منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي رياض الصالحين
اهلا وسهلا بكل السادة الزوار ونرحب بكم بمنتديات رياض الصالحين ويشرفنا ويسعدنا انضمامكم لاسرة المنتدي
منتدي رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير سورة القلم ايه 16 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب

اذهب الى الأسفل

تفسير سورة القلم ايه 16 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب Empty تفسير سورة القلم ايه 16 الى اخر السورة الشيخ سيد قطب

مُساهمة  كمال العطار الخميس يونيو 14, 2012 10:06 pm

من الاية 16 الى الاية 16

سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)

ومن ثم يجيء التهديد من الجبار القهار , يلمس في نفسه موضع الاختيال والفخر بالمال والبنين ; كما لمس وصفه من قبل موضع الاختيال بمكانته ونسبه . . ويسمع وعد الله القاطع:

(سنسمه على الخرطوم). .

ومن معاني الخرطوم طرف أنف الخنزير البري . . ولعله هو المقصود هنا كناية عن أنفه ! والأنف في لغة العرب يكنى به عن العزة فيقال:أنف أشم للعزيز . وأنف في الرغام للذليل . . أي في التراب ! ويقال ورم أنفه وحمي أنفه , إذا غضب معتزا . ومنه الأنفة . . والتهديد بوسمه على الخرطوم يحوي نوعين من الإذلال والتحقير . . الأولى الوسم كما يوسم العبد . . والثاني جعل أنفه خرطوما كخرطوم الخنزير !

وما من شك أن وقع هذه الآيات على نفس الوليد كان قاصما . فهو من أمة كانت تعد هجاء شاعر - ولو بالباطل - مذمة يتوقاها الكريم ! فكيف بدمغه بالحق من خالق السماوات والأرض . بهذا الأسلوب الذي لا يبارى . في هذا السجل الذي تتجاوب بكل لفظ من ألفاظه جنبات الوجود . ثم يستقر في كيان الوجود . . في خلود . .

إنها القاصمة التي يستأهلها عدو الإسلام وعدو الرسول الكريم صاحب الخلق العظيم . .

الدرس السادس:17 قصة أصحاب الجنة

وبمناسبة الإشارة إلى المال والبنين , والبطر الذي يبطره المكذبون , يضرب لهم مثلا بقصة يبدو أنها كانت معروفة عندهم , شائعة بينهم , ويذكرهم فيها بعاقبة البطر بالنعمة , ومنع الخير والاعتداء على حقوق الآخرين ; ويشعرهم أن ما بين أيديهم من نعم المال والبنين , إنما هو ابتلاء لهم كما ابتلي أصحاب هذه القصة , وأن له ما بعده , وأنهم غير متروكين لما هم فيه:

إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين , ولا يستثنون . فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون , فأصبحت كالصريم . فتنادوا مصبحين:أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين . فانطلقوا وهم يتخافتون:ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين . وغدوا على حرد قادرين . فلما رأوها قالوا:إنا لضالون , بل نحن محرومون . قال أوسطهم:ألم أقل لكم لولا تسبحون ! قالوا:سبحان ربنا إنا كنا ظالمين . فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون , قالوا:يا ويلنا إنا كنا طاغين , عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون . . كذلك العذاب , ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون . .

وهذه القصة قد تكون متداولة ومعروفة , ولكن السياق القرآني يكشف عما وراء حوادثها من فعل الله وقدرته , ومن ابتلاء وجزاء لبعض عباده . ويكون هذا هو الجديد في سياقها القرآني .

ومن خلال نصوصها وحركاتها نلمح مجموعة من الناس ساذجة بدائية أشبه في تفكيرها وتصورها وحركتها بأهل الريف البسطاء السذج . ولعل هذا المستوى من النماذج البشرية كان أقرب إلى المخاطبين بالقصة , الذين كانوا يعاندون ويجحدون , ولكن نفوسهم ليست شديدة التعقيد , إنما هي أقرب إلى السذاجة والبساطة !

والقصة من ناحية الأداء تمثل إحدى طرق الأداء الفني في القرآن ; وفيه مفاجآت مشوقة كما أن فيه سخرية بالكيد البشري العاجز أمام تدبير الله وكيده . وفيه حيوية في العرض حتى لكأن السامع - أو القارئ - يشهد القصة حية تقع أحداثها أمامه وتتوالى . فلنحاول أن نراها كما هي في سياقها القرآني:

من الاية 17 الى الاية 27

إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)

ها نحن أولاء أمام أصحاب الجنة - جنة الدنيا لا جنة الآخرة - وها هم أولاء يبيتون في شأنها أمرا . لقد كان للمساكين حظ من ثمرة هذه الجنة - كما تقول الروايات - على أيام صاحبها الطيب الصالح . ولكن الورثة يريدون أن يستأثروا بثمرها الآن , وأن يحرموا المساكين حظهم . . فلننظر كيف تجري الأحداث إذن !

(إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين , ولا يستثنون).

لقد قر رأيهم على أن يقطعوا ثمرها عند الصباح الباكر , دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين . وأقسموا على هذا , وعقدوا النية عليه , وباتوا بهذا الشر فيما اعتزموه . . فلندعهم في غفلتهم أو في كيدهم الذي يبيتوه , ولننظر ماذا يجري من ورائهم في بهمة الليل وهم لا يشعرون . فإن الله ساهر لا ينام كما ينامون , وهو يدبر لهم غير ما يدبرون , جزاء على ما بيتوا من بطر بالنعمة ومنع للخير , وبخل بنصيب المساكين المعلوم . . إن هناك مفاجأة تتم في خفية . وحركة لطيفة كحركة الأشباح في الظلام . والناس نيام:

(فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون . فأصبحت كالصريم) . .

فلندع الجنة وما ألم بها مؤقتا لننظر كيف يصنع المبيتون الماكرون .

ها هم أولاء يصحون مبكرين كما دبروا , وينادي بعضهم بعضا لينفذوا ما اعتزموا:

(فتنادوا مصبحين:أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين). . يذكر بعضهم بعضا ويوصى بعضهم بعضا ويحمس بعضم بعضا !

ثم يمضي السياق في السخرية منهم , فيصورهم منطلقين , يتحدثون في خفوت , زيادة في إحكام التدبير , ليحتجنوا الثمر كله لهم , ويحرموا منه المساكين !

فانطلقوا وهم يتخافتون:ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين !!!

وكأنما نحن الذين نسمع القرآن أو نقرؤه نعلم ما لا يعلمه أصحاب الجنة من أمرها . . أجل فقد شهدنا تلك اليد الخفية اللطيفة تمتد إليها في الظلام , فتذهب بثمرها كله . ورأيناها كأنما هي مقطوعة الثمار بعد ذلك الطائف الخفي الرهيب ! فلنمسك أنفاسنا إذن , لنرى كيف يصنع الماكرون المبيتون .

إن السياق ما يزال يسخر من الماكرين المبيتين:

(وغدوا على حرد قادرين)!

أجل إنهم لقادرون على المنع والحرمان . . حرمان أنفسهم على أقل تقدير !!

وها هم أولاء يفاجأون . فلننطلق مع السياق ساخرين . ونحن نشهدهم مفجوئين:

(فلما رأوها قالوا:إنا لضالون). .

ما هذه جنتنا الموقرة بالثمار . فقد ضللنا إليها الطريق ! . . ولكنهم يعودون فيتأكدون:

(بل نحن محرومون). .

وهذا هو الخبر اليقين !

والآن وقد حاقت بهم عاقبة المكر والتبييت , وعاقبة البطر والمنع , يتقدم أوسطهم وأعقلهم وأصلحهم -

من الاية 28 الى الاية 34

قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34)

ويبدو أنه كان له رأي غير رأيهم . ولكنه تابعهم عندما خالفوه وهو فريد في رأيه , ولم يصر على الحق الذي رآه فناله الحرمان كما نالهم . ولكنه يذكرهم ما كان من نصحه وتوجيهه:

(قال أوسطهم:ألم أقل لكم:لولا تسبحون)?!

والآن فقط يسمعون للناصح بعد فوات الأوان:

(قالوا:سبحان ربنا , إنا كنا ظالمين). .

وكما يتنصل كل شريك من التبعة عندما تسوء العاقبة , ويتوجه باللوم إلى الآخرين . . ها هم أولاء يصنعون:

(فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون)!

ثم ها هم أولاء يتركون التلاوم ليعترفوا جميعا بالخطيئة أمام العاقبة الرديئة . عسى أن يغفر الله لهم , ويعوضهم من الجنة الضائعة على مذبح البطر والمنع والكيد والتدبير:

(قالوا:يا ويلنا ! إنا كنا طاغين . عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون). .

وقبل أن يسدل السياق الستار على المشهد الأخير نسمع التعقيب:

(كذلك العذاب . ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون). .

وكذلك الابتلاء بالنعمة . فليعلم المشركون أهل مكة . (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة)ولينظروا ماذا وراء الابتلاء . . ثم ليحذروا ما هو أكبر من ابتلاء الدنيا وعذاب الدنيا:

(ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون)!

الدرس السابع:34 فوز المتقين بالجنة

وكذلك يسوق إلى قريش هذه التجربة من واقع البيئة , ومما هو متداول بينهم من القصص , فيربط بين سنته في الغابرين وسنته في الحاضرين ; ويلمس قلوبهم بأقرب الأساليب إلى واقع حياتهم . وفي الوقت ذاته يشعر المؤمنين بأن ما يرونه على المشركين - من كبراء قريش - من آثار النعمة والثروة إنما هو ابتلاء من الله , له عواقبه , وله نتائجه . وسنته أن يبتلي بالنعمة كما يبتلي بالبأساء سواء . فأما المتبطرون المانعون للخير المخدوعون بما هم فيه من نعيم , فذلك كان مثلا لعاقبتهم: (ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون). . وأما المتقون الحذرون فلهم عند ربهم جنات النعيم:

(إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم). .

وهو التقابل في العاقبة , كما أنه التقابل في المسلك والحقيقة . . تقابل النقيضين اللذين اختلفت بهما الطريق , فاختلفت بهما خاتمة الطريق !

الدرس الثامن:35 - 47 أسئلة اقناعية للكفار وتهديدهم بمشاهد العذاب يوم القيامة

وعند هاتين الخاتمتين يدخل معهم في جدل لا تعقيد فيه كذلك ولا تركيب . ويتحداهم ويحرجهم بالسؤال تلو السؤال عن أمور ليس لها إلا جواب واحد يصعب المغالطة فيه ; ويهددهم في الآخرة بمشهد رهيب , وفي الدنيا بحرب من العزيز الجبار القوي الشديد:

أفنجعل المسلمين كالمجرمين ? مالكم ? كيف تحكمون ? أم لكم كتاب فيه تدرسون ? إن لكم فيه لما تخيرون ? أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون ? سلهم أيهم بذلك زعيم ? أم لهم شركاء ?

من الاية 35 الى الاية 42

أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)

فليأت بشركائهم إن كانوا صادقين . يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون . خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة . وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون . فذرني ومن يكذب بهذا الحديث . سنستدرجهم من حيث لا يعلمون . وأملي لهم إن كيدي متين . أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون ? أم عندهم الغيب فهم يكتبون)?!

والتهديد بعذاب الآخرة وحرب الدنيا يجيء - كما نرى - في خلال ذلك الجدل , وهذا التحدي . فيرفع من حرارة الجدل , ويزيد من ضغط التحدي .

والسؤال الاستنكاري الأولSadأفنجعل المسلمين كالمجرمين ?)يعود إلى عاقبة هؤلاء وهؤلاء التي عرضها في الآيات السابقة . وهو سؤال ليس له إلا جواب واحد . . لا . لا يكون . فالمسلمون المذعنون المستسلمون لربهم , لا يكونون أبدا كالمجرمين الذين يأتون الجريمة عن لجاج يسمهم بهذا الوصف الذميم ! وما يجوز في عقل ولا في عدل أن يتساوى المسلمون والمجرمون في جزاء ولا مصير .

ومن ثم يجيء السؤال الاستنكاري الآخر: مالكم ? كيف تحكمون ? . . ماذا بكم ? وعلام تبنون أحكامكم ? وكيف تزنون القيم والأقدار حتى يستوي في ميزانكم وحكمكم من يسلمون ومن يجرمون ?!

ومن الاستنكار والإنكار عليهم ينتقل إلى التهكم بهم والسخرية منهمSadأم لكم كتاب فيه تدرسون ? إن لكم فيه لما تخيرون ?). . فهو التهكم والسخرية أن يسألهم إن كان لهم كتاب يدرسونه , هو الذي يستمدون منه مثل ذلك الحكم الذي لا يقبله عقل ولا عدل ; وهو الذي يقول لهم:إن المسلمين كالمجرمين ! إنه كتاب مضحك يوافق هواهم ويملق رغباتهم , فلهم فيه ما يتخيرون من الأحكام وما يشتهون ! وهو لا يرتكن إلى حق ولا إلى عدل , ولا إلى معقول أو معروف !

(أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون ?). . فإن لا يكن ذلك فهو هذا . وهو أن تكون لهم مواثيق على الله , سارية إلى يوم القيامة , مقتضاها أن لهم ما يحكمون , وما يختارون وفق ما يشتهون ! وليس من هذا شيء . فلا عهود لهم عند الله ولا مواثيق . فعلام إذن يتكلمون ?! وإلام إذن يستندون ?!

(سلهم أيهم بذلك زعيم ?). . سلهم من منهم المتعهد بهذا ? من منهم المتعهد بأن لهم على الله ما يشاءون , وأن لهم ميثاقا عليه ساري المفعول إلى يوم القيامة أن لهم ما يحكمون ?!

وهو تهكم ساخر عميق بليغ يذيب الوجوه من الحرج والتحدي السافر المكشوف !

(أم لهم شركاء ? فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين). .

وهم كانوا يشركون بالله . ولكن التعبير يضيف الشركاء إليهم لا لله . ويتجاهل أن هناك شركاء . ويتحداهم أن يدعوا شركاءهم هؤلاء إن كانوا صادقين . . ولكن متى يدعونهم ?

(يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون . خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة . وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون). .

فيقفهم وجها لوجه أمام هذا المشهد كأنه حاضر اللحظة , وكأنه يتحداهم فيه أن يأتوا بشركائهم المزعومين . وهذا اليوم حقيقة حاضرة في علم الله لا تتقيد في علمه بزمن . واستحضارها للمخاطبين على هذا النحو يجعل وقعها عميقا حيا حاضرا في النفوس على طريقة القرآن الكريم .

والكشف عن الساق كناية - في تعبيرات اللغة العربية المأثورة - عن الشدة والكرب . فهو يوم القيامة الذي

من الاية 43 الى الاية 43

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)

يشمر فيه عن الساعد ويكشف فيه عن الساق , ويشتد الكرب والضيق . . ويدعى هؤلاء المتكبرون إلى السجود فلا يملكون السجود , إما لأن وقته قد فات , وإما لأنهم كما وصفهم في موضع آخر يكونون: (مهطعين مقنعي رؤوسهم)وكأن أجسامهم وأعصابهم مشدودة من الهول على غير إرادة منهم ! وعلى أية حال فهو تعبير يشي بالكرب والعجز والتحدي المخيف . .

ثم يكمل رسم هيئتهم: (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة). . هؤلاء المتكبرون المتبجحون . والأبصار الخاشعة والذلة المرهقة هما المقابلان للهامات الشامخة والكبرياء المنفوخة . وهي تذكر بالتهديد الذي جاء في أول السورةSadسنسمه على الخرطوم). . فإيحاء الذلة والانكسار ظاهر عميق مقصود !

وبينما هم في هذا الموقف المرهق الذليل , يذكرهم بما جرهم إليه من إعراض واستكبار: (وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون). . قادرون على السجود . فكانوا يأبون ويستكبرون . . كانوا . فهم الآن في ذلك المشهد المرهق الذليل . والدنيا وراءهم . وهم الآن يدعون إلى السجود فلا يستطيعون !

وبينما هم في هذا الكرب , يجيئهم التهديد الرعيب الذي يهد القلوب:

(فذرني ومن يكذب بهذا الحديث). .

وهو تهديد مزلزل . . والجبار القهار القوي المتين يقول للرسول [ ص ]:خلي بيني وبين من يكذب بهذا الحديث . وذرني لحربه فأنا به كفيل !

ومن هو هذا الذي يكذب بهذا الحديث ?

إنه ذلك المخلوق الصغير الهزيل المسكين الضعيف ! هذه النملة المضعوفة . بل هذه الهباءة المنثورة . . بل هذا العدم الذي لا يعني شيئا أمام جبروت الجبار القهار العظيم !

فيا محمد . خل بيني وبين هذا المخلوق . واسترح أنت ومن معك من المؤمنين . فالحرب معي لا معك ولا مع المؤمنين . الحرب معي . وهذا المخلوق عدوي , وأنا سأتولى أمره فدعه لي , وذرني معه , واذهب أنت ومن معك فاستريحوا !

أي هول مزلزل للمكذبين ! وأي طمأنينة للنبي والمؤمنين . . المستضعفين . . ?

ثم يكشف لهم الجبار القهار عن خطة الحرب مع هذا المخلوق الهزيل الصغير الضعيف !

(سنستدرجهم من حيث لا يعلمون . وأملي لهم إن كيدي متين). .

وإن شأن المكذبين , وأهل الأرض أجمعين , لأهون وأصغر من أن يدبر الله لهم هذه التدابير . . ولكنه - سبحانه - يحذرهم نفسه ليدركوا أنفسهم قبل فوات الأوان . وليعلموا أن الأمان الظاهر الذي يدعه لهم هو الفخ الذي يقعون فيه وهم غارون . وأن إمهالهم على الظلم والبغي والإعراض والضلال هو استدراج لهم إلى أسوأ مصير . وأنه تدبير من الله ليحملوا أوزارهم كاملة , ويأتوا إلى الموقف مثقلين بالذنوب , مستحقين للخزي والرهق والتعذيب . .

وليس أكبر من التحذير , وكشف الاستدراج والتدبير , عدلا ولا رحمة . والله سبحانه يقدم لأعدائه وأعداء دينه ورسوله عدله ورحمته في هذا التحذير وذلك النذير . وهم بعد ذلك وما يختارون لأنفسهم , فقد كشف القناع ووضحت الأمور !

إنه سبحانه يمهل ولا يهمل . ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته . وهو هنا يكشف عن طريقته وعن سنته
من الاية 44 الى الاية 49

فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ (46) أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ (49)

التي قدرها بمشيئته . ويقول لرسوله [ ص ] ذرني ومن يكذب بهذا الحديث , وخل بيني وبين المعتزين بالمال والبنين والجاه والسلطان . فسأملي لهم , واجعل هذه النعمة فخهم ! فيطمئن رسوله , ويحذر أعداءه . . ثم يدعهم لذلك التهديد الرعيب !

وفي ظل مشهد القيامة المكروب وظل هذا التهديد المرهوب يكمل الجدل والتحدي والتعجيب من موقفهم الغريب:

(أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون ?). .

فثقل الغرامة التي تطلبها منهم أجرا على الهداية هو الذي يدفعهم إلى الإعراض والتكذيب , ويجعلهم يؤثرون ذلك المصير البشع , على فداحة ما يؤدون ?!

(أم عندهم الغيب فهم يكتبون ?). .

ومن ثم فهم على ثقة مما في الغيب , فلا يخيفهم ما ينتظرهم فيه , فقد اطلعوا عليه وكتبوه وعرفوه ? أو أنهم هم الذين كتبوا ما فيه . فكتبوه ضامنا لما يشتهون ?

ولا هذا ولا ذاك ? فما لهم يقفون هذا الموقف الغريب المريب ?!

الدرس التاسع:48 - 50 توصية بالصبر ولقطة من قصة يونس

وبذلك التعبير العجيب الموحي الرعيب: (فذرني ومن يكذب بهذا الحديث). . وبالإعلان عن خطة المعركة والكشف عن سنة الحرب بين الله وأعدائه المخدوعين . . بهذا وذلك يخلي الله النبي [ ص ] والمؤمنين من المعركة بين الإيمان والكفر . وبين الحق والباطل . فهي معركته - سبحانه - وهي حربه التي يتولاها بذاته .

والأمر كذلك في حقيقته , مهما بدا أن للنبي [ ص ] وللمؤمنين دورا في هذه الحرب أصيلا . إن دورهم حين ييسره الله لهم هو طرف من قدر الله في حربه مع أعدائه . فهم أداة يفعل الله بها أو لا يفعل . وهو في الحالين فعال لما يريد . وهو في الحالين يتولى المعركة بذاته وفق سنته التي يريد .

وهذا النص نزل والنبي [ ص ] في مكة , والمؤمنون معه قلة لا تقدر على شيء . فكانت فيه الطمأنينة للمستضعفين , والفزع للمغترين بالقوة والجاه والمال والبنين . ثم تغيرت الأحوال والأوضاع في المدينة . وشاء الله أن يكون للرسول ومن معه من المؤمنين دور ظاهر في المعركة . ولكنه هنالك أكد لهم ذلك القول الذي قاله لهم وهم في مكة قلة مستضعفون . وقال لهم وهم منتصرون في بدرSadفلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم , وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى , وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا , إن الله سميع عليم). .

وذلك ليقر في قلوبهم هذه الحقيقة . حقيقة أن المعركة معركته هو سبحانه . وأن الحرب حربه هو سبحانه . وأن القضية قضيته هو سبحانه . وأنه حين يجعل لهم فيها دورا فإنما ذلك ليبليهم منه بلاء حسنا . وليكتب لهم بهذا البلاء أجرا . أما حقيقة الحرب فهو الذي يتولاها . وأما حقيقة النصر فهو الذي يكتبها . . وهو سبحانه يجريها بهم وبدونهم . وهم حين يخوضونها أداة لقدرته ليست هي الأداة الوحيدة في يده !

وهي حقيقة واضحة من خلال النصوص القرآنية في كل موضع , وفي كل حال , وفي كل وضع . كما أنها هي الحقيقة التي تتفق مع التصور الإيماني لقدرة الله وقدره , ولسنته ومشيئته , ولحقيقة القدرة البشرية التي تنطلق لتحقيق قدر الله . . أداة . . ولن تزيد على أن تكون أداة . .

وهي حقيقة تسكب الطمأنينة في قلب المؤمن , في حالتي قوته وضعفه على السواء . ما دام يخلص قلبه لله , ويتوكل في جهاده على الله . فقوته ليست هي التي تنصره في معركة الحق والباطل والإيمان والكفر , إنما هو الله الذي يكفل له النصر . وضعفه لا يهزمه لأن قوة الله من ورائه وهي التي تتولى المعركة وتكفل له النصر . ولكن الله يملي ويستدرج ويقدر الأمور في مواقيتها وفق مشيئته وحكمته , ووفق عدله ورحمته .

كما أنها حقيقة تفزع قلب العدو , سواء كان المؤمن أمامه في حالة ضعف أم في حالة قوة . فليس المؤمن هو الذي ينازله , إنما هو الله الذي يتولى المعركة بقوته وجبروته . الله الذي يقول لنبيه (فذرني ومن يكذب بهذا الحديث)وخل بيني وبين هذا البائس المتعوس ! والله يملي ويستدرج فهو في الفخ الرعيب المفزع المخيف , ولو كان في أوج قوته وعدته . فهذه القوة هي ذاتها الفخ وهذه العدة هي ذاتها المصيدة . .(وأملي لهم إن كيدي متين)! أما متى يكون . فذلك علم الله المكنون ! فمن يأمن غيب الله ومكره ? وهل يأمن مكر الله إلا القوم الفاسقون ?

الدرس التاسع:48-50 توجيه للصبر ولقطة من قصة يونس

وأمام هذه الحقيقة يوجه الله نبيه [ ص ] إلى الصبر . الصبر على تكاليف الرسالة . والصبر على التواءات النفوس . والصبر على الأذى والتكذيب . الصبر حتى يحكم الله في الوقت المقدر كما يريد . ويذكره بتجربة أخ له من قبل ضاق صدره بهذه التكاليف , فلولا أن تداركته نعمة الله لنبذ وهو مذموم:

(فاصبر لحكم ربك , ولا تكن كصاحب الحوت . إذ نادى وهو مكظوم . لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم . فاجتباه ربه فجعله من الصالحين). .

وصاحب الحوت هو يونس - عليه السلام - كما جاء في سورة الصافات . وملخص تجربته التي يذكر الله بها محمدا [ ص ] لتكون له زادا ورصيدا , وهو خاتم النبيين , الذي سبقته تجارب النبيين أجمعين في حقل الرسالة , ليكون هو صاحب الحصاد الأخير , وصاحب الرصيد الأخير , وصاحب الزاد الأخير . فيعينه هذا على عبئه الثقيل الكبير . عبء هداية البشرية جميعها لا قبيلة ولا قرية ولا أمة . وعبء هداية الأجيال جميعها لا جيل واحد ولا قرن واحد كما كانت مهمة الرسل قبله . وعبء إمداد البشرية بعده بكل أجيالها وكل أقوامها بمنهج دائم ثابت صالح لتلبية ما يجد في حياتها من أحوال وأوضاع وتجارب . وكل يوم يأتي بجديد . .

ملخص تلك التجربة أن يونس بن متى - سلام الله عليه - أرسله الله إلى أهل قرية . قيل اسمها نينوى بالموصل . فاستبطأ إيمانهم , وشق عليه تلكؤهم , فتركهم مغاضبا قائلا في نفسه:إن الله لن يضيق علي بالبقاء بين هؤلاء المتعنتين المعاندين , وهو قادر على أن يرسلني إلى قوم آخرين ! وقد قاده الغضب والضيق إلى شاطئ البحر , حيث ركب سفينته , فلما كانوا في وسط اللج ثقلت السفينة وتعرضت للغرق . فأقرعوا بين الركاب للتخفف من واحد منهم لتخف السفينة . . فكانت القرعة على يونس . فألقوه في اليم . فابتلعه الحوت .

عندئذ نادى يونس - وهو كظيم - في هذا الكرب الشديد في الظلمات في بطن الحوت , في وسط اللجة , نادى ربه: (لا إله إلا أنت سبحانك ! إني كنت من الظالمين)فتداركته نعمة من ربه , فنبذه الحوت على الشاطئ . . لحما بلا جلدا . . ذاب جلده في بطن الحوت . وحفظ الله حياته بقدرته التي لا يقيدها قيد من مألوف البشر المحدود !
القلم

من الاية 50 الى آخر السورة

فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (52)

وهنا يقول:إنه لولا هذه النعمة لنبذه الحوت وهو مذموم . أي مذموم من ربه . . على فعلته . وقلة صبره . وتصرفه في شأن نفسه قبل أن يأذن الله له . ولكن نعمة الله وقته هذا , وقبل الله تسبيحه واعترافه وندمه . وعلم منه ما يستحق عليه النعمة والاجتباء .(فاجتباه ربه فجعله من الصالحين). .

هذه هي التجربة التي مر بها صاحب الحوت . يذكر الله بها رسوله محمدا [ ص ] في موقف العنت والتكذيب . بعد ما أخلاه من المعركة كما هي الحقيقة , وأمره بتركها له يتولاها كما يريد . وقتما يريد . وكلفه الصبر لحكم الله وقضائه في تحديد الموعد , وفي مشقات الطريق حتى يحين الموعد المضروب !

إن مشقة الدعوة الحقيقية هي مشقة الصبر لحكم الله , حتى يأتي موعده , في الوقت الذي يريده بحكمته . وفي الطريق مشقات كثيرة . مشقات التكذيب والتعذيب . ومشقات الالتواء والعناد . ومشقات انتفاش الباطل وانتفاخه . ومشقات افتتان الناس بالباطل المزهو المنتصر فيما تراه العيون . ثم مشقات امساك النفس على هذا كله راضية مستقرة مطمئنة إلى وعد الله الحق , لا ترتاب ولا تتردد في قطع الطريق , مهما تكن مشقات الطريق . . وهو جهد ضخم مرهق يحتاج إلى عزم وصبر ومدد من الله وتوفيق . . أما المعركة ذاتها فقد قضى الله فيها , وقدر أنه هو الذي يتولاها , كما قدر أنه يملي ويستدرج لحكمة يراها . كذلك وعد نبيه الكريم , فصدقه الوعد بعد حين .

الدرس العاشر:51 - 52 صورة عن ضخامة حقد الكفار على الرسول ونظراتهم المسمومة له

وفي الختام يرسم مشهدا للكافرين وهم يتلقون الدعوة من الرسول الكريم , في غيظ عنيف , وحسد عميق ينسكب في نظرات مسمومة قاتلة يوجهونها إليه , ويصفها القرآن بما لا يزيد عليه:

(وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر . ويقولون:إنه لمجنون).

فهذه النظرات تكاد تؤثر في أقدام الرسول [ ص ] فتجعلها تزل وتزلق وتفقد توازنها على الأرض وثباتها ! وهو تعبير فائق عما تحمله هذه النظرات من غيظ وحنق وشر وحسد ونقمة وضغن , وحمى وسم . . مصحوبة هذه النظرات المسمومة المحمومة بالسب القبيح , والشتم البذيء , والافتراء الذميم: (ويقولون:إنه لمجنون). .

وهو مشهد تلتقطه الريشة المبدعة وتسجله من مشاهد الدعوة العامة في مكة . فهو لا يكون إلا في حلقة عامة بين كبار المعاندين المجرمين , الذين ينبعث من قلوبهم وفي نظراتهم كل هذا الحقد الذميم المحموم !

يعقب عليه بالقول الفصل الذي ينهي كل قول:

(وما هو إلا ذكر للعالمين).

والذكر لا يقوله مجنون , ولا يحمله مجنون . .

وصدق الله وكذب المفترون . .

ولا بد قبل نهاية الحديث من لفتة إلى كلمة(للعالمين). . هنا والدعوة في مكة تقابل بذلك الجحود , ويقابل رسولها بتلك النظرات المسمومة المحمومة , ويرصد المشركون لحربها كل ما يملكون . . وهي في هذا الوقت المبكر , وفي هذا الضيق المستحكم , تعلن عن عالميتها . كما هي طبيعتها وحقيقتها . فلم تكن هذه الصفة جديدة عليها حين انتصرت في المدينة - كما يدعي المفترون اليوم - إنما كانت صفة مبكرة في أيام مكة الأولى . لأنهاحقيقة ثابتة في صلب هذه الدعوة منذ نشأتها .

كذلك أرادها الله . وكذلك اتجهت منذ أيامها الأولى . وكذلك تتجه إلى آخر الزمان . والله الذي أرادها كما أرادها هو صاحبها وراعيها . وهو المدافع عنها وحاميها . وهو الذي يتولى المعركة مع المكذبين . وليس على أصحابها إلا الصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .

كمال العطار
كمال العطار
مدير المنتدي
مدير المنتدي

عدد المساهمات : 5682
تاريخ التسجيل : 11/05/2011

https://reydalsalhen.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى