تفسيرة سورة العنكبوت ايه 64\\\\\الى اخر السوره
صفحة 1 من اصل 1
تفسيرة سورة العنكبوت ايه 64\\الى اخر السوره
وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) .
يقول تعالى مخبرا عن حقارة الدنيا وزوالها وانقضائها، وأنها لا دوام لها، وغاية ما فيها لهو ولعب: ( وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ) أي: الحياة الدائمة الحق الذي لا زوال لها ولا انقضاء، بل هي مستمرة أبد الآباد.
وقوله: ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) أي: لآثروا ما يبقى على ما يفنى.
ثم أخبر تعالى عن المشركين أنهم عند الاضطرار يدعونه وحده لا شريك له، فهلا يكون هذا " < 6-295 > " منهم دائما، ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) كقوله وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ [الإسراء: :67] . وقال هاهنا: ( فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) .
وقد ذكر محمد بن إسحاق، عن عكرمة بن أبي جهل: أنه لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ذهب فارًّا منها، فلما ركب في البحر ليذهب إلى الحبشة، اضطربت بهم السفينة، فقال أهلها: يا قوم، أخلصوا لربكم الدعاء، فإنه لا ينجي هاهنا إلا هو. فقال عكرمة: والله إن كان لا ينجي في البحر غيره، فإنه لا يُنَجّي غيره في البر أيضا، اللهم لك عليَّ عهد لئن خرجتُ لأذهبن فلأضعَنّ يدي في يد محمد فلأجدنه رؤوفًا رحيما، وكان كذلك.
وقوله: ( لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا ) : هذه اللام يسميها كثير من أهل العربية والتفسير وعلماء الأصول لام العاقبة؛ لأنهم لا يقصدون ذلك، ولا شك أنها كذلك بالنسبة إليهم، وأما بالنسبة إلى تقدير الله عليهم ذلك وتقييضه إياهم لذلك فهي لام التعليل. وقد قدَّمْنا تقرير ذلك في قوله: لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا [القصص: 8].
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)
يقول تعالى ممتنا على قريش فيما أحلهم من حرمه، الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والبادي، ومن دخله كان آمنا، فهم في أمن عظيم، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا، كما قال تعالى: لإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش: 1-4].
وقوله: ( أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ) أي: أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به، وعبدوا معه [غيره من] الأصنام والأنداد، و بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [إبراهيم: 28]، وكفروا بنبي الله وعبده ورسوله، فكان اللائق بهم إخلاص العبادة لله، وألا يشركوا به، وتصديق الرسول وتعظيمه وتوقيره، فكذبوه وقاتلوه وأخرجوه من بين ظهرهم؛ ولهذا سلبهم الله ما كان أنعم به عليهم، وقتل من قتل منهم ببدر، وصارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين، ففتح الله على رسوله مكة، وأرغم آنافهم وأذل رقابهم.
ثم قال تعالى: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ) أي: لا أحد أشد " < 6-296 > " عقوبة ممن كذب على الله فقال: إن الله أوحى إليه شيء، ولم يوح إليه شيء. ومن قال: سأنـزل مثل ما أنـزل الله. وهكذا لا أحد أشد عقوبة ممن كذب بالحق لما جاءه، فالأول مفتر، والثاني مكذب؛ ولهذا قال: ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ) .
ثم قال ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ) يعني: الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ( لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) ، أي: لنُبَصرنهم سبلنا، أي: طرقنا في الدنيا والآخرة.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحَواري، حدثنا عباس الهمداني أبو أحمد -من أهل عكا -في قول الله : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) قال: الذين يعملون بما يعلمون، يهديهم لما لا يعلمون. قال أحمد بن أبي الحواري: فحدثت به أبا سليمان الداراني فأعجبه، وقال: ليس ينبغي لِمَنْ ألهم شيئا من الخير أن يعمل به حتى يسمعه في الأثر، فإذا سمعه في الأثر عمل به، وحمد الله حين وافق ما في نفسه .
وقوله: ( وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبي، حدثنا عيسى بن جعفر -قاضي الري -حدثنا أبو جعفر الرازي، عن المغيرة، عن الشعبي قال: قال عيسى بن مريم، عليه السلام: إنما الإحسان أن تحسن إلى مَنْ أساء إليك، ليس الإحسان أن تحسن إلى مَنْ أحسن إليك. [وفي حديث جبريل لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان قال: "أخبرني عن الإحسان" . قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
[انتهى تفسير سورة العنكبوت، ولله الحمد والمنة ]
يقول تعالى مخبرا عن حقارة الدنيا وزوالها وانقضائها، وأنها لا دوام لها، وغاية ما فيها لهو ولعب: ( وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ) أي: الحياة الدائمة الحق الذي لا زوال لها ولا انقضاء، بل هي مستمرة أبد الآباد.
وقوله: ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) أي: لآثروا ما يبقى على ما يفنى.
ثم أخبر تعالى عن المشركين أنهم عند الاضطرار يدعونه وحده لا شريك له، فهلا يكون هذا " < 6-295 > " منهم دائما، ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) كقوله وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ [الإسراء: :67] . وقال هاهنا: ( فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) .
وقد ذكر محمد بن إسحاق، عن عكرمة بن أبي جهل: أنه لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ذهب فارًّا منها، فلما ركب في البحر ليذهب إلى الحبشة، اضطربت بهم السفينة، فقال أهلها: يا قوم، أخلصوا لربكم الدعاء، فإنه لا ينجي هاهنا إلا هو. فقال عكرمة: والله إن كان لا ينجي في البحر غيره، فإنه لا يُنَجّي غيره في البر أيضا، اللهم لك عليَّ عهد لئن خرجتُ لأذهبن فلأضعَنّ يدي في يد محمد فلأجدنه رؤوفًا رحيما، وكان كذلك.
وقوله: ( لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا ) : هذه اللام يسميها كثير من أهل العربية والتفسير وعلماء الأصول لام العاقبة؛ لأنهم لا يقصدون ذلك، ولا شك أنها كذلك بالنسبة إليهم، وأما بالنسبة إلى تقدير الله عليهم ذلك وتقييضه إياهم لذلك فهي لام التعليل. وقد قدَّمْنا تقرير ذلك في قوله: لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا [القصص: 8].
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)
يقول تعالى ممتنا على قريش فيما أحلهم من حرمه، الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والبادي، ومن دخله كان آمنا، فهم في أمن عظيم، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا، كما قال تعالى: لإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش: 1-4].
وقوله: ( أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ) أي: أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به، وعبدوا معه [غيره من] الأصنام والأنداد، و بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [إبراهيم: 28]، وكفروا بنبي الله وعبده ورسوله، فكان اللائق بهم إخلاص العبادة لله، وألا يشركوا به، وتصديق الرسول وتعظيمه وتوقيره، فكذبوه وقاتلوه وأخرجوه من بين ظهرهم؛ ولهذا سلبهم الله ما كان أنعم به عليهم، وقتل من قتل منهم ببدر، وصارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين، ففتح الله على رسوله مكة، وأرغم آنافهم وأذل رقابهم.
ثم قال تعالى: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ) أي: لا أحد أشد " < 6-296 > " عقوبة ممن كذب على الله فقال: إن الله أوحى إليه شيء، ولم يوح إليه شيء. ومن قال: سأنـزل مثل ما أنـزل الله. وهكذا لا أحد أشد عقوبة ممن كذب بالحق لما جاءه، فالأول مفتر، والثاني مكذب؛ ولهذا قال: ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ) .
ثم قال ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ) يعني: الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ( لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) ، أي: لنُبَصرنهم سبلنا، أي: طرقنا في الدنيا والآخرة.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحَواري، حدثنا عباس الهمداني أبو أحمد -من أهل عكا -في قول الله : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) قال: الذين يعملون بما يعلمون، يهديهم لما لا يعلمون. قال أحمد بن أبي الحواري: فحدثت به أبا سليمان الداراني فأعجبه، وقال: ليس ينبغي لِمَنْ ألهم شيئا من الخير أن يعمل به حتى يسمعه في الأثر، فإذا سمعه في الأثر عمل به، وحمد الله حين وافق ما في نفسه .
وقوله: ( وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبي، حدثنا عيسى بن جعفر -قاضي الري -حدثنا أبو جعفر الرازي، عن المغيرة، عن الشعبي قال: قال عيسى بن مريم، عليه السلام: إنما الإحسان أن تحسن إلى مَنْ أساء إليك، ليس الإحسان أن تحسن إلى مَنْ أحسن إليك. [وفي حديث جبريل لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان قال: "أخبرني عن الإحسان" . قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
[انتهى تفسير سورة العنكبوت، ولله الحمد والمنة ]
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة العنكبوت ايه45 الى اخر السوره الشيخ سيد قطب
» تفسيرة سورة المللك ايه 27 --الى ايه16 من سورة القلم
» تفسيرة سورة الليل ابه 15=تفسير سورة الضحى =آخر تفسير سورة "ألم نشرح"
» تفسيرة سورة طه ايه 114\\\\126
» تفسيرة سورة اللملك ايه 10==27
» تفسيرة سورة المللك ايه 27 --الى ايه16 من سورة القلم
» تفسيرة سورة الليل ابه 15=تفسير سورة الضحى =آخر تفسير سورة "ألم نشرح"
» تفسيرة سورة طه ايه 114\\\\126
» تفسيرة سورة اللملك ايه 10==27
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى