 الشيخ سيد قطب
» تفسير سورة الفتح ايه رقم واحد الى ايه 10 الشيخ سيد قطب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى